عدد الابيات : 37
إليكَ حُروفِي فِي الظَّلامِ تَضَوَّعَتْ
كَأَنَّ جُرُوحَ القَلبِ فِيهَا شِهَابُ
كَتَبتُ بِهَا مِنِّي شَتَاتَ تَأَلُّمِي
وَفِيهَا رَجَاكَ النُّورُ لَا يُستَهَابُ
تَدَلَّتْ كَأَنَّ الرُّوحَ فِيهَا وَاقِفَةٌ
عَلَى قِمَمٍ، وَالهَمُّ فِيهَا يُنَابُ
فَكُنْ قَارِئِي نَفَسَ الحَقِيقَةِ صَادِقًا
فَإِنِّي بِحِبرِ الدَّمعِ فِيهِ أُهَابُ
أَيَا ضَعْفَ نَفْسِي أَيْنَ مِنْكَ مَآبُ
وَقَدْ أَضْنَتِ الْآلَامُ مِنْكَ رِحَابُ
تَجُولُ بِعَيْنَيَّ الدُّمُوعُ مُرِيرَةً
وَكُلُّ جُرُوحِ الْقَلْبِ فِيكَ تُذَابُ
أَمَا لِشِفَاءِ الرُّوحِ مِنْكَ مَنْفَذٌ
وَأَمَا لِسَرِيرِ الصَّبْرِ فِيكَ هِضَابُ
قَدْ كُنْتُ يَوْمًا فِي الْقُوَّةِ شَامِخًا
فَمَا لِي وَقَدْ ضَاقَ الْفُؤَادُ مُصَابُ
أُطَارِدُ أَشْبَاحَ الْأَسَى مُتَخَفِّيًا
وَأَخْشَى مِنْ نَفْسِ الدُّمُوعِ سَرَابُ
وَهَلْ لِي بِظِلٍّ فِي حَيَاتِي أَرْكَنُ
وَقَدْ صَارَ ظِلِّي بِالْهُمُومِ يُجَابُ
أَيَا مَرَضِي، فِي الْقَلْبِ مِنْكَ سِيَاطُ
وَفِي الرُّوحِ مِنْكَ الْجُرْحُ لَا يُطَابُ
أُصَارِعُ فِي دُنْيَايَ حِمْلَ هُمُومِهَا
وَفِي لَحَظَاتِ الْحُزْنِ جِسْمِي يُصَابُ
فَمَا لِي سِوَاكَ أَيُّهَا الضَّعْفُ صَاحِبِي
وَلَا فِي فُصُولِ الْعُمْرِ لِي أَحْبَابُ
أَعِيشُ وَأَحْيَا فِي مَتَاهَاتِ أَلَمِي
وَفِي الصَّبْرِ مِنِّي كُلُّ حُلْمٍ خَابُ
فَإِنِّي وَإِنْ ضَاقَ الْفُؤَادُ بِضَعْفِهِ
أَظَلُّ عَلَى أَعْتَابِ حُزْنِي أُهَابُ
وَأَسْأَلُ رَبِّي أَنْ يَجُودَ بِرَحْمَةٍ
عَسَى فِي وَعْدِ غَدٍ لِلنُّورِ بَابُ
فَكَمْ مَرَّ مِنْ دَهْرِي سُؤَالٌ مُؤَرِّقٌ
وَكَمْ قِيلَ: “مَا لِلصَّمْتِ فِيكَ جَوَابُ؟”
أَأَسْكُتُ وَالأَحْزَانُ تَنْهَشُ مُهْجَتِي؟
وَكَيْفَ يُجِيبُ الْقَلْبُ وَهْوَ يَغَابُ؟
يُرَاوِدُنِي بَيْنَ الضُّلُوعِ تَشَظِّي
وَيَخْنُقُنِي فِي الصَّدْرِ حُزْنٌ شَابُ
أُرِيدُ سَنًا فِي اللَّيْلِ يُنْقِذُ أَلَمِي
فَأَيْنَ سَنًا وَالْيَأْسُ فِيهِ شِهَابُ؟
تَعِبْتُ وَمَا فِي الْأَرْضِ طَيْفٌ يُؤَانِسِي
وَمَا فِي السَّمَاءِ الْحُلْمُ وَالإِجْنَابُ
تَلُوحُ لِيَ الذِّكْرَى كَطَيْفٍ غَائِبٍ
وَيَصْطَفُّ فِي طَرْفِي الْجَوَى وَيُعَابُ
وَكُلُّ الدُّمُوعِ الَّتِي قَدْ نَثَرْتُهَا
عَلَى شُرُفَاتِ الْغَيْبِ فِيهَا عِقَابُ
أُرَتِّقُ أَشْلَاءَ الطُّمُوحِ بِصَمْتِهِ
وَأَمْسِي بِرَغْمِ الْيَأْسِ فِيهِ كِتَابُ
فَإِنْ خَانَنِي فِي الصَّبْرِ وَقْتِي وَمِقْوَلِي
فَإِنِّي لِبَأْسِ الدَّهْرِ لَا أُغْلَابُ
أَقُولُ لِقَلْبِي، وَالهُمُومُ مُقِيمَةٌ:
“سَيُورِقُ بَعْدَ الشَّتْوِ فِيكَ شَذَابُ”
وَلَوْ مَزَّقَتْنِي الرِّيحُ فِي كُلِّ نَاصِبٍ
فَإِنَّ رُؤَايَ الْخَالِدَاتِ شِهَابُ
سَأَكْتُبُ مِنْ أَحْزَانِ قَلْبِي سُنْبُلًا
وَأَجْعَلُ مِنْ دَمْعِي الرَّقِيقِ شَرَابُ
وَأَسْقِي بِأَحْرُفِهَا الْوُجُودَ مَلَامِحًا
وَفِي صَمْتِهَا تَغْفُو دُمًى وَكِتَابُ
فَإِنِّي وَإِنْ ضَاعَ الطَّرِيقُ بِدَرْبِنَا
فَفِي سَكْنَةِ الإِيمَانِ يَحْيَا الْقُرَابُ
وَمَا الحُزْنُ إِلَّا سَطْرُ نَفْسٍ كَاتِبٍ
يُهَذِّبُهُ فِي اللَّيْلِ فِيكَ صَوَابُ
فَصَبْرًا، فَرُبَّ الْيَأْسِ يُنْجِبُ بَسْمَةً
وَرُبَّ سُكُونٍ فِيهِ يَحْتَرِقُ شَهَابُ
وَيَبْقَى الرَّجَاءُ النُّورُ فِي كُلِّ عَتْمَةٍ
وَإِنْ غَابَ كُلٌّ، فَالْإِلَهُ يُجَابُ
وَإِنْ كَانَ دَرْبُ الحُزْنِ فِيكَ مَتَاهَةً
فَفِي صَمْتِهَا لِلصَّبْرِ فَجْرٌ يُنَابُ
سَأَمْضِي وَإِنْ هَاجَتْ رِيَاحِي وَحْشَةٌ
فَإِنِّي عَلَى الإِيمَانِ لَا أُغْلَابُ
فَكَمْ مِنْ لَيَالٍ فِي الظُّلُومِ تَخَفَّتْ
وَكَمْ فِي سُجُودِ الصَّدْقِ نُورٌ يُثَابُ
فَسِرْ يَا فُؤَادِي فِي دُرُوبِ كَآبَتِي
فَفِي كُلِّ نَبْضٍ رَبُّنَا يُجَابُ
41
قصيدة