الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » أرى الشعر يدمي بالدموع المآقيا

عدد الابيات : 46

طباعة

أَرَى الشِّعْرَ يَدْمِي بِالدُّمُوعِ الْمَآقِيَا

كَفَى حُزْنًا أَنْ تَسْمَعَ الشِّعْرَ بَاكِيَا

دَعَوْنَا الْقَوَافِي أَنْ يَكُنَّ تَهَانِيَا

فَجِئْنَ عَلَى رَغْمِ الْأَمَانِي مَرَاثِيَا

فَإِنْ نَضَبَتْ عَيْنُ الْقَرِيضِ وَأَمْسَكَتْ

سَمَاءُ الْمَعَانِي أَنْ تُمِدَّ الْقَوَافِيَا

فَرُبَّ أَسًى يَعْصِي بِهِ الشِّعْرُ رَبَّهُ

وَيَصْلُدُ زِنْدًا كَانَ بِاللُّبِّ وَارِيَا

فَلَا تَدَعُنِي فِي مَعْرِضِ الْقَوْلِ شَاعِرًا

وَلَكِنَّنِي بَاكٍ قَلِيلٌ عَزَائِيَا

أَنَا ابْنُ الَّتِي لَمْ يَرْحَمِ الدَّهْرُ ضَعْفَهَا

فَأَجْلَبَ يَسْتَعْدِي عَلَيْهَا الْعَوَادِيَا

إِذَا رَنَقَتْ نَحْوَ الْعُلَا لَمْ يَدَعْ لَهَا

قَوَادِمَ تُحْيِي نَهْضَهَا أَوْ خَوَافِيَا

فَتُمْسِي وَتُضْحِي فِي جُدُودٍ عَوَاثِرٍ

تَشْكُو اللَّيَالِي بَاغِيَاتٍ عَوَاتِيَا

أَرَى النِّيلَ يَجْرِي مُسْتَكِينًا تُمِدُّهُ

مَدَامِعُ أَهْلِيهِ قُلُوبًا دَوَامِيَا

فَهَلْ يَهْدَأُ الْقَلْبُ الَّذِي بَاتَ نَائِيَا

وَهَلْ يَرْقَأُ الدَّمْعُ الَّذِي ظَلَّ جَارِيَا

وَهَلْ تُغْمِضُ الْأَيَّامُ عَنَّا جُفُونَهَا

فَتُغْمِضَ تِلْكَ الْمُرْهَفَاتِ الْمَوَاضِيَا

عَتَبْنَا عَلَيْهَا فَاسْتَشَاطَتْ وَإِنَّهَا

لَتَأْبَى عَلَيْنَا لَوْ أَرَدْنَا التَّغَابِيَا

وَهَلْ يَتَغَابَى مَعْشَرٌ قَامَ فِيهِمُ

نَذِيرُ الرَّدَى وَهْنًا لِأَحْمَدَ نَاعِيَا

بَكَتْ عَيْنُ شَمْسٍ يَوْمَ قَامَ نُعَاتُهُ

تَبْكِي شِهَابًا زَالَ عَنْ مِصْرَ هَاوِيَا

هَوَى عَنْ سَمَاءِ النِّيلِ فَهْيَ مَرِيضَةٌ

تَجُرُّ ثِيَابَ الْحُزْنِ سُودًا ضَوَافِيَا

خَبَا ذَاكَ نُورٌ مُبِينٌ وَأُغْمِدَتْ

عَوَادِي الرَّدَى ذَاكَ الْحُسَامَ الْيَمَانِيَا

فَلَوْ أَنَّ أَفْلَاكَ السَّمَاءِ تَنَزَّلَتْ

نَظَمْنَ لِفَتْحِي فِي الْقَرِيضِ مَرَاثِيَا

وَلَوْ أَنَّ أَعْوَادَ الْمَنَابِرِ أَسْمَعَتْ

غَلَبْنَ عَلَيْهِ فِي النَّحِيبِ الْبَوَاكِيَا

إِذَا ارْتَجَلَتْ فِيهِ الْحَنِينَ وَرَجَّعَتْ

عَلَيْهِ أَنِينًا مَسْمَعَ الصَّوْتِ عَالِيَا

فَكَمْ مَوْقِفٍ جَلَّى بِحُسْنِ ارْتِجَالِهِ

عَلَيْهَا وَبَزَّ السَّابِقَاتِ الْمَذَاكِيَا

تُفِيضُ الْمَعَانِي عَنْ بَدِيهَةِ فِكْرِهِ

زُلَالًا بِهِ تَرْوِي الْقُلُوبَ الصَّوَادِيَا

فَلَا تَعْذِلُوا فِيهِ الْخَطِيبَ عَلَى الْجَوَى

إِذَا قَامَ فِينَا مُوجِعَ الْقَلْبِ بَاكِيَا

فَرُبَّ نَضِيرٍ فِي الْغُصُونِ رَأَيْتَهُ

لِفَقْدِ أَخِيهِ ذَابِلَ النُّورِ زَاوِيَا

مَحَاكِمُ مِصْرَ مَا لَكُنَّ كَوَاسِفًا

شَوَامِلَ حُزْنٍ مَا لَكُنَّ عَوَافِيَا

هَوَى عَلَمُ الْقَانُونِ نَكَّسَهُ الرَّدَى

فَلَوْلَا تَخَطَّاهُ الْقَضَاءُ مَرَامِيَا

رَمَاهُ عَلَى حِرْصٍ عَلَيْهِ وَهَلْ تَرَى

مِنَ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ إِنْ حَامَ وَاقِيَا

فَلَوْ أَنَّ أَحْكَامَ الْقَوَانِينِ حَكَمْنَ

حَكَمْنَ بِأَنْ لَا يَبْرَحَ الدَّهْرُ بَاقِيَا

وَإِنْ يَبْكِهِ قَاضٍ أَرِيبٌ وَمُدَّرٍ

لَبِيبٌ إِذَا مَا حَلَّ بِالرَّمْسِ ثَاوِيَا

فَقَدْ كَانَ لِلتَّشْرِيعِ إِنْ ضَلَّ أَهْلُهُ

مَذَاهِبُهُ أَلْقَوْا لَدَيْهِ الْمَرَاسِيَا

خَلِيلَيَّ مَا بَالُ الْأَسَى كُلَّمَا وَنَى

سَمِعْنَا لَهُ مِنْ جَوَانِبِ الْقَلْبِ دَاعِيَا

لَقَدْ غُيِّبَتْ تَحْتَ الرِّجَامِ بِرَمْسِهِ

يَدُ الْمَوْتِ آمَالًا كِبَارًا عَوَالِيَا

أَبَى رَبُّهَا ضَيْمَ الْحَيَاةِ فَعَافَهَا

كَذَلِكَ كَانَ الْحُرُّ لِلضَّيْمِ آبِيَا

تَمَنَّى الْمَنَايَا مَا وَفَتْ عَهْدَهُ الْعُلَا

وَحَسْبُ الْمَنَايَا أَنْ يَكُنَّ أَمَانِيَا

وَأَصْغَرُ مَا فِيهَا بِمَا عِنْدَ رَبِّهِ

وَمَنْ طَلَبَ الْبَحْرَ اسْتَقَلَّ السَّوَاقِيَا

أَنَبْنَا إِلَى الصَّبْرِ الْجَمِيلِ نَفُوزُ بِهِ

دَوَاءً إِذَا مَا أَعْضَلَ الدَّاءُ شَافِيَا

فَمَا صَفَوَاتُ الْعَيْشِ لَوْ عَقَلَ الْوَرَى

سِوَى أَمَلٍ نَطْوِي عَلَيْهِ اللَّيَالِيَا

إِذَا نَحْنُ شِمْنَاهَا سَرَابًا بِقِيعَةٍ

حَسِبْنَا شَرَابًا لَاحَ بِالدُّوِّ صَافِيَا

وَمِنْ دُونِهَا وَخْدُ الْمَطِيِّ لَوَاغِبٌ

تَجُوبُ أَكَامًا فِي السُّرَى وَفِيَافِيَا

وَلَا عَيْشَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَكَ التُّقَى

سَبِيلًا إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ هَادِيَا

عَجِبْتُ لِمَنْ لَا يَرْعَوِي الدَّهْرُ غَافِلًا

عَنِ اللَّهِ فِي وَادِي الْجَهَالَاتِ لَاهِيَا

هُوَ الْمَوْتُ لَوْ حَابَى امْرَأً فِي حَيَاتِهِ

لَكَانَ لِفَتْحِي بِالْخُلُودِ مُحَابِيَا

إِذَا مَا تَنَاسَتْ مِصْرُ وَقْعَ مُصَابِهِ

فَآثَارُهُ تَأْبَى عَلَيْهَا التَّنَاسِيَا

فَيَا سَعْدُ إِنْ عَزَّ الْعَزَاءُ فَإِنَّ فِي

حَيَاتِكَ سُلْوَانًا لَهَا وَتَأَسِّيَا

لَقَدْ حَمَلَتْ أَحْزَانَهُ عَنْكَ أَنْفُسٌ

أَمَانِيهَا أَلَّا تَرَى الْحُزْنَ ثَانِيَا

حَيَاتُكَ مَحْيَا أُمَّةٍ قَدْ عَلَّمْتَهَا

تَرَاكَ أَبًا فِي بِرِّهَا مُتَفَانِيَا

تَرَاكَ أَبًا فِي الْخَطْبِ يَحْمِي ذِمَارَهَا

فَلَا زِلْتَ فِيهَا لِلْحَقِيقَةِ حَامِيَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

3

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة