"الموتُ يحصدُنا"
ذُبِحنا…
بالأمسِ،
واليومَ نُعلّقُ على خشباتِ الانتظار،
وغدًا نُذبحُ…
ولا من صيحةٍ في صحوةِ الضمير.
دماؤنا
سيلٌ واحدٌ،
جرت من حلبجةَ، بغدادَ،
ثم انحدرت كالنارِ في جسدِ الأقصى،
غسلت وجعَ صنعاءَ،
ورسمت خطوطَ الفجرِ على جدرانِ غزة.
كنا أمةً،
في آيةٍ من نورِ السماء
“وهذه أمتُكم أمةٌ واحدة…”
لكننا مزّقنا الصفحة،
وفرّقنا الدمَ،
وصنعنا من الأشلاءِ راياتٍ
صرنا طوائفَ من زجاجٍ مكسور،
لا نلمّ الشظايا،
ولا نداوي الكسور.
كلٌ يغلقُ حدودهُ،
ويُعلّق صورةَ الخوفِ على بابِ الأخوةِ
تراشقنا الحرفَ،
كأننا نحاربُ لغاتِنا،
نسينا أن العدوَّ لا يقرأُ الاختلاف،
بل يعدّ أنفاسنا… قبل الضغطِ على الزناد.
ذُبحنا فرادى،
ونحن نحسبُ الحروفَ،
هل نكتبُ “شهداءَ؟
أم نكتفي بـ”ضحايا الأحداثِ
ونسينا صوتَ الأمهاتِ المقطّع
بين ركامِ المساجدِ والمنفى
في المدارِسِ والطُرقاتِ
نسينا…
مجدًا كان اسمه بدر،
وأندلسًا كانت تتغنى القُران،
نسينا أن السلامَ لا يولدُ في العيونِ الخائفة،
ولا في الزوايا الرمادية من خارطةِ الهوية.
أينَ القادةُ؟
أينَ الحناجرُ التي تشبهُ الفجر؟
أين العلماءُ؟
صاروا يُفتونَ بتوقيتِ السوقِ
ويقيسونَ الجهادَ بميزانِ الدولاراتِ
أصبحنا مرآةً مكسورة،
كلُّ وجهٍ يرى نفسه فقط،
ويمدّ إصبعَ الاتهامِ نحو الصدى.
يا أمةَ الإسلامِ…
استفيقي من غفوةِ الحطام،
تلمّسي كتابكِ كمن يُمسكُ بوترِ نجاة،
واسمعي نبيّكِ…
ففي صوتهِ طريقٌ واحدٌ،
وفي دربهِ نعودُ من التيهِ،
نغسلُ وجهَ التاريخِ،
ونحملُ النورَ على أكتافِ المحبة.
الأرضُ تنزف،
والزمنُ كهلٌ من الجراح،
لكن الطريقَ لا يتفرّع،
هو واحدٌ…
وموعدُ اللقاءِ عند بابِ الإيمان
لا تتسعُ الأمةُ
إلا لقلبٍ واحد،
لأملٍ واحد،
لنشيدٍ واحدٍ فوق صدى البنادق.
لنحمل شعلةَ البقاء،
ولنطوِ الأرضَ…
عرضًا،
بلا فُرقةٍ،
ولا لعنةَ راياتٍ
ولا سيوفًا تُغمد في ظهورنا
من أقربِ الثكناتِ!
جميع الحقوق محفوظة © لماهر كمال خليل.
يُمنَع النسخ أو الاقتباس أو النشر بأي وسيلة كانت دون إذن خطي من الكاتب
15
قصيدة