عدد الابيات : 32
يَا وَيْحَ هَذَا الْفِرَاقِ إِذْ صَرَعَا
هَدَّتْ عُرَى الْوَصْلِ لِغَدٍ جَزِعَا
مَنْ لَمْ يَذُقْ لَوْعَةَ الْفِرَاقِ فَلَا
يُلْفَ حَزِينًا وَمَا رَأَى هَلَّعَا
مَنْ لَمْ يَذُقْ نَارَ الْفِرَاقِ فِي الْحَشَى
مَا أَبْصَرَ الْيَأْسَ بِالدُّجَى فَظِعَا
مَنْ لَمْ يَذُقْ حَرَّ الْفِرَاقِ كَوَى
جَوْفِي.. وَفِي الْأَحْشَاءِ مُضْطَرِعَا
وَكُلُّ هَمٍّ فِي الْخُطُوبِ هَيِّنٌ
إِلَّا الْفِرَاقَ.. فَإِنَّهُ بِالْقَلْبِ وَجَعَا
كَمْ مِنْ مُحِبٍّ أَبْصَرَ الْأَحْبَابَ
فِي وَادِي التَّفَرُّقِ مَوْطِنًا ضَرِعَا
حَتَّى غَدَتْ الذِّكْرَى أَسًى فِي مُهْجَةٍ
يَبْنِي الْخَرِيفَ.. وَيَهْدِمُ الرَّبِعَا
كَمْ مِنْ مُحِبٍّ فِي غِيَابِ الْأَحِبَّةِ
يُقِيمُ عَلَى الْأَطْلَالِ مُرْتَفِعَا
حَتَّى غَدَتِ الذِّكْرَى الْأَسًى أَبَدِاً
يَنْسُجُ فِي الرُّوحِ الْأَلَمَ الْوَضِعَا
هَذِي الدُّمُوعُ عَلَى الْخُدُودِ جَرَتْ
نَهْرًا.. وَفِي الْأَحْشَاءِ الْتَهَبَ دَمْعَا
يَبْقَى الْفِرَاقُ غُصَّةً فِي مُهْجَةِ
الْقَوْمِ.. وَيَطْغَى الْأَلَمُ وَاتَّسَعَا
كَمْ أَبْصَرَتْ عَيْنِي مُحِبًّا ذَائِبًا
يَبْنِي عَلَى الذِّكْرَى أَسًى وَصَدَعَا
حَتَّى كَأَنَّ الْيَأْسَ فِي مُهْجَتِهِ
نَارًا تَلَظَّتْ فِي الْحَشَى وَلَعَا
يَبْقَى الْفِرَاقُ سِيَاطَ مِحْنَتِهِ
تُلْهِبُ الْأَحْشَاءَ لِلْوَلَهِ مُتْفَرِعَا
وَتَقَطَّعَتْ فِي مُهْجَتِي أَسْبَابِي
حَتَّى صِرْتُ لِلْأَوْجَاعِ مَوْقِعَا
كَمْ كَانَ فِي وَصْلِ الْأَحِبَّةِ مَتْعَةٌ
وَالْيَوْمَ أُبْصِرُ فِي الْفِرَاقِ وَدْعَا
سَأَتْلُو عَلَى الْأَطْلَالِ أَنَّ مَحَبَّتِي
حَتَّى الْفَنَاءِ.. فِي الْخَفُوقِ تَسْعَى
هَدَّتْ عُرَى الْوَصْلِ لِغَدٍ انْقَطَعَا
مَا أَبْصَرَ الْيَأْسَ فِي الدُّجَى فَظِعَا
إِلَّا الْفِرَاقَ.. فَإِنَّهُ الْأَلَمُ الْفَجْعَا
كَمْ ذُبْتُ فِي وَجْدِي وَفِي غُرْبَتِي
حَتَّى غَدَوْتُ مُمَزَّقًا قِطَعَا
يَبْكِي الْفُؤَادُ عَلَى مَحَبَّتِهِ
حَتَّى أَسَالَ مَدَامِعًا دَفَعَا
مَنْ كَانَ فِي وَصْلِ الْأَحِبَّةِ هَانِئًا
ذَاقَ التَّرَحَ فِي بِعَادِهِ تَبَعَا
وَالْهَجْرُ نَارٌ فِي الْجَوَى تَسْتَعِرْ
حَتَّى كَوَى الْأَحْشَاءَ بِالْجَمْرِ وَلَعَا
كَمْ سَهِرْتُ اللَّيْلَ فِي أَسًى
حَتَّى طَلَعَتْ شُمُوسُهُ طَلَعَا
مِثْلَ الْغَدِيرِ إِذَا هَمَى مِدْفَعَا
الْقَلْبُ فِي شَوْقِ الْوِصَالِ مُمَزَّقٌ
وَالْهَجْرُ فِي الْأَحْشَاءِ قَدْ صَدَعَا
حَتَّى غَدَوْتُ كَالْقَمَرِ فِي مَحَاقِهِ
يَبْكِي الْفِرَاقَ.. وَفِيهِ مَا رَجَعَا
حَتَّى إِذَا أَبْصَرْتَ فِي حُسْنِ الْوَفِي
هَذَا الْفِرَاقَ.. كَانَ مُرْتَدِعَا
هَذِي الْخُطُوبُ مِحْنَتِي أَبَدًا
حَتَّى غَدَوْتُ مَعَ الْأَلَمِ مِتْعَا
يَا رَبِّي أَلْحِقْنِي بِأَحِبَّتِي جَنَّانٌ
فَالْقُرْبُ حُسْنٌ.. وَالْقَطِيعَةُ بِدْعَا
حَتَّى أَرَى الْوَصْلَ فِي مَحَبَّتِهِمْ
وَأَرْتَوِي عِزًّا بِهَذَا الْحُبِّ مَرْتَعَا
41
قصيدة