الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » لو أن المنى أسعدنني برجوع

عدد الابيات : 59

طباعة

لَوْ أَنَّ الْمُنَى أَسْعَدْنَنِي بِرُجُوعٍ

لَمَا صَلِيَتْ حَرَّ الْغَرَامِ ضُلُوعِي

يَقُولُ أُنَاسٌ أَنْعَمَتْ نُعَمٌ بِالْمُنَى

فَمَا بَالُ جَنْفِي مُغْرَقًا بِدُمُوعِي؟

وَمَالِي لِزَوْرِ الطَّيْفِ أَسْتَشْفِعُ الْكَرَى

فَتَأْبَى جُفُونِي أَنْ يَكُونَ شَفِيعِي

وَأَرْقُبُ نَجْمَ اللَّيْلِ غَيْرَانَ أَنَّهُ

يَرَى آلَ نُعْمٍ عِنْدَ كُلِّ طُلُوعِ

فَلِلَّهِ أَيَّامُ الْعَقِيقِ وَمَا حَوَتْ

رُبُوعٌ بِنَجْدٍ كُنَّ خَيْرَ رُبُوعِ

يُذَكِّرُنِيهَا سَاجِعُ النِّيلِ إِنْ شَدَا

عَلَى جَنْبَاتِ النِّيلِ بَعْدَ هَزِيعِ

يُرَجِّعُ فِي رَوْضِ الْجَزِيرَةِ مُسْمِعًا

بِمِصْرَ قُلُوبًا بِتْنَ غَيْرَ هُجُوعِ

وَمَا هَجَرُوا طِيبَ الْكَرَى هَجْرَ عَاشِقٍ

مُعَنَّى بِأَسْبَابِ الْغَرَامِ وَلُوعِ

وَلَكِنْ أَسًى يَنْعَى عَلَى النَّفْسِ صَفْوَهَا

بَرَيْبِ زَمَانٍ لِلْوَفَاءِ مَنُوعِ

وَأَيْنَ التَّصَابِي؟ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْهَوَى

فُؤَادٌ مِنَ الْحِدْثَانِ غَيْرُ مَرُوعِ

مَحَا الْهَمَّ آيَاتُ الصَّبَا مِنْ جَوَانِحٍ

جَرِبْنَ بِأَنْدَابٍ لَهُ وَصُدُوعِ

فَوَاهًا لِحُرٍّ أَضْرَعَ الذُّلُّ نَفْسَهُ

إِلَى عَلْقَمٍ مِنْ كَأْسِهِ وَضَرِيعِ

إِذَا عَاوَدَ الذِّكْرَى جَرَتْ عَيْنُ قَلْبِهِ

لِعَيْشٍ بِلَذَّاتِ الْحَيَاةِ مُرِيعِ

خَلِيلَيَّ مَا بَالُ اللَّيَالِي حَمَلْنَنَا

عَلَى غِيَرٍ يُضْلِعْنَ كُلَّ ضَلِيعِ

أُقَلِّبُ طَرْفِي لَا أَرَى غَيْرَ كَاسِفٍ

طَوِيلِ الْأَسَى تَحْتَ الْهُمُومِ كَنُوعِ

جَزُوعٍ أَطَارَ الْخَطْبُ طَائِرَ حُلْمِهِ

وَعَهْدِي بِهِ فِي الْخَطْبِ غَيْرَ جَزُوعِ

هِيَ الْحَرْبُ لَا كَانَتْ! بَلَاءٌ وَشِقْوَةٌ

لِكُلِّ وَضِيعٍ فِي الْوَرَى وَرَفِيعِ

تَدَرَّعَتِ الْآفَاقَ مِنْ ظُلُمَاتِهَا

ضَوَافِيَ أَسْتَارٍ لَهَا وَدُرُوعِ

فَلَا ضَوْءَ إِلَّا مَا ذَكَا مِنْ شُوَاظِهَا

يَشُقُّ الدُّجَى فِي زَفْرَةٍ وَدَلُوعِ

كَأَنَّ ذُكَاءَ الْعِلْمِ فِي كَفِّ وَائِدٍ

طَوَتْهَا الْمَنَايَا فِي قَرَارٍ نَزُوعِ

إِلَى اللَّهِ يَشْكُو النَّاسُ طُولَ مَغِيبِهَا

فَهَلْ يَتَدَانَى فَجْرُهَا لِسُطُوعِ؟

أَرَى السِّلْمَ حَسْنَاءَ الزَّمَانِ، فَمَالَهُ

بِضَرَّتِهَا ذَا صَبْوَةٌ وَوَلُوعِ؟

تَوَلَّى ضَلَالًا عَنْ جَمَالٍ لِهَذِهِ

وَمَالَ إِلَى وَجْهٍ لِتِلْكَ شَنِيعِ

أَرَى السِّلْمَ أُمًّا يَا زَمَانُ تَكفَّلَتْ

بَنِيهَا عَلَى بِرٍّ وَحُسْنِ صَنِيعِ

وَتِلْكَ هِيَ الْغُولُ الضَّرُوسُ عَلَيْهِمُ

فَهُمْ بَيْنَ مَطْرُودٍ لَهَا وَصَرِيعِ

أَنَاخَتْ بِهِمْ تَفْتِنُ فِي مُهْلِكَاتِهَا

عَلَى صُوَرٍ مِنْ كَيْدِهَا وَفُرُوعِ

فَفِي الْجَوِّ، فِي جَوْفِ الْبِحَارِ، عَلَى الثَّرَى

تَلِيعٌ يَحُثُّ الْمَوْتَ خَلْفَ تَلِيعِ

إِذَا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ تَلَعَ الضُّحَى

هَوَتْ لِمَغِيبٍ أَوْ سَمَتْ لِطُلُوعِ

وَفِي مُلْتَقَى الْأَبْطَالِ فِي مَلْعَبِ الظُّبَا

صَرُوعٌ يَمُدُّ السَّيْفَ نَحْوَ صَرِيعِ

وَفِي كُلِّ بَيْدَاءٍ وَفِي كُلِّ بَلْدَةٍ

جِبَالٌ رُؤُوسٌ فِي بِحَارٍ نَجِيعِ

سَوَاءٌ عَلَى أُمِّ الْمَنَايَا رَمَتْ بِهَا

قَذَالَ مَصُوعٍ أَوْ جَبِينٍ مَرُوعِ

فَيَا وَلِيْتَنِي! مَا أَشْأَمَ الْحَرْبَ طَالِعًا

وَأَنْحَسَ بِهَا مِنْ بَائِعٍ وَمَبِيعِ

جَرَى طَيْرُهَا نَحْسًا عَلَى الْأَرْضِ أَرْبَعًا

وَهَاتِيكَ أُخْرَى دَوَّمَتْ لِوُقُوعِ

يَفِي النِّيلُ فِيهَا كُلَّ عَامٍ بِعَهْدِهِ

لِأَبْنَائِهِ وَالدَّهْرُ جِدٌّ مُضِيعِ

زَهَا النِّيلُ فِي يَوْمِ الْوَفَاءِ وَعِيدِهِ

جُمُوعٌ تَلَاقَتْ فَوْقَهُ بِجُمُوعِ

وَفُلْكٌ عَلَيْهِ كَالْعَذَارَى مُوَائِسٌ

خَوَافِقُ أَعْلَامٍ وَمَيْلُ قُلُوعِ

زَهَتْهُنَّ أَرْوَاحُ الشَّمَالِ تَضَوَّعَتْ

بِأَنْفَاسِ رَوْضٍ حَوْلَهَا وَزُرُوعِ

فَهُنَّ كَأَسْرَابِ الْقَطَا فَوْقَ لُجَّةٍ

قَطِيعًا يَشُقُّ الْمَوْجَ إِثْرَ قَطِيعِ

وَفِي النِّيلِ يَا بِنْتَ الْخَمَائِلِ فَاسْجَعِي

وَرَبَّ أَسًى أَذْكَاهُ صَوْتُ سَجُوعِ

وَيَا شَادِيًا يَرْوِي الصَّدَى صَوْتُ عُودِهِ

لَعَمْرِي لَقَدْ غَنَّيْتَ غَيْرَ سَمِيعِ

