الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » في سماء سارة.. حكاية بُعد

عدد الابيات : 133

طباعة

أَلَمَّ بِيَ الشَّوْقُ الْمُبَرِّحُ فِي دَمِي

فَأَوْقَدَ نِيرَانَ الْهَوَى فِي التَّكَلُّمِ

رَأَيْتُ جَمَالَ الْكَوْنِ يُشْرِقُ وَجْهُهَا

كَأَنَّ بِهَا بَدْرَ السَّمَاءِ الْمُنَسَّمِ

عُيُونٌ كَآيَاتِ السِّحْرِ مُزَخْرَفٌ

جَمَالُ سَنَاهَا بِالنُّجُومِ الْمُلَمْلَمِ

وَأَهْدَابُهَا سُودٌ كَلَيْلٍ إِذَا سَرَى

تُغَنِّي بُحُورَ الشِّعْرِ لَحْنَ التَّرَنُّمِ

إِذَا مَا رَمَتْ بِاللَّحْظِ سَهْمًا أَصَابَنِي

كَأَنِّي طَرِيدٌ بَيْنَ غَابٍ مُعَتِّمِ

وَلِلْعِطْرِ فِي أَنْفَاسِهَا سِحْرُ نَفْحَةٍ

كَأَنَّ زُهُورَ الْأَرْضِ تُزْجِي إِلَى فَمِي

وَفِي مَشْيِهَا غُصْنٌ تَمَايَلَ لِينُهُ

يُرَاقِصُ أَنْغَامَ الْهَوَى دُونَ مُلْهِمِ

إِذَا نَطَقَتْ، سَالَتْ مِنَ الْحَرْفِ شُهْدَةٌ

كَأَنَّ كَلَامَ الطِّيبِ يَجْرِي بِمِعْصَمِ

وَضِحْكَتُهَا نَبْعٌ يُعِيدُ حَيَاةَ مَنْ

أَصَابَهُ جَفْوُ الدَّهْرِ فِي كُلِّ مَأْتَمِ

تُضِيءُ بِثَغْرٍ كَاللُّؤَالِئِ إِنْ بَدَا

تُحَاكِي بِهِ نُورَ الصَّبَاحِ الْمُبَسِّمِ

وَوَجْهٌ كَرَوْضٍ زَانَهُ الْغَيْثُ حُلَّةً

فَيَسْكُنُهُ قَلْبُ الْجَرِيحِ الْمُهَشَّمِ

وَشَعْرٌ كَسَيْلِ اللَّيْلِ يَنْسَابُ رِقَّةً

إِذَا مَا بَدَتْ، كَانَ النَّهَارُ بِمُظْلِمِ

وَطَلَّتُهَا تَاجٌ عَلَى الرَّأْسِ عِزَّةٌ

تُخَالِجُ قَلْبَ الْعَاشِقِ الْمُتَلَعْثِمِ

وَبَسْمَتُهَا بَدْرٌ يُطِلُّ بِضِيَائِهِ

فَيَمْحُو ظَلَامَ الْحُزْنِ مِنْ كُلِّ مُغْرَمِ

وَقَدُّهَا كَالْغُصْنِ فِي الْحُسْنِ شَامِخٌ

يُنَاجِي بِهِ الْحُسْنَ الْبَدِيعَ الْمُكَرَّمِ

طَوِيلٌ، كَأَنَّ الْبَدْرَ يَحْنِي لَهُ الْعُلَا

فَتَزْهُو بِهِ الْأَرْضُ الزَّكِيَّةُ بِالدَّمِ

إِذَا أَقْبَلَتْ، هَبَّ النَّسِيمُ مُعَطَّرًا

وَأَمْسَى زَمَانُ الْقُبْحِ فِي حَالِ مُظْلِمِ

كَأَنَّ لَهَا سِحْرَ الْمُلُوكِ بِفِتْنَةٍ

تُقَيِّدُ بِهَا الْأَلْبَابَ دُونَ تَحَكُّمِ

وَإِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ، أَطَلَّتْ جَمَالُهَا

كَأَنَّ الضُّحَى يَبْكِي لِرُؤْيَا الْمُعْتِمِ

فَكَيْفَ أُجَارِي فِي الْمَدَائِحِ حُسْنَهَا؟

وَقَدْ عَجَزَتْ كُتْبُ الْبَلَاغَةِ عَنْ فَمِي

هَوَاهَا سَرَى فِي الْقَلْبِ حَتَّى كَأَنَّهُ

دِمَائِي الَّتِي تَجْرِي بِجِسْمِيَ الْمُهَدَّمِ

أَيَا غَادَةَ الدُّنْيَا، إِلَيْكِ تَحِيَّتِي

وَكُلُّ الْحُرُوفِ الْيَوْمَ تَقِفُ بِمُغْرَمِ

فَصَفَّقَتِ الْأَكْوَانُ حِينَ وَصَفْتُهَا

وَأَصْبَحَ شِعْرِي فِي الْعُلَا كَالْمُتَرْجِمِ

رَأَيْتُكِ فِي الْأَحْلَامِ طَيْفًا مُلَهْوِمًا

كَأَنَّكِ بَدْرُ التِّمِّ فِي لَيْلٍ مُظْلِمِ

جَمَالُكِ آيَاتٌ كُتِبْنَ عَلَى الْمَدَى

تُرَتِّلُهَا الْأَرْوَاحُ فِي لَحْنٍ مُلْهِمِ

لَهَا عَيْنُ رِيمٍ فِي الْوِهَادِ مُهَابَةٌ

إِذَا رَمَقَتْ صَيْدًا تُصِيبُهُ بِمَحْرِمِ

وَفِي أَهْدُبِ الْعَيْنَيْنِ سِحْرٌ مُقَدَّسٌ

كَأَنَّ بِهَا سُحْبَ الرُّؤَى لَمْ تُقَسَّمِ

تَضَوَّعُ عُطُورُ الْأُنْسِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ

كَأَنَّكِ بُسْتَانُ الْجَمَالِ الْمُعَمَّمِ

وَمِشْيَتُكِ الْغَيْدَاءُ تُنْسِي جَلَالَهَا

خُطَا رَوْضٍ يَرْقَى رُبَى حُسْنِ الْأَسْحَمِ

وَحَدِيثُكِ الْآتِي كَعِقْدٍ مِنَ الدُّرَرِ

تَسَاقَطَ مِنْ بَيْنِ اللآلِئِ فِي فَمِ

وَضِحْكَتُكِ الْمِيزَابُ تُسْقِي ظِمَاءَنَا

وَتُنْعِشُ فِينَا الرُّوحَ بِاللَّحْنِ الْمُنْسِمِ

وَأَنْتِ الَّتِي لَوْ بَانَ فِي ثَغْرِهَا سَنَا

تَضَاءَلَتِ الْأَقْمَارُ فِي لَيْلِ مَحْرَمِ

إِذَا مَا نَظَرْتُ الْوَجْهَ عَادَ بَهَاؤُهُ

كَشَمْسِ النَّهَارِ إِذْ تُزِيلُ التَّعَتُّمِ

وَفِي شَعْرِكِ اللَّيْلُ انْبَثَقْنَ ظِلَالُهُ

تُوَشِّحُهُ الْأَنْوَارُ مِنْ سُبْحِ مَعْلَمِ

وَطَلَّتُكِ الْغَرَّاءُ تَاجُ جَلَالِهَا

يُحْيِي الْقُلُوبَ الْحَيْرَى وَيُفْنِي التَّأَلُّمِ

بَسْمَتُكِ الْإِشْرَاقُ يَسْكُبُ نُورَهُ

كَصُبْحٍ عَلَى الْأَزْهَارِ فِي وَقْتِ تَبَسُّمِ

وَقَدُّكِ يَا نُسْرَ الْهَوَى فِي قَوَامِهِ

كَغُصْنِ نَخِيلٍ بَيْنَ أَعْوَادِ سَلْسَمِ

وَطُولُكِ يَا سِرَّ الْبَهَاءِ وَمَجْدَهُ

كَأَنَّكِ سَيْفُ النَّصْرِ فِي يَدِ مُقْدِمِ

