عدد الابيات : 21
أَقِيمِي فُؤَادِي يَا مَلِيحَةُ وَاعْجَبِي
لِدَمْعٍ كَسَحِّ الْغَيْثِ لَمْ يَتَصَحَّبِ
سَهِرْتُ وَلَيْلُ الْبَيْنِ فِي كُلِّ وِجْهَةٍ
يُنَازِعُنِي وَجْدِي بِشَوْقٍ مُعَذَّبِ
فَيَا دَارَهَا بِالْحَيِّ هَلْ أَنْتِ رَاجِعٌ
إِلَى مُهْجَةٍ فِي الْحُبِّ لَمْ تَتَحَجَّبِ
أَرَى النَّجْمَ يَسْرِي بِالدُّجَى مُتَمَايِلًا
كَشَوْقِي لَهَا فِي السُّهْدِ لَمْ يَتَغَيَّبِ
فَيَا عَاذِلِي فِي الْحُبِّ مَهْلًا فَإِنَّنِي
صَبُورٌ عَلَى الْأَشْوَاقِ لَمْ أَتَعَتَّبِ
إِذَا الرِّيحُ مَرَّتْ مِنْ رِيَاضِ دِيَارِهَا
ثَوَانِيَ نَفْسِي فِي الْجَوَى الْمُتَغَلِّبِ
وَإِنْ هَتَفَتْ فِي اللَّيْلِ طَيْرٌ بِبُلْبُلٍ
ظَنَنْتُهُ نَفْسِي بِنَوْحِ لَظَى التَّعَذُّبِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا فِي دِيَارٍ تُشَابِهُ
مَعَاطِفَهَا فِي اللُّطْفِ أَوْ كَالْكَوَاكِبِ
وَهَلْ يُشْرِقُ الْفَجْرُ الْبَهِيُّ كَمَا بَدَتْ
بِثَغْرٍ كَضَوْءِ الْبَدْرِ سَرَى لَمْ يَتَذَهَّبِ
فَيَا وَيْلَ مَنْ لَمْ يَدْرِ مَعْنَى هَوَانِهَا
وَيَا سَعْدَ مَنْ فِي شَهْدِهَا مُتَذَوِّبِ
وَإِنْ قُلْتُ فِي الْحُسْنِ الَّذِي كَانَ بَعْدَهُ
فَلَا شَيْءَ كَالْمَاضِي الْعَذْبِ الْمُطَيَّبِ
فَدَمْعِي عَلَى الْأَيَّامِ يَسْرِي كَأَنَّهُ
خِضَابٌ عَلَى الْخَدِّ الْمُضِيءِ الْمُذَهَّبِ
فَمَا الْبَدْرُ إِلَّا وَجْهُهَا فِي تَجَلِّيهِ
وَمُقْلَتُهَا سَيْفٌ عَلَى كُلِّ الْغَرَائِبِ
إِذَا نَطَقَتْ صَوْتُ الْخَلَائِقِ سُكِّنَتْ
وَإِنْ سَكَتَتْ فَالسِّحْرُ فِي غَيْرِ مَدْرَبِ
تُنَازِعُهَا الْأَطْيَارُ لَحْنَ سِحْرٍ فَإِنَّهَا
زُلَالٌ عَلَى الرُّوحِ الْفَقِيرِ الْمُعَذَّبِ
وَيَا وَيْحَ لَيْلٍ لَمْ تُشَارِقْ بِطَيْفِهَا
عَلَى مُهْجَةٍ بِالْوَجْدِ تَعْلُو وَتَهْبِبِ
أَلَا هَلْ لِعَيْنَيَّ الْمَسَاءِ تَرَفُّقٌ
بِمُشْتَاقِ قَلْبٍ مُسْتَهَامٍ مُغَيَّبِ
لَقَدْ أَكْبَرَتْهَا الْعَيْنُ عِزًّا وَإِنَّهَا
لَتَفْخَرُ بِالْحُبِّ الْعَظِيمِ الْمُهَذَّبِ
وَإِنْ قِيلَ فِي الْعُشَّاقِ مَنْ ذَا مُحِبُّهَا
فَإِنِّي لَهَا صَبٌّ بِحُبٍّ مُتَعَجِّبِ
فَيَا بُؤْسَ مَنْ لَمْ يَدْرِ مَعْنَى جِمَالِهَا
وَيَا طِيبَ مَنْ لِصَفْوِهَا الْمُتَسَبِّبِ
فَهَلْ يَرْجِعُ الدَّهْرُ الَّذِي قَدْ أَضَعْتُهُ
وَيُسْعِفُ الْمَوْجُ الْمُضِيعُ الْمُصْحِبِ؟
186
قصيدة