الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » تكشفت للأحداث بعدك يا أمي

عدد الابيات : 26

طباعة

تَكَشَّفَتْ لِلْأَحْدَاثِ بَعْدَكِ يَا أُمِّي

فَيَا طُوْلَ مَا أَلْقَى مِنَ الحُزْنِ وَالهَمِّ

لِيَ اللَّهُ يَا أُمَّاهُ مَا أَنَا بِالَّذِي

تَعَوَّدَ أَنْ يَقْوَى عَلَى الحَادِثِ الجَمِّ

تَلَمَّسْتُ حَزْمِي فِي المُصَابِ فَعَزَّنِي

لَقَدْ غَابَ عَنِّي فِي الثَّرَى مَصْدَرُ الحَزْمِ

فَقَدْتُ الَّتِي كَانَتْ إِذَا شَطَّ بِي النَّوَى

تُسَائِلُ عَنِّي فِي الدُّجَى سَارِيَ النَّجْمِ

وَإِنْ تَرْمِنِي الأَقْدَارُ مِنْهَا بِحَادِثٍ

تَلَقَّفَهُ عَنِّي عَلَى الرُّوحِ وَالجِسْمِ

وَإِنْ تَرِبَتْ كَفِّي تَجُوْدُ بِرُوْحِهَا

مَخَافَةَ مَا لَمْ أَحْتَمِلْهُ مِنَ العَدَمِ

وَإِنْ مَسَّنِي سُقْمٌ ثَوَتْ عِنْدَ مَرْقَدِي

لِزَامًا فَلَمْ تَبْرَحْهُ إِلَّا مَعَ السُّقْمِ

عَلَى أَنَّهَا وَالسُّقْمُ يُبْرِي عِظَامَهَا

تُحَاوِلُ أَنْ تُخْفِيْهُ عَنِّي بِالكَتْمِ

وَلَوْ أَنَّهَا اسْتَاطَتْ لَدَى المَوْتِ خَفْيَةً

لَأَخْفَتْهُ إِشْفَاقًا عَلَيَّ مِنَ الغَمِّ

فَيَا رَحْمَتَا لِلفَاقِدِي أُمَّهَاتِهُمْ

مِنَ النَّاسِ مِثْلِي أَوْ مِنَ الطَّيْرِ وَالبُهْمِ

فَإِنَّ الحَنَانَ الحَقَّ فِي الأُمِّ وَحْدَهَا

وَغَيْرُ حَنَانِ الأُمِّ ضَرْبٌ مِنَ الوَهْمِ

هِيَ الأُمُّ سِرٌّ لَسْتُ أَعْرِفُ كُنْهَهُ

وَإِنْ خِلْتُهَا فِي صُورَةِ الدَّمِ وَاللَّحْمِ

يَقُوْلُوْنَ: فَانْظُرْ رَسْمَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا

فَقُلْتُ لَهُمْ: فِي الرَّمْسِ أُمِّي لَا الرَّسْمِ

فَإِنْ فَاتَنِي ذَاكَ الحَنَانُ التَمَسْتُهُ

عَلَى حَسْرَةٍ مِنْ ذَاكَ القَبْرِ بِاللَّثْمِ

دَفَنْتُ بِهِ مَنْ لَيْنَ إِنْ دَعَوْتُهُ

إِلَى مَعْشَرٍ صُمٍّ إِذَا مَا دُعُوا بُكْمِ

فَإِنْ قُلْتُ: يَا أُمَّاهُ أَغْنَانِي اسْمُهَا

عَنِ الأَبِ وَالأَبْنَاءِ وَالخَالِ وَالعَمِّ

عِصَامِيَّةٌ كَانَتْ عَلَى حِينِ أَنَّهَا

لَهَا نَسَبٌ فَوْقَ النَّقِيصَةِ وَالذَّمِّ

وَأُمِّيَّةٌ كَانَتْ وَلَكِنْ رَأْيُهَا

لَدَى مُعْضِلَاتِ الأَمْرِ فَوْقَ ذَوِي العِلْمِ

فَقَدْتُ أَبِي طِفْلًا فَلَمْ أَدْرِ مَا الأَسَى

وَأَفْقَدْتُهَا كَهْلًا فَأَوْهَى الأَسَى عَظْمِي

سَلُوْنِي أُحَدِّثْكُمْ عَنِ اليُتْمِ بَعْدَهَا

فَإِنَّ اليَتِيمَ الكَهْلَ أَعْرَفُ بِاليُتْمِ

فَيَا لَيْتَ أَيَّامَ الحَيَاةِ وَقَفْنَ بِي

لَدَى مَوْضِعِي مِنْهَا مِنَ اللَّثْمِ وَالضَّمِّ

وَيَا لَيْتَ لَمْ يَقْطَعْ بِنَا الدَّهْرُ شَوْطَهُ

فَإِنَّ خُطَاهُ لِلْقَطْعِيَّةِ وَالصَّرْمِ

سَرَى لِيَ يَا أُمَّاهُ طَيْفُكِ فِي الكَرَى

فَنَابَ خَيَالُ الأُمِّ عَنْ زَوْرَةِ الأُمِّ

وَأَنَّى لِيَ السَّلْوَى وَقَدْ حَالَ دُونَهَا

مِثَالُكِ فِي عَيْنِي وَطَيْفُكِ فِي حُلْمِي

سَأَخْضَعُ يَا أُمِّي لِقَلْبِي وَمَدْمَعِي

عَلَى رَغْمِ مَا أَسْدَيْتِ مِنْ نُصْحِكِ الجَمِّ

وَأَبْكَيْتِ بِالقَلْبِ الَّذِي تَعْرِفِينَهُ

وَلِلدَّمْعِ شَأْنٌ غَيْرُ قَلْبِي فِي الحُكْمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

3

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة