الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » أُنْشُودَةُ الخُلُودِ عَلَى وَتَرِ الفَقدِ

عدد الابيات : 78

طباعة

الدَّهرُ يَضرِبُنَا فِي كُلِّ مُلتَحَدِ

وَيَستَبِيحُ نَجِيعَ الحُزنِ فِي الكَبِدِ

دَع عَنكَ وَهمَ الحَيَاةِ الغَرِّ وَانتَبِهْ

فَالنَّومُ فِي فَمِ لَيثٍ فَادِحِ الوَجدِ

الدَّهرُ عَصْفٌ، وَإِن أَبدَى تَبَسُّمَهُ

وَالسَّيفُ أَنفَذُ فِي الإِخوَانِ مِن عَضُدِ

لَا يَأمَنَنَّكَ طِيبُ العَيشِ مُفتَرِيًا

فَكَم رَمَتِ اللَّيَالِي بِالغَفُولِ يَدِ

مَا لِلزَّمَانِ، أَقَالَ اللَّهُ عَثرَتَنَا

أَم خَانَنَا، فَغَدَتْ أَيَّامُنَا رُفَدِ؟

فِي كُلِّ جَارِحَةٍ سُمٌّ يُفَرِّقُنَا

كَأَنَّنَا جُرحُ صَقرٍ نَازِفِ الجَسَدِ

تُلهِيكَ بِالضِّحكِ حَتَّى تُدنِيكَ مِن

رُمحِ الخُطُوبِ، كَأَنَّ الضِّحكَ لِلكَمَدِ

كَم دَولَةٍ زَهَتِ الأَيَّامُ رُؤيَتَهَا

ثُمَّ اِنطَوَت وَانمَحَى التَّارِيخُ لِلمَدَدِ

أَينَ الشَّهَامَةُ يَا شَاهِرْ وَقَد سَكَنَتْ

تَحتَ التُّرَابِ، وَصَوتُ المَجدِ فِي صَمَدِ؟

يَا مَن دَفَنتَ المَعَانِي فِي مَحَبَّتِنَا

كَأَنَّمَا الحُبُّ قَد وُورِيَ مَعَ الجَسَدِ

قَرَنفُلُ الجَدُّ، إِن نَادَيتَ نَخوَتَهُ

أَتَاكَ مِثلَ صَهِيلِ الفَجرِ فِي الغِمدِ

وَمُحَمَّدُ السَّيِّدُ المَيمُونُ، إِن غَفَتِ

الدَّهرُ، صَاحَ عَلَى الدُّنيَا وَلَم يَرِدِ

وَحَاتَمُ الحِلمِ، لَولَا حُزنُ غُربَتِهِ

لَكَانَ تَاجًا عَلَى الآمَالِ وَالبَلَدِ

وَثَائِرُ المَجدِ إِن نَادَى بِهِ زَمَنٌ

أَجَابَ بِالسَّيفِ لَا يُعنِيهِ مَن جَحَدِ

وَمُصطَفَى النُّورِ، أَضحَى ذِكرُ سِيرَتِهِ

نِبرَاسَ حَقٍّ لِأَبنَاءٍ وَلَم يُولَدِ

وَسَمِّيحةُ الوَفَاءِ، كَأَنَّ النُّورَ سَكَنَهَا

وَمَا رَحِيلُ النَّقَى إِلَّا عَلَى رُشدِ

وَعَبدُ الكَرِيمِ، يَا نَهرَ العَطَاءِ إِلَى

أَن جَفَّ فِي الأَرضِ مَاءُ الطُّهرِ وَالجُودِ

وَسَلوَى الحُسنِ، مَن فِي طَيفِ طَلعَتِهَا

نَسِيَ الأَسَى، وَذَوَى فِي قَلبِهِ الكَمَدِ

وَ أبو سَامرٍ، مَا فِي النَّاسِ مِن مِثلٍ

لَهُ، إِذَا قِيسَ بِالإِقدَامِ وَالعَدَدِ

وَ أحمدُ شَاكِرٍ، إِذَا التَّارِيخُ دَوَّنَهُم

دَوَّنَهُمُ فِي كِتَابِ الخُلُقِ وَالرُّشدِ

مُحَمَّدُ سَيدُ الخَيرُ قَد أَعيَا بِهِ قَلَمٌ

لَو رَامَ وَصفَ عُلَاهُ خَرَّ فِي الكَبِدِ

وَهَنِيُّ دِيبٍ كَأَنَّ الطُّهرَ مَطلَعُهُ

وَفِي فُؤَادِ الوَرَى قَد نُقِشَ الخَلَدِ

وَفِرَاسُ يَا زَهرَةً فِي العَينِ ضَاحِكَةً

أَينَ اِرتَحَلتَ؟ وَخَدُّ الشَّمسِ لَم يَبِدِ

وَصَالِحُ المَجدِ، مَا زَالَت مَلَامِحُهُ

تَرنُو كَطَودٍ عَلَى الآفَاقِ مُمتَدِ

وَنَجَاحُ فِي المَجدِ مِرآةٌ لِنَاظِرِهِ

وَفِي المَوَاقِفِ ظِلٌّ بَاسِقُ العَمَدِ

وَمَيَّاسُ، آهٍ عَلَى الغُصنِ الرَّطِيبِ إِذَا

هَوَى، وَكَيفَ هَوَى الحُسنُ إِلَى الأَبَدِ

وَشَاهِرٌ، تَاجُ مَن فَاضَت شَمَائِلُهُ

نُورًا، وَعِزًّا، وَسَيفًا قَاطِعَ العُدَدِ

مَا غَابَ بَل هُوَ فِي الأَروَاحِ مُزهِرَةً

كَأَنَّهُ البَدرُ فِي الظَّلمَاءِ لَم يَغِدِ

مَا مَاتَ مَن زَرَعَ المَعرُوفَ مُتَّئِدًا

بَل عَاشَ فِي النَّاسِ كَالأَنسَامِ فِي الغَدِ

وَمَا الرِّثَاءُ لِمَيِّتٍ قَد غَابَ صُورَتُهُ

بَل هُوَ لِلفَضلِ تَوقِيعٌ عَلَى الأَبَدِ

أَجَلٌ أَتَى فَتَكَسَّرَت مِنهُ العُضُدْ

وَالرُّوحُ تَحتَ نِعَالِهِ تَبكِي الكَمَدْ

لَا تَسأَلَنِّي عَن جِرَاحٍ فِي الحَشَا

فَالقَلبُ نَازِفُهُ يُجِيدُ وَلَا يَرِدْ

مَا كُنتُ أَظُنُّ بِأَنَّ نَجمَكُمُ غَدَا

يَهوِي، وَيُدفَنُ فِي التُّرَابِ كَمَا الرَّمَادْ

يَا مَن نَثَرتُم فَوقَ أَروَاحِ الدُّنَا

مِسكَ الخِصَالِ وَنُورَ خُلْقٍ مُفرَدِ

أَينَ البَهَاءُ، وَأَينَ مِسكُ حَدِيثِكُم؟

يَا مَن بِكُم زَانَ الزَّمَانُ المُمتَدُّ

رَحَلَ الكِرَامُ، وَمَا تَرَكتُم سِوَى

نَفَحَاتِ طِيبٍ فِي الزَّوَايَا تَتَّقِدْ

لَا يَعرِفُ الفَقدُ الحَنَانَ وَلَا الرَّجَا

بَل يَستَبِيحُ النُّورَ فِي زَمَنِ السَّدَدْ

وُجُهٌ كَأَنَّ النُّورَ سُكنَاهُ بِهَا

غَابَتْ، فَأَسكَنَنَا العَزَاءَ بِلَا مُدَدْ

كَانُوا كَأَوتَادِ الزَّمَانِ، وَقَدرُهُم

فِي النَّاسِ يُروَى كَالسَّمَاحِ المُعتَمَدْ

مِنهُم نُشِيدُ المَجدِ كَانَ، وَصَوتُهُم

فِي المَجدِ مِثلُ هَدِيرِ سَيلٍ مُحتَشِدْ

هَل يَرجِعُ المَاضِي إِذَا نَحِبَ الدُّجَى؟

أَم هَل يُرَى الوَجهُ الجَمِيلُ إِذَا اِبتَعَدْ؟

لِلَّهِ أَيَّامٌ مَضَينَ بِخَافِقِّي و كَأَنَّهَا

رَوضٌ، وَلَكِنْ فِي الخُيُولِ المُطَّرِدْ

نَبكِي، فَلَا يُجدِي البُكَاءُ، وَلَا الدُّعَا

يَرُدُّ مَيِّتًا، أَو يُطِيقُ لَنَا مُرَادْ

مَا إِن تُعَانِقُنَا المَنَايَا نُدرِكُ الـ

دُّنْيَا ظِلَالًا سُرعَةً تَتَبَدَّدْ

كَانُوا كَأَحلَامِ الطُّفُولَةِ إِن هَوَتْ

شَمِتَ الدُّنَى، وَانحَلَّ طَيفُ المُعتَقَدْ

كَانُوا كَشُهبٍ فِي الظَّلَامِ، إِذَا اِنطَفَوا

عَادَت لَيَالِينَا جُرُوفًا مِن جَلَدْ

يَا دَمعُ، جُدْ، فَالعَينُ حُرِّمَتِ الرُّؤَى

وَالرُّوحُ تُصلَبُ فِي غِيَابِ المُفتَقَدْ

لَا خَيلَ بَعدَهُمُ وَلَا سَيفًا لَنَا

إِلَّا التُّرَاثَ، إِذَا اِستَغَثنَا، يَرتَعِدْ

هَذَا الرِّثَاءُ لِعِزَّةٍ قَد رَحَلَتْ

لَا لِلضِّعَافِ، وَلَا لِمَن يُهوَى الرَّغَدْ

سَلِّمْ عَلَى أَروَاحِهِم يَا رِيحُ إِن

هَبَّت عَلَيكَ نَسَائِمُ الفَجرِ البَرَدْ

أَلَا أَسأَلُ الدَّهرَ هَل يُبقِي عَلَى أَحَدِ

أَم هَل يُطِيقُ لَنَا عَودًا مِنَ البَلَدِ؟

رَأَيتُهُ، وَهُوَ تَاجُ الفَخرِ مُرتَفِعٌ

فِي الحِلمِ وَالعَدلِ وَالعَزمِ المُؤَبَّدِ

شَاهِرْ، وَمَا شَهِدَ التَّارِيخُ مِثلَ يَدٍ

فِي البَذلِ، وَالصَّبرِ، وَالإِحسَانِ، وَاليَدِ

سَقَى ضَمِيرَ الوَرَى جُودًا، وَكَم فَتَحَتْ

مِن كَفِّهِ الرُّوحُ أَبوَابًا مِنَ السُّؤَدِ

تُدرَى المَكَارِمُ مِن مِشيَتِهِ إِذَا خَطَرَتْ

كَالسَّيفِ فِي الهَيبَةِ المَمزُوجِ بِالرَّشَدِ

فَهَل تَرَاهُ الدُّنَا تُنسِيهِ مَرتَبَةً

كَالمَزنِ يُهطِلُ فِي نَجدٍ وَفِي غَلَدِ؟

جَدِّي جَمِيلٌ، قَرَنفُلُ الفَخرِ وَالنُّهَى

وَالنُّورِ وَاللُّطفِ فِي الأَخلَاقِ وَالعُضُدِ

وَمِثلُهُ قُرَنفُلٌ الثَّانِي، لَهُ قَدَمٌ

فِي كُلِّ مَكرُمَةٍ بَيضَاءَ أَو سُودِ

وَجَدِّيَ السَّيِّدُ المُختَارُ مِن نَسَبٍ

مُحَمَّدُ الخُلُقِ وَالأَفعَالِ وَالعَمَدِ

