عدد الابيات : 19
أَبْكِيكِ يَا بَدْرَ الْأَحِبَّةِ فِي الدُّجَى
وَالْقَلْبُ مِنْكِ بِنَارِ بُعْدِكِ مُضْرَمُ
أَيْنَ الْعُهُودُ وَأَيْنَ وَعْدٌ عَاطِرٌ
وَأَيْنَ طَرْفٌ بِالْهَوَى يَدْعُو يَتَكَلَّمُ
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ دَهْرِيَ فَاجِعٌ
حَتَّى رَأَيْتُكِ فِي الْمَدَى تَتَقَدَّمُ
سَافَرْتِ عَنِّي وَالدُّمُوعُ كَأَنَّهَا
سَيْفٌ يُمَزِّقُ مُهْجَتِي وَيُؤْلِمُ
نَادَيْتُ ظِلَّكِ فِي الدُّجَى فَأَجَابَنِي
صَمْتُ الْقُبُورِ، فَهَلْ لِقَلْبِيَ مَرْحَمُ
كَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا بِوَجْهِكِ مُشْرِقًا
وَالْيَوْمَ صَارَ النُّورُ يَأْسًا مُظْلِمُ
إِنْ كُنْتِ قَدْ رَحَلْتِ فَالرُّوحُ الَّتِي
تَهْوَى رَحِيلَكِ، لَنْ تُفَارِقَ مُقِيمُ
كَمْ مَرَّةً مَرَّ النَّسِيمُ بِذِكْرِكُمْ
فَيَحْتَرِقُ الشَّوْقُ الْقَدِيمُ وَيَلْتَهِمُ
مَا ضَرَّ دَمْعِي إِنْ جَرَى مُتَفَرِّقًا
فَلَعَلَّ بَعْضَ الدَّمْعِ نَحْوَكِ يَقْدُمُ
يَا غَائِبَةً عَنْ نَاظِرَيَّ وَإِنَّمَا
فِي الْقَلْبِ طَيْفُكِ لَا يَزُولُ وَيُقْدِمُ
أَطْوِي اللَّيَالِي وَالْأَسَى يُلْقِي عَلَى
صَدْرِي ثِقَالًا مَا لَهُنَّ مُحْتَرَمُ
لَا تَسْأَلِي عَنْ حَالِ صَبٍّ فِي الْهَوَى
قَدْ صَارَ مِثْلَ الطَّيْفِ يُمْحَى وَيُرْقَمُ
أَيْنَ الْجَوَابُ وَأَيْنَ صَوْتٌ سَامِعٌ
أَمْ قَدْ تَلَاشَى كُلُّ شَيْءٍ وَيَتَقَسَّمُ؟
إِنِّي لَأَحْسَبُنِي وَقَدْ طَالَ النَّوَى
شَبَحًا يَسِيرُ وَلَيْسَ فِيهِ تَكَلُّمُ
يَا لَيْتَهُ لَمْ يُبْدِ حُسْنَكِ مُرْسِلًا
فَأَنَا الَّذِي شَرِبَ الْعَذَابَ وَيَسْقَمُ
مَا كَانَ أَشْهَى الْوَصْلَ لَكِنَّ الْهَوَى
لَا يُرْتَجَى مِنْهُ الْأَمَانُ وَيُسْلَمُ
إِنْ كُنْتِ قَدْ صَدَفَتْ خُطَايَ فَلَمْ يَزَلْ
فِي الْقَلْبِ شَوْقٌ لَا يُذَلُّ وَلَا يُضَمُّ
لَمْ يَبْقَ مِنِّي غَيْرَ عَظْمٍ نَاحِلٍ
وَالرُّوحُ مِنْهَا لَوْعَةٌ تُلْظَى تَتَضَرَّمُ
إِنْ كُنْتِ قَدْ مُتِّعْتِ فِي بُعْدِي، فَلِي
أَمَلٌ بِلُقْيَاكِ إِنْ مُتُّ حُبًّا أَتَأَلَّمُ
186
قصيدة