طَلِيحَ أَسًى كَابْنِ الْحُكُومَةِ لَاحَهُ

تَبَارِيحُ هَمٍّ بِالْفُؤَادِ وَجِيعِ

لَقَدْ كَانَ فِي بَحْبُوحَةٍ مِنْ حَيَاتِهِ

وَحِرْزٍ عَنِ الْفَقْرِ الْمُهِينِ مَنِيعِ

يَمُرُّ، فَيُغْضِي النَّاظِرُونَ مَهَابَةً

وَإِنْ هُوَ حَيٌّ أَوْمَأُوا بِرُكُوعِ

فَأَصْبَحَ مَهْزُولَ الْمَكَانَةِ خَامِلًا

هَمَامَةَ حُرٍّ فِي ثِيَابِ وَضِيعِ

يَرَى النَّاسَ فِي أَكْفَافِ مِصْرَ تَرَبَّعُوا

مَنَازِلَ عَيْشٍ بِالْيَسَارِ وَسَبْعِ

فَمِنْ زَارِعٍ ضَاقَتْ خَزَائِنُ بَيْتِهِ

بِغَلَّاتِ جَنَّاتٍ لَهُ وَزُرُوعِ

وَمِنْ تَاجِرٍ إِنْ تَرْجِعِ الْقَوْلَ عِنْدَهُ

حُرِمْتَ إِذَا لَمْ تَأْتِهِ بِشَفِيعِ

فَوَارَحْمَتَا لِابْنِ الْحُكُومَةِ قَوْسُهُ

قَلُوعٌ وَلَهُ يُرْجَى سَدَادُ قُلُوعِ

وَمِنْ حَوْلِهِ غَرْثَى عِيَالٌ وَنِسْوَةٌ

طَوَاهَا الطَّوَى فِي ذِلَّةٍ وَخُضُوعِ

غَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مَرَافِقِ عَيْشِهَا

عَلَى رَبِّهَا مِنْ مُسْلَمٍ وَمَبِيعِ

فَأَزْرَى بِهِ أَنْ يُنْزِلَ الدَّهْرُ نَفْسَهُ

عَلَى حُكْمِ جَهْدٍ بِالْغَلَاءِ ذَرِيعِ

غَلاءٌ يُضِلُّ الْحَزْمَ فِي أَزَمَاتِهِ

وَيَعْيَا عَنِ التَّدْبِيرِ كُلُّ زَمِيعِ

فَطُورًا يَعُدُّ الْبَأْسَ بِالْبَأْسِ طَاعَةً

لِأَحْكَامِ قَلْبٍ لِلْوَفَاءِ مُطِيعِ

فَآنًا يَسْتَوْدِعُ الشِّعْرَ نَفْثَةً

غَلَتْ بَيْنَ أَحْشَاءٍ لَهُ وَضُلُوعِ

لَعَلَّ لَهُ بَيْنَ الْحُكُومَةِ سَامِعًا

بِأُذْنٍ لِأَنَّاتِ الْكِرَامِ سَمِيعِ

فَمَنْ غَيْرُهَا عَوْنًا إِذَا الدَّهْرُ سَاقَهُ

إِلَى مَنْهَجٍ لِلنَّاجِيَاتِ خَدُوعِ؟

فَيَا نِيلُ أَفْرِحْ! عَهْدُ اللَّيَالِي بِصَفْوِهَا

وَمُدَّتْ لَهُ أَيْدٍ بِكَفٍّ نَفُوعِ

سَمِعْتَ لَهُ يَا نِيلُ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ

مَقَالَةَ مَعْسُولِ الْقَرِيضِ بَدِيعِ

وَأَسْعَدْتُ فِيكَ الْوُرْقَ يَا نِيلُ شَادِيًا

لَوْ أَنَّ الْمُنَى أَسْعَدَتْنِي بِرُجُوعِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

4

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة