عدد الابيات : 19
ذَكَرْتُ هَوَاهَا وَالرِّمَاحُ مُشَارِفٌ
صَدْرِي، وَجَيْشُ الْهَمِّ يَغْزُو مَعَالِمِي
فَتَنَاثَرَتْ أَشْلَاءُ صَبْرِي فِي الدُّجَى
وَتَهَاوَتِ الْأَحْلَامُ تَحْتَ سَحَائِمِي
وَتَكَسَّرَتْ فِي النَّفْسِ أَلْحَانُ الرُّؤَى
وَتَشَظَّتِ الذِّكْرَى بِمِرْمَى قَوَاصِمِي
يَا لَيْتَ قَلْبِي مَا رَأَى فِيهَا الصَّبَا
أَوْ مَا سَمِعْتُ النُّطْقَ مِنْ ثَغْرِ نَاعِمِ
هِيَ فِي الدُّنَا طَيْفٌ، وَلَكِنْ فِي دَمِي
سَيْفٌ يُجَرِّحُنِي بِحُسْنِ التَّقَادُمِ
مَا بَيْنَ أَجْفَانِي وَنَفْسِي وَجْدُهَا
وَتَنَزَّهَ التَّفْسِيرُ عَنْ فَيْضِ كَاتِمِي
وَتَعَثَّرَتْ خُطَبُ الْبَيَانِ بِحُسْنِهَا
فَتَأَرْجَحَ الْإِيجَازُ فِي سِحْرِ خَاطِمِي
إِنْ سَاءَلُوا عَنِّي وَفَاضَتْ عَبْرَتِي
قُلْتُ: الْهَوَى وَاللَّهِ خَطْبُ الدَّوَاهِمِ
قَدْ كَانَ جُرْحًا، ثُمَّ صَارَ قَصِيدَةً
تَتَلَاوَحُ الْأَوْجَاعُ فِيهَا كَلَحْنٍ نَاغِمِ
قَدْ كُنْتُ أَكْتُمُ حُرْقَةً مِمَّا جَرَى
فَتَفَجَّرَتْ فِي الصَّدْرِ نَارُ الْخَصَّائِمِ
مَا كَانَ ذَنْبِي غَيْرَ أَنِّي عَاشِقٌ
يَسْقِي دُمُوعَ الشَّوْقِ مِنْ خَمْرِ حَالِمِ
قَدْ عُلِّقَتْ نَفْسِي بِطَيْفٍ غَائِبٍ
يَأْبَى سُكُونَ الْحُبِّ فِي طُهْرِ حَالِمِي
هِيَ لَحْنُ أَحْزَانِي، وَرَوْنَقُ وَجْدَتِي
وَبُكَاءُ أَيَّامِي، وَوَجْدُ دَمْعِ التَّنَادِمِ
فَإِذَا اسْتَفَاقَ اللَّيْلُ فِي أُفْقِ اللُّظَى
نَادَتْ مَشَاعِرُهُ عَلَى نَفْسٍ هَائِمِ
وَتَنَفَّسَتْ ذِكْرَاكِ فِي أَحْشَائِنَا
حَتَّى غَدَا جَسَدِي وَقُودَ التَّنَاغُمِ
مَا ضَاعَ وَعْدُكِ لَوْ نَظَرْتِ لِهَوًى
مِمَّا سَكَبْتُ لِحُبِّكِ الْمُتَضَارِمِ
إِنِّي وَإِنْ صَارَ الْهَوَى أَسْرَابَ دَمْـ
ـعٍ، فَأَنْتِ بِلُبِّهِ دُجَّى سِرِّ التَّكَتُّمِ
هَلْ تَسْمَحِينَ لِمُقْلَتِي أَنْ تَسْتَقِي
طَيْفَ الْجَمَالِ بِخَافِقٍ مُتَحَطِّمِ؟
أَمْ هَلْ سَتَرْجِعُ فِي الدُّرُوبِ خُطَانَا
لِتُرَتِّلَ الذِّكْرَى بِنَبْضِ التَّقَدُّمِ؟
148
قصيدة