عدد الابيات : 27
سَارَةُ الْفَجْرِ الَّذِي لَا يَغْرُبُ
وَالْمَاءِ إِنْ عَزَّ النَّدَى الْمُتَصَبِّبُ
وَجْهٌ كَأَنَّ الصُّبْحَ مِنْ أَنْوَارِهِ
وَمِدَادُ لَيْلٍ فِي الشَّعْرِ مُلْتَهِبُ
وَتَفَتُّحُ الْأَزْهَارِ فِي أَعْطَافِهَا
سِحْرٌ تَوَارَى فِي الرُّبَى يُتَهَدَّبُ
خَدَّاهَا بَدْرٌ فِي رِدَاءٍ مُورِقٍ
وَثَغْرُهَا نَدًّى يَضُوعُ وَيُقْرَبُ
وَرَنِينُ ضَحْكَتِهَا يُؤَرْجِحُ خَافِقِي
فَكَأَنَّهُ الْوَتَرُ الَّذِي يَتَطَرَّبُ
هِيَ مِحْوَرُ الْأَيَّامِ يَنْبُتُ فِيهَا
بَرْدُ الْهَوَى وَحُبُّهَا لَا يَغْرُبُ
إِنْ قُلْتُ حُبِّي حَمْلُهُ صَعْبُ الْمُنَى
قَالَتْ: بِعَيْنِي كُلُّ شَوْقٍ يُتْعِبُ
سَارَةُ وَرْدِي وَالنَّسِيمُ بِنَفْحِهَا
يَحْكِي الْمُدَامَ وَكُلُّ طَيْفٍ مُعْجِبُ
وَسَارَةُ الْحُسْنِ الَّذِي لَا يَغْرُبُ
وَالْوَحْيُ إِنْ نَطَقَ الْجَمَالُ يَتَرَكَّبُ
وَجْهٌ يُنِيرُ كَأَنَّ النُّورَ بِبَهَائِهِ
قَدْ أُورِثَ الْبَدْرُ الْمُنِيرَ وَأُذْهِبُ
وَأَنَامِلٌ فِي رَاحَتَيْهَا سِحْرُ دُرَّةٍ
تَسْقِي السَّمَاءَ وَلَا تَذُوبُ وَتَحْسِبُ
وَإِذَا الْبُلُوغُ يَجِيءُ فِيهَا حَالِمًا
يَخْشَى عَلَى نَفْسِ السَّمَاءِ وَيَهْرُبُ
عَيْنَاهَا سِرٌّ لَا يُفَكُّ لِغَامِهِ
فَأُصِيبُ إِنْ حَدَّثْتُهَا أَوْ أُكَذِّبُ
وَإِذَا نَطَقْتُ فَكُلُّ شَيْءٍ صَامِتٌ
وَإِذَا سَكَتُّ فَكُلُّ صَوْتٍ يُعْجِبُ
هُوَ عِشْقُنَا، إِنْ غَابَ عَنِّي زَادَنِي
وَإِذَا دَنَا فَجَمِيعُ أَوْجُهِي تَطْرَبُ
إِنِّي أُحِبُّكِ وَالْفُؤَادُ مُلَوَّنٌ
فَبِلَيْلِكِ الدُّنْيَا تُضِيءُ وَتَكْتُبُ
سَارَةُ مِسْكِي وَالْحَيَاةُ عَبِيرُهَا
يَبْقَى جَمِيلًا مَا بَقِيتُ أُعَذَّبُ
سَارَةُ الدُّنْيَا وَلَحْنُ وُجُودِهَا
فِيهِ تَغَنَّتْ كُلُّ رُوحٍ تُطْرِبُ
نَظَرَتْ، فَاخْضَرَّ الرَّبِيعُ كَأَنَّهُ
وَرْدٌ يُسَابِقُ فِي الْهَوَى مَا يُرْكَبُ
وَتَهَافَتَ النُّورُ الْبَهِيُّ بِحِجْرِهَا
حَتَّى غَدَا فِيهَا الضِّيَاءُ يُذَوَّبُ
وَإِذَا الْقُلُوبُ أَضَاعَهَا نَبْضُ الْمُنَى
فَبِنَظْرَةِ وَلَهٍ مِنْ عَيْنَيْهَا تَتَرَتَّبُ
مَا قَالَ بَحْرُ الشِّعْرِ إِلَّا وُدَّهَا
وَتَهَادَتِ الْكَلِمَاتُ فِيهَا تَرْكَبُ
أَنَّى نَظَرْتُ، فَلَا يُرَى إِلَّا الْهَوَى
فَكَأَنَّهُ هَيْمٌ بَيْنَ الْعُيُونِ يُكْتَبُ
إِنْ قُلْتُ: حُبِّي كَائِنٌ بَيْنَ الدُّنَا
قَالَتْ: بِأَنْفَاسِي يُذَابُ وَيُشْرَبُ
أَنَّى تَسَامَى الْحُبُّ فَوْقَ سَمَائِهِ
كُنْتُ الْغَمَامَ لِوُدِّهِ أَتَسَكَّبُ
سَارَةُ أَحْلَامِي وَغَايَةُ مَطْلَبِي
يَا مَنْ بِنُورِكِ كُلُّ دُنْيَايَ تَرْكَبُ
146
قصيدة