الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » مطلع النور وبعثة الرسول

عدد الابيات : 121

طباعة

أَغْرَى بِكَ الشَّوْقُ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالهَرَمِ

سَارٍ طَوَى البِيدَ مِنْ نَجْدٍ إِلَى الهَرَمِ

يَا سَارِيَ الطَّيْفِ يَجْتَابُ الظَّلَامَ إِلَى

جَفْنٍ مَعَ النَّجْمِ لَمْ يَهْدَأْ وَلَمْ يَنَمِ

يُغْرِيهِ بِالدَّمْعِ حَادٍ بَاتَ مُرْتَجِزًا

يَحْدُو المَطِيَّ لِأَجْرَاعٍ بِذِي سَلَمِ

إِذَا خَفَا البَرْقُ أَذْكَى فِي جَوَانِبِهِ

نَارًا تُؤَجِّجُهَا الذِّكْرَى بِلا ضَرَمِ

يَا بَرْقُ مَالَكَ لَا تَحْكِي جَوَى كَبِدِي

إِذَا تَأَلَّقْتَ لَيْلًا فِي نَدِيهِمِ

وَيَا صَبَا رُوحِي رُوحِي فَقَدْ ذَهَبَتْ

بِهَا النَّوَى بَعْدَ عَهْدِ البَانِ وَالعَلَمِ

يَا سَاقِيَ البَانِ طَالَ البَيْنُ فِي غَيْرِ

أَرْبَتْ عَلَى الصَّبْرِ فَاسْتَعْصَى عَلَى الهِمَمِ

وَاسْتَأْسَدَتْ نُوَبُ الأَيَّامِ فَاجْتَرَأَتْ

بَنَاتُ أَوَى عَلَى الأَشْبَالِ فِي الأَجَمِ

لِلَّهِ أَيَّامُ كُنَّا وَالوُجُودُ لَنَا

يَجْرِي القَضَاءُ بِمَا شِئْنَا عَلَى الأُمَمِ

إِذْ يَرْفَعُ اللَّهُ بِالدِّينِ الحَنِيفِ لَنَا

عَلَى الذُّرَى دَوْلَةً خَفَّاقَةَ العَلَمِ

فِي سُورَةِ العِزِّ وَالمَجْدِ الَّذِي سَلَفَتْ

بُشْرًا بِهِ غُرَرُ الأَجْيَالِ فِي القِدَمِ

مَجْدٌ بَنَاهُ الَّذِي فَاضَ الوُجُودُ بِهِ

نُورًا لَهُ قَامَتِ الدُّنْيَا مِنَ العَدَمِ

طَهَ أَبُو القَاسِمِ المَبْعُوثُ مِنْ مُضَرٍ

إِلَى البَرِيَّةِ مِنْ عَرَبٍ وَمِنْ عَجَمِ

وَلَوْ تَرَى قَبْلَهُ الدُّنْيَا وَمَا لَقِيَتْ

مِنَ البَلَاءِ وَمَا ذَاقَتْ مِنَ النِّقَمِ

وَالنَّاسُ ضُلَّالُ قَفْرٍ فِي مَسَارِحِهَا

هِيمٌ مِنَ السَّرْحِ أَوْ غُفْلٌ مِنَ الغَنَمِ

ضَلُّوا سَوَاءَ النَّهَى فَاسْتَمْسَكُوا عَمَهًا

بِكُلِّ حَبْلٍ مِنَ الأَهْوَاءِ مُنْجَذِمِ

هَامُوا بِكُلِّ سَبِيلٍ فِي غَيَاهِبِهَا

مَنْ يُخْطِئِ القَصْدَ فِي لَيْلِ الهَوَى يَهِمِ

فَأَوْرَدَتْهُمْ ظِمَاءً كُلَّ مُهْتَلَكٍ

يَشُوبُهُ الكُفْرُ بِالأَقْذَاءِ وَالوَخَمِ

تَفَرَّقُوا شِيَعًا فِي الكُفْرِ وَانْقَسَمُوا

شَتَّى فَبَاءُوا بِمَا يُخْزِي مِنَ القِسَمِ

هَذَا عَنِ الحَقِّ بِالأَفْلَاكِ فِي عَمَهٍ

وَذَاكَ بِالنَّارِ عَنْ نُورِ الجَلَالِ عَمِي

وَذَا يُؤَلِّهُ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ

مِنْ نَاطِقٍ بِشَرٍّ أَوْ صَامِتٍ صَنَمِ

قَبَائِلٌ وَشُعُوبٌ لَا يُعَطِّفُهَا

إِخَاءُ صِدْقٍ وَلَا قُرْبَى مِنَ الرَّحِمِ

وَسُوقَةٌ وَمُلُوكٌ حَالَ بَيْنَهُمَا

مَا حَالَ بَيْنَ سِبَاعِ الجَوِّ وَالنَّعَمِ

هَذَا عَلَى العَرْشِ مَحْمُودٌ بِعِزَّتِهِ

يُزْجِي أُولَئِكَ فِي الأَجْنَادِ وَالخَدَمِ

إِنْ عَبَّدَ الرُّومُ فِي بُصْرَى قَيَاصِرَهَا

فَفِي مَدَائِنِ كِسْرَى تَهْلِكُ العَجَمِ

مَنْ قَالَ بِالعَقْلِ غَالَ السَّيْفُ هَامَتَهُ

وَمَنْ يَسُمْ يَوْمَ عَدْلٍ بِالرَّدَى يُسَمِ

وَالجَاهِلِيُّونَ بِالأَحْقَادِ فِي لَهَبٍ

مِنَ العَدَاوَةِ وَالبَغْضَاءِ مُحْتَدِمِ

فِي يَعْرُبٍ وَمَعَدٍّ كُلُّ بَائِقَةٍ

تَسْقِيهِمُ المَوْتَ فِي الغَارَاتِ وَالإِزَمِ

إِنْ أَتْهَمُوا فَرِكَابُ المَوْتِ مُتَّهَمٌ

أَوْ أَنْجَدُوا فَالرَّدَى مُوفٍ عَلَى القِمَمِ

جَهْلٌ مُبِيدٌ وَفَوْضَى عَبَّ زَاخِرُهَا

وَالعَيْشُ بَيْنَ الضَّنَى وَالفِتْنَةِ العَمَمِ

لَوْلَا قُرَيْشٌ سَقَى اللَّهُ الوُجُودَ بِهَا

غَوْثًا مِنَ الأَمْنِ فِي غَيْثٍ مِنَ الدِّيَمِ

قَوْمٌ إِذَا ابْتَدَرَ النَّاسُ العُلَا نَهَضُوا

فِي زَاخِرٍ مِنْ تَلِيدِ المَجْدِ مُلْتَطِمِ

هُمْ خِيَرَةُ اللَّهِ مُذْ كَانُوا وَصَفْوَتُهُ

وَجِيرَةُ اللَّهِ فَازُوا مِنْهُ بِالذِّمَمِ

أَبْنَاءُ فِهْرٍ بَنَيْتُمْ فِي البِطَاحِ لَنَا

مَجْدًا تَأَثَّلَ بَيْنَ الحِلِّ وَالحَرَمِ

كُنْتُمْ نِظَامًا لِأَقْوَامٍ مَضَوْا حُقُبًا

مِنَ الزَّمَانِ بِلا شَمْلٍ وَلَا نَظَمِ

يَا مُوْئِلَ النَّاسِ وَالأَيَّامُ رَاجِفَةٌ

بِأَهْلِهَا وَسَعِيرُ البَأْسِ فِي حَدَمِ

وَعِصْمَةَ النَّاسِ عَنْ ضَاقَ الفَضَاءُ بِهِمْ

فَاءُوا إِلَى مُوْئِلٍ مِنْكُمْ وَمُعْتَصِمِ

يَا مُطْعِمِي النَّاسِ إِنْ أَكْدَى الغَمَامُ وَيَا

رِيَّ الحَجِيجِ إِذَا يَوْمُ الهَجِيرِ حَمَى

تَصُوْبُ المَجْدَ مِنْ أَعْلَى ذَوَائِبِكُمْ

نُوْرًا أَطَلَّ عَلَى الآفَاقِ مِنْ شَمَمِ

مَسْرَاهُ فِي شَرَفِ الإِسْلَامِ مُنْتَقِلًا

بَيْنَ القَبِيلَيْنِ مِنْ طُوْدٍ إِلَى عَلَمِ

حَتَّى أَقَلَّتْهُ فِي عَلْيَا مَشَارِقِهِ

زَهْرَاءُ زَهْرَةُ ذَاتُ الطُّهْرِ وَالعِصَمِ

مَنْ ذَا الَّذِي حَمَلَتْ تِلْكَ البَتُوْلُ وَمَنْ

قَامَتْ المُقَدَّمَةُ الدُّنْيَا عَلَى قَدَمِ

نُوْرٌ مِنَ اللَّهِ سَوَّاهُ وَصَوَّرَهُ

خَلْقًا وَزَكَّاهُ بِالآدَابِ وَالحِكَمِ

فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ آيَاتٌ تُطَافُ بِهَا

رُسْلُ البَشَائِرِ مِنْ شَادٍ وَمُرْتَسِمِ

فِي لَيْلَةٍ لَمْ تَرَ الدُّنْيَا لَهَا مِثْلًا

فِيمَا تَقَضَّى مِنَ الأَجْيَالِ وَالأُمَمِ

تَنَفَّسَتْ عَنْ سَنَا شَمْسِ الوُجُودِ بَدَا

فِي مَوْكِبٍ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ مُنْتَظِمِ

رُوْحَ الحَيَاتَيْنِ نُوْرَ القَرْيَتَيْنِ إِمَـ

ـمَ القِبْلَتَيْنِ صَفِيَّ اللَّهِ فِي القِدَمِ

لَاحَتْ مَخَائِلُهُ تُنْبِيكَ أَنَّ لَهُ

قَدْرًا تَفَرَّدَ فِي السَّادَاتِ بِالعِظَمِ

المَجْدُ مَحْتِدُهُ وَاليُمْنُ مَوْلِدُهُ

وَالحَمْدُ مَوْرِدُهُ مَعْنَى اسْمِهِ العَلَمِ

يَرْمِي النُّجُوْمَ بِعَيْنٍ فِي تَقَلُّبِهَا

مَعْنًى يَفُوْتُ مَدَى الأَفْلَاكِ وَالنَّجْمِ

يَا أَحْمَدَ الرُّسْلِ مَا هَذَا الجَلَالُ بِهِ

جَمَالُ هَذَا المُحَيَّا بَاهِرُ الشِّيَمِ

مَا هَانَ بِاليُتْمِ لَكِنْ زَادَهُ خَطَرًا

وَقَدْ يَهُوْنُ بَنُو السَّادَاتِ بِاليُتَمِ

لَمَّا دَعَوْا أَحْمَدَ اهْتَزَّ الحِمَى وَبَدَا

عَبْدُ مَنَافٍ صَدَى جِدِّهِمُ نَعِمِ

وَاسْتَقْبَلَ الدَّهْرُ بِالنُّعْمَى بِمَا صَنَعَتْ

فَتَاتُهُمْ وَانْشَرَتْ بِالْبُشْرَى بِحَيِّهِمِ

خَيْرُ المَرَاضِعِ مِنْ أُمِّ القُرَى رَجَعَتْ

أُمًّا لِأَكْرَمِ مَكْفُوْلٍ وَمُلْتَزِمِ

فَمَا اسْتَقَرَّتْ بِهِ حَتَّى أَنَاخَ بِهِمْ

مِنْ جُوْدِهِ كُلُّ جُوْدٍ بِالنَّدَى رَزِمِ

مَا زَالَ يَنْمِي وَيَسْمُو فِي مَنَاقِبِهِ

نَمَاءَ نَجْدٍ بِمَا شَاءَ الجَلَالُ سَمَا

فِيهِ شَمَائِلُ عَبْدِ اللَّهِ نَعْرِفُهَا

عَنْ شَيْبَةِ الحَمْدِ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الحَكَمِ

سَمْحٌ وَقُوْرٌ أَمِينٌ صَادِقٌ فَطِنٌ

عَفٌّ قَدِيْرٌ وَصُوْلٌ مَانِعُ الحَرَمِ

شَمَائِلٌ قَصُرَتْ عَنْ دَرْكِ أَيْسَرِهَا

أَهْلُ النُّهَى مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ بَنِي جُشَمِ

وَهِمَّةٌ أَصْغَرَتْ مَا أَكْبَرَتْ سَفَهًا

تِلْكَ النُّفُوْسُ وَكَانَتْ مَوْطِنَ الهِمَمِ

لَمَّا أَظَلَّ الوَرَى إِبَّانَ دَعْوَتِهِ

وَثَارَ نُوْرُ الهُدَى يَسْطُو عَلَى الغُمَمِ

أَوْفَى عَلَى قَلْبِهِ دَاعٍ أَهَابَ بِهِ

مِنْ جَانِبِ القُدْسِ هَذَا نُوْرُنَا فَشَمِ

نُوْرٌ أَضَاءَ بِقَلْبٍ صَاغَ جَوْهَرَهُ

مِنَ النَّدَى وَالمَعَالِي بَارِئُ النَّسَمِ

قَلْبٌ جَرَى فِيهِ أَنَّ اللَّهَ حَمَّلَهُ

عِبْءَ البَرِيَّةِ مِنْ عَرَبٍ وَمِنْ عَجَمِ

وَحَوْلَهُ مِنْ قُرَيْشٍ كُلُّ مُعْتَقِمٍ

مِنْ حَمْأَةِ الكُفْرِ يَهْوِي حَوْلَ مُعْتَصِمِ

فَاسْتَوْحَشَتْ بَيْنَهُمْ نَفْسٌ لَهُ أَنِسَتْ

بِوَحْشَةِ البِيدِ وَارْتَاحَتْ إِلَى الوَجَمِ

مُسْتَأْنِسًا بِجَلَالِ اللَّهِ يَشْهَدُهُ

فِي الغَارِ بَيْنَ خُشُوعِ البِيدِ وَالأَكَمِ

حَتَّى تَبَيَّنَ أَعْلَامُ النُّبُوَّةِ فِي

مَا قَدْ رَأَى، ثُمَّ لَمْ يَرْتَبْ وَلَمْ يَهِمِ

أَوْحَى إِلَيْهِ كَمَا أَوْحَى إِلَى رُسُلٍ

مِنْ قَبْلِهِ بِالهُدَى وَالمِلَّةِ القَيِّمِ

بِالنُّوْرِ بِالحَقِّ بِالعِرْفَانِ أَرْسَلَهُ اللَّهُ

الَّذِي عَلَّمَ الإِنْسَانَ بِالقَلَمِ

هُنَاكَ زَلْزَلَ قَوْمًا حِينَ قَالَ لَهُ

قُمْ مُنْذِرًا، وَبِحَبْلِ اللَّهِ فَاعْتَصِمِ

فَالكُفْرُ يَرْجُفُ وَالأَصْنَامُ وَاجِمَةٌ

وَالحَقُّ يَبْسِمُ وَالطَّاغُوتُ فِي سَدَمِ

فَاعْجَبْ لِأَحْلَامِهِمْ طَاشَتْ وَكَمْ رَجَحَتْ

عَلَى شَمَارِيخِ رَضْوَى أَوْ عَلَى إِضَمِ

وَأَعْجَبْ لَهُ كَيْفَ يَدْعُو وَحْدَهُ أُمَمًا

عَنْ دَعْوَةِ الحَقِّ حَنَّايَا الوَالِدِ الرَّحِمِ

إِنْ قَامَ بِاللِّينِ يَسْتَرْعِي ضَمَائِرَهُمْ

رَأَيْتَ كُلَّ حِمًى بِالخِنَى عَرِمِ

أَوْ جَاءَ بِالآيِ مَدُّوا بِالخِصَامِ لَهُ

حِبَالَ أَلْوَى عَلَى حُكْمِ الهَوَى خَصِمِ

يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَإِنْ صَدُّوا يُعَلِّمُهُمْ

رِفْقَ الوَلِيِّ وَبِرَّ السَّيِّدِ الخَدِمِ

وَكَمْ طَغَوْا لَمْ يُقَابِلْهُمْ بِمَا صَنَعُوا

قَلْبٌ تَخَلَّى عَنِ العُدْوَانِ وَالأَضَمِ

وَمَنْ يَقُدْ مِثْلَهُ قَوْمًا أَحَلَّهُمُ

مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الأَبْنَاءِ وَالحَشَمِ

يَدْعُوهُمُ وَكِتَابُ اللَّهِ آيَتُهُ

يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ بِالبُرْهَانِ وَالحِكَمِ

يَتْلُوهُ فِي أَحْرُفٍ جَاءَ الأَمِينُ بِهَا

وَحْيًا مِنَ اللَّهِ فِي نَظْمٍ مِنَ الكَلِمِ

لَمْ يَبْقَ حِينَ تَحَدَّاهُمْ بِهِ لِسَنٌ

إِلَّا تَرَدَّى شِعَارَ العِيِّ وَاللُّسُمِ

وَإِذْ قَضَى العَجْزُ فِيهِمْ حُكْمَهُ فَزِعُوا

فَاسْتَنْجَدُوا بِالقَنَا وَالصَّارِمِ القَضِمِ

إِلَّا فَرِيقًا جَلَا نُوْرُ اليَقِينِ لَهُمْ

عَنْ ظُلْمَةِ الشَّكِّ بِالعِرْفَانِ وَالفَهِمِ

لَمْ يُكْذِبِ الرَّأْيُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ بِمَا

تَخَيَّلَتْ فِيهِ مِنْ نُبْلٍ وَمِنْ عِظَمِ

وَلَمْ يَفُتْ نَظَرَ الصِّدِّيقِ مَا جَمَعَتْ

فِيهِ النُّبُوَّةُ مِنْ آيٍ وَمِنْ عِلَمِ

وَلَا أَضَلَّ عَلِيٌّ وَالصَّبَا غُرَرٌ

فِي صِدْقِ أَحْمَدَ رَأْى الحَاذِقُ الفَهِمِ

ثَلَاثَةٌ فِي مَيَادِينِ الهُدَى سَبَقُوا

فَأَحْرَزُوا قَصَبَ الحُسْنَى بِسَبْقِهِمِ

جَلُّوا وَصَلَّى عَلَى آثَارِهِمْ نَفَرٌ

سَنُّوا الهُدَى لِبَنِي الدُّنْيَا بِهَدْيِهِمِ

مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ سَامٍ فِي أَرُومَتِهِ

مِنْ آلِ فِهْرٍ كَبِيرِ القَلْبِ ذِي شَمَمِ

وَكُلِّ أَرْوَعَ نَجْدٍ فِي حَفِيظَتِهِ

مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ لَا نَكْسٌ وَلَا بَرَمِ

صِيْدٌ صَنَادِيدُ فِي يَوْمِ الوَغَى صُبُرٌ

غُرٌّ أَمَاجِيدُ كَشَّافُونَ لِلْغُمَمِ

لَمَّا تَمَادَتْ قُرَيْشٌ فِي عَدَاوَتِهِ

وَبَيَّتُوا قَتْلَهُ تَدْبِيرَ مُعْتَزِمِ

قَامَتْ يَدُ اللَّهِ تُخْزِيهِمْ وَتَنْصُرُهُ

مَنْ يَنْصُرِ اللَّهَ يَعْصِمْهُ فَيَعْتَصِمِ

رَدَّ القَضَاءُ عَلَيْهِمْ سَوَاءَ مَا مَكَرُوا

فَلَمْ يَبُوءُوا بِغَيْرِ الخِزْيِ وَالنَّدَمِ

يَا طِيبَ لِلْغَارِ آوَاهُ وَصَاحِبُهُ

وَلِلْحَمَامِ بِمَا أَسْدَتْ مِنَ الخَدَمِ

وَالعَنْكَبُوتِ لَهَا نَيْلٌ نَصَرْنَهُ عَمِلٌ

عَنْ دَرْكِ آيَاتِهِ جَفْنُ الضَّلَالِ عَمِي

مَنْ يَحْمِهِ اللَّهُ سَاوَى فِي حِمَايَتِهِ

فِعْلَ الجَمَادَاتِ فِعْلَ النَّاسِ وَالبُهُمِ

لَمَّا نَحَا يَثْرِبَ اهْتَزَّ الحِمَى وَبَكَتْ

وَرَقَّ الرُّبَى لِبُكَاءِ البَيْتِ وَالحَرَمِ

مَا حَلَّ طَيْبَةَ حَتَّى حَلَّ حُبْوَتُهُ

لِلسَّيْفِ يَدْعُو بِأَمْرِ اللَّهِ وَالقَلَمِ

تَأَذَّنَ اللَّهُ أَنْ تَغْشَى كَتَائِبُهُ

مَنَازِلَ الشِّرْكِ فِي نَجْدٍ وَفِي تِهَمِ

وَقَامَ أَهْلُ المُصَلَّى وَالعَقِيقُ إِلَى

نَصْرِ النَّبِيِّ بِعَهْدٍ غَيْرِ مُنْفَصِمِ

وَشِيمَتِ البِيضِ فَاهْتَزَّ الحِجَازُ لَهَا

وَاسْتَنَّتِ الخَيْلُ فِي شَوْقٍ إِلَى اللُّجُمِ

وَالنَّاسُ إِنْ ظَلَمُوا البُرْهَانَ وَاعْتَسَفُوا

فَالحَرْبُ أَجْدَى عَلَى الدُّنْيَا مِنَ السَّلَمِ

وَمَعْشَرٌ أَسْلَمُوا لِلَّهِ أَنْفُسَهُمْ

تَبَيَّنُوا الرِّبْحَ فِي بَيْعٍ وَفِي سَلَمِ

لِلَّهِ مَا أَرْخَصُوا مِنْ أَنْفُسٍ ذَهَبَتْ

فِي اللَّهِ غَالِبَةَ الأَقْدَارِ وَالقِيَمِ

أَلْقَوْا عَلَى الدَّهْرِ مِنْ آيَاتِهِمْ عِبَرًا

وَسَاوَرُوا المَوْتَ فَاسْتَخْزَى لِبَأْسِهِمِ

سَلْ نَسْجَ دَاوُدَ إِذْ هُمْ يَخْطُرُونَ بِهِ

فِي كُلِّ مُصْطَرِخٍ عَالٍ وَمُصْطَمِ

وَسَلْ شُبَى البِيضِ كَمْ شَبُّوا لَهَا لَهَبًا

عَلَى الطَّوَاغِيتِ فِي أَيَّامِهَا الدُّهُمِ

فِي اللَّهِ مَا جَرَّدُوا مِنْهَا وَمَا غَمَدُوا

فِي اللَّهِ مَا سَفَكُوا مِنْ أَنْفُسٍ وَدَمِ

لَمْ يَحْمِلُوهَا لِدُنْيَا قَلَّ مَا جَمَعُوا

مِنْهَا وَلَا عَنْ هَوًى فِي النَّفْسِ مُحْتَكِمِ

وَالخَيْلُ تَعْلَمُ كَمْ دَكَّتْ سَنَابِكُهَا

مِمَّا بَنَى الكُفْرُ مِنْ دَارٍ وَمِنْ أَجَمِ

فِي كُلِّ يَوْمٍ كَبَدْرٍ جَرَّ أَيُّوْمَهُ

عَلَى العِدَا كُلُّ مَاضٍ بِالرَّدَى خَذِمِ

يَوْمٌ قَضَى الحَقُّ لَا يَوْمٌ جَرَى سَفَهٌ

بِالأَنْعُمَيْنِ وَلَا يَوْمٌ بِذِي حَسَمِ

يَوْمٌ بَنَى اللَّهُ أَرْكَانَ الحَنِيفِ بِهِ

عَلَى دَعَائِمِ عِزٍّ غَيْرِ مُنْهَدِمِ

صَفَتْ سَمَاءُ اللَّيَالِي مُنْذُ لَيْلَتِهِ

عَلَى الأَنَامِ فَلَمْ تَظْلِمْ وَلَمْ تَغِمِ

يَا قَائِدَ الجَيْشِ يَسْعَى تَحْتَ رَايَتِهِ

مِنْ عَسْكَرِ اللَّهِ جُنْدٌ غَيْرُ مُنْهَزِمِ

إِنْ كَانَ جِبْرِيلُ مِنْ أَرْكَانِ حَرْبِكَ فِي

بَدْرٍ فَحَمْزَةُ وَالكَرَّارُ فِي الحَشَمِ

فِي آلِكَ الغُرِّ مُذْ كَانُوا وَهُمْ بَشَرٌ

مَا فِي المَلَائِكِ مِنْ أَيْدٍ وَمِنْ كَرَمِ

وَيَا نَبِيًّا سَقَى الدُّنْيَا بِمِلَّتِهِ

رَوْقَ الحَضَارَةِ مِنْ سَلْسَالِهَا الشُّبُمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

4

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة