عدد الابيات : 31
عَلَى الْقُدْسِ دَارُ الْعِزِّ تُبْنَى وَتُشْرِبُ
وَفِيهَا تُرَى أَقْدَاسُ رَبٍّ تُهَيَّبُ
هِيَ الْقُدْسُ تُرْجَى بِالنُّفُوسِ مَهَابَةً
وَفِيهَا كِتَابُ الْمَجْدِ يُخَطُّ وَيُكْتَبُ
تَأَرَّخْتِ فِي فَتْحِ الْفُتُوحِ مُجَلِّيَةً
بِسَيْفِ عُمَرَ، وَالْعَدْلُ فِيهَا يُرَتَّبُ
وَفِيهَا الْأُمَى قَدْ شَادَ عَبْدُهُ قُبَّةً
بِهَا صَعِدَتْ أَرْوَاحُ نُورٍ تَتَرَّبُ
وَعَلَى صَخْرِهَا الْمِعْرَاجُ أَمْسَى شَهَادَةً
وَبِهَا دَعَا التَّارِيخُ لِلْحَقِّ يُصْحَبُ
تَتَابَعَ عَهْدٌ مِنْ أَيُّوبِيِّهَا مَجْدًا
وَعِزٌّ بِدِمَشْقَ الْغُرِّ ظَلَّ يُلَهَّبُ
صَلَاحٌ أَتَى، فَالنَّصْرُ بَاتَ حَقِيقَةً
وَمَسْرَى النَّبِيِّ الْمَجْدُ مِنْهُ يُغَلَّبُ
وَإِنْ طَمَسَتْ أَيْدِي الْغُزَاةِ جَلَالَهَا
فَقَلْبُ بَنِيهَا بِالثَّبَاتِ سَيُعْصَبُ
هِيَ الْقُدْسُ تَأْبَى أَنْ تَذِلَّ بِضَعْفِهَا
وَفِيهَا النُّفُوسُ الْحُرَّةُ الْيَوْمَ تُلْهَبُ
سُيُوفُ الْحِمَى أَجْلَتْ صَلِيلَ ظَلَامِهَا
فَلَا اللَّيْلُ يُخْفِي مَا أَضَاءَتْ وَيَحْجُبُ
وَفِي النَّكْسَةِ السَّوْدَاءِ قَامَ شُمُوخُهَا
وَجُرْحٌ بُرَايَاهَا يُضَمَّدُ وَيُطَبَّبُ
وَفِيهَا أَتَى شَعْبُ الْكَرَامَةِ حَامِلًا
لِوَاءَ التَّحَدِّي، وَالْحِجَارَةَ تُصْقَبُ
إِذَا اسْتُصْرِخَتْ فِي الْأَرْضِ لَبَّى رِجَالُهَا
وَكَيْفَ يُلَامُ الْحُرُّ لِلْحَقِّ يُغْلَبُ؟
وَفِيهَا الْيَتَامَى بَاتُوا أُسُودًا بِرَبْوَةٍ
يَرُدُّونَ بَأْسَ الْمُعْتَدِينَ وَيُرْهَبُ
كَأَنَّ جِبَالَ الْقُدْسِ تَحْمِلُ عِزَّةً
تُنَاجِي بِهَا الْأَقْصَى، وَبِالدَّمِّ تُخْصَبُ
هِيَ الْقُدْسُ مَا زَالَتْ شُعَاعًا لِهَيْبَةٍ
بِهَا نُورُ أَهْلِ الْعَزْمِ فِي الْأَرْضِ يُذْهَبُ
وَقَدْ ظَنَّهَا أَعْدَاؤُهَا حِينَ أَظْلَمُوا
بِأَنَّ جَلَالَ النَّصْرِ فِيهَا سَيَغْرُبُ
فَإِذَا بِهَا تَرْوِي حَكَايَا الْخُلُودِ إِذْ
شَبَابُ بَنِيهَا بِالْمَآثِرِ تُنْسَبُ
وَفِي الْأَقْصَى آيَاتُ التَّحَدِّي شَاهِدًا
وَفِي الصَّخْرِ ذِكْرَى لِلنِّضَالِ تُرَتَّبُ
وَمِنْ أُمَّهَاتِ الْقُدْسِ فَاضَتْ كَرَامَةٌ
بِدَمْعِ الْأَسَى وَالْحُزْنِ خَيْطٌ يُشَذَّبُ
وَفِيهَا رِجَالُ الْحَقِّ كَالطَّوْدِ وَاقِفًا
كَأَنَّ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْ نُورِ رَبٍّ يُجَنَّبُ
وَفِي الْغَاصِبِ الْجَانِي يُدَوِّي قَرَارُهَا
بِأَنَّ عَلَى هَذَا الْمَدَى سَوْفَ يُصْلَبُ
تَعُودُ كَطَيْرِ الْفَجْرِ فِي عُقْبِ عَاصِفٍ
وَتَحْيَا عَلَى أَنْقَاضِ طَاغٍ يُذَبْذَبُ
هِيَ الْقُدْسُ تَاجُ الدَّهْرِ فِي كُلِّ أُمَّةٍ
فَكَيْفَ يَهُونُ الْمَجْدُ، أَوْ يُسْتَغْرَبُ؟
وَفِي أَهْلِهَا سِرُّ الْبَقَاءِ وَعِزُّهَا
وَمِنْ حِلْمِهَا تُنْسَجُ مَآثِرُ تُعْتَبُ
وَفِي أَرْضِهَا مَا زَالَ زَرْعُ كَرَامَةٍ
إِذَا اسْتُفِزَّتْ كَانَ مِنْهَا الْمُهِيبُ
فَطُوبَى لَهَا دَارًا يَلُوذُ بِظِلِّهَا
وَفِيهَا الْأَمَانِي بِالنَّقَاءِ تُخَصَّبُ
وَمَا زَالَ فِي الْأَكْنَافِ مِنْ شَعْبِهَا فَتًى
يَرُدُّ الْعِدَى بِالسَّيْفِ وَالْقَوْلِ يُصْلِبُ
سَلَامٌ عَلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَأَهْلِهَا
إِذَا ذُكِرَ التَّارِيخُ مَجْدًا فِيهَا يُنَجَّبُ
سَلَامٌ عَلَى الْأَقْصَى الَّذِي لَنْ يُهَانَهُ
زَمَنٌ وَإِنْ جَارَ الْخُطُوبُ وَأُكْرِبُ
فَيَا قُدْسُ قُومِي وَارْفَعِي لِوَاءَكِ
فَأَنْتِ الْعُلَا، وَالْمَجْدُ فِيكِ سَيُكْتَبُ
374
قصيدة