عدد الابيات : 59
طباعةطَرِبَ الْفُؤَادُ وَأَيُّ قَلْبٍ لَا يَطِبُ
إِذَا ذَكَرْتُ مُحَمَّدًا، شَمْسًا بِلَا غُرُبِ
مُحَمَّدُ دَابِلَةٍ، فَخْرُ قَوْمٍ وَشَامِخٍ
عِزٌّ يُطَاوِلُ فِي السُّمُوِّ ذُرَى الشُّهُبِ
هُوَ الْكَمَالُ وَقَدْ تَجَلَّى فِي صِفَاتِهِ
غَيْثٌ يَرْوِي الْأَرْضَ بَعْدَ جَفَافِ جَدْبِ
كَالْبَدْرِ فِي لَيْلِ الدُّجَى يَتَهَادَى
نُورًا يُضِيءُ الدَّرْبَ فِي زَمَنِ الْكُرُبِ
أَخْلَاقُهُ بَحْرٌ عَظِيمُ عُمْقِهِ
يَغْدُو الْكَرِيمُ عَلَى نَدَاهُ بِلَا عَجَبِ
يَا مَنْ جَعَلْتَ الْحِلْمَ تَاجًا فَوْقَكُمْ
وَالْعِلْمَ زَادًا فِي السَّبِيلِ إِلَى الْأَدَبِ
فَخْرُ الرِّجَالِ إِذَا الرِّجَالُ تَبَايَنُوا
وَأَعَزُّ مَنْ النَّاسِ بِعُسْرٍ وَيُسْرِ رَحْبِ
يَا مُحَمَّدُ، الْأَنَامُ تَتْبَعُ مَجْدَكَ
كَالسَّيْلِ يَجْرِي حَيْثُ يَنْبُوعُ الْعَذَبِ
إِنْ كُنْتُ أُثْنِي، فَالْقَصَائِدُ عَاجِزَةٌ
وَالْفَخْرُ فِيكَ يَفُوقُ كُلَّ حُدُودِ مَكْتَبِ
فَابْقَ الْمَلِيكَ عَلَى الْعُلَى، يَا سَيِّدًا
مَا الْفَخْرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِلَا نَظِيرٍ مُصْحَبِ
طَرِبَ الْفُؤَادُ وَزَادَهُ بِالطَّرَبِ
ذِكْرَى أَخٍ شَهْمٍ كَرِيمِ الْمَذْهَبِ
مُحَمَّدُ الْأَفْذَاذِ يَا تَاجَ الْعُلَى
يَا قِمَّةً تُرْسِي الْقَوَاعِدَ بِالنُّجُبِ
أَبُو صَلَاحٍ كَيْفَ أَصِفُ سُؤْدَدًا
عَجَزَتْ مَعَانِي الشِّعْرِ عَنْهُ بِالْأَرَبِ
كَالْبَدْرِ يُزْهِي فِي السَّمَاءِ سُطُوعَهُ
يَهْدِي الضَّعِيفَ وَيَرْفَعُ الْحِمْلَ الثَّقَبِ
كَفُّ السَّخَاءِ إِذَا امْتَدَدْتَ بِجُودِهَا
حَيِيَتْ رُبُوعُ الْقَوْمِ بَعْدَ الْمُجْدِبِ
يَا سَيِّدَ الْإِقْدَامِ يَا مِنْبَرَ الْوَغَى
تَكْسُو الْمَجَالِسَ وَالْوَرَى فَخْرَ النَّسَبِ
إِنِّي أُبَاهِي بِالثَّنَاءِ عَنِ اسْمِهِ
وَأُقِيمُ مِنْبَرَ الشِّعْرِ فَوْقَ الْمَرْكَبِ
مَا ضَاهَتِ الْأَشْعَارُ قَدْرَ مَدِيحِهِ
فَهُوَ الْفَرِيدُ وَمَرْتَعُ السَّيْفِ الْقَضِبِ
فَيَا مُحَمَّدُ أَنْتَ نَجْمٌ فِي الْعُلَى
تَبْقَى وَإِنْ غَابَتْ عُيُونُ الْمُنْجِبِ
وَإِذَا تَبَارَى الشُّعَرَاءُ بِفَخْرِهِمْ
فَمَدِيحُنَا لَكَ سَيْفُ الْحَرْفِ الْمُصْلَبِ
طَرِبْتُ أَسْمَعُ ذِكْرَ مُحَمَّدَ مُعْرِبًا
فَأَتَى الْمَدَى يَحْنُو لِذِكْرِ الْمُنَقَّبِ
مُحَمَّدٌ، أَبُو صَلَاحٍ، رَائِدُ الـ
ـمَجْدِ الَّذِي يَرْفُلْ بِعِزٍّ مُعْجَبِ
قَدْ شَادَ ذِكْرَهُ فِي الرِّفْعَةِ كَوْكَبًا
يَتَلَأْلَأُ السَّبْقُ مِنْهُ فِي كُلِّ مَرْكَبِ
يَا شَامِخًا بِالْعِزِّ طُودًا ثَابِتًا
يَرْفَعُ الظُّلْمَ بِعَزْمٍ مُرْهِبِ
مِنْهُ الْجَمَالُ، وَفِيهِ كُلُّ كَرَامَةٍ
وَبِحُسْنِ خُلُقِهِ الْمَعَالِي مُصْحَبِ
إِنْ جَاءَ ذِكْرُ الْجُودِ كَانَ مُحَمَّدٌ
مِيزَانَ عَدْلٍ فِي السَّمَاحَةِ مُعْجِبِ
تَرْبُو الْمَدَائِحُ فِيهِ غَيْرَ مُحَدَّدٍ
يَفْنَى الْوَرَى، وَمَدَاهُ لَمْ يَتَحَسَّبِ
كُنْتَ الْأَخَ الْأَوْفَى، وَحِصْنِي حَارِسًا
يَسْبِقُكَ لِلْوَعْدِ الْوَفِيُّ الْمُهَذَّبِ
هَذَا الْمَدِيحُ، وَإِنْ يَزِدْ زَمَنٌ لَهُ
لَصَحِبَ الشُّعَرَاءَ فِي الْبَحْرِ الْأَكْثَبِ
يَا مَنْ تَفَاخَرَتْ بِهِ أَيَّامُنَا
ذِكْرُكَ أَبْقَى مِنْ حَدِيدٍ مُصْلَبِ
يَا نَابِلَ الْأَخْلَاقِ، يَا بَحْرَ الْوَفَا
يَسْمُو عَلَيْكَ الْمَجْدُ سَيْفَ الْمُضْرِبِ
كَرَمُ السَّحَابِ إِذَا هَمَتْ أَمْطَارُهُ
مِنْ فَيْضِ جُودِكَ، لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّبِ
تُعْطِي إِذَا الْبُخَلَاءُ أَمْسَكَ بَطْشُهُمْ
وَالْوَقْتُ يَشْحَبُ، كُنْتَ أَنْتَ الْأَصْهَبِ
صِدْقُ الْحَدِيثِ زَهَا عَلَى كُلِّ النُّهَى
وَالْوَعْدُ عِنْدَكَ، كُلُّ عَهْدٍ مُرَحَّبِ
دِينٌ وَحِلْمٌ فِي الشَّدَائِدِ شَاهِدٌ
أَنْتَ الثَّبَاتُ إِذَا الزَّمَانُ مُقَلَّبِ
وَفَاؤُكَ التَّاجُ الَّذِي زَانَ الْعُلَا
يَا شَمْسَ عَصْرِكَ، أَنْتَ كُلُّ الْأَصْحَبِ
تَفْدِيكَ أَرْوَاحٌ بَذَلْتَ لِرَفْعِهَا
وَالْجُودُ مِنْكَ، كَالنُّجُومِ بِالْمَطْلَبِ
كَيْفَ الْمَدَائِحُ تَسْتَقِرُّ بِنَصِّهَا
وَفَضَائِلُ الْأَخْيَارِ كَالْبَحْرِ الْمُلْتَبِ
إِنِّي وَإِنْ كَثُرَ الثَّنَاءُ عَلَيْكَ لَمْ
أَبْلُغْ مَدَاكَ، فَأَنْتَ مَجْدُ الْمُذْهِبِ
يَا مَنْ بِهِ الْأَيَّامُ تَزْهُو إِذْ مَضَتْ
وَالدَّهْرُ يَحْنُو فِي مَدَاهُ الْمُتْعَبِ
مَنْ مِثْلُكَ الْفَيْضَ الْعَظِيمَ إِذَا بَدَا
يَشْفِي الْقُلُوبَ بِوَصْلِهِ لَمْ يَخْشَبِ
تَسْعَى إِلَى الْخَيْرِ الْمُقِيمِ بِعَزْمَةٍ
تُرْقِي الْجِبَالَ بِهِمَّةٍ لَمْ تُنْصَبِ
إِنْ قِيلَ صِدْقٌ كَانَ ذِكْرُكَ مَثَلَهُ
فَالْقَوْلُ يَشْهَدُ أَنَّكَ الْحَقُّ الْأَوْثَبِ
وَالدِّينُ عِزٌّ فِي جَبِينِكَ رَايَةٌ
تَسْمُو بِهِ فَوْقَ النُّجُومِ وَمُصْطَبِي
وَفَاؤُكَ الْغُرُّ الْمَصُونُ كَمَا السَّنَا
يَحْفَظْ عُهُودًا كَالنَّخِيلِ الْأَشْذَبِ
جُودٌ كَسَيْلٍ فِي السَّرَاءِ إِذَا مَضَى
لَا يُرْتَجَى مِنْهُ الْخُلُوفُ الْمُخْرِبِ
تَبْدُو إِذَا النَّاسُ اشْتَكَوْا مِنْ قِلَّةٍ
كَالْمَطَرِ الْوَافِي لِغَيْثِ الْمَحْرَبِ
كُلُّ الْخِصَالِ الْحُسْنِ فِيكَ مُجَمَّعٌ
وَكَأَنَّنِي أَرْنُو لِبَحْرٍ مُرْتَقِبِ
خُذْ مِدْحَتِي، يَا مَنْ سَبَقْتَ بِفَضْلِهِ
كُلَّ الْبَشَرْ، يَا فَارِسِي وَالْمُلْهِبِ
إِنْ رُمْتَ وَصْفَكَ ضَاقَ عَنْكَ بَيَانُنَا
فَالْمَجْدُ يَرْفَعُكَ بِغَيْرِ تَكَلُّبِ
حِلْمُ الْكَرِيمِ عَلَى الْعِبَادِ مَسَالِكٌ
قَدْ سَارَ فِيهَا صَفْوُ نَفْسٍ طَيِّبِ
تَجْرِي النَّدَى مِنْ كَفِّكَ الْعَطْرَاءِ إِذْ
يَشْحَبُ الْوَرَى، وَالطَّامِعُونَ كَالْأَشْنَبِ
لَا يُسْأَلُ الْمَاحِي إِذَا جَاءَتْ يَدٌ
إِلَّا وَفَاضَ بِكَفِّهِ كُلُّ الطَّلَبِ
دِينٌ يَهَابُ الْقَوْمُ نُورَ هُدَاهُ، إِذْ
نَطَقَ الْحَقِيقