عدد الابيات : 15
أَتَتْكَ بِأَسْرَارِ الْوُجُودِ كِتَابَةً
تَرَاهَا عُيُونُ الْخَائِفِينَ فَتَعْشُرُ
لَعَمْرُكَ مَا الْأَنْهَارُ إِلَّا حُرُوفُهَا
وَلَا الْجِنَانُ إِلَّا حَدِيثٌ يُحَبَّرُ
تَسَاءَلُ: هَلْ تَبْقَى إِذَا مَا تَحَوَّلَتْ
قُيُودُ الزَّمَانِ الْجَائِرِ الْمُتَكَبِّرُ
فَتَقْبَلُ مِسْكَ الْغَيْبِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَتُلْقِي لِأَهْلِ الْحِكْمَةِ مَا تُبَشِّرُ
أَرَادَ الْوُرُودَ الْعُشَّاقُ فَاسْتَصْعَبُوا
فَقَالَتْ: هُنَاكَ الْحُبُّ لَا مَا تُصَوِّرُ
وَمَنْ يَرْتَوِي مِنْ نَيْلِهَا يَتَحَسَّرُ
فَإِنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ لَمْ يَسْتَقِرُّ
دِمَشْقُ، أَتَدْرِينَ الْجَمَالَ الَّذِي بِكِ
هُوَ الْغَيْبُ فِي أَحْدَاثِنَا يَتَحَدَّرُ
وَمَا أَنْتِ إِلَّا كَالْوُجُودِ مُعَرَّفَةً
تُرَاقِبُنَا وَالْخَفْيُ مِنْكِ يُنَظَّرُ
سَتَبْقِينَ حَتَّى تَنْهَدَّ كُلُّ رُبُوعِنَا
وَيَبْقَى عَلَى أَعْبَائِهَا مَا يُؤَثِّرُ
فَيَا سَاكِنِي الْأَطْلَالِ هَلْ مِنْ مُعِيدٍ
سَرَابًا مِنَ الْمَجْدِ الَّذِي كَانَ يَظْهَرُ
أَتَانِي جَوَابُ الْغَيْبِ فِي لَحْظَةِ الْهَوَى
فَقُلْتُ: دِمَشْقٌ كُلُّهَا سِرٌّ أُخَفَّرُ
لَقَدْ جَاوَزَتْ مَا تُدْرِكُ الْعَيْنُ رِفْعَةً
فَمَا تُعْرَفُ الْأَسْمَاءُ إِلَّا وَتُكَتَّرُ
فَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي الْحُبَّ فَابْكِ عَلَى الدِّمَا
وَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي الْمَجْدَ فَاسْأَلْ وَأَكْثِرُ
دِمَشْقُ، أَرَاكِ الْوُجُودَ مُجَسَّدًا
فَمَا الْخُلْدُ إِلَّا أَنْتِ وَالْكَوْنُ يَنْتَظِرُ
هَذِهِ دِمَشْقُ.. فِي الْوُجُودِ كِتَابَةٌ
وَفِي الْقُلُوبِ لَهَا الْحُبُّ الْمُعَمَّرُ
380
قصيدة