الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » تَجَلِّيَاتٌ فِي مَحْفَلِ الْحِكَمِ مِنْ وَصَايَا وَالِدِي

عدد الابيات : 106

طباعة

يَا سَائِلِي عَنْ دُرُوبِ الْحَرْفِ فِي أَلَمِ

هَذِي قَوَافِيَّ مِثْلُ السَّيْفِ فِي الْحُسُمِ

جَاءَتْكَ كَالسَّيْلِ لَا تُبْقِي عَلَى شَرَفٍ

إِلَّا أَضَاءَتْ مَعَالِمَهُ عَلَى الْقِمَمِ

إِنِّي نَفَثْتُ بِهَا رُوحَ الْبَيَانِ عَلَى

صَدْرِ الزَّمَانِ، وَأَلْقَيْتُ الْحُرُوفَ دَمِي

مَا كَانَ شِعْرِي لِجَاهٍ أَوْ لِمَكْرُمَةٍ

بَلْ كَانَ لِلْحَقِّ وَالتَّبْيَانِ وَالنَّهَمِ

فَامْضِ مَعِي فِي شِعَابِي، وَاتْرُكِ الْعَذَلَا

إِنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُغْنَى بِلَا أَلَمِ

يُخْفِي الْبَيَانَ إِذَا مَا قَالَهُ فَهِمُ

مَا كُلُّ نَاطِقِ حَقٍّ نَابِهُ الْكَلِمِ

وَسِرُّ قَوْلٍ بَلِيغٍ دُونَ مَنْطِقِهِ

أَهْدَى مِنَ اللَّفْظِ إِنْ جَارَتْ بِهِ النِّعَمِ

وَكَمْ قَصِيدٍ غَوَى مَا فِيهِ مَوْعِظَةٌ

فَرَاحَ يُرْمَى كَأَنَّ الْحَرْفَ فِي سَقَمِ

وَخَيْرُ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي صَعِدَتْ

بِهِ الْحَكِيمَاتُ تَمْضِي فَوْقَ كُلِّ هِمَمِ

وَلَا يَزَالُ كَرِيمُ النَّفْسِ ذَا أَثَرٍ

مَا دَامَ يُنْفِقُ مِنْ حُبٍّ بِلَا نَدَمِ

وَيَخْسَأُ النَّاسِكُ الْمَغْرُورُ مُعْتَزِلًا

ذَوِي الرَّحَامِ، وَقَدْ أَقْسَى عَلَى الرَّحِمِ

مَنْ عَاشَ بِالْأَمَلِ الْمَحْمُودِ تُنْقِذُهُ

يَدُ الْحَيَاةِ، وَإِنْ طَالَتْ بِهِ الظُّلَمُ

وَكَمْ تَعِسْ فِي الْهَوَى إِنْ كَانَ ذَا أَلَمٍ

يَهْوَى النَّحِيبَ، كَأَنْ بِالْيَأْسِ قَدْ حُلِمِ

وَصَاحِبُ الْعُسْرِ إِنْ آوَاكَ مُبْتَسِمًا

أَبَرُّ مِنْ أَلْفِ خِلٍّ عِنْدَ مُزْدَحِمِ

وَمَنْ تَنَاءَى إِذَا ضَاقَ الزَّمَانُ بِنَا

فَلَيْسَ يُجْزَى سِوَى بِالْهَجْرِ وَالنَّدَمِ

وَمَا أَوْجَعَ الْجِرَاحَ الْخَافِقَاتِ إِذَا

سَرَتْ بِنَارِ الْأَسَى، لَا تُطْفِئُ الْحِمَمِ

وَكَمْ جُرِحْنَا جِرَاحًا فِي جُسُومِنَا

تُبْرَى سَرِيعًا، وَجُرْحُ الْقَلْبِ لَمْ يُلَمِ

وَإِنْ صَبَرْنَا، فَصَبْرُ الْمَرْءِ يُعْقِبُهُ

رِضًى وَشُكْرٌ وَتَسْلِيمٌ لِمُنْتَقِمِ

كَمْ مِنْ فَقِيرٍ رَوَى قَبْرًا بِرُوحِهِ

وَكَمْ غَنِيٍّ عَلَى الْأَرَائِكِ احْتَدَمِ

وَمَا الْخُبْزُ الْيَابِسُ الصَّافِي بِأَكُفِّنَا

إِلَّا أَلَذُّ مِنَ السُّكَّرِ مَعَ السَّقَمِ

فَرَبَّ قَوْلٍ تَرَاهُ الْعَذْبَ فِي فَمِنَا

وَهُوَ الدَّسِيسُ، وَفِيهِ السُّمُّ لَمْ يُجَمِ

كَمْ مِنْ جَبَانٍ غَدَا بِالسَّيْفِ مُنْتَصِرًا

وَكَمْ شَرِيفٍ جُرِّمَ ظُلْمًا وَلَمْ يُتَّهَمِ

وَرَبَّ وَضِيعٍ رُفِعَ بِالزُّورِ مَنْزِلَتُهُ

وَرَبَّ حُرٍّ أُهِينَ الذِّكْرُ وَالْحُسَمِ

مَنْ عَامَلَ النَّاسَ بِالْمَعْرُوفِ مَلَكَهُمُ

إِذْ لَا تُطِيقُ نُفُوسُ النَّاسِ ذَا لُؤْمِ

وَمَنْ أَسَاءَ فَعَيْنُ الْجَمْعِ تُنْكِرُهُ

مِنْ هَامَةِ الرَّأْسِ حَتَّى أَسْفَلِ الْقَدَمِ

وَمَا ارْتَقَى الْعَدْلُ إِلَّا حِينَ يَنْشُدُهُ

حُرٌّ أَبَى الظُّلْمَ وَانْقَادَ إِلَى الْحَكَمِ

وَكَمْ تَعَوَّدَ مَظْلُومٌ عَلَى أَذًى

فَغَابَ صَوْتُ احْتِكَامٍ مِنْهُ لِلْأُمَمِ

كَأَنَّ طَالِبَ حَقٍّ مِنْ ظُلُومِهِمُ

غَرِيقُ نَجْدٍ يُنَادِي عَابِرَ الْقِمَمِ

وَمَنْ طَغَى فِي أَرَاضِي النَّاسِ يُنْكِرُهُ

حَتَّى التُّرَابُ، وَيَأْبَاهُ مَنِ انْتَقَمِ

وَالْمَجْدُ لَا يُمْنَحُ الْكَسْلَى وَلَا عَبَثًا

بَلْ يَرْتَقِيهِ شُجَاعُ النَّفْسِ مُغْتَنِمِ

فَكَمْ غَرِيبٍ تَخَطَّى الْعَجْزَ مُنْدَفِعًا

حَتَّى تَسَامَى وَصَارَ النَّجْمَ فِي الظُّلَمِ

وَمَنْ تَخَلَّى عَنِ الْآمَالِ نَادِبُهُ

يَمْضِي كَظِلٍّ بِلَا رُوحٍ وَلَا قَدَمِ

وَمَا يَضِيعُ فَتًى لِلَّهِ سَائِلُهُ

فَاللَّهُ يَسْمَعُ حَتَّى لَوْ غَفَا الْقَلَمُ

دَعِ الْبَشَرَ، فَكَمْ فِيهِمْ بِلَا شَرَفٍ

يَهْوَى الرِّيَاءَ، وَيُرْضِي كُلَّ مَنْ نَمِ

وَمَنْ تَوَكَّلَ لَمْ تَخْرَبْ مَسَاعِيهِ

وَإِنْ تَعَثَّرَ فِي دَرْبِ الْهَوَى الْقَدَمِ

وَمَنْ غَوَى خَلْفَ أَهْوَاءِ النُّفُوسِ سَفِهَ

كَأَنَّهُ النَّجْمُ فِي لَيْلٍ بِلَا عَلَمِ

وَمَنْ يَصُنْ نَفْسَهُ تَبْقَ الْكَرَامَةُ لَهُ

مَا دَامَ فِي الْأَرْضِ مِيزَانٌ مِنَ الْقِيَمِ

وَمَنْ يُهَنْ يَسْهُلِ الْهَوْنُ الْمُضَاعَفُ فِي

كُلِّ الْعُيُونِ، وَيُرْمَى دُونَ مَا تُهَمِ

وَمَا الْجَمَالُ بِزَيْنِ الْوَجْهِ إِنْ خُلُقَتْ

نَفْسٌ تَفِيضُ بِأَخْلَاقٍ مِنَ الْكَرَمِ

وَكَمْ جَمِيلِ الْمُحَيَّا فِي جَوَانِحِهِ

قَلْبٌ حَقِيرٌ كَأَفْعَى نَابُهَا الْعَدَمِ

وَمَنْ تَرَفَّعَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ عَظُمَتْ

خُطُوَاتُهُ، وَغَدَا بِالْحُرْمَةِ الْعَلَمِ

وَلَا يَزَالُ قَلِيلُ الْمَالِ مُعْتَبَرًا

مَا دَامَ فِي خُلُقِهِ أَسْمَى مِنَ الصَّمَمِ

وَكُلُّ حُرٍّ كَرِيمٍ لَا يَذِلُّ إِذَا

أَبْقَى جَلَالَ التُّقَى تَاجًا عَلَى الْهِمَمِ

وَإِنْ تَخَلَّى الْوَرَى عَنْكَ اسْتَمْسِكِ

بِاللَّهِ، فَهُوَ الرَّجَاءُ السَّاكِنُ الدَّعَمِ

تَاللَّهِ مَا رِفْعَةُ الْإِنْسَانِ فِي نَسَبٍ

بَلْ فِي اتِّبَاعِ طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْعِلَمِ

لَا تَطْلُبِ الْوُدَّ مِمَّنْ لَا وَفَاءَ لَهُ

فَالطِّينُ إِنْ غَشَّهُ صَدَفٌ بِغَيْرِ نَمِ

وَكَمْ غَرِيقٍ بَكَى فِي لُجَّةٍ عَبَثًا

إِذْ لَمْ يَجِدْ كَفَّ إِنْقَاذٍ مِنَ السُّدَمِ

وَكَمْ صَبُورٍ تَسَلَّقَ صَخْرَ مُعْضِلِهِ

حَتَّى تَوَهَّجَ فِي لَيْلِ الْعُلَا عَلَمِ

وَمَنْ رَضِيَ الْعَيْشَ فِي أَذْيَالِ مَذَلَّتِهِ

فَهُوَ الْجَبَانُ وَإِنْ نَادَى عَلَى الْحَشَمِ

وَمَنْ تَفَوَّقَ بِالْعِلْمِ ارْتَفَعَتْ

أَقْدَامُهُ فَوْقَ تَاجِ الْمَالِ وَالنِّعَمِ

وَمَنْ سَعَى بِالْحَسَدِ اشْتَدَّتْ مَهَازِلُهُ

كَالْحَاطِبِ اللَّيْلَ فِي دَرْبٍ مِنَ السَّقَمِ

وَمَنْ بَنَى مَجْدَهُ بِالزُّورِ مَا سَلِمَتْ

أَرْكَانُهُ مِنْ هُبُوبِ الْكَيْدِ وَالنِّقَمِ

وَالنَّاسُ إِنْ خُيِّرَتْهُمْ بَيْنَ ذِي أَدَبٍ

وَبَيْنَ تَاجِرِ زَيْفٍ، مَالُوا لِلْغَنَمِ

فَازْهَدْ بِدُنْيَا تَرَاهَا كُلَّمَا اقْتَرَبَتْ

أَدْنَتْكَ مِنْ حُفْرَةٍ تُطْفِئُ الْحُلَمِ

وَخُذْ رَفِيقًا نَقِيَّ الْقَلْبِ، إِنَّهُ

كَالنَّجْمِ يُهْدِيكَ فِي لَيْلٍ مِنَ الظُّلَمِ

لَا تَغْتَرِرْ بِكِسَاءِ النَّاسِ إِنَّهُمُ

أَشْبَاهُ مَجْدٍ إِذَا فُتِّشْتَ عَنْ قِيَمِ

وَإِنَّ أَسْوَأَ مَنْ تَلْقَى، مَنِ اتَّخَذُوا

وَجْهًا لِكُلِّ مَقَامٍ دُونَ مُلْتَزَمِ

وَمَنْ تَأَنَّى نَجَا، مَهْمَا تَلَاحَقَتِ

أَهْوَالُهُ، فَهْوَ إِنْ سَاسَ الْأُمُورَ حَكَمِ

وَلَا تُكَاثِرْ بِأَقْوَامٍ، فَفِي خَطَبٍ

لَا يَنْفَعُ الْجَمْعُ إِنْ خَافُوا مِنَ الْعَدَمِ

فَالْعَزْمُ سَيْفُ الْفَتَى، وَالصِّدْقُ دِرْعُهُ

وَالْحِلْمُ زَادُ الطَّرِيقِ الصَّعْبِ فِي السَّلَمِ

إِنَّ النُّفُوسَ كَأَرْضٍ إِنْ سَكَبْتَ بِهَا

مَاءَ الْفَضَائِلِ، أَثْمَرَتْ بِغَيْرِ سُقُمِ

وَإِنْ غَرَسْتَ بِهَا زَيْفًا وَخِسَّتَهَا

جَاءَتْكَ بِالْعَارِ فِي أَثْوَابِ مُلْتَزِمِ

وَالْحِقْدُ نَارٌ إِذَا اسْتَشْرَتْ بِصَاحِبِهَا

مَا عَادَ يُبْصِرُ إِلَّا قَيْدَ مَنْ عَدَمِ

وَالْمَكْرُ إِنْ طَالَ أَهْلَهُ بِبَاطِلِهِ

عَادَ السِّهَامُ إِلَى صُدُورِهِمُ نَدَمِ

وَمَا ارْتَقَى النَّاسُ إِلَّا بِالَّذِي عَمِلُوا

لَا بِالَّذِي زَعَمُوا فِي مَجْلِسِ الْكَلِمِ

وَمَا الشَّجَاعَةُ فِي الْأَجْسَامِ طَافِحَةً

بَلْ فِي الثَّبَاتِ عَلَى أَخْلَاقِ ذِي نَهَمِ

وَمَا الْكِرَامُ بِأَقْوَالٍ مُنَمَّقَةٍ

لَكِنَّهُمْ صَادِقُو الْفِعْلِ فِي الظُّلَمِ

لَا خَيْرَ فِي مَنْ إِذَا نَاجَيْتَهُ خَذَلَتْ

كَفُّ الْمُرُوءَةِ بَيْنَ الْجُبْنِ وَاللُّؤْمِ

وَلَا ثَنَاءَ عَلَى مَنْ زَانَ ظَاهِرَهُ

وَسَوَّدَ الْقَلْبَ فِي دَرَكَاتِهِ الظُّلَمِ

تَعَلَّمِ الْحِلْمَ، إِنَّ الْحِلْمَ مَرْتَبَةٌ

فِيهَا الْمُلُوكُ عَلَى أَعْتَابِهَا تُعَمُّ

وَاحْذَرْ مِنَ النَّفْسِ إِنْ أَهْوَاؤُهَا احْتَدَمَتْ

فَالنَّفْسُ تَأْخُذُ مَنْ يَغْفُلْ إِلَى النِّقَمِ

وَكَمْ حَسُودٍ إِذَا وَاجَهْتَهُ طَأْطَأَتْ

أَنْيَابُهُ تَحْتَ أَقْدَامٍ مِنَ الْحِكَمِ

وَمَنْ عَفَا عَنْ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَادِرُهُ

نَالَ التَّبْجِيلَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْقِدَمِ

وَمَنْ قَسَا وَهُوَ ذُو فَضْلٍ وَخُلُقِهِ

عَاشَ الذَّلِيلَ وَلَوْ سَادَ الْوَرَى بِسُمِّ

وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَى زَوَالٍ، فَانْظُرُوا

مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى خُطَانَا فِي دُرُوبِ غَمَمِ

لَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ فِي وَقْتٍ يُنَازِعُنَا

صَوْتُ الْفَوَاجِعِ مِنْ أَعْمَاقِنَا السَّدِمِ

وَكُنْ رَفِيقًا إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قُدُرٍ

فَالضَّعْفُ يُبْقِي قُلُوبَ الْخَلْقِ فِي حُطَمِ

لَا تَسْتَخِفَّ بِرَأْيِ الْحُرِّ إِنْ نَطَقَتْ

فِيهِ الْوَقَارُ وَلَوْ فِي هَيْئَةِ الْقَزَمِ

وَكَمْ صَبُورٍ عَلَى فَقْرٍ يَعِيشُ بِهِ

أَغْنَى بِصِدْقٍ مِنَ السُّلْطَانِ فِي الْقِمَمِ

الْمَالُ زَائِلٌ، الْأَخْلَاقُ بَاقِيَةٌ

فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مِيرَاثًا مِنَ الْقِيَمِ

لَا تُكْثِرِ الْحُزْنَ إِنْ طَالَتْ مُصِيبَتُنَا

فَاللَّهُ أَرْحَمُ مَنْ يُدْنِيهِ فِي الظُّلَمِ

وَلَا تَفْرَحْ إِذَا الدُّنْيَا تَبَسَّمَتْ

فَالْمَوْتُ قَادِمُنَا فِي صَمْتِ مُبْتَسِمِ

وَاحْذَرْ مَدِيحَ امْرِئٍ لَا خَيْرَ فِي نُطْقِهِ

إِنْ كَانَ يَمْدَحُ لِلتَّكْثِيرِ وَالْهِمَمِ

وَإِنْ أَتَاكَ أَخٌ فِي الشِّدَّةِ احْتَضِنْهُ

فَالْأَخُ يُعْرَفُ فِي الْهَوْلِ الْمُضْطَرِمِ

وَلَا تُسَايِرْ لَئِيمًا فِي مَجَالِسِهِ

إِنَّ اللَّئِيمَ كَظِلٍّ خَادِعٍ نَعِمِ

وَمَنْ يَصُنْ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ نَازِلَةٍ

زَانَتْهُ فِي الْعَيْنِ أَقْدَارٌ مِنَ السَّلَمِ

وَالْعِلْمُ تَاجٌ، وَلَكِنْ دُونَ حُلْيَتِهِ

أَخْلَاقُهُ، فَبِهَا يَسْمُو إِلَى الْعَلَمِ

وَمَا اسْتَطَابَ الْوَرَى مَاءً بِلَا عَذَبٍ

وَلَا ارْتَقَوْا إِنْ غَدَوْا كَالْأَرْضِ مُنْجَمِ

وَمَا تُرَى الْحُرَّ إِلَّا فِي تَعَفُّفِهِ

عَمَّا يَرَاهُ غِنًى فِي بَيْتِ مُحْتَرَمِ

فَاصْنَعْ لِنَفْسِكَ دَرْبًا فِيهِ مَكْرُمَةٌ

وَاحْمِلْ لِوَاءَكَ فِي إِقْدَامِ مُلْتَزِمِ

وَلَا تَقُلْ ضِعْتُ فِي دُنْيَا تُصَارِعُنِي

بَلْ قُلْ: سَأَمْضِي بِهَا، رَغْمَ الظُّبَى وَالْعِمَمِ

كَمْ مِنْ جَرِيحٍ عَلَى فَقْرٍ يَنَامُ بِهِ

أَغْنَى مِنَ الْمَلِكِ فِي قَصْرٍ وَمُعْتَصِمِ

وَكَمْ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ بَاعَ مَبْدَأَهُ

بِثَمَنِ نَذْلٍ، وَحَظٍّ زَائِلٍ عَدِمِ

وَكَمْ كَئِيبٍ بِعَيْنِ النَّاسِ مُبْتَسِمٌ

وَالْقَلْبُ يَنْزِفُ مِنْ وَجْدٍ وَمِنْ سَقَمِ

فَلْتَجْعَلِ الصِّدْقَ إِنْ نَادَيْتَ مَبْدَأَك

فَالصِّدْقُ يُبْقِيكَ حَيًّا بَعْدَ مُنْصَرِمِ

وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّيَالِي إِنْ تَدُورُ بِنَا

فَلَنْ تُغَيِّرَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ شِيَمِ

وَإِنْ تَسَاهَلْتَ فِي حَقٍّ يُطَالِبُكَ

فَاحْذَرْ! فَظُلْمُ الضَّعِيفِ النَّارُ فِي اللَّهَبِ

وَمَنْ تَرَفَّعَ عَنْ أَمْوَالِ ذِي شُبْهَةٍ

نَالَ الْوَقَارَ، وَنُورًا غَيْرَ مُنْعَدِمِ

وَلَا تَغِبْ عَنْ صَلَاةٍ، فَهِيَ رَافِعَةٌ

لِلرُّوحِ، فِي زَمَنِ الْآهَاتِ وَالْهَرَمِ

وَاخْتِمْ بِنُطْقِ الثَّنَا لِلَّهِ مُنْخَفِضًا

فَمَا ارْتَقَى الْمَرْءُ إِلَّا بِخَشْيَةِ الْحَكَمِ

هَذِي حُرُوفِي عَلَى أَقْدَارِهَا وَقَفَتْ

فَاضَتْ بَيَانًا عَلَى لَفْظٍ مِنَ الْعِصَمِ

مَا قُلْتُ إِلَّا صَدَى عَقْلٍ وَتَجْرِبَةٍ

وَمَا نَظَمْتُ سِوَى مِنْ مَعْدِنِ الْحِكَمِ

إِنْ كُنْتَ تَبْغِي بَقَاءَ الْمَجْدِ فَاتَّخِذِ

مِنْ صِدْقِ فِعْلِكَ دَرْبًا غَيْرَ ذِي نَدَمِ

وَاسْتَمْسِكِ الْحَقَّ، لَا تَرْضَ الْمَذَلَّةَ إِنْ

خَانَ الْوَرَى، فَالْهُدَى يَكْفِيكَ فِي الظُّلَمِ

وَفِي الْخِتَامِ سَلَامٌ مِثْلُ أَنْفَاسِنَا

مِنْ مُهْجَةِ الْفُصْحَى فِي أَرْوَى مِنَ الْغَمَمِ

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

140

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة