الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » لو أن دمعا يرجع الراحلا

عدد الابيات : 64

طباعة

لَوْ أَنَّ دَمْعًا يُرْجِعُ الرَّاحِلَا

أَنْزَفْتُ قَلْبِي مُدْمِعًا سَائِلَا

هَيْهَاتَ لا وَجْدٌ وَلَا مَدْمَعٌ

يُبْرِدُ ذَاكَ الْمُوجِعَ الثَّاكِلَا

يَا وَيْحَ قَلْبِي مَا لِقَلْبِي يَدٌ

تَرُدُّ عَنْهُ الْقَدَرَ النَّازِلَا

ثَكِلْتُ مَنْ جَلَّلَنِي رُزْؤُهُ

خَبَلًا كَمَا شَاءَ الرَّدَى خَابِلَا

أَيْنَ أَخِي وَيَحْيَى إِلَيْهِ رَمَى

رَامِي الْمَنَايَا سَهْمَهُ الْقَاتِلَا

عَاجَلَهُ الْمِقْدَارُ فِي لَمْحَةٍ

نَرْقُبُ فِيهَا بِرَّهُ عَاجِلَا

فَمَا الْأَسَى مَا الصَّبْرُ مَا الدَّمْعُ مَا الـ

ـوَجْدُ لَقَدْ وَلَّى أَخِي رَاحِلَا

مَا لِلرَّدَى فِي مِصْرَ مُسْتَأْسِدًا

يَعْدُو عَلَى أَبْنَائِهَا غَائِلَا

إِذَا رَمَى الْيَوْمَ بِهَا قَارِحًا

مِنْهُمْ رَمَى صُبْحَ غَدٍ بَازِلَا

مِنْ كُلِّ مَاضِي الهَمِّ صَبٍّ بِهَا

تَأْمَلُ فِيهِ العَضُدَ الآمِلَا

شُهُبٌ تَهَاوَتْ مِنْ سَمَاوَاتِهَا

فَوْجًا عَلَى حُكْمِ الرَّدَى نَازِلَا

تَوَارَدُوا الْمَوْتَ سِرَاعًا إِلَى الـ

ـآجَالِ حَفْلًا فِي الثَّرَى حَافِلَا

هَذَا لِدُنْيَاهَا أُعِدَّتْ بِهِ

تَلْقَى الزَّمَانَ الْخَائِنَ الْخَاتِلَا

وَذَاكَ فِي الدِّينِ رَجَاءٌ لَهَا

تَرْمِي بِهِ الْمَأْفُوكَ وَالْجَاهِلَا

وَذَاكَ لِلإِحْسَانِ وَالْبَذْلِ إِذْ

يَرْجُو بَنُوهَا الْمُحْسِنَ الْبَاذِلَا

تَتَابَعُوا كُلٌّ إِلَى يَوْمِهِ

وَالنِّيلُ يَشْكُو وَيْلَهُ الْوَائِلَا

يَا قَوْمُ مَنْ أَبْكَى وَمَنْ ذَا الَّذِي

أَنْعَى إِلَيْكُمْ بِالْأَسَى ذَاهِلَا

أَنْعَى أَخَا الْعُمْرِ شَقِيقَ الصِّبَا

هَيْهَاتَ قَدْ وَلَّى الصِّبَا جَافِلَا

عَبْدَ الْعَزِيزِ أَيْنَ عَهْدُ الصِّبَا

هَلْ كَانَ إِلَّا حُلْمًا زَائِلَا

إِذْ نَحْنُ وَالْآمَالُ مَعْسُولَةٌ

نَطْوِي شَبَابًا بِالْمُنَى آهِلَا

فِي مَعْشَرٍ كَانُوا مَآبَ الْهُدَى

يَأْوِي لَهُمْ دِينُ الْهُدَى وَائِلَا

مِنْ كُلِّ نَدْبٍ لَا يَرَى غَيْرَ مَا

يَرْضَى العُلَا شُغْلًا لَهُ شَاغِلَا

قَدْ جَعَلُوا العِلْمَ سَبِيلَ العُلَا

فَانْتَجَعُوهُ مَرْتَعًا بَاقِلَا

صَدُّوا عَنِ الدُّنْيَا لِتَحْصِيلِهِ

وَاطَّرَحُوهَا زُخْرُفًا بَاطِلَا

دَارَ العُلَامِ احْتَسِبِي مَا الْأَسَى

مَجْدٌ وَكَفَى دَمْعُكِ الْهَاطِلَا

نَجْلْتِهِ لِلْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالدُّنْـ

ـيَا فَكُنْتِ الْوَالِدَ النَّاجِلَا

وَالْيَوْمَ قَامَتْ عَادِيَاتُ الرَّدَى

تَدْعُوكِ فِينَا أُمَّةً هَابِلَا

فَالْعِلْمُ مَقْرُوحُ الْحَشَا سَادِمٌ

يَنْدُبُ فِيهِ الْعَالِمَ الْعَامِلَا

الجَائِبُ الجَوَّالُ فِي الدَّرْسِ إِذْ

تَفْقِدُ فِيهِ الجَائِبَ الجَائِلَا

وَالصَّائِلُ الصَّائِبُ فِي كُلِّ مَا

نَنْشُدُ فِيهِ الصَّائِبَ الصَّائِلَا

وَالْقَائِلُ الْفَعَّالُ إِذْ يَنْشُدُ الـ

ـمِنْبَرَ ذَاكَ الْقَائِلَ الْفَاعِلَا

وَالدِّينُ مَا لِلدِّينِ مُسْتَعْبِرٌ

يَجْرِي شَآبِيبَ الْأَسَى وَابِلَا

يَنْشُدُ فِي أَبْنَائِهِ مَنْ قَضَى

أَيَّامَهُ بَرًّا بِهِ وَاصِلَا

يَخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يَرَى رَبْعَهُ

أَمْسَى خَلَاءً مُوحِشًا مَا حَلَا

كَمْ مُوقِفٍ أَعْلَى مَنَارَ الْهُدَى

فِيهِ وَعَادَ الْبَاطِلَا السَّافِلَا

جَمُّ الْقُوَى فِي نَصْرِهِ دَائِبًا

بِالْحَقِّ لَا عَيًّا وَلَا بَاهِلَا

يُقَدِّمُنَا فِيهِ إِلَى الْمَشْهَدِ الـ

ـمَحْمُودِ لَا نَكْسًا وَلَا نَاكِلَا

وَالْبِرُّ مَنْ لِلْبِرِّ إِنْ يَمَّمَ الـ

ـعَافُونَ ذَاكَ الْكَافِيَ الْكَافِلَا

مَنْ لِلْمَظَالِيمِ لَمْ يَجِدْ مُؤْوِلًا

مَنْ لِلْيَتَامَى لَمْ يَجِدْ عَائِلَا

مَنْ لِلَّتِي تَحْتَ سَوَادِ الدُّجَى

يَذْرِي أَسَاهَا دَمْعَهَا الْهَامِلَا

مَا بَيْنَ أَطْفَالٍ كَزَغْبِ الْقَطَا

مَا كُسِيَتْ زَفًّا وَلَا طَائِلَا

عَوَّدَهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ النَّدَى

تَرْجُو لَدَيْهِ غَيْثَهَا الثَّامِلَا

مَنْ لِعَزِيزٍ بَوَّأْتَهُ الْعُلَا

بِالْمُلْكِ مَجْدًا فِي الْوَرَى آثِلَا

نَاءَتْ بِهِ الْبَأْسَاءُ حَتَّى هَوَى

عَنْ عِزِّهِ مُبْتَذَلًا ذَائِلَا

حَالَتْ بَشَاشَاتُ اللَّيَالِي بِهِ

وَانْتَكَسَ الدَّهْرُ بِهِ دَائِلَا

يَدْعُوكَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ اسْتَمِعْ

حَتَّى تُجِيبَ الدَّاعِيَ السَّائِلَا

يَا رَوْضَةَ الْأَخْلَاقِ مَا لِلرُّبَى

حَالَتْ فَأَمْسَى لَوْنُهَا حَائِلَا

مَا الرُّوحُ وَالرَّيْحَانُ إِلَّا شَذَا

شَمَائِلٍ كَانَ لَهَا حَامِلَا

فَلَيْسَ بِدْعًا أَنْ تَرَى نُورَهَا

يَوْمَ تَوَلَّى ذَاوِيًا ذَابِلَا

دَارَ العُلُومِ احْتَسِبِي فَقْدَهُ

نَجْمًا هَوَى تَحْتَ الثَّرَى آفِلَا

أَرْسَلْتِهُ نَحْوَ العُلَا فَانْبَرَى

لَا وَاهِنَ الْعَزْمِ وَلَا وَاهِلَا

مُضْطَلِعًا بِالْأَمْرِ يَسْمُو إِلَى الـ

ـغَايَاتِ لَا غِرًّا وَلَا خَامِلَا

يُغْرِيهِ بِالْبَأْسَاءِ حُبُّ العُلَا

يَلَذُّ فِيهَا الْمَوْقِفَ الهَائِلَا

بَيْنَ الرَّدَى وَالْهَوْلِ لَا نَاكِبًا

مِنْ مَوْقِفِ اللَّيْثِ وَلَا زَاحِلَا

وَالدَّهْرُ رَجَّافٌ بِأَحْدَاثِهِ

لَا يَرْقُبُ النَّاسَ لَهُ سَاحِلَا

لَاحَ مِنَ الشَّرْقِ هِلَالًا عَلَى الـ

ـغَرْبِ تَجَلَّى قَمَرًا كَامِلَا

فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ لَهُ آيَةٌ

تُجِيبُ عَنْ آثَارِهِ السَّائِلَا

فِي الْمَغْرِبَيْنِ مَثَلًا سَائِرًا

فِي الْمَشْرِقَيْنِ عِلْمًا مَاثِلَا

سَائِلْ بِهِ بَرْلِينِ إِنْ شِئْتَ أَوْ

لَنْدُنَ أَوْ بَارِيسَ بِهِ كَابِلَا

كُلٌّ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَلَى الـ

ـإِسْلَامِ لَمْ تَعْدِلْ بِهِ عَادِلَا

وَمَوْقِفٌ لِلَّهِ هَزَّتْ بِهِ

الْأَقْلَامُ ذَاكَ الْأَسَدَ الْبَاسِلَا

جَاءَ بِمَا هَزَّ الأَسَاطِيلَ وَالـ

ـبِيضَ الظُّبَا وَالْأَسَلَ النَّاهِلَا

مُجَاهِدٌ فِي اللَّهِ لَمْ يَرْتَقِبْ

مِنْ أَحَدٍ بَرًّا وَلَا نَافِلَا

حَتَّى تَوَفَّاهُ إِلَى حَضْرَةِ الـ

ـإِحْسَانِ فِي رِضْوَانِهِ رَاقِلَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

3

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة