عدد الابيات : 30
كَأَنَّ اشْتِيَاقِي فِي الْفُؤَادِ يُسَافِرُ
تُحَاصِرُنِي نَارُ الْغَيْرَةِ كُلَّمَا
تَجَلَّتْ كَطَيْفٍ بِالْمَدَى يُغَامِرُ
تُرِيدُ لِقَلْبِي أَنْ يَكُونَ كَأَنَّهُ
أَسِيرٌ بِدَرْبِ الْعَاشِقِينَ يُكَابِرُ
وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لِلْوَفَاءِ مُعَاهِدٌ
رَأَتْ فِي حَدِيثِي مَا يُثِيرُ الضَّمَائِرُ
أُرَاهَا كَصُبْحٍ فِي جَمَالِ طُيُوفِهِ
تُطِلُّ عَلَى لَيْلِ الْمُحِبِّ الْمُسَافِرُ
فَيَا زَهْرَةَ الرُّوحِ الَّتِي فِي عَبِيرِهَا
تُحْيِي جِرَاحَ الْعَاشِقِينَ الْغَوَابِرُ
أُخَبِّئُ فِي صَدْرِي غَرَامًا كَأَنَّهُ
كِتَابٌ مِنَ الْأَسْرَارِ طَيُّ الدَّفَاتِرِ
وَإِنْ أَبْدَتِ الْأَعْيُنُ شَوْقًا لِعَطْفِهَا
رَأَيْتُ ظُنُونَ الْحُبِّ نَارًا تُغَامِرُ
إِذَا لَاحَ غَيْرِي فِي حَدِيثٍ لَطِيفِهَا
غَدَوْتُ كَسَيْفٍ كُسِرَتْ مِنْهُ مَآثِرُ
أُغَارُ عَلَى هَمْسِ النَّسِيمِ بِخَدِّهَا
وَأَحْسَبُ أَنَّ الْغَيْمَ فِي الْجَوِّ زَائِرُ
تُعَاتِبُنِي فِي الْحُبِّ عَتْبًا كَأَنَّهَا
تُرِيدُ لِرُوحِي أَنْ تَذُوبَ وَتُقْبَرُ
فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ الْهَوَى فِي طَبَاعِنَا
كَبَحْرٍ بِهِ مَوْجُ الْغَرَامِ يُسَايِرُ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ بَدَا فِي عُيُونِنَا
لَصَارَتْ عُيُونُ النَّاسِ فِيهِ تُحَاذِرُ
وَإِنْ جِئْتُ أُرْضِيهَا بِصِدْقِ مَوَدَّتِي
تُثِيرُ شُجُونًا فِي الْكَلَامِ تُفَاخِرُ
فَقُلْتُ: كَفَاكَ الْيَوْمَ لُغْزًا وَفِتْنَةً
فَإِنَّ غَرَامَ الْعَاشِقِينَ مَعَاذِرُ
أُرَاقِبُهَا كَالطَّيْفِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
كَأَنَّ عُيُونَ الْعَاشِقِينَ مَآزِرُ
وَإِنْ غِبْتُ عَنْهَا، صَارَ قَلْبُ حَبِيبَتِي
كَصَحْرَاءَ جَرْدَاءَ بِهَا الْجُرْحُ غَائِرُ
يَا قُبْلَةَ الرُّوحِ الَّتِي فِي جَمَالِهَا
تَفَجَّرَ نَبْعُ الْحُبِّ فِينَا يُبَاهِرُ
فَلَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ غِرْتُ، فَإِنَّنِي
كَطَيْرٍ يَرَى عُشَّهُ فِي الْمُخَاطِرُ
وَإِنْ شِئْتِ صُونِي لَهِيبَ غَيْرَتِي
فَإِنَّ غَرَامِي كَالنُّجُومِ يُسَافِرُ
تُخَبِّئُنِي الْأَيَّامُ فِي طَيِّ قَلْبِهَا
كَأَسْرَارِ عِشْقٍ بِالْقُلُوبِ تُعَاذِرُ
فَيَا لَيْتَ قَلْبِي كَانَ صَخْرًا مُغْلَقًا
لِئَلَّا يَذُوبَ فِي جَمَالِ الْمَحَاسِرِ
وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي فِي حَقِيقَةٍ
كَأَنَّهُ نَجْمٌ فِي السَّحَابِ يُثَابِرُ
فَلَا تَعْذِلِينِي إِنْ غَدَوْتُ بِغَيْرَتِي
كَبَحْرٍ يَثُورُ فِي الشِّتَاءِ السَّوَاطِرُ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُقَالُ مِثَالُهُ
كَأَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ الْحُلْمِ يُفَاخِرُ
وَإِنْ كَانَ لِي فِي الْغَيْرَةِ لَوْمٌ فَإِنَّهَا
طَبِيعَةُ قَلْبٍ فِي الْغَرَامِ يُسَامِرُ
تُظَلِّلُنِي أَحْلَامُ حُبٍّ كَأَنَّهَا
رَبِيعٌ مِنَ الْآمَالِ طَيُّ الْمَشَاعِرُ
فَيَا لَيْتَ عَيْنِي لَا تَرَى غَيْرَ وَجْهِهَا
فَإِنَّ هَوَاهَا فِي الْحَيَاةِ مُطَاوِرُ
هَذَا هَوَى الْقَلْبِ الَّذِي قَدْ تَرَنَّمَا
فِي سَاحَةِ الْعِشْقِ الْبَدِيعِ يُسَاحِرُ
فَاقْرَؤُوهَا بِعُيُونِ الْوُدِّ وَالرِّضَا
وَدَعُوا الْخُطُوبَ كَمَا تَمُوجُ الْمَقَادِرُ
63
قصيدة