عدد الابيات : 25
هَذَا حَاتِمٌ، سَيِّدٌ فِي خُلُقِهِ عَلَمُ
وَبِالْقُلُوبِ لَهُ مَجْدٌ يُعَانِقُهُ الْعَلَمُ
رَحَلَ الْكَرِيمُ وَلَمْ تَغِبْ مَنَاقِبُهُ
بَاتَتْ تُنِيرُ لَنَا الدُّنْيَا بِخَيْرٍ وَتُحْتَرَمُ
إِذَا رَأَتْهُ الْعُرْبُ قَالَ قَائِلُهَا هَذَا
الْكَرِيمُ الَّذِي فِي الْجُودِ قَدْ عُلِمُوا
كَفَّاهُ إِذَا مَا مَدَّهُمَا لِسَائِلِهِ
تَنْهَالُ بِالْبِرِّ، لَا ضِيقٌ وَلَا سَأَمُ
كَأَنَّ نُورَ السَّمَاءِ فِي فَضَائِلِهِ
يَجُودُ فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ، فَيَبْتَسِمُ
حَاتِمٌ إِذَا نَادَاهُ الْمَجْدُ قَائِلًا
لَبَّى الدُّعَاةَ لِلْخَيْرِ الَّذِي عَظُمُوا
تَرَاهُ فِي كُلِّ مَوْقِفِ صِدْقٍ سَيِّدًا
لَا يُنْكِرُ الْحَاجَةَ، وَبَدًا لَا يَتَرَسَّمُ
إِذَا الْتَفَتَّ نَحْوَهُ الْأَعْيُنُ، رَأَوْهُ
نَهْرَ السَّخَاءِ الَّذِي بِالْجُودِ يَلْتَحِمُ
فِي كُلِّ مَجْلِسِ حِكْمَةٍ، كَانَتْ مَنَاقِبُهُ
تُرْوَى كَمَا تُرْوَى الْأَشْعَارُ وَالْحِكَمُ
وَفِي الْخُلُقِ التَّقِيِّ كَانَ سَيِّدَهُمْ
يَرْفَعُ مِصْبَاحَ نُورٍ كَالْبَدْرِ إِذَا حَسَمُوا
هَذَا الَّذِي مَشَتْ الْأَرْضُ تَحْمِلُ خُطَاهُ
وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُ، وَالْحِلُّ وَالْخَيْرُ وَالْأُمَمُ
مَاتَ الْكَرِيمُ وَلَكِنْ لَا تَغِيبُ لَهُ
آثَارُ فَضْلٍ، فَكَمْ زَادَتْ وَكَمْ عَظُمُوا
يَا رَاحِلًا قَدْ تَرَكْتَ الْعِلْمَ رَاسِخًا
فِي كُلِّ صَدْرٍ بَنَيْتَ الْفَخْرَ وَالْحِكَمَ
يَا حَاتِمٌ، لَيْسَ يُمْحَى ذِكْرُكَ إِذْ ذُكِرَتْ
أَفْعَالُ أَهْلِ الْعُلَا، لَكِنْ أَنْتَ مَنْ عَلِمُوا
وَفِي الْوَدَاعِ دُمُوعٌ لَا تُفَارِقُنَا
كَأَنَّهَا النَّجْمُ فِي لَيْلِ الْبِلَى وَهَمُ
إِنْ غِبْتَ، لَمْ تَغِبْ الْقِيَمُ الَّتِي بَقِيَتْ
تَحْمِي الْقُلُوبَ وَفِي الْأَرْضِ تُخْتَمُ
فِي كُلِّ بَيْتٍ لَكَ الْعِرْفَانُ سُبُلٌ
فَمَا تَرَكْتَ لَهُ عَهْدًا، وَهُوَ مُلْتَزِمُ
وَفِي دُرُوبِ الْجِهَادِ كُنْتَ فَارِسَهَا
بِالْعَزْمِ، كَالنَّسْرِ بِالسُّحْبِ بِهَا يَحُمُ
يَا مَنْ عَلَوْتَ بِطُهْرِ النَّفْسِ مُرْتَقِيًا
نَجْمُ الْكَرَامَةِ إِذْ مَالَتْ بِكَ الْقِمَمُ
مَا كُنْتَ إِلَّا نَقِيًّا فِي سَمَائِكُمُ
يَا سَيِّدَ الْحِلْمِ فِي الْأَرْوَاحِ تَلْتَحِمُ
فَمَا تَرَكْتَ مِنَ الدُّنْيَا سِوَى أَثَرٍ
فِي كُلِّ نَفْسٍ، وَبِالْقُلُوبِ مُعْتَصَمُ
فَرَحْمَةُ اللَّهِ فِي الْعَلْيَاءِ تَغْمُرُهُ
وَفِي النَّعِيمِ هُوَ، نِعْمَتْ دَارُهُ الْقُدُمُ
كَيْفَ الْوَدَاعُ وَقَدْ كُنْتَ لَنَا أَبًا
يَحْمِي الضَّعِيفَ، وَيَعْلُو فَوْقَ مَنْ ظَلَمُوا
إِذَا تَذَكَّرْنَا الْحِلْمَ الَّذِي كَانَتْ
أَيَّامُهُ، تَذْكُرُ الْخَيْرَ الَّذِي يَصْفُو وَيَنَمُ
فَيَا رَاحِلًا، نُؤَبِّنُ مَنْ لَهُ بِكَ أَثَرٌ
فِي كُلِّ قَلْبٍ، وَنُورُ الْحَرْفِ يَبْتَسِمُ
374
قصيدة