عدد الابيات : 22
رَسَمْتُ عَلَى وَجْهِ السَّمَاءِ قَصِيدَةً
تُغَنِّي هُدَيْرَ الْبَحْرِ حِينَ يُعَنِّنُ
وَقُلْتُ لِرَيْشِ الْغَيْمِ: هَاتِ بَرِيقَهَا
فَفِي لَيْلِهَا الْمَعْسُولِ صُبْحٌ يُؤَنِّنُ
وَغَاصَ قَلَمِي فِي الْوَرْدِ حَتَّى إِذَا
تَعَاطَفَ عِطْرُ الْحُبِّ صَارَ يُجَنِّنُ
سَرَقْتُ مِنَ النُّجُمَاتِ كُلَّ لَمَعَةٍ
وَزَيَّنْتُهَا فَوْقَ الْقَصِيدَةِ فُنِّنُ
فَصَارَتْ قَوَافِي الْحَرْفِ نَهْرًا مَدَامِعًا
عَلَى خَدِّ عِشْقٍ مُزْهِرٍ لَا يُهَنِّنُ
رَأَيْتُ الْهَوَى يَخْطُو عَلَى خَصْرِ وَرْدَةٍ
يُدَاعِبُ شَوْقًا فِي الْحُرُوفِ يُزَيِّنُ
فَيَا لَيْتَ قِيثَارَ الزَّمَانِ يُعِيدُنَا
إِلَى حِينَ كَانَ الْحُبُّ صَفْوًا وَمِنِّنُ
تَحَدَّيْتُ نِزَارًا فِي جَلَالِ مَعَانِيهِ
وَصُغْتُ لِآلِيَ الْفِكْرِ حَتَّى يُجَنِّنُ
هَذِهِ حُرُوفُ الْفَنِّ فِي كُلِّ مَنْزِلِ
تُغَنِّي بِأَحْلَامِ الْعُشَّاقِ تَعْنِينُ
فَإِنْ تَكُ قَدْ أَفْنَتْ زَمَانِي لَوْعَتِي
فَمَا زِلْتُ أَحْيَا بَيْنَ نَجْمٍ وَمِزْنِ
وَحِينَ تَغَنَّتْ بِالْوِدَادِ قَوَافِيَا
تَهَادَتْ كَأَمْوَاجِ الْبُحُورِ تُغَنِّنُ
فَلَوْ أَنَّهَا تَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ نَاصِعَةً
لَمَا خَشِيَ الْعُشَّاقُ وَهْيَ تُجْنِّنُ
سَكَبْتُ عَلَى أَحْرَافِهَا كُلَّ نُورِهَا
فَصَارَتْ كَأَشْبَاحِ النُّجُومِ تُعَنْوِّنُ
وَإِنْ مَسَّهَا الْحُزْنُ الَّذِي فِي ضَمِيرِهَا
تَرَاقَصَتِ الْأَحْزَانُ وَهْيَ تُرَنِّنُ
فَإِنْ يَكُ حُبِّي فِي الْقَوَافِي جَنِينُهَا
فَإِنِّي بِأَحْيَاءِ الْوَفَاءِ أُعَلِّنُ
وَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَى الْقَوَافِي بِشَاعِرٍ
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَرْفِهِ الْحُبُّ يَأْمَنُ
فَلَا تَحْسَبَنْ أَنَّ الْقَصِيدَةَ تَكْتَمِي
فَفِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا الْهَوَى يُأَذَّنُ
وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ كَمَا ارْتَجَتْ
قُلُوبُ الْمُحِبِّينَ الَّذِينَ تَأَنَنُوا
فَلَوْلَا هَوَايَ الَّذِي بِالْقَوَافِي انْثَنَى
لَمَا كَانَ فِي أَحْشَائِهَا الدَّهْرُ يُمَكِنُ
هَذِهِ الْقَوَافِي نَارُهَا لَا تُخْمَدُ
وَفِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا الْعِشْقُ يُغَّنَنُ
فَاقْرَؤُوهَا بِشَغَفِ الْقُلُوبِ وَذِكْرَى
وَدَعُوهَا كَالنَّجْمِ فِي اللَّيْلِ يُنْحَّنُ
374
قصيدة