“سُعاد”
أيا قلبُ… هذه سُعادُ أتَتْ معاتبةً،
فلا تهذي لِعتابِها، ففي عِتابِها صَريرُ.
بُعدي عنها شوقٌ، ولقاؤها غزلٌ،
وسُعادُ، رِفقاً… فالبُعادُ بيَ أسيرُ.
ما غابَ عنكِ قلبي، لا ولا جفّاكِ،
فَفوحُ عطركِ في دمي يَسري ويَسيرُ.
لا تَحسَبي أنَّ الفِراقَ فِراقُ روحٍ،
فأنتِ فيَّ، وأنا عن ذاتيَ مَعزولُ.
يَأخذُني قبسُ رؤياكِ نحوَ أملٍ،
ويُلبِسُ القلبَ ثوبَ الوَصلِ، مَخمورُ.
سُعادُ عني بعيدةٌ… وفي بُعدِها سَقَمُ،
ليلي ثقيلٌ، وضوءُ الفجرِ مَخذولُ.
وكيفَ تنامُ جُفوني في غِيابِكِ؟
وفي الغيابِ، عُمرُ سنينيَ يُبْتَذَلُ.
نِصفي بِلا ظلِّكِ، والنِّصفُ الآخرُ
يَسري إلى طيفِكِ الأبهى، ويَشتعلُ.
صُبحي عَتيقٌ، عِتقَ أسورتِها
ولَيلُ قلبي بنوحِ الذِّكرى مُنشغلُ.
ما عاد لي وَصلٌ لاِنفاسِها العَطِرة،
غيرَ الأنينِ الذي بدمعِ البَوحِ يَنهملُ.
غريبٌ أنا… لا أرضَ تأويني،
ضاعتْ أمانِيَ إذ جفَّتْ ينابيعُ الأملِ
مُتعبٌ أنا، لا دارَ تُؤنسُ وَحدتي،
ولا بقيَ في ديارِ سُعادَ مَن يَسألُ.
ضاقَ صَدري، ووَهنت بيَ قُوّتي،
ودمعُ عَيني كسَيلِ العَرمِ يَنهمرُ.
هذا فُؤادي بِلا عتابِ سُعادٍ غَدى،
كأنّي ميّتٌ في تُربتها يُغتسلُ.
فالذّنبُ ذَنبِي حينَ هَجرتُها،
وكَتمتُ حُبًّا… ما كَتَمَهُ قَبلِي بَشرُ
ماهر كمال خليل
(جميع الحقوق محفوظة – لا يجوز النسخ أو الاقتباس دون إذن الكاتب)
15
قصيدة