عدد الابيات : 49
لَقَدْ ذَابَ قَلْبِي فِي الْغَرَامِ يَتَمَزَّقُ
كَطَيْفٍ بِهِ الشَّوْقُ الْحَزِينُ يُفَتِّقُ
أَبِيتُ وَنَارُ الْبُعْدِ فِي الصَّدْرِ تَشْتَعِلُ
وَجُرْحُ الْهَوَى بِالْمُهْجَةِ لَا يَتَفَقَّقُ
أُنَاجِيكِ يَا أَحْلَامَ عُمْرِي وَأَسْأَلُ
لِمَاذَا دُمُوعُ الْعَيْنِ لِلْقَلْبِ تَغْرَقُ؟
وَسَارَةُ الَّتِي كَانَتْ لِقَلْبِي مَلَاذَهُ
تَوَارَتْ وَصَوْتُ الرِّيَاحِ يَصْعَدُ يُعْمِقُ
أَنَا الْغَارِقُ الْمَسْلُوبُ بَيْنَ مَتَاهَةٍ
وَحِيدٌ كَأَنِّي فِي الْفِرَاقِ أَمُوتُ أُغَرِّقُ
فَيَا لَيْتَهَا تَسْمَعُ نَحِيبَ جِرَاحِنَا
وَتُدْرِكُ أَنَّ الْعُمْرَ مِنْ بَعْدِهَا أَشَقُّ
تَهَادَتْ رُؤَاهَا كَالْهِلَالِ بِظُلْمَتِي
وَغَابَتْ وَمَا لِي غَيْرَ ظِلٍّ أُعَانِقُ
أُرَدِّدُ أَغَانِيهَا بِصَوْتٍ مُتَهَدِّمٍ
وَكُلُّ نَشِيدٍ بَيْنَ أَضْلَاعِي يُصَدِّقُ
تَرَاهُ الْقَضَاءُ الْعَادِلُ يُشْفِي مَوَاجِعِي
وَحُكْمُ الْفِرَاقِ الْقَاسِي الْقَلْبَ يَخْنُقُ
مَرِضْتُ وَظِلُّ الْوَجْدِ يَنْهَشُ خَاطِرِي
وَصَوْتُ الْأَسَى فِي مُهْجَتِي لَا يُفَرِّقُ
وَيَا حُبَّ قَلْبِي، أَيْنَ أَنْتِ وَرُوحُنَا
تَطِيرُ كَطَيْفِ النَّجْمِ حِينَ يُعَلِّقُ
لَئِنْ كَانَ فِي الْقَلْبِ الْبُعَادُ كَسَيْفِهِ
فَجُرْحُ الْهَوَى بِالدَّمْعِ دَوْمًا يُعَانِقُ
تَحَدَّثْتُ لِلْفَجْرِ الْكَئِيبِ كَأَنَّهُ
يُشَاطِرُنِي صَمْتًا وَحُزْنًا بِي يُدَفِّقُ
وَقَالَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ لَسْتَ بِنَاجٍ
وَمَا عَادَ لِلْعُمْقِ الْجَرِيحِ تَعَلُّقُ
فَيَا نَجْمَةَ الْأَحْلَامِ فِي لَيْلِ أَضْلُعِي
أَضِيئِي لِيَ الدُّنْيَا، فَقَلْبِي يُحَدِّقُ
وَيَا لَيْتَنِي أَلْقَاكِ فَالْقَلْبُ ظَامِئٌ
لِرُوحٍ تَطِيبُ النَّفْسُ مِنْهَا وَتَشْهَقُ
وَيَا لَيْتَنِي أُودِعْتُ عِنْدَكِ شَكْوَتَنَا
لِتُمْسِكَ جِرَاحَ النَّفْسِ حُبًّا وَتَسْبِقُ
فَإِنِّي وَإِنْ عَانَيْتُ أَلَمًا بِعَدَمِهَا
سَأَرْوِي رُؤَاهَا، كُلُّ طَيْفٍ يُصَدِّقُ
تَرَانِي أُقَاسِي فِي فِرَاشِي مُنَاجِيًا
وَرُوحُكِ بَيْنَ النَّجْمِ عَهْدًا تُوَثِّقُ
وَسَارَةُ تُنَادِينِي بِطَيْفٍ كَأَنَّهُ
مَلَكٌ يُوَاسِي الْعَاشِقَ الْمُتَمَزِّقُ
وَأَنَا الَّذِي لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ أَمْرَهَا
لَصُغْتُ الشِّعْرَ بِالْحُبِّ شَوْقًا أُحَقِّقُ
فَمَا الْبُعْدُ إِلَّا سَيْفُ حُزْنٍ يُعَذِّبُ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا جُرْحُ قَلْبٍ يُمَزِّقُ
فَيَا مَنْ أَضَأْتِ الدُّنْيَا بِنُورِكِ لَمَّا
غَفَوْتُ كَطِفْلٍ فِي هَوَاكِ أَتَعَلَّقُ
وَيَا مَنْ تُذِيبِينَ الشُّجُونَ كَأَنَّهَا
رُؤَى الْوَجْدِ فِي لَيْلٍ تَسِيرُ وَتُطْرِقُ
لَئِنْ كَانَ فِي الْعُمْرِ الْمَقَادِيرُ حُكْمُنَا
فَحُبُّكِ قَدْ كَتَبَ الْفِرَاقَ بِنَا يُفَرِّقُ
لَئِنْ غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَقَلْبِي يُرَاكِ مَا
وَرُوحِي لِذِكْرَاكِ السَّنَا تَتَشَوَّقُ
وَمَا زَالَ بِالدُّنْيَا رَجَاءٌ كَأَنَّهُ طُيُوفُ
الْمُنَى فِي نَفْسِ عَاشِقٍ تَحْرِقُ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا مَرْكَبٌ فِي بِحَارِنَا
يُصَارِعُ أَهْوَالَ الْفِرَاقِ وَيَغْرَقُ
تُنَادِي مِنْ عَالٍ وَقَلْبِي يُلَبِّي نِدَاهَا
وَطَيْفَ الْمَوْتِ بِالْعُمْرِ يُسْحَقُ
وَأَصْرُخُ: يَا أَرْضَ الْغَرَامِ أَعِيدِيهَا
فَإِنِّي بِدُونِ الْوَصْلِ دَمْعِي يُعَانِقُ
وَيَا قَلْبُ صَبْرًا، لَيْسَ لِلْحُزْنِ رَاحَةٌ
وَلَيْسَ لِطَيْفِ الْعِشْقِ حُكْمٌ يُوَفِّقُ
تَهَادَتْ بِمَرْآهَا الْحَيَاةُ كَأَنَّهَا
زُهُورٌ تَنَاثَتْ فَوْقَ قَلْبٍ مُحَرَّقُ
وَأَقْسَمْتُ أَنِّي مَا خَلَعْتُ وِدَادَهَا
وَإِنْ حَكَمَتْ أَقْدَارُنَا أَنْ نَفْنَى نُفَرِّقُ
تَرَاهَا الرِّيَاحُ تَحْمِلُ الطَّيْفَ بَيْنَنَا
وَتَنْسِجُ مِنْ أَشْوَاقِنَا مَا تُمَزِّقُ
وَيَا حُبَّ عُمْرِي، لَيْتَ شَوْقَكِ يُنْقِذُ
قُلُوبًا غَدَتْ كَالشَّوْكِ أَلَمًا تُفَرِّقُ
أُعَاتِبُ زَمَانًا بَيْنَنَا كَيْفَ فَرَّقَ
وَكَيْفَ غَدَتْ أَحْلَامُنَا لَا تُحَقَّقُ
فَيَا طَيْفَهَا، هَلْ تُرْجِعِينَ مَنَازِلًا
تَهَاوَتْ بِأَشْوَاقِ الْمُحِبِّينَ تُرْهِقُ؟
وَيَا دَمْعَ عَيْنِي، لَا تُجَافِ الْقُلُوبَ فَلَوْلَاكَ
مَا عَاشَ الْحَنِينُ يُدَقِّقُ
لَقَدْ كُنْتُ بِأَحْلَامِهَا طِفْلَ عَاشِقٍ
تُنَادِيهِ أَغْصَانُ الْهَوَى فَيُحَلِّقُ
وَهَا أَنَا فِي أَسْرِ الْمَنَايَا مُنَاجٍ
وَكُلُّ دَقِيقَةٍ مِنْ حَيَاتِي تُحَدِّقُ
فَإِنْ أَطْفَأَ الْمَوْتُ الْجُفُونَ بِفِتْنَةٍ
سَيَبْقَى هَوَاهَا بِالْقُلُوبِ يُعَانِقُ
وَسَأَحْفَظُ فِي رُوحِي صُدُودَ أَحِبَّةٍ
وَأَرْوِي لِطَيْفِ الْبُعْدِ مَا لَا يُصَدِّقُ
أُنَاجِي اللَّيَالِي، هَلْ تُعِيدُ كَرِيمَةً
لِقَلْبٍ غَدَا بِأَسْفَلِ الْحُزْنِ يَطْرُقُ؟
وَيَا رُوحَهَا، هَلْ تُشْرِقِينَ مَدَى الْهَوَى
وَتَمْسَحِينَ الدَّمْعَ بِالْقَلْبِ الْمُرْهِقُ؟
أُعَانِقُ خَيَالًا مِنْ جَمَالِكِ أَسَرَنِي
وَأُدْرِكُ أَنَّ الْبُعْدَ قَلْبِي جَمْرٌ يُحَرِّقُ
وَلَوْ كَانَ قَدَرِي أَنْ أَمُوتَ بِحُزْنِنَا
فَسَأَحْمِلُ فِي كَفِّي الْوَفَاءَ وَأَصْدُقُ
لِأَرْوِي لِلْأَجْيَالِ أَحْزَانَ عَاشِقٍ شِعْرًا
قَلْبًا تَمَزَّقَ بِالْأَشْوَاقِ حَتَّى تَفَرَّقُ
فَيَا دَهْرُ صَبْرًا، لَيْسَ فِي الْبُعْدِ غَايَةٌ
لِقَلْبِ مُحِبٍّ لِطَيْفِ الْحَبِيبِ يُحَدِّقُ
وَيَا مَنْ سَكَنَّتِ الرُّوحَ حَتَّى تَمَلَّكَتْ
سَأُقَبِّلُ خُطَاكِ، وَإِنْ طَالَ الْفِرَاقُ وَأُعَلِّقُ
41
قصيدة