حَاتِمْ، وَخَاتِمُ المَعرُوفِ مَا وَهَنَتْ

يَمِينُهُ فِي خُطَى العُليَا وَلَم يَفِدِ

وَثَائِرُ الرَّأيِ وَالإِقدَامِ، مَا وَهَنَتْ

لَهُ العَزَائِمُ يَومًا أَو جَفَاهُ يَدِ

وَمُصطَفَى، وَهُوَ بَدرُ العُربِ إِن ذُكِرُوا

وَفِي المَوَاقِفِ لَا يُخشَى مِنَ الكَمَدِ

هُدَى القَلبِ، يَا أُنسَ الحَيَاةِ إِذَا

اِشتَدَّت رِيَاحُ المَآسِي فِي يَدِ الجَزَدِ

وَعَبدُو، يَا قَمَرًا فِي اللَّيلِ مُنبَسِطًا

كَأَنَّ فِي وَجهِهِ الآيَاتِ مِن أَبَدِ

وَصَلوح ، يَا بَهَاءَ الرُّوحِ يَا قَمَرًا

يُهدِي السَّكِينَةَ فِي أَوقَاتِ مُضطَرِدِ

وَزَيدُ، زَيدُو أَبُو صَفوَةٍ، وَمَا وَهَنَتْ

خُطُوَاتُهُ فِي طَرِيقِ الحَقِّ وَالسَّنَدِ

وخَيْرو فَخرِ المَدَى، وَالمَوتُ عَجِزَتْ

أَن تُطفِئَ النَّارَ فِينَا بَعدَ مَا اِفتُقِدِ

وَسلوى ، مَا أَبهَى الأَسمَاءَ حِينَ غَدَتْ

رُوحًا تُعَطِّرُ آفَاقًا مِنَ الأَمَدِ

وَمُحَمَّدُ الخَيرُ قَد أَعيَا بِهِ قَلَمٌ

لَو رَامَ وَصفَ عُلَاهُ خَرَّ فِي الكَبِدِ

وَمُحَمَّدُ جَمِيلٍ كَأَنَّ الطُّهرَ مَطلَعُهُ

وَفِي فُؤَادِ الوَرَى قَد نُقِشَ الخَلَدِ

وَ يَا زَهرَةً فِي العَينِ ضَاحِكَةً

أَينَ اِرتَحَلتَ؟ وَخَدُّ الشَّمسِ لَم يَبِدِ

وعَدْنَّانُ المَجدِ، مَا زَالَت مَلَامِحُهُ

تَرنُو كَطَودٍ عَلَى الآفَاقِ مُمتَدِ

وَ عَابِرٌ فِي المَجدِ مِرآةٌ لِنَاظِرِهِ

وَفِي المَوَاقِفِ ظِلٌّ بَاسِقُ العَمَدِ

و سُرُورٌ، آهٍ عَلَى الغُصنِ الرَّطِيبِ إِذَا

هَوَى، وَكَيفَ هَوَى الحُسنُ إِلَى الأَبَدِ

وَشَاهِرٌ، تَاجُ مَن فَاضَت شَمَائِلُهُ

نُورًا، وَعِزًّا، وَسَيفًا قَاطِعَ العُدَدِ

مَا غَابَ بَل هُوَ فِي الأَروَاحِ مُزهِرَةً

كَأَنَّهُ البَدرُ فِي الظَّلمَاءِ لَم يَغِدِ

مَا مَاتَ مَن زَرَعَ المَعرُوفَ مُتَّئِدًا

بَل عَاشَ فِي النَّاسِ كَالأَنسَامِ فِي الغَدِ

وَمَا الرِّثَاءُ لِمَيِّتٍ قَد غَابَ صُورَتُهُ

بَل هُوَ لِلفَضلِ تَوقِيعٌ عَلَى الأَبَدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

186

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة