عدد الابيات : 80

طباعة

هل من يُجيبُ إذا دعوتُ الداعي

ويعي الخطابَ وأينَ منّي الواعي

ذهبَ الرجالُ وخلّفوا أشبالَهُم

والماءُ يَخلُفُه سرابُ القاعِ

كم ذا أُنادي غيرَ مسموعِ النّدا

وأحثُّ للإصلاحِ غيرَ مُطاعِ

أبني الكرامِ السابقينَ إلى العُلا

هل فيكمُ مُستجمعٌ لدفاعِ

هل فيكمُ من يُختشى أو يُرتجى

لجلادِ سيفٍ أو جدالِ يَراعِ

ضيّعتمُ الإسلامَ شرَّ إضاعةٍ

عُلِمَت فضِعتُم بعدُ شرَّ ضياعِ

يا أُمّةً ذهبَ الخمولُ بمجدِها

هل بعد ذا الإخفاقِ ذِكرٌ ساعِ

ماتت طبائعُكم فلم تحسُسْ بدا

والميتُ ليسَ يُحسُّ بالأوجاعِ

وعلى البلادةِ والجُمودِ طُبِعتُمُ

ومنَ المُحالِ تغيُّرُ الأطباعِ

كم ذا تَهَضَّمُنا العِدا وتَسُومُنا

سَومَ العذابِ مُلوّنَ الأنواعِ

وإلى متى نُمسي لأغراضِ العِدا

غرضاً ونُصبحُ عُرضةَ الأطماعِ

فكأنّنا سَرحٌ بقفرٍ سائبٌ

ما فيهِ من جنبٍ ولا من راعِ

يرعى ويكرَعُ كيف شاءَ ولحمُهُ

مرعى ومَكرَعُ أكلُبٍ وضباعِ

قد ضاعَ سوقُ المجدِ حتى ما لهُ

من سائمٍ فضلاً عن المُبتاعِ

القومُ همُّهُمُ الرقيُّ وهمُّنا

في فرقةٍ وقطيعةٍ ونزاعِ

سادَ الخلافُ برأينا وتغلّبت

في جمعِنا الفوضى فما من راعِ

فبكلِّ دارٍ منبرٌ وخليفةٌ

يدعو لبيعتهِ على أوضاعِ

أوَ ليسَ مغزانا جميعاً واحداً

فعلامَ هذا الخلفُ في الأتباعِ

فإلهُنا وكتابُنا ونبيُّنا

وبلادُنا والأصلُ غيرُ مُشاعِ

للهِ درُّ عصابةٍ قد أحرزوا

قصبَ السباقِ بحلبةِ الإبداعِ

دانت لأمرِ اللهِ أنفسُها لذا

دانت لها الدنيا بلا استمنَاعِ

ملكوا جميعَ المشرقينِ وأخضعوا الـ

ـباغينَ فيها أيَّما إخضاعِ

ومشوا على البحرِ الخضمِّ فما اشتكوا

بللاً بأقدامٍ ولا أدرَاعِ

ملأى الصدورُ من المكارمِ والتقى

ومن الحطامِ فوارغُ الأضلاعِ

فمن الطعامِ بتمرةٍ سودا اجتزَوا

وبشَملةٍ شَهبَا من الأدرَاعِ

لم يكتبوا رقّاً بغيرِ شبا الظُّبا

فوقَ الطُّلا بنجيعِها الهمّاعِ

شادوا من التقوى أصحَّ مدافعٍ

وبنَوا من الحسناتِ خيرَ قلاعِ

هاتيكَ فرسانُ الحروبِ وإنّما

نحنُ فوارسُ ألسُنٍ وقِصاعِ

سيروا كما ساروا لتجنُوا ما جنَوا

لا يحصدُ الحبَّ سوى الزُرّاعِ

وتيقّظوا فالسيلُ قد بلغَ الزُّبى

يا أيّها النومى على الأنطاعِ

واسترجعوا ما فاتَ من غاياتِكم

ما دُمتُمُ في مُكنةِ استرجاعِ

قوموا اقرعوا بالجِدِّ أبوابَ العُلا

لا تُقصِروا عن همّةِ القُرّاعِ

إنّ المعالي ما على أبوابِها

غيرُ الوَنَى والعَجزِ من قرّاعِ

واستعذبوا شوكَ المنايا في اجتنا

وردِ الأماني رائقَ الإيناعِ

إن قلتمُ نخشَى المجاعةَ فالذي

بكمُ أشدُّ أذىً من الإِدقاعِ

وتعلّموا فالعلمُ معراجُ العُلا

ومفاتحُ الإِخصابِ والإِمراعِ

العلمُ ليسَ لنفعِهِ حدٌّ ولا

حدٌّ لضرِّ الجهلِ بالإجماعِ

فخذوا منَ الغربيِّ خيرَ علومِهِ

وذروا قبيحَ خلائقٍ وطباعِ

وإذا علمتم فاعملوا فالعلمُ لا

يُجدي بلا عملٍ بحسنِ زماعِ

فالمرءُ غصنٌ والعلومُ زهورُهُ

وثمارُهُ الأعمالُ بالمُصطاعِ

وابنوا على التقوى قواعدَكم فما

يُبنى على غيرِ التقى مُتداعِ

واحموا حِماكم بالأسنّةِ والظُّبا

من كلِّ عادٍ معتدٍ طمّاعِ

وتحفّظوا واللهُ خيرٌ حافظٌ

من كلِّ صلٍّ نحوكم منباعِ

هيّوا لطردِ الفقرِ عن أوطانِكم

جيشاً من الزرّاعِ والصُنّاعِ

يا أيّها النُّوّامُ بينَ مخالبِ الـ

ـليثِ الهصورِ ونابِهِ القَلاعِ

ارحم شبابَك وانتبه من قبلَ أن

تُضحي ضحيّةَ حلقِهِ البلاَعِ

لا ترجُوَنّ منَ العِداةِ مودّةً

إنّ الأعادي فاحذرنّ أفَاعِ

فاخشَ العدوَّ وإن أراكَ تلطّفاً

فلهُ بذاكَ اللطفِ نهشُ شُجاعِ

لا تحسَبنَّ وفاقَ شعبٍ أجنبيٍّ

شعباً ضعيفاً غيرَ محضِ خداعِ

يا خاطبَ العلياءِ إنّ صداقَها

صعبُ المنالِ على قصيرِ الباعِ

مهرُ العُلا جُردُ الجيادِ تقودُها

مردُ الكُماةِ تميسُ في الأدرَاعِ

أوَ كلَّ يومٍ للعدوِّ إغارةٌ

مشنونةٌ في هذهِ الأرباعِ

طمعٌ طبيعيٌّ أماطَ مُجاهراً

عن وجهِهِ المُربَدِّ كلَّ قناعِ

حملوا علينا بالدراهمِ حملةً

لم نستطع في وجهِها لدِفاعِ

وتلاعَبت فتيانُ أوربّا بنا

كتلاعُبِ الصبيانِ بالمرصاعِ

عجباً تُباعُ وتُشترى البحرينِ لا

من ثائرٍ فضلاً عن المنّاعِ

قطعت حماةُ الشرقِ أبطالُ الوغى

آمالَهم بالأبيضِ القطّاعِ

فأتَوا بلادَ العُربِ كي يستدرِكوا

ما فاتَهُم بالأصفرِ الخدّاعِ

بدأوا بسلبِ حِمى أوالَ لأنّها

مفتاحُ سائرِ هذهِ الأصقاعِ

نقضوا عهودَ حليفِهم عيسى الذي

لذمامِهِم قد كانَ خيرَ مُراعِ

قد ضيّعوا ميثاقَ عيسى مثلما

قد ضيّعوا ميثاقَ عيسى الداعي

ودَعَوا لهُ ابناً مشركينَ كما دعَوا

للهِ جلّ ابناً فخابَ الساعي

قالوا ضعفتَ عنِ الإمارةِ فانعزل

دعوى خصيمٍ ما لديهِ مُداعِ

إن يستطيعوا عزلَ عيسى فانْعِزا

لُ علاءَ عيسى ليسَ بالمُصطاعِ

ملكٌ أشادَ لهُ الندى ذكراً ملا الـ

ـآفاقَ بالأضواءِ والأضواعِ

فتذمّرت عُربُ البُديّعِ غيرةً

عربيّةً معَ سائرِ الأتباعِ

وترحّلوا عنهُ ولم يلتفتوا

كرماً لطيبِ مساكنٍ وضياعِ

سنّوا لنا سننَ الكرامِ إذا هُمُ

ضِيموا فهل للقومِ من تُبّاعِ

لم يقبلوا هذا الهوانَ لأنّهم

من عربِ نجدِ الفتيةِ الأروَاعِ

أنعم بها من رحلةٍ قد شيّدت

مَجداً ومكرُمةً وطيبَ سماعِ

رحلوا عنِ الأوطانِ في طلبِ العُلا

فاستبدلوا منهنّ خيرَ رِباعِ

نزلوا بساحةِ ماجدٍ رحبِ الفنا

صعبِ المرامِ من الأذى منّاعِ

فأوَوا إلى كهفٍ عظيمٍ شامخٍ

صعبِ المراقي مُمرعِ الأجرَاعِ

ملكٌ به عرشُ الإمامةِ قد سما

ورسا وكانَ عراهُ قبلُ تداعِ

مبسوطتانِ يداهُ للعاني وِللـ

ـجاني بوَبلِ ندىً ونارِ مصاعِ

فزمانُهُ للمُجتدي والمُعتدي

يومانِ: يومُ قِرىً ويومُ قِراعِ

ليثٌ فرائسُهُ الملوكُ وصيدُهُ

غُرُّ الممالكِ لا ظِبا الأسلاعِ

يا ليتَ عربَ المسلمينَ وعجمَهم

عقدوا عليهِ عقدةَ الإجماعِ

واستخلفوهُ فهوَ خيرُ خليفةٍ

في نُصرةِ الدينِ المطهَّرِ ساعِ

لا زالَ كوكبُ جودِهِ وسُعودِهِ

ينمو بطيبِ ندىً وحُسنِ شُعاعِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك

avatar

عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك

السعودية

poet-Abdulaziz-Al-Sheikh-Mubarak@

20

قصيدة

7

الاقتباسات

0

متابعين

عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك (1892 - 1924)م. شاعر سعودي وُلد في الأحساء سنة 1310 هـ/1892 م، إبّان الحكم العثماني، ونشأ بها وتلقّى تعليمه الأولي في كنف أسرة ...

المزيد عن عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة