الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » الشَّامُ أَرْضُ الْكَرَامَةِ وَالدِّمَاءِ

عدد الابيات : 76

طباعة

هَذَا الْقَصِيدُ ابْتِدَاءُ الْمُعْجِزَاتِ، هُنَا

تَحَدِّيَ الْخَلْقِ، فَاقْرَأْ مَا بِهِ بَانَا

يَا امْرَأَ الْقَيْسِ، قُلْ: هَلْ كُنْتَ سَابِقَهَا

أَمْ كُنْتَ فِي حَضْرَةِ الْأَشْعَارِ إِنْسَانَا؟

إِنْ جَاءَ طَرْفُكَ يَا الْأَعْشَى بِهَا دَهَشًا

خُرْتَ الْجَبِينَ، فَذَابَتْ بَيْنَكَ مَعْنَانَا

هَذِي الْمُعَلَّقَةُ الْعُظْمَى، تَفَرَّدَتْ

بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْعَارِ قَدْ عَانَا

وَيَا دِمَشْقُ، قَصِيدِي فِيكِ آيَةُ مَا

يُحْكَى وَيُبْقِي مَدَى الدَّهْرِ وَمَا زَانَا

سَلَامُ شِعْرِي عَلَيْكِ الْآنَ يَا دُرَّةً

فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْأَوْزَانِ غَنَّانَا

يَا شَامُ، يَا لُغَةَ الْإِحْسَاسِ حِينَ سَمَتْ

بِالْقُلُوبِ، فَأَضْحَتْ دَرْبَ وِجْدَانَا

فِيكِ الْقَصَائِدُ تَأْبَى أَنْ تُنَازِعَهَا

يَدُ الزَّمَانِ، وَيُغْنِي الرُّوحَ مَنْبَانَا

جِبَالُكِ الشُّمُّ، أَعْنَاقُ الْفَخَارِ بِهَا

كَأَنَّهَا فَوْقَ هَامِ الْكَوْنِ شُطَّانَا

وَالْغُوطَتَانِ إِذَا رَقَّ النَّسِيمُ بِهَا

رَأَيْتِ وَجْهَ الرَّبِيعِ الْحُسْنِ مَلْآنَا

فِيكِ الْبِدَايَةُ مِنْ مَاضٍ تُظَلِّلُهُ

أَشْجَارُ عِزٍّ، وَعِطْرُ الْمَجْدِ قَدْ بَانَا

وَفِيكِ مِسْكُ اللَّيَالِي حِينَ يَكْتُبُهَا

نُورُ النُّجُومِ بِأَلْحَانٍ وَأَلْحَانَا

شَآمُ، يَا زَهْرَةَ التَّارِيخِ فِي أَلَقٍ

مَا زِلْتِ مَرْفُوعَةَ الْهَامَاتِ عُنْوَانَا

مِنْهَا الْفَصَاحَةُ طَافَتْ فِي مَحَاجِرِنَا

حَتَّى اسْتَقَامَ بِهَا الْإِحْسَاسُ أَوْزَانَا

هَلْ جَاءَ شَاعِرُ هَذَا الْعَصْرِ يُشْبِهُنِي

أَمْ ضَاعَ فِي سَكْرَةِ التَّكْرَارِ نِسْيَانَا؟

إِنِّي كَتَبْتُكِ، وَالتَّارِيخُ يَحْرُسُنِي

وَالشِّعْرُ أَلْبَسَنِي تَاجًا وَمِرْآنَا

كُلُّ الْقَوَافِي إِذَا غَنَّتْكِ خَاشِعَةً

أَضْحَتْ كَأَنَّ لَهَا بِالْحُسْنِ مِيزَانَا

وَإِنْ سَأَلْتِ الْهَوَى، مِنْ أَيْنَ مَوْلِدُهُ؟

قَالَ: الشَّآمُ، وَسَيْفُ الْحُبِّ مُعْوَانَا

إِذَا مَا الصُّبْحُ لَاحَ وَمِلْءَ الْكَوْنِ أَلْحَانًا

رَأَيْتُ فِي نُورِهِ مَعْنًى لِمَنْ صَانَا

وَصَوْتُ الرِّيحِ يَشْدُو فِي الْمَدَى شِعْرًا

كَأَنَّهَا فِي حَنِينِ الرُّوحِ تِرْتَانَا

وَفِي السَّمَاءِ نُجُومٌ قَدْ تُنَاجِينَا

تُضِيءُ دَرْبَ الْأَمَانِ حِينَ أَوْحَانَا

دِمَشْقُ تَاجُ الْمَعَالِي لِلسَّمَا سَمَتْ

كَالْغَارِ يَزْهُو عَلَى التَّارِيخِ تِيجَانَا

وَحَلَبُ لِلْكَرَمِ عُنْوَانٌ وَأُغْنِيَةٌ

كَأَنَّهَا لِلْجَلَالِ أَصْبَحَتْ وِجْدَانَا

وَفِي حَوْرَانَ جَمَالٌ لَا يَزُولُ لَهُ

نَبْضُ الْخُلُودِ، يُرِينَا الْكَوْنَ إِيمَانَا

وَإِدْلِبُ، يَا مَهْدَ أَمْجَادٍ مُخَلَّدَةٍ

حَمَلْتِ رَايَاتِ مَنْ قَدْ زَانَ أَزْمَانَا

أَنْتِ الْبِدَايَةُ فِي سَرْدِ الْعُلَا أَبَدًا

وَفِي خِتَامِ الْمَدَى، أَنْتِ الَّتِي بَانَا

يَا مَهْدَ أَنْبِيَاءِ الْأَرْضِ، يَا وَاحَةً

تَرْوِي ظَمَاءَ الْقُلُوبِ حُبًّا وَرَيْحَانَا

عَلَى تُرَابِكِ سَطَّرْنَا مَلْحَمَةً

وَكَانَ تَارِيخُنَا مِنْكِ الَّذِي كَانَا

فَيَا شُعَرَاءَ، أَتَحَدَّى الْيَوْمَ قَافِيَتِي

أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُكُمُ فِي الْحَرْفِ إِتْقَانَا

أَيَا امْرَأَ الْقَيْسِ، قِفْ وَاحْكُمْ قَصِيدَتَنَا

هَلْ مِثْلُهَا خُلِقَتْ وَنُظِمَ بِهَا قِفْيَّانَا؟

يَا شَامُ، يَا قِبْلَةَ الْأَشْعَارِ مُعْجِزَةً

سَكَنْتِ فِي الْقَلْبِ رُوحًا، فِيكَ دُنْيَانَا

بِكِ انْتَهَى كُلُّ مَعْنَى الشِّعْرِ وَابْتَدَأَتْ

حِكَايَةُ الْخُلْدِ، مَجْدٌ مَا لَهُ ثُنْيَّانَا

يَا شَامُ، يَا أَلَقَ الْعُشَّاقِ يَا وَطَنًا

قَدْ صَارَ مُعْجِزَتِي الْكُبْرَى وَجِنَانَا

أَيَا بِلَادَ الشَّآمِ، الْمَجْدُ فِيكِ بَدَا

مِثْلَ السَّمَاءِ جَلَالًا حِينَ أَعْلَانَا

يَا دُرَّةَ الشَّرْقِ، يَا نَبْعَ الْجَمَالِ، إِذَا

حُدِّثْتِ عَنْكِ الْقَوَافِي عَزَّ مَنْ جَانَا

أَنْتِ الْحَضَارَةُ، أَنْتِ الْفَخْرُ فِي زَمَنٍ

تَاهَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَتَّى صِرْتِ عُنْوَانَا

يَا شَامُ، يَا بَلَدَ التَّارِيخِ، مَا وَهَنَتْ

أَيْدِي الْكِرَامِ، وَمَا زَادَتْكِ نِيرَانَا

لَوْلَاكِ مَا ارْتَقَى فَجْرٌ وَلَا بَزَغَتْ

شَمْسُ الْحَضَارَةِ تُهْدِينَا مَزَايَانَا

يَا شَامُ، أَنْتِ الَّتِي إِنْ ضَاقَ مُنْتَهَانَا

نَأْتِيكِ نَبْكِي وَنَلْقَاكِ الَّتِي حَانَا

فِيكِ ابْتِدَاءُ الدُّنَا، فِيكِ انْتِصَارُهُمُ

وَفِيكِ رُوحُ السَّمَا كَانَتْ وَمَا زَانَا

مِنْ جَوْفِ تَارِيخِكِ الْعَلْيَاءِ نَسْتَلْهِمُ

أَنَّ الْخُلُودَ إِذَا مَا قِيلَ، أَضْفَانَا

أَرْضُ النَّبِيِّينَ وَالْأَحْرَارِ، يَا وَطَنًا

قَدْ عَلَّمَ الدَّهْرَ مَا الْأَخْلَاقُ إِحْسَانَا

يَا شَامُ، يَا شَمْسَ إِبْدَاعٍ عَلَى أُفُقٍ

تَخُطُّ بِالضَّوْءِ أَحْلَامًا وَأَوْطَانَا

فِي كُلِّ وَادٍ هُنَا آيَاتُ مُعْجِزَةٍ

وَفِي تُرَابِكِ تَخْتَالُ الرُّبَى أَغْصَانَا

حَلَبُ الْحَصِينَةُ، لِلْفَتْحِ الَّذِي شَهِدَتْ

صَارَتْ كَأَنَّ لَهَا فِي الْمَجْدِ مَيْدَانَا

يَا حَمَاةَ التُّقَى، وَالنُّورُ أَشْرِعَةٌ

تُهْدِي السَّفَائِنَ فِي الْأَحْلَامِ مَرْسَانَا

وَرَقَّةُ، يَا نَجْمَةَ الْعُشَّاقِ إِنْ سَكَنُوا

أَرْضَ الْمَدَى صَارَ فِيهَا الْحُبُّ سُلْطَانَا

إِذَا تَحَدَّثْتُ عَنْكِ، الشِّعْرُ يَرْكَعُ لِي

وَالْحَرْفُ يُصْبِحُ عُرُوشًا وَتِيجَانًا

وَالدَّيْرُ، أَنْتِ لَنَا دُنْيَا مُؤَبَّدَةٌ

وَأَنْتِ مِفْتَاحُ بَابِ الْخُلْدِ أَزْمَانَا

كَيْفَ امْتَدَحْتُكِ؟ هَلْ أَوْفَيْتُ أُلُوفَ

رُؤًى؟ أَمْ فِيكِ أَكْثَرُ مِمَّا قِيلَ وَأُعْلَانَا؟

لَا امْرُؤُ قَيْسٍ وَلَا الْأَعْشَى إِذَا اجْتَمَعُوا

يَأْتُونَ مِثْلَ الَّذِي خَطَّهُ إِيمَانَا

مَنْ ذَا يُضَاهِي جَلَالَ الشَّامِ فِي أَدَبٍ

أَوْ يُلْحِقُ الْغَيْمَ إِذَا أَنْسَامُهَا جَانَا؟

وَلَاذِقِيَّةُ، خُلِّدَتْ فِي كُلِّ مَكْتَبَةٍ

آيَاتُ شِعْرِي، فَلَا تُمْحَى بِمَا كَانَا

هَذِي الْمُعَلَّقَةُ الْكُبْرَى، وَمُلْهِمَتِي

شَآمُ، يَا آيَاتَ الرَّحْمَنِ رَيْحَانَا

فَلْتَشْهَدِ الْأَرْضُ، وَالْأَقْلَامُ، وَالْحِكَمُ

أَنِّي أَنَا فِي مَدِيحِ الشَّامِ رُبَّانَا

إِنْ جَاءَ نِزَارٌ وَقَالَ الشِّعْرُ لِي أَبَدًا

قُلْتُ: الشَّآمُ هُنَا أَزْهَى وَأَغْنَانَا

خِتَامُ قَوْلِي صَلَاةٌ فِي جَبِينِكُمُ

يَا أَهْلَ شَآمَ، لَكُمْ مَجْدِي وَإِحْسَانَا

يَا شَامُ، يَا لَوْحَةَ الْإِبْدَاعِ مُكْتَمِلَةً

تَفِيضُ سِحْرًا، كَأَنَّ الْفَجْرَ أَلْوَانَا

يَا شَامُ، يَا قِصَّةَ التَّارِيخِ فِي شَجَنٍ

تَمْشِي بِعِزَّةِ مَنْ يُغْنِي وَيُغَنَّانَا

وَطَرْطُوسُ، مَنْبَعَ الْأَحْلَامِ فِي أَلَقٍ

يَا زَهْرَةً قَدْ أَضَاءَتْ لَيْلَنَا أَلْوَانَا

سُوَيْدَا الْحُبِّ أُهْدِيكِ الْقَوَافِي، وَفِي

حَسَكَةَ يَنَابِيعُ صِدْقٍ بَاتَتْ أَعْيَانَا

وَفِي سُهُولِكِ، فِي حِمْصٍ وَفِي جَبَلٍ

كُلُّ الْجَمَالِ تَوَارَى خَلْفَكِ صِوَانَا

وَكُلُّ حَقْلٍ تُرَابُ الْمَجْدِ يُنْبِتُهُ

كَأَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْغَيْمِ قَدْ دَانَا

يَا شَامُ، لَوْلَاكِ مَا نَامَ الْهَوَى أَبَدًا

وَلَا اسْتَقَامَ لَنَا فِي الْأَرْضِ مِيزَانَا

أَنْتِ الْبِدَايَةُ، أَنْتِ الْحُلْمُ، أَنْتِ غَدٌ

أَنْتِ الَّتِي سَطَّرَتْ لِلْمَجْدِ عُنْوَانَا

مَنْ فِي الْبِلَادِ يُقَارِبُ فِيكِ مُعْجِزَتِي

مَنْ يَحْمِلُ الشِّعْرَ نَهْرًا مِنْكِ قَدْ كَانَا

فَأَنْتِ لِلْإِلْهَامِ أُمٌّ، كُلُّ مَفْخَرَةٍ

مَهْدُ الْحَضَارَاتِ أَنْتِ، الْكَوْنُ يُثْنَانَا

الشَّامُ، مَجْدُ السِّنِينَ الْغُرِّ مُحْتَفِلٌ

وَفِي سَمَاهَا الْبَهَاءُ بَاتَ إِيمَانَا

مِنْ قَاسِيُونَ تَرَامَتْ رُوحُ أُمَّتِنَا

تُبْقِي عَلَى عِزِّهَا، مَا زَالَ يَحْمَانَا

وَفِي بَعْلَبَكَّ، تَرَى التَّارِيخَ شَاهِقَةً

تُحَدِّثُ الْكَوْنَ عَمَّا كَانَ وَمَا كَانَا

أَمَّا الْجَلِيلُ، فَفِي أَفْيَائِهِ سَكَنَتْ

أَحْلَامُ شَعْبٍ عَلَى آلَامِهِ حُلْمٍ بَانَا

وَمِنْ فِلَسْطِينَ، زَيْتُونُ السَّلَامِ يَفِي

حَقَّ الشَّآمِ، وَيُهْدِي عِطْرَ وِجْدَانَا

يَا شَامُ، يَا أُمَّةَ الْأَشْعَارِ قَاطِبَةً

لِلَّهِ دَرُّكِ كَمْ أَحْيَاكِ مَنْ شَانَا

أَقْسَمْتُ لَا شَاعِرٌ يَأْتِي بِمِثْلِكِ لَا

فِي الْأَوَّلِينَ، وَلَا الْآتِينَ مَيْدَانَا

يَا شَامُ، يَا سَيِّدَةَ الْأَزْمَانِ مُلْهِمَةً

كَأَنَّكِ الْآيَةُ الْكُبْرَى لِمَنْ دَانَا

خَتَمْتُ شِعْرِي، وَفِي قَلْبِي جَمَالُكُمُ

يَا شَامُ، يَا دُرَّةَ الْأَكْوَانِ، شُكْرَانَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

401

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة