عدد الابيات : 29
أَيَا شِعْرُ خُذْنِي لِلْخُلُودِ وَنَفْحِهِ
وَجُدْنِي بِنُورٍ فِي الدُّجَى لا يَفِنُّ
سَأَكْتُبُ وَجْدِي فَوْقَ صَدْرِ اللَّيَالِي
وَأَسْقِيهِ حُبًّا لَا يُذِلُّ وَيَهْتِنُّ
فَهَذِهِ حُرُوفِي مِنْ جَرِيحٍ مُهَابِهِ
تُقَاتِلُ وَالأَوْجَاعُ فِي الصَّدْرِ تُكِنُّ
لَقَدْ ضَاقَ صَدْرِي وَبَلَى الْقَلْبُ أَهِنُ
وَسَالَتْ دُمُوعٌ فِي الْمَحَاجِرِ تُذْعِنُ
فَيَا رَبُّ هَلْ يُرْجَى الشِّفَاءُ لِضَعْفِنَا
وَهَلْ يَرْتَقِي هَذَا الْفُؤَادُ فَيَطْمَئِنُ
سَأَلْتُ اللَّيَالِي هَلْ تَرُدُّ صَفَاءَنَا
فَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرُ سَيْفٍ يُهِينُ
ضَعِيفٌ أَنَا وَالْجِسْمُ وَاهٍ كَأَنَّهُ
رِيَاحٌ تَعُدُّ كُلَّ مَا هُوَ قَهْرٌ مُشِينُ
تُرَاكَ تُدَاوِي يَا طَبِيبُ جُرُوحِي
وَهَلْ مِنْكَ فَيْضٌ لِلَّذِي بِالْأَلَمِ يَئِنُ
أَبِيتُ عَلَى هَمٍّ وَأُصْبِحُ مُثْقَلًا
فَيَا لَيْتَ رُوحِي فِي النَّعِيمِ تَغَنُّ
فَلَا الشَّوْقُ يُبْقِي فِي الْعُرُوقِ حَيَاةً
وَلَا اللَّيْلُ يَأْتِينِي كُرْهًا بِمَهْدٍ يُمَنُّ
فَهَلْ يُرْجِعُ الدَّهْرُ الَّذِي قَدْ مَضَى
وَهَلْ بَعْدَ ضَعْفٍ يُرْتَجَى أَنْ أُصَنُّ
وَلَكِنَّ قَلْبِي رَغْمَ كُلِّ الْمَصَاعِبِ
يَرَى فِي صِرَاعِ الدَّهْرِ نُورًا يَجِنُّ
سَأَمْضِي وَإِنْ هَدَّ الْأَلَمُ جِبَالَهُ
فَلِي فِي الْأَنِينِ طَيْفُ صَبْرٍ يُعِنُّ
يا روحَ الحروفِ الباذخاتِ سُكونُها
يُضيءُ لنا ما لا تُضيءُ العُيونُ
وَإِنْ ضَاقَ دَرْبِي وَاعْتَلَتْهُ جِرَاحُهُ
فَفِيّ اتِّكَالٌ لَا يَهُونُ، يَعِينُ
وَإِنْ قَامَ سَيْفُ الْيَأْسِ يَقْطَعُ خَافِقِي
فَفِيّ ابْتِهَالٌ فِي الدُّجَى لا يَخُونُ
تَعَلَّمْتُ أَنْ أَرْفَعَ الدَّمْعَ رَغْمَهُ
وَأَجْعَلَ صَمْتِي فِي الشَّدَائِدِ فَنُّ
وَأُوقِنُ أَنَّ الْحُزْنَ لَوْ طَالَ نَفْسِي
فَإِنَّ بِذِكْرِ اللهِ قَلْبِي يَسِنُّ
فَمَا غَابَ نُورُ الْحَقِّ فِي زَحْمَةِ الْأَسَى
وَمَا كَانَ وَعْدُ اللهِ إِلَّا يُؤَمَّنُ
سَأَكْتُبُ صَبْرِي فِي السُّطُورِ قَصِيدَةً
وَأَسْقِي جُرُوحِي مِنْ رُؤَايَ فِتَنُّ
فَإِنْ سَاءَلُوا عَنِّي وَقَدْ جَارَ دَهْرُهُمْ
فَقُلْ: صَامِدٌ وَإِنْ بَدَا مُسْتَكِنُّ
وَإِنْ قِيلَ: مَا زَالَتْ تَنُوءُ خُطَاهُ، فَقُلْ
يَخُوضُ الظَّلَامَ، وَلِلْعُلا يَسْتَكِنُّ
فَكَمْ مِنْ أَسِيرٍ فِي الْبَلَاءِ تَجَلَّدَ
وَصَارَ أَمِيرًا فِي الْقُيُودِ يُزَنُّ
فَدَعْنِي وَهَذَا الْأَلَمَ الْمُتَفَجِّرَ
فَفِي كُلِّ أَنْفَاسِي حَنِينٌ يُدِنُّ
فَسِجِّلْ هُنَا، يَا دَهْرُ، أَنِّي نَزَفْتُهَا
قَصِيدَةَ صَبْرٍ لَا يُذَلُّ وَيُهْجَنُّ
وَأَنِّي وَإِنْ ضَجَّ الْأَسَى فِي حَنَاجِرِي
غَنَيْتُ وَوَجْدِي لِلْخُلُودِ يُؤَذِّنُ
سَيَبْقَى صَدَى هَذِي الْكَلِمَاتِ عِطَارَةً
يُرَوْنَ لَهَا فِي كُلِّ دَهْرٍ يُدَنُّ
فَلا الشِّعْرُ يَفْنَى إِنْ نَبَضْتَ بِقَلْبِهِ
وَلَا الْحُبُّ يُطْفَى إِنْ نَسَجْتَ الْمِحَنُّ
41
قصيدة