عدد الابيات : 100
طباعةتُلْقِي الظُّنُونُ عَلَى الْمَرْءِ الظُّنُونَ
وَإِنْ سَمَتِ الظَّوَاهِرُ تُخْفِي لَهَفَانَا
مَا كُلُّ مَنْ لَبِسَ الطَّيِّبَ الثِّيَابَ يَرَى
نَقِيًّا، وَلَا كُلُّ وَسْمٍ فِيهِ كلُ تِبْيَانَا
فَالنَّاسُ تَأْلَفُ مِنْ طَبْعٍ تَرَاكِيبَ
الْأَهْوَاءِ مَا بَيْنَ شَتَّانٍ وَمِيزَانَا
تَرَى الشَّرِيفَ بِعَيْنِ الْقَوْمِ مَرْذُولًا
وَقَدْ يُقَالُ عَنِ الْوَغْدِ: الْفَتَى الْفَانَا
تُنْسَجُ الْأَلْسُنُ الْبُهْتَانَ مِنْ سَفَهٍ
وَتَسْكُبُ الصَّمْتَ بالطُّهْرِ إِذَا هَانَا
فَدَعِ الْمَدِيحَ إِذَا جَاءُوا تُزَيِّنُهُ
أَلْفَاظُ زُورٍ، وَقَدْ أَوْغَرْنَ أَشْجَانَا
وَلَا تَأْبَهِ الذَّمَّ مِنْ سُخْفٍ وَمُجْتَرِئٍ
فَكَمْ أَتَى الذَّمُّ مِنْ أَهْلِ الْخُسْرَانَا
تَقَلَّبَتِ النَّفْسُ فِي دَرْبِ الْحُلُومِ
وَخَانَ الْحَلِيمَ بِهَا قَوْمٌ وَعُدْوَانَا
فَامْشِ السُّهَى، وَاتْرُكِ الْآفَاقَ تَلْعَنُهُمْ
إِنَّ النُّجُومَ تَعَافُ الذُّلَّ طُغْيَانَا
كَمْ مِنْ جَبِينٍ تَأَلَّقَ النُّورُ لِخُطَبٍ
لَكِنْ يُكَفَّنُ فِي طِينٍ وَأَكْفَانَا
فَاحْمِلْ لِذَاتِكَ مِيزَانَ التُّقَى حَذِرًا
وَلَا تُسَلِّمْ لِعَقْلِ الْجَمْعِ مِيزَانَا
فَلَيْسَ يَعْرِفُ سِرَّ النَّفْسِ إِلَّا الَّذِي
قَدْ جَرَّبَ الصَّمْتَ حِينًا وَ أَحْزَانَا
كَمْ نَازَعَتْكَ الدُّنَى فِي الْحَقِّ نَافِخَةً
وَالْحَقُّ أَبْلَغُ مِنْ ضَوْضَى وَجُبْنَانَا
فَامْضِ كَمَا يَسيرُ التَّارِيخُ حِينَ سَمَتْ
أَقْلَامُهُ، وَخَلَتْ مِنْ كُلِّ نُكْرَانَا
وَدَعِ التَّلَوُّنَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ عَبَثًا
إِنَّ الْوَفَاءَ إِذَا مَا بَانَ، مَا خَانَا
هُمْ سَاجِدُونَ لِأَوْهَامٍ مُنَمَّقَةٍ
وَأَنْتَ عَبْدُ يَقِينٍ، لَا لَيسَ بُهْتَانَا
فَاصْغِ لِحِكْمَةِ وِجْدَانٍ تَأَصَّلَتِ الْأَيَّامُ
فِيهَا، وَخَلَّدَهَا الدِينُ بُرهْانَا
وَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ دَرْبَ الصَّبْرِ إِنْ وَجَلَتْ
مِنْكَ الْخُطُوبُ، فَصَيِّرُ الصَّخْرِ إِيمَانَا
قَدْ يُفْهَمُ الصِّدْقُ أَضْغَاثًا إِذَا نُطِقَتْ
بِهِ الْحَقِيقَةُ، أَوْ عُمِّيَتْ بِأَذْهَانَا
فَكُنْ لِنَفْسِكَ فَهَّامًا، وَمُحْتَسِبًا
وَلَا تَكُنْ فِي يَدِ التَّقْدِيرِ نِسْيَانَا
كَمْ مِنْ جَهُولٍ بَدَا فِي النَّاسِ مُتَّزِنًا
وَكَمْ حَكِيمٍ بَدَا فِيهِمْ حَيْرَانَا
يَسْعَى الْوَرَى خَلْفَ زَيْفٍ زُيِّنَتْ صُوَرٌ
وَقَدْ يُقَصُّونَ أَهْلَ الْفَضْلِ عُمْيَانَا
وَلَيْسَ يُدْرَى إِذَا مَا الْفَضْلُ صَاحَ بِهِمْ
أَيَسْمَعُونَ لَهُ صِدْقًا، أَمْ أَذَانَا؟
فَلَا تَثِقْ فِي ابْتِسَامٍ ضَلَّ صَاحِبُهُ
وَلَا تُطِلَّ نَظَرًا فِي الْمَكْرِ فُتَّانَا
كَمْ مِنْ قَرِيبٍ إِذَا مَا الْمَالُ غَيَّرَهُ
عَادَ الْعَدُوَّ، وَأَخْفَى الْقَلْبَ غِشْيَانَا
فَالنَّاسُ فِي حَشْرَجَاتِ الْقَوْلِ مُتَّهَمٌ
وَلَا يُبَرَّأُ فِيهِمْ مَنْ بِهِ إِحْسَانَا
قَدْ يُسْنَدُ الظُّلْمُ لِمَظْلُومٍ إِذَا نَطَقُوا
وَيُكْرَمُ الْبَغْيُ إِنْ صَوَّرَ الْبُرْهَانَا
فَإِنْ بَدَا لَكَ مِنْ بَعْضِ الْوَرَى صِلَةٌ
فَاجْعَلْ لَهَا الْعَقْلَ بِالْوَزْنِ مِيزَانَا
وَإِنْ أَرَادُوكَ فِي لَيْلِ الرِّيَاءِ سُدًى
فَاشْهَرْ لِسَانَكَ إِنْ شِئْتَ الطُّهْرَ سِنَانَا
إِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى فِكْرٍ إِذَا عُدِمَتْ
فِي النَّاسِ، بَاتَ لَهُ التَّارِيخُ غُفْرَانَا
وَلَسْتَ تُدْرِكُ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ سَبَبًا
حَتَّى تَرَى الدَّهْرَ كَيْفَ اسْتَنْطَقَ الشَّانَا
فَقَدْ يُجَمِّلُكَ مَنْ قَدْ كَانَ يَنْقُصُكَ
وَقَدْ يُجَرِّحُ فِيكَ الْمُخْلِصُ الْوَانَا
دَعِ الْوُجُوهَ إِذَا لَبَّسَتْكَ نَاصِحَةً
فَكَمْ بِهَا خُدِعَ الْحُرُّ الْمُسْتَكَانَا
وَلَا تُجَالِسْ مَنِ الْآرَاءُ فَوْضَى لَهُ
فَإِنَّهُ يَخْلِطُ الصِّدْقَ وَهَذَيَانَا
وَكُنْ عَلَى الْبَأْسِ صِنْدِيدًا، فَإِنَّ بِهِ
تَرْقَى الرِّجَالُ، وَتُبْنَى الْمَجْدَ أَرْكَانَا
وَاحْذَرْ هَوَى النَّاسِ، إِنَّ النَّاسَ مُقْبِلَةٌ
عَلَى الَّذِي يَهْوَى الْأَهْوَاءَ نَشْوَانَا
وَكَمْ مِنَ النُّصْحِ يُلْقَى فِي مَفَارِقِهِمْ
لَكِنَّهُمْ يَرْفُضُونَ الصِّدْقَ عُمْيَانَا
فَإِنْ وَجَدْتَ لِصَوْتِ الْعَقْلِ مَنْزِلَةً
فَاشْكُرْ لِرَبِّكَ مَا أَوْلَاكَ إِحْسَانَا
وَإِنْ شَعَرْتَ بِأَنَّ الْحَقَّ مُنْفَرِدٌ
فَامْضِ بِهِ، فَالْمَعَالِي وَحْدَهَا دَانَا
فَمَا ارْتَقَى النَّاسُ إِلَّا حِينَ حَاسَبَهُمْ
مَنْ فِي ضَمِيرِهِ حُكْمٌ وَسُلْطَانَا
فَاحْفَظْ لِذَاتِكَ سِرَّ النَّفْسِ إِنْ عَرَضَتْ
فِي النَّاسِ، فَالْسِّرُّ إِنْ يُشْهَرْ كِتْمَانَا
وَخُذْ مِنَ الصَّمْتِ زَادًا حِينَ يَخْذُلُكَ
الْقَوْمُ، فَإِنَّ السُّكُوتَ أَبْلَغُ أَحْيَانَا
وَلَا تُجِبْ سَائِلًا مَا لَمْ تَجِدْ حُجَجًا
تَقْضِي عَلَيْهِ بَيَانًا أَوْ بُرْهَانَا
فَكُلُّ قَوْلٍ بِلَا مِيزَانِ مَعْرِفَةٍ قَدْ
يُفْسِدُ الْحُسْنَ، أَوْ يُحْيِي خُذْلَانَا
إِذَا خُدِعْتَ بِوَجْهٍ فِيهِ مَكْرُهُمُ
فَابْكِ الْعُقُولَ الَّتِي مَا عَادَتْ آذَانَا
وَكَمْ كِرَامٍ إِذَا نَادَيْتَهُمْ صَمَتُوا
كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِي الْعِزِّ إِنْسَانَا
وَكَمْ لَئِيمٍ تَرَى الْأَضْوَاءَ تَحْمِلُهُ
وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا يَحْوِي بُهْتَانَا
دَعْ عَنْكَ أَهْلَ الرَّجَا فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ
وَاصْنَعْ لِنَفْسِكَ دَرْبًا فِيهِ إِحْسَانَا
فَالْفَضْلُ لَا يُمْنَحُ الْمُسْتَضْعَفِينَ إِذَا
مَا كَانَ سَعْيُهُمْ خَوْفًا وَخُذْلَانَا
وَمَنْ تَهَدَّلَ مِنْ بَعْدِ الْعُلُوِّ هَوَى
وَمَنْ تَرَفَّعَ فِي صِدْقٍ غَدَا شَانَا
فَلَا تَقُلْ لِلَّذِي يَغْتَابُ مُحْتَرِفًا
بِأَنَّهُ صَاحِبٌ، بَلْ قُلْ: عُدْوَانَا
وَلَا تَمْدَحِ الْمَرْءَ فِي وَجْهٍ إِذَا سَتَرَتْ
فِيهِ الْوُجُوهُ، وَكَانَ الْقُبْحُ عُنْوَانَا
وَإِنْ رَأَيْتَ الَّذِي يَغْدُو مُنَافِقَهُمْ
فَاجْعَلْ لِوَجْهِكَ إِنْ شِئْتَ الْهُدَى جَانَا
فَإِنَّ مَنْ جَالَسَ التَّزْيِيفَ شُبِّهَ بِهِ
وَلَا يَزَالُ يُرَى فِي الذُّلِّ أَلْوَانَا
فَلَا تَكُنْ مِثْلَهُمْ فِي الْقَوْلِ إِنْ نَطَقُوا
وَلَا تُسْرِرْ لَهُمْ فِي اللَّيْلِ وِجْدَانَا
كَمْ مِنْ فَقِيرٍ غَدَا بِالْعِلْمِ مُرْتَفِعًا
وَقَدْ رَأَيْنَا الْغِنَى يَبْنِي جُدْرَانَا
فَالْمَرْءُ يُوزَنُ بِالْأَفْعَالِ إِنْ سَطَعَتْ
لَا بِالصَّدَى، أَوْ بِمَا يَحْكِيهِ لِسَانَا
قَدْ تُكْشَفُ الرُّوحُ إِنْ أَعْطَاكَ صَمْتُهُمْ
مَا لَمْ تُبَدِّدْكَ فِي أَهْوَائِهِمْ شَانَا
فَكُنْ حَرِيصًا عَلَى نُبْلِ الْخُصُومَةِ
إِنْ قَامَتْ، وَلَا تَكُ فِي الْبَاطِلْ فُتَّانَا
وَلَا تُجَرِّحْ ضَعِيفَ الْقَلْبِ إِنْ وَهَنَتْ
فِيهِ الْمَعَانِي، وَكَانَ الْهَمُّ سُجَّانَا
فَقَدْ تَرَى الرَّجُلَ الْهَادِي عَلَى رَشَدٍ
وَفِي الضَّمِيرِ لَهُ طُهْرٌ وَإِيمَانَا
وَتَرَى الْجَاهِلَ الْمُتَعَالِيَ فِي سَفَهٍ
يَبْنِي التَّكَبُّرَ بَيْنَ الْقَوْمِ طُغْيَانَا
فَانْظُرْ إِلَى الرُّوحِ، لَا تُخْدَعْ بِصُورَتِهِمْ
فَرُبَّ وَجْهٍ حَوَى غِشًّا وَخُذْلَانَا
وَاعْرِفْ لِنَفْسِكَ قَدْرًا لَا يُنَازِعُهُ
سُوءُ الظُّنُونِ، وَلَا يُفْنِيكَ نُكْرَانَا
وَلَا تَلُمْ زَائِلَ الْمَعْرُوفِ إِنْ كَفَرَا
لَكِنْ سَجِّلْ لَهُ النِّسْيَانَ نِسْيَانَا
فَمَا جَزَاءُ الَّذِي أَعْطَى وَأَخْلَصَ إِنْ
لَمْ يُذْكَرِ النَّاسُ مَا أَوْلَاهُ إِحْسَانَا؟
مَنْ لَا يَرَى فِي الْوَفَا كَنْزًا يُؤَمِّلُهُ
قَدْ يُمْسِي فِي فَقْرِهِ دَهْرًا وَحِرْمَانَا
وَلَيْسَ يَرْقَى عَلَى الْإِكْرَامِ ذُو خُلُقٍ
حَتَّى يُصَيِّرَهُ لِلنَّاسِ شُكْرَاً وعِرْفَانَا
فَالْخَيْرُ يَسْبِقُ إِنْ جُبَّ الْحَصَى ذَهَبًا
وَلَا يُعَدُّ الْوَرَى مَالًا وَسُلْطَانَا
وَمَا الْمَكَارِمُ إِلَّا الْحِلْمُ إِنْ سَكَنُوا
وَالْعَفْوُ إِنْ جُرِحُوا، وَالْعَدْلُ مِيزَانَا
وَالصَّمْتُ فِي سَاحَةِ الْأَهْوَالِ مَهْزَلَةٌ
إِلَّا إِذَا نَطَقَ الْعَقْلُ ماراً و بُرْكَانَا
وَالْعِلْمُ لَا يُدْرِكُ الْأَفْهَامَ إِنْ خُمِدَتْ
أَنْوَارُهُ، أَوْ طَغَى فِي الْعِلْمِ شَيْطَانَا
كُنْ كَالنَّخِيلِ إِذَا مَا اشْتَدَّ عَاصِفُهُمْ
يَثْبُتْ، وَيَمْنَحْ لِلضُّعَفَاءِ ظِلَّانَا
وَاقْطَعْ طَرِيقَ الرِّيَاءِ إِنْ عَلَا سُلَّمًا
فَالزَّيْفُ يُخْجَلُ إِنْ أَضْحَى لَهُ شَأْنَا
وَلَا تُبَالِ إِذَا مَا خَالَفْتَهُمُ رَأياً
مَا دَامَ صَوْتُكَ بِالْحَقِّ قَدْ بَانَا
وَاحْمِلْ عَلَى رَاحَتَيْكَ الصِّدْقَ مُكْرَمًا
فَالصَّادِقُونَ، وَإِنْ قَلُّوا، هُمُ الزَّانَا
وَإِنْ تَذَكَّرْتَ ظُلْمًا قَدْ مَضَى زَمَنٌ
فَلَا تَكُنْ فِي انْتِقَامِ الْيَوْمِ نِيرَانَا
فَالْعَفْوُ أَبْلَغُ فِي التَّارِيخِ مِنْ دَمْعَةٍ
تُذْكِي الْقُلُوبَ وَتُبْقِي الْجُرْحَ عُقْبَانَا
وَالْحُبُّ أَسْمَى مِنَ الْأَحْقَادِ لَوْ سَكَنَتْ
فِي النَّفْسِ، أَوْ مَلَأَتْ فِينَا شُجَيَانَا
فَاجْعَلْ حَيَاتَكَ نُورًا لَا يُكَدِّرُهُ
قَوْلُ الْعِبَادِ، وَلَا أَحْقَادُ دُنْيَانَا
مَا كُلُّ مَنْ زُيِّنَ الْقَوْلُ الْجَمِيلُ لَهُ
يَبْنِي الْقُلُوبَ، وَيَهْدِي الْعَزْمَ إِيمَانَا
فَالنُّورُ يُعْرَفُ مِنْ نَهْجٍ إِذَا اخْتُبِرُوا
وَالزَّيْفُ تُبْصِرُهُ فِي الظُّلْمِ عُدْوَانَا
وَالْحَقُّ أَقْوَى مِنَ الْجَهْلِ الَّذِي نَطَقُوا
وَالصِّدْقُ أَعْتَى إِذَا مَا نَابَ طُغْيَانَا
كُنْ لِلْعَدَاوَةِ فَوْقًا، لَا تَكُنْ مِثْلَهُمْ
وَلَا تَكُنْ فِي مَدَى الْبُغْضِ رُكْبَانَا
فَمَا الْحَيَاةُ إِذَا لَمْ تُعْطِ مِنْكَ سَنَا
وَمَا الْفَتَاءُ إِذَا لَمْ يُشْعِلِ النِّيرَانَا
قَدْ يُسْتَبَاحُ الَّذِي فِي الْعِزِّ مَنْزِلُهُ
إِنْ لَمْ يُحَصِّنْهُ عَقْلٌ وَسُلْطَانَا
لَا تُكْرِمِ الْمَرْءَ إِلَّا بَعْدَ تَجْرِبَةٍ
فَالْوَجْهُ يَخْدَعُ إِنْ أَهْدَى لَكَ سُحْنَانَا
وَإِنْ بَدَا لَكَ مِنْ قَوْمٍ مَوَدَّةُ مَنْطِقٍ
فَاحْذَرِ الْقَوْلَ إِنْ فَاضَ تِبْيَانَا
كَمْ مِنْ قُلُوبٍ تُزِينُ الْقَوْلَ نَافِقَةً
فَإِذَا اخْتَبَرْتَ بِهَا خَابَتْ وَأَذْهَانَا
وَاحْذَرْ مِنَ النَّاسِ أَلْوَانًا، فَكَمْ كَمَنُوا
بِاسْمِ الْوَفَاءِ، وَفِيهِمْ خُبْثُ أَزْمَانَا
وَلَا تُهَادِنْ عَلَى الْبَاطِلْ لِتَكْسِبَهُمْ
فَالرِّبْحُ خُسْرُكَ إِنْ خُنْتَ الْمِيزَانَا
الْمَرْءُ يُعْرَفُ إِنْ جَدَّتْ وَقَائِعُهُ
لَا حِينَ يُزْهِرُ فِي الْقَوْلِ الْعُنْوَانَا
وَإِذَا تَعَثَّرْتَ فَانْهَضْ غَيْرَ مُنْتَظِرٍ
عَوْنًا، فَإِنَّ الْعُلَا تَبْغِيكَ فُرْسَانَا
وَإِذَا اعْتَذَرْتَ فَلَا تُكْثِرْ مُبَرِّرَةً
بَلْ قُلْ: أَخْطَأْتُ، يَكْفِيكَ إِحْسَانَا
فَالْعُذْرُ أَبْلَغُ إِنْ أَخْلَصْتَ نِيَّتَهُ
وَالصَّفْحُ أَوْلَى مِنَ التَّصْعِيدِ عُدْوَانَا
وَإِنْ سُئِلْتَ فَكُنْ لِلْفَضْلِ مَنْبَعَهُ
وَلَا تَرُدَّ ضَعِيفَ الْحَرْفِ حَيْرَانَا
كُنْ كَالسَّحَابِ، إِذَا مَا مَرَّ أَمْطَرَهُمْ
خَيْرًا، وَخَلَّفَ فِي الْأَيَّامِ أَمَانَا
وَاغْرِسْ مِنَ الذِّكْرِ زَادًا لَا يُغَيِّرُهُ
مَرُّ الزَّمَانِ، وَلَا يُفْنِيهِ نُكْرَانَا
ثُمَّ اسْلُكِ الدَّرْبَ، لَا تَبْغِ الْخُلُودَ بِهِ
يَكْفِيكَ أَنْ تَرُكَ الْحَرْفَ عُنْوَانَا
وَاخْتِمْ بِنُورِ يَقِينٍ لَا يُكَدِّرُهُ
غَيْمُ الرَّزَايَا، وَلَا يُطْفَى إِذَا بَانَا
148
قصيدة