أَيَا مَنْ لَهَا كُلُّ الْكَمَالِ تَجَمَّعَتْ

مَحَاسِنُهَا حَتَّى غَدَتْ فَوْقَ تَوَهُّمِ

أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ دَرَى الْبَحْرُ عِشْقَهُ

لَأَصْبَحَ مَوْجُ الْبَحْرِ يَسْرِي بِمَرْغَمِ

وَأُهْدِيكِ مِنْ قَلْبِي قَصِيدًا كَأَنَّهُ

نُجُومٌ تُضِيءُ اللَّيْلَ فِي زَهْوِ أَنْجُمِ

فَيَا نَفْحَةَ الرَّوْضِ الْجَمِيلِ وَرَوْعَةَ

الْجَمَالِ الَّذِي أَبْهَى مِنَ الْحُلْمِ الْمُلْهِمِ

بَقِيتِ عَلَى الْأَيَّامِ بَدْرًا مُخَلَّدًا

كَأَنَّكِ فِي قَلْبِ السَّمَاءِ الْمُنَعَّمِ

أَلَا هُبِّي بِصُبْحٍ مِنْكِ وَاسْلَمِي

فَقَدْ طَافَ بِيَ الشَّوْقُ حَتَّى لَمْ أَنَمِ

رَأَيْتُكِ بَدْرًا فِي سَمَائِي مُؤَنَّقًا

يُضِيءُ بِعَيْنَيْكِ الدُّجَى فِي الْمُظْلِمِ

وَفِي لَحْظِ عَيْنَيْكِ السِّهَامُ مُصَوَّبَةٌ

إِذَا مَا رَمَتْ قَتْلِي فَلَا تَتَلَعْثَمِي

أَلَا إِنَّ أَهْدَابَ الْعُيُونِ شِبَاكُهَا

تَصِيدُ الْفُؤَادَ فِي قِلَاعِ التَّبَسُّمِ

وَفِي خَدِّكِ الْوَرْدِيِّ آيَاتُ فِتْنَةٍ

تُنَافِسُ وَرْدَ الرَّوْضِ عِنْدَ التَّبَرْعُمِ

وَإِنَّ شِفَاهَكِ شَهْدُ خَمْرٍ مُعَتَّقٍ

يَسِيلُ بِرِفْقٍ كَالسَّحَابِ الْمُنَعَّمِ

حَدِيثُكِ لَحْنٌ قَدْ شَدَا فِي مَسَامِعِي

فَأَصْغَيْتُ أَسْمَعُهُ بِأَلْفِ تَنَغُّمِ

وَضِحْكَتُكِ الْعَذْرَاءُ صُبْحٌ مُؤَرَّجٌ

تُرَاقِصُ أَنْفَاسِي بِنَبْضِ التَّبَسُّمِ

أَمَا الْمَشْيُ فِيكِ فَخَطْوٌ مَهِيبٌ

كَأَنَّكِ غُصْنُ الْبَانِ عِنْدَ التَّنَعُّمِ

وَفِيكِ مِنَ الْعِطْرِ النَّفِيسِ رَوَائِحُ

تُذِيبُ فُؤَادِي بَيْنَ أَنْفَاسِ مُغْرَمِ

إِذَا مَا بَدَتْ مِنْكِ الطَّلَائِعُ مُشْرِقَةً

تَسَامَتْ كَأُفْقٍ فِي صَبَاحٍ مُتَرَنِّمِ

وَأَنْتِ جَمَالٌ مَا حَوَاهُ تَصَوُّرٌ

وَلَا خَطَّهُ شِعْرٌ وَلَا عَزْفُ مُنَظَّمِ

وَفِي قَدِّكِ الْمَيَّاسِ آيَاتُ فِتْنَةٍ

كَأَنَّكِ مِنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ تَنَعُّمِي

فَمَنْ مِثْلُكِ الْحَسْنَاءُ، طِيبٌ وَدَلَّةٌ

كَأَنَّكِ سِرُّ الْكَوْنِ فِي كُلِّ مَحْرَمِ

وَأَهْدَابُ عَيْنَيْكِ الَّتِي لَمْ أَرَ مِثْلَهَا

كَأَنَّهَا سَيْفٌ فِي يَدَيْكِ لِتَحْكُمِي

وَقَدُّكِ مَا قَدُّ الْغُصُونِ إِذَا بَدَتْ

بَلِ السَّيْفُ فِي عُلْيَائِهِ الْمُتَقَدِّمِ

وَوَجْهُكِ مِرْآةُ الْقُلُوبِ إِذَا بَدَا

تَلَأْلَأَ كَالشَّمْسِ الضَّحُوكِ الْمُنَعَّمِ

وَفِي شَعْرِكِ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ مُرَنَّمٌ

يُسَافِرُ بِي شَوْقًا إِلَى الْمُلْتَقَى السَّمِي

وَإِنْ مَرَّ عِطْرُكِ فِي الدُّرُوبِ تَفَجَّرَتْ

رُبَى الزَّهْرِ رَيْحَانًا بِأَعْطَرِ مِرْسَمِ

فَأَنْتِ النَّقَاءُ فِيكِ سِرُّ جَمَالِنَا

وَفِيكِ رَبِيعُ الْأَرْضِ مِنْ كُلِّ مَغْنَمِ

إِذَا غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَمَا لِي مَنَازِلُ

وَلَا رَاحَةٌ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ التَّهَدُّمِ

فَكَيْفَ أَنَامُ اللَّيْلَ وَالْحُبُّ زَائِرٌ

يَحُطُّ جَنَاحَيْهِ كَأَحْلَامِ مُتَيَّمِ

إِذَا كُنْتِ قُرْبِي كَانَ رُوحِي سَكِينَةً

وَإِنْ غِبْتِ أَضْحَى الْكَوْنُ بِالْقَلْبِ مُظْلِمِ

أَيَا مَنْ لَهَا كُلُّ الْفُؤَادِ وَهَبْتُهُ

رُوَيْدَكِ لَا تَذْرِيهِ شَوْقًا فَتَنْفَمِي

وَفِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْكِ مَعْنًى مُطَوَّقٌ

بِأَنَّكِ حُسْنُ الْحُسْنِ دُونَ التَّكَلُّمِ

كَأَنَّكِ فِي هَذَا الْجَمَالِ مَفَازَةٌ

تَفِيضُ بِأَسْرَارِ الْوُجُودِ الْمُنَظَّمِ

لَعَمْرُكِ مَا فِي الْكَوْنِ مِثْلُكِ إِنْ بَدَا

وَمَا شَابَهَتْكِ الشَّمْسُ فِي نُورِ مَظْهَرِ

وَلَا الْبَحْرُ فِي عُمْقٍ وَلَا الْمُزْنُ فِي نَدَى

وَلَا الزَّهْرُ فِي أَلْوَانِهِ الْمُتَبَسِّمِ

فَمَا لِي سِوَى أَنِّي أُحِبُّكِ عَاشِقًا

وَمِنِّي لَكِ الرُّوحُ الَّتِي لَمْ تُهَشَّمِ

وَأُهْدِيكِ قَلْبِي فِي يَدَيْكِ أَمَانَةً

فَكُونِي بِهِ لِلْوَصْلِ خَيْرَ الْمُكَرَّمِ

كَأَنَّ الْمَدَى فِي مُقْلَتَيْهَا مُحِيطُهَا

يُدَارِي خَيَالَاتِ الْجَمَالِ وَيُلْهِمِ

تَخَالُ النُّجُومَ فِي أَهدَابِهَا هِبَاتٍ

تُهِيمُ بِهَا الْأَرْوَاحُ حَتَّى تَسَلَّمِ

لَهَا مِنْ عَبِيرِ الْمِسْكِ مَا لَا يَفُوقُهُ

شَذَا وَرْدَةٍ فِي مَطْلَعِ الْفَجْرِ مُفْعَمِ

وَمِشْيَتُهَا سِحْرٌ كَأَنَّ خُطَاهَا

عُزُوفٌ تُنَاجِيهِ الرِّيَاحُ وَتُرَنِّمِ

إِذَا مَا تَكَلَّمَتِ السَّمَاءُ تُصْغِي

كَأَنَّ حَدِيثَ الْحُسْنِ مَنْهَجُ مَحْكَمِ

وَفِي ضِحْكَتِهَا عُرْسُ الزَّمَانِ وَبَهْجَةٌ

تُبَدِّدُ غَيْمَ الْحُزْنِ حَتَّى يُبَسَّمِ

وَأَنْفَاسُهَا زَهْرُ الرُّبَى فِي رَبِيعِهَا

يُعَانِقُ أَنْفَاسَ النَّدَى حِينَ يَنْعَمِ

وَفِي ثَغْرِهَا سِرُّ الْكَوَاكِبِ كُلِّهَا

إِذَا مَا تَجَلَّتْ بِالضِّيَاءِ تَبْتَسِمِ

وَوَجْهُكِ بَدْرٌ أَشْرَقَ الْكَوْنَ حَوْلَهُ

فَصَارَ الدُّجَى حَوْلَهُ خَائِفًا يَهِيمِ

وَشَعْرُكِ دُجَى اللَّيْلِ يَنْسَابُ غَيْمَةً

تُخَاطِبُ عِطْرَ الصُّبْحِ حَتَّى تَنَعَّمِ

وَفِي طَلَّتِكِ الْمَيْمُونِ أَزْهَرَ حُسْنُهَا

فَصَارَ جَمَالُ الْأَرْضِ مِنْهَا يَتَعَلَّمِ

بَسْمَتُكِ شَمْسٌ فِي الضِّيَاءِ مُبَشِّرَةٌ

إِذَا لَاحَتِ الْآفَاقُ فَرَحًا تُنَغِّمِ

وَقَدُّكِ غُصْنٌ فِي الْبَهَاءِ مُهَيَّبٌ

يُصَافِحُ نَدَى السُّحْبِ حَتَّى تَرْحَمِ

وَطُولُكِ تَاجُ الْفَخْرِ بَيْنَ نِسَائِهَا

كَأَنَّكِ جِيدُ الْغِيدِ حَتَّى تُكَرَّمِ

وَأَنْتِ الْمُنَى إِنْ جَالَ فِي النَّفْسِ خَاطِرٌ

تُضِيءُ ظَلَامَ الْحُلْمِ حَتَّى تَتَرَحَّمِ

وَفِي كُلِّ آنٍ قَدْ أَرَاكِ مَلَاذَنَا

كَأَنَّكِ طَيْفُ الْمَجْدِ حَتَّى تُكْرَمِ

وَفِي خَطْوِكِ النَّغَمَاتُ تَجْرِي عَذُوبَةً

تُرَاقِصُ قَلْبَ الْعَاشِقِ الْمُتَحَطِّمِ

فَيَا مَنْ مَلَكْتِ الْقَلْبَ مِنْ غَيْرِ رَحْمَةٍ

أَعِيدِي لَنَا الْقَلْبَ الَّذِي صَارَ مُغْرَمِ

وَهَذَا غَرَامِي قَدْ كَتَبْنَاهُ خَالِدًا

يُخَلَّدُ فِي الْآفَاقِ حَتَّى تُتَمَّمِ

فَيَا بَدْرَ دُنْيَايَ اغْفِرِي لِي هُيَامَنَا

فَإِنِّي بِحُبِّكِ يَا مَلِيحَةُ مُلْتَزِمِ

أَلَا قُلْ لِمَنْ يَسْلُو الْجَمَالَ الْمُتَمِّمِ

لَئِنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكِ، عُدْتُ بِلَا غَمِّ

وَفِي عَيْنَيْكِ سِرٌّ مِنَ السِّحْرِ فَاتِنٌ

كَمِثْلِ الْمَدَى الْمَوْجِيِّ يُغْرِي بِمَغْنَمِ

رُمُوشُكِ سَهْمٌ فِي الْقُلُوبِ مُجَرَّبٌ

كَأَنَّا غَدَوْنَا مِنْ تَصَاوِيبِهِ دَمِي

وَعِطْرُكِ نَدَى الْأَزْهَارِ فِي كُلِّ نَسْمَةٍ

يَفُوحُ بِنَفْحٍ لَا يُضَاهَى بِمَشْمَمِ

وَفِيكِ حَدِيثُ الرُّوحِ أَعْذَبُ لَهْجَةٍ

إِذَا قُلْتِ هَزَّ الْكَوْنَ صَوْتٌ مِنَ النَّغَمِ

وَضَحْكَتُكِ الْأَنْسَامُ تُهْدِي جَمَالَهَا

فَأَنْتِ ابْتِسَامُ الدَّهْرِ فِي وَجْهِهِ الْوَسِمِ

وَأَمْشِي إِلَيْكِ وَالْهَوَى فِي خُطُوَاتِكِ

كَغَيْمٍ تَوَارَى فَوْقَ وَادِيكِ بِالسِّلَمِ

طِوَالٌ كَغُصْنِ الْبَانِ يَجْرِي بَهَاؤُهُ

وَفِيكِ اتِّزَانٌ لَيْسَ مِنْ قَبْلِهِ عِلْمِ

وَحِينَ أَطَلْتِ كَالْبَدْرِ فِي لَيْلِ حُسْنِهِ

تَلَأْلَأَتِ الْآفَاقُ مِنْ ضَوْءِ مُنَعَّمِ

فَيَا وَجْهَهَا، بَدْرُ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ

تَوَارَى خَجُولًا فِي ظِلَالِكِ الْمُحْكَمِ

وَشَعْرُكِ لَيْلٌ حَالِكٌ فِي جَمَالِهِ

كَأَنَّ النُّجُومَ التَّاجَ فِيهِ عَلَى الْقِمَمِ

وَفِيكِ مِنَ الْأَسْرَارِ سِرٌّ يُذِيبُنِي

إِذَا مَا نَظَرْتُ ازْدَادَ فِي الْحُبِّ مُلْهِمِي

أَيَا زِينَةَ الدُّنْيَا وَأَعْظَمَ زِينَةٍ

بِرَبِيعِكِ الْأَخْضَرِ لَا الزَّهْرَ فِي الْخِيمِ

مَلَكْتِ فُؤَادِي وَالْهَوَى بَاتَ ضَائِعًا

عَلَى قَدَرٍ قَدْ كَانَ أَصْدَقَ مِنْ حُلْمِ

وَفِي بَسْمَتِكِ الْأَمَلُ الَّذِي لَمْ أَذُقْهُ

كَأَنَّ السَّمَاءَ أَهْدَتِ الْبَدْرَ لِي غَمَمِ

وَفِي نَبْرِكِ السِّحْرُ الَّذِي مَا تَلَاشَى

بِهِ عَالَمٌ يَعْلُو عَلَى الزَّمَنِ الْأَتَمِّ

فَأَنْتِ الَّتِي قَدْ أَسْكَنْتِنِيَ جَنَّةً

وَأَوْقَدْتِ لِقَلْبِيَ الْهَوَى غَيْرَ مُنْقَسِمِ

بِنَفْسِيَ أَنْتِ، الْحُبُّ نُورٌ بِوَجْهِكِ

كَمِثْلِ النَّهَارِ أَشْرَقَ الْكَوْنُ فِي الْحُرَمِ

وَأَهْدَابُكِ الطُّولَى قَنَادِيلُ حُبِّنَا

وَفِي كُلِّ طَرْفٍ سَهْمُ عِشْقٍ لَهُ حَكَمِ

مَشَيْتِ فَمَالَ الْغُصْنُ مِنْ حَسَدِ الرُّؤَى

وَمَالَتْ إِلَيْهِ الرِّيحُ فِي غَيْمِهَا الظَّمِ

وَأُقْسِمُ بِالْحُبِّ الَّذِي فِيكِ سَاحِرٌ

بِأَنِّيَ قَدْ أَهْدَيْتُ رُوحِي إِلَى النَّجْمِ

فَإِنْ قُلْتِ: قِفْ، أَقِفُ وَإِنْ شِئْتِ أَرْحَلُ

إِلَيْكِ وَلَوْ سِرْتُ الطَّرِيقَ إِلَى الْعَدَمِ

وَحُبُّكِ دِينٌ قَدْ أَقَمْنَا فُرُوضَهُ

وَمِنْهُ نَرَى مَا لَمْ نَرَ فِي كُتُبِ الْحِكَمِ

بِكُلِّ خُطَاكِ الْوَحْيُ يَسْرِي بِنَبْضِهِ

كَأَنَّكِ صَوْتُ اللهِ فِي الْكَوْنِ بِالْكَرَمِ

فَهَاتِ مِنَ الْبَسَمَاتِ وَرْدًا كَزَهْرِهِ

لِنَفْسِي أَرَى فِي عِطْرِهِ حُسْنَ مُنَعَّمِ

وَفِي الشَّفَتَيْنِ الْعَذْبُ يَشْدُو كَأَنَّهُ

تَرَاتِيلُ عِشْقٍ قَدْ تَلَوَّتْ عَلَى الْحِرَمِ

رَمَيْتِ قُلُوبَ الْعَاشِقِينَ بِمِشْيَةٍ

فَصَارُوا غُبَارًا فِي دُرُوبِكِ مُنْقَسِمِ

وَحِينَ تَكَلَّمَتِ الْغُصُونُ تَوَقَّفَتْ

وَأَصْبَحْتِ فَوْقَ الشِّعْرِ أَصْدَقَ مِنْ نَظْمِ

كَأَنَّكِ فِي الْوَصْفِ الْحَقِيقَةُ كَامِلَةً

وَمَا دُونَكِ الْكَلِمَاتُ فِي شَأْنِكِ تُجْتَمِ

فَهَاتِي حَدِيثًا لِلْعُيُونِ مُرَفْرِفًا

عَلَى شُطْآنِ الْعِشْقِ كَاللَّحْنِ وَالرَّقَمِ

وَيَا صَاحِبَ الشِّعْرِ الَّذِي فِيكِ خَاضِعٌ

أَلَا قَدْ تَمَلَّكْتِ الْهَوَى كُلَّ مُغْرَمِ

طِوَالُكِ كَالرُّمْحِ الَّذِي زَانَ طُولُهُ

وَفِيهِ اتِّزَانٌ لَيْسَ مِنْ قَبْلِهِ عِلْمِ

جَمَالُكِ فَوْقَ الْوَصْفِ مَا قَدْ حَكَيْتُهُ

بِصِدْقٍ، كَأَنَّ الْوَحْيَ مِنْ صَدْرِكِ انْتَظَمِ

أَيَا نَغْمَةَ الْأَشْعَارِ فِي حُبِّ وَصْفِهَا

تَهَادَى الْحُرُوفُ فِي قَصَائِدَ كَالْهَرَمِ

فَهَاتِي سَحَابَاتِ الْجَمَالِ وَطَرِّبِي

عُيُونِي بِحُسْنٍ لَا أَرَاهُ سِوَى بِدَمِ

لَقَدْ هَامَ قَلْبِي فِي عُيُونِكِ هَائِمًا

كَأَنَّيَ طِفْلٌ تَائِهٌ وَسْطَ الْعَلَمِ

وَضَعْتِ مِنَ الْعِطْرِ الْفَرِيدِ كَأَنَّمَا

شَذَاكِ عَبِيرٌ جَاءَ فِي صَمْتِ الْمُنَعَّمِ

وَفِي مَشْرِقِ الْوَجْهِ ابْتِسَامَةُ حُبِّنَا

تُضِيءُ الظَّلَامَ فِي الْمَسَاءِ بِلَا عَدَمِ

فَيَا لَيْتَ كُلَّ الْعُمْرِ أَسْكُنُ ظِلَّكِ

وَأَبْقَى مَعَ الْأَحْلَامِ فِي حُسْنِكِ الْأَحْرَمِ

إِذَا مَا ذَكَرْتِ الْحُبَّ كَانَ جَوَابُكِ

قَصَائِدَ حُبٍّ زَانَهَا اللهُ بِالنِّعَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

380

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة