الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » أرى العيس حسرى ما بهن ذماء

عدد الابيات : 83

طباعة

أَرَى الْعِيسَ حُسْرَى مَا بِهِنَّ ذِمَاءُ

فَعُدَّهُنَّ سِلَعًا إِنَّهُنَّ ظِمَاءُ

أَثَرْنَ عَلَى ذِكْرَى قُبَاءَ وَطَيْبَةٍ

فَأَقْصَى مُنَاهَا طَيْبَةٌ وَقُبَاءُ

وَإِنْ شِئْتَ فَازْجُرْهَا لِنَغَمِ الْحِمَى

ذِكْرُ الْحِمَى رُوحٌ لَهَا وَرُوَاءُ

مَنَازِلُ جِبْرِيلَ وَمَثْوَى مُحَمَّدٍ

فَلِلَّهِ مِنْهَا مَنْزِلٌ وَثَوَاءُ

وَمَشْرِقُ دِينِ اللَّهِ وَالْأَرْضُ غَيْهَبٌ

جَوَانِبُهَا فِي ظُلْمَتَيْهَا سَوَاءُ

وَمَبْعَثُ أَرْوَاحِ السَّعَادَةِ فِي الْوَرَى

إِذَا النَّاسُ فَوْضَى وَالْحَيَاةُ شَقَاءُ

وَمَطْلَعُ مَا فِي الْعَالَمِينَ مِنَ الْهُدَى

إِذَا الْكُفْرُ دَاءٌ فِي النُّفُوسِ عَيَاءُ

وَمَشْرَعُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ مَدَنِيَّةٍ

بِهَا النَّاسُ فِي نُعْمَى الْحَيَاةِ رُوَاءُ

سَلَامٌ عَلَى شَمْسٍ بِهَا نُورُهَا التُّقَى

أَضَاءَتْ بِهَا الْأَكْوَانُ وَهْيَ عَمَاءُ

سَلَامٌ عَلَى أَقْمَارِهَا مَا تَلَأْلَأَتْ

وَمَا أَشْرَقَتْ أَرْضٌ بِهَا وَسَمَاءُ

سَلَامٌ عَلَى أَرْوَاحِهَا كُلَّمَا سَرَى

نَسِيمٌ لَهُ بَيْنَ الرِّيَاضِ ذَكَاءُ

سَلَامٌ عَلَى أَرْوَاحِهَا فِي خَمَائِلٍ

لَهَا مِنْ صَبَاهَا نَضْرَةٌ وَرُوَاءُ

سَلَامٌ عَلَيْهَا مَا سَقَى الْمُزْنُ أَرْضَهَا

فَلِلرَّوْضِ فِيهَا رَوْنَقٌ وَنَمَاءُ

سَلَامٌ عَلَى أَزْكَى الرَّبِيعَيْنِ مَازَهَا

لَهُ بِسَنَاهَا فِي الْعُصُورِ سَنَاءُ

أَلَاحَ عَلَى الْأَكْوَانِ وَالْبَشَرِ دَارَةٌ

لَهُ وَسُعُودُ الْعَالَمِينَ ضِيَاءُ

يُعِيدُ عَلَى الدُّنْيَا بَشَائِرَ لَيْلَةٍ

لَهَا الْيُمْنُ صُبْحٌ وَالْفَلَاحُ مَسَاءُ

كَأَنِّي بِأَرْكَانِ الْحِمَى وَبِطَاحِهِ

عَرَتْهَا بِذِكْرَى يَوْمِهِ الْعُرْوَاءُ

تَذَكَّرْتُ يَوْمًا قَامَ فِي جَنْبَاتِهَا

يُخَبِّرُهَا عَنْ أَحْمَدَ الْبُشَرَاءُ

لَدَى نَبَإٍ هَزَّ الْمُصَلَّى دَوِيُّهُ

فَدَوَى بِهِ ثُوْرٌ وَحَنَّ حِرَاءُ

فَسَلْ فَارِسًا مَاذَا هِيَ بَيْتُ نَارِهَا

وَإِيْوَانُهَا لَوْ يَعْرِفُ الْخُبَرَاءُ

خَبَتْ نَارُهَا وَارْتَجَّ إِيْوَانُ مُلْكِهَا

وَغَارَ مِنَ الْوَادِي السَّمَاوَةِ مَاءُ

وَتِلْكَ قُصُورُ الرُّومِ تَبْدُو وَدُونَهَا

سَوَامِقُ مِنْ أَجْبَالِهَا وَفَضَاءُ

وَزَهْرُ نُجُومٍ دَانِيَاتٌ مِنَ الثَّرَى

لَهَا وَهَجٌ يُغْشِي الثَّرَى وَبَهَاءُ

غَرَائِبُ شَتَّى حَيَّرَ النَّاسَ أَمْرُهَا

أُلُو الْمَلَمِ عَنْ تَأْوِيلِهَا غُرَبَاءُ

عَظَائِمُ رَاعَ الشَّرْقَ وَالْغَرْبَ وَقْعُهَا

فَطَاشَتْ بِهَا الْأَمْلَاكُ وَالْعُظَمَاءُ

وَنُورٌ وَأَمْلَاكٌ بِبَيْتِ ابْنِ هَاشِمٍ

لَهُمْ جَلَبَاتٌ حَوْلَهُ وَزَهَاءُ

يُحَيُّونَ بِالتَّهْلِيلِ زَهْرَاءَ زَهْرَةً

عَشِيَّةَ قَالُوا إِنَّهَا نُفَسَاءُ

بِمَنْ أَنْجَبَتْ تِلْكَ الْبَتُولُ بِمَنْ أَتَتْ

قُرَيْشًا وَكُلُّ سَادَةٍ نُجَبَاءُ

أَتَتْ قَوْمَهَا بِالْمُجْتَبَى رَحْمَةَ الْوَرَى

إِذَا اسْتَيْأَسَ الْكَافُونَ وَالرُّحَمَاءُ

بِذَاكَ الَّذِي لَوْ صُوِّرَ النُّبْلُ مَا عَدَا

مَخَائِلَهُ فَلْيُمْسِكِ النُّبَلَاءُ

أَوِ احْتَاجَ ذُو التَّعْرِيفِ عَنْ قَدْرِهِ إِلَى

شُهُودٍ فَأَفْلَاكُ الْعُلَا شُهَدَاءُ

تَكَفَّلَهُ طِفْلًا عَلَى الْمَهْدِ رَبُّهُ

وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْ آلِهِ الْكُفَلَاءُ

لِأَمْرٍ تَوَلَّاهُ الْوَلِيُّ وَحِكْمَةٍ

تَحَيَّرَ فِي إِدْرَاكِهَا الْحُكَمَاءُ

خَلِيفَتُهُ فِي الْأَرْضِ قَائِدُ خَلْقِهِ

إِذَا ضَلَّ فِيهَا الْقَادَةُ الْخُلَفَاءُ

أَقَالَ عِثَارَ الْكَوْنِ مِنْ بَعْدِمَا هَوَى

بِهِ فِي الدَّنَايَا سَاسَةٌ جُهَلَاءُ

وَمَدَّ عَلَى أَرْجَائِهِ فَيْءَ مِلَّةٍ

حَنِيفِيَّةٍ أَتْبَاعُهَا حُنَفَاءُ

بَنَاهَا عَلَى أَسَاسِهَا وَكَمِ اعْتَلَى

بِأَيْدِي الْهُدَى بَعْدَ الْبَوَارِ بِنَاءُ

وَشَيَّدَهُ بِالْأَمْنِ فَالْعَدْلُ شِرْعَةٌ

يَقُومُ عَلَيْهَا مَعْشَرٌ أُمَنَاءُ

وَعَلَّمَ أَهْلِيهِ الْحَيَاةَ سَعِيدَةً

فَهُمْ بِالْهُدَى فِي ظِلِّهَا سُعَدَاءُ

وَلَمَّا تَمَادَى الْكُفْرُ فِي غُلْوَائِهِ

وَجَارَتْ عَلَى الْحُسْنَى بِهِ الْغُلَوَاءُ

وَثَارَتْ قُرَيْشٌ تَنْصُرُ الْجِبْتَ ضِيلَةً

لَهَا أَنْفُ مَنْ دُونِهِ وَإِبَاءُ

يُعَارِضُهُمْ بِالْآيِ وَهْيَ مُبَيِّنَةٌ

فَيُعْرِضُ عَلَيْهَا مَعْشَرٌ لُؤَمَاءُ

أَبَى السَّيْفُ إِلَّا مَا قَضَى الْحَقُّ فِيهِمُ

وَلِلسَّيْفِ فِي يَوْمِ الْعِنَادِ قَضَاءُ

إِذَا عَجَزَ الْبُرْهَانُ عَنْ هُدًى مُلْحِدٍ

فَبِيضُ الظُّبَا لِلْمُلْحِدِينَ شِفَاءُ

وَلَوْ أَنْصَفُوا مَا سَلَّ سَيْفٌ وَلَا جَرَتْ

لَهُمْ أَنْفُسٌ فَوْقَ الثَّرَى وَدِمَاءُ

وَمَا شَرِبُوا كَأْسَ الْهَوَانِ لَوْ أَنَّهُمْ

أَنَابُوا إِلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ وَفَاءُوا

وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ حَاقَتْ بِأَهْلِهَا

فَكَانَ لَهُمْ بِالْمُخْزِيَاتِ بَوَاءُ

فَمَاذَا لَقُوا يَوْمَ الْقَلِيبِ وَإِنَّمَا

بِأَشْقَى الْمَنَايَا وَالْهَزِيمَةِ بَاءُوا

غَدَاةَ أَتَوْا بَدْرًا فَلِلْبِيضِ سَوْرَةٌ

وَلِلْخَيْلِ دُونَ الْعُدْوَتَيْنِ جَرَاءُ

فَبِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا زَئِيرٌ وَصَوْلَةٌ

وَبِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَغًى وَمَكَّاءُ

وَلِلْمَوْتِ بَيْنَ الْعُدْوَتَيْنِ تَحَرُّقٌ

عَلَيْهِمْ وَلِلْبِيضِ الْخِفَافِ ضَرَاءُ

هُنَاكَ رَأَوْا أَنْ لَيْسَ فِي الْحَرْبِ كَثْرَةٌ

إِذَا اخْتَلَفَ الْأَنْدَادُ وَالْقُرَنَاءُ

رَأَوْا فِئَةً فِي اللَّهِ تَسْتَقْبِلُ الْوَغَى

رِفَاقًا لَهُمْ أَمْلَاكُهُ رُفَقَاءُ

وَمَا نَاصِرٌ وَالطَّاغُوتُ فِي حَوْمَةِ الرَّدَى

لِأَنْصَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كِفَاءُ

وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ فَضِيحَةٌ

قَضَاءٌ جَرَى أَنْ يَعْثُرَ الْبُصَرَاءُ

وَأَحْزَابُهُمْ إِذْ بَيَّتُوا كَيْدَ رَبِّهِمْ

بِيَثْرِبَ فَاجْتَاحَتْهُمُ الْعُدَوَاءُ

أَتَوْا عُصَبًا تَسْتَصْغِرُ الْهَوْلَ كَثْرَةً

لَهُمْ زَجَلٌ يُصْمِي الذُّرَى وَرِغَاءُ

فَمَا خَيَّمُوا حَتَّى قَضَى اللَّهُ أَمْرَهُ

عَوَاصِفُ تَزْجِيهَا الصَّبَا وَبَلَاءُ

وَلَمْ يُنْجِهِمْ إِذْ مَزَّقَ الرُّعْبُ شَمْلَهُمْ

مِنَ الْخِزْيِ وَخَدْفِي السُّرَى وَنَجَاءُ

هُنَاكَ رَأَوْا أَنَّ الْعَوَاصِفَ وَالصَّبَا

لِأَحْمَدَ فِي يَوْمِ الْوَغَى نُصَرَاءُ

وَرَاحُوا سَوَاءً بَيْنَ أَوْدِيَةِ الرَّدَى

لَهُمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ رُعَاءُ

سُيُوفٌ نَضَاهَا اللِّضَى فَهْيَ إِلَى الطُّلَى

جِيَاعٌ إِلَى وِرْدِ النُّفُوسِ ظِمَاءُ

وَخَيْلٌ لِنَصْرِ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ

لَهَا فِي مَيَادِينِ الْوَغَى خُيَلَاءُ

عَوَابِسُ يَغْشَيْنَ الْمَنَايَا بَوَاسِمًا

إِذَا أَسْهَمَ الْغُرُّ الْوُجُوهَ لِقَاءُ

إِذَا لَجَجَتْ فِي النَّقْعِ كَانَتْ عَلَى الْعِدَا

رُجُومًا لَهَا لَيْلُ الْعَجَاجِ سَمَاءُ

كَأَنِّي بِهَا تَزْجِي إِلَى الْفَتْحِ جَحْفَلًا

تُهَلِّلُ إِذْ أَوْفَى عَلَيْهِ كِدَاءُ

كَتَائِبُ عَدْنَانِيَّةٌ يَعْرُبِيَّةٌ

تُصَرِّفُ رِيحَ النَّصْرِ كَيْفَ تَشَاءُ

غَدَتْ حِينَ قَالَ اللَّهُ يَا خَيْلِي ارْكَبِي

لَهَا عَزْمَةٌ لَا تُمْتَرَى وَمَغَاءُ

بِهَا لَيْلُ مَنْ عَلْيَاءِ مَعَدٍّ وَيَعْرُبٍ

إِذَا أَظْلَمَتْ سُودُ الْخُطُوبِ أَضَاءُوا

جُنُودًا تَرَاهُمْ تَحْتَ رَايَاتِ رَبِّهِمْ

وَلَكِنَّهُمْ فِي الْمُلْتَقَى أُمَرَاءُ

يُطِيفُونَ أُسْدًا بِالنَّبِيِّ وَكُلُّهُمْ

لَهُ مِنْ صُرُوفِ الْحَادِثَاتِ فِدَاءُ

أَهْلُ الْحِمَى لَمَّا أَهَلَّتْ عَقَابُهُ

وَقَامَ لَهُ عِنْدَ الْمَقَامِ لِوَاءُ

وَقَامَتْ قُرَيْشٌ تَنْشُدُ الْعَفْوَ عِنْدَهُ

وَبِالْعَفْوِ قَدْ يَسْتَنْجِدُ الْأُسَرَاءُ

إِذَا ذَكَرُوا مَا قَدَّمُوا أَخْجَلَتْهُمُ

قَبَائِحُ مِمَّا قَدَّمُوا وَبَذَاءُ

جَرَى مَا جَرَى يَا أَحْلَمَ النَّاسِ فَاحْتَكِمْ

بِمَا شِئْتَ حُكْمٌ نَافِذٌ وَجَزَاءُ

هُنَاكَ لَقُوا مِنْ حِلْمِهِ فِي اقْتِدَارِهِ

شَمَائِلَ عَنْهَا يَعْجِزُ الْحُكَمَاءُ

فَلَمَّا اسْتَكَانُوا قَامَ بِالْعَفْوِ عَنْهُمُ

يَقُولُ اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ

فَقَرَّتْ قُلُوبٌ كُنَّ بِالْأَمْسِ حَشْوَهَا

عَدَاءٌ لِأَبْنَاءِ الْهُدَى وَجَفَاءُ

سَقَاهُمْ كُؤُوسًا لَمْ يُرَنَّقْ سَرَابُهَا

عَلَيْهِمْ عِنَادٌ أَسْلَفُوا وَعِدَاءُ

وَأَنْزَلَهُمْ مِنْ حِلْمِهِ ظِلًّا بَاذِخًا

لَهُمْ فِي ذُرَاهُ مَنْزِلٌ وَفَنَاءُ

فَرَاعُوا إِلَيْهِ بِالْقُلُوبِ وَمِلْؤُهَا

وِدَادٌ لَهُ فِي دِينِهِ وَوَلَاءُ

وَمَنْ يَلْقَ بِالْحُسْنَى جَهَالَةً قَوْمُهُ

فَهُمْ بَعْدُ أَعْوَانٌ لَهُ خُلَصَاءُ

كَذَلِكَ أَحْلَامُ النَّبِيِّينَ إِنْ عَفَوْا

فَصَفْحٌ جَمِيلٌ جَامِعٌ وَوَفَاءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

4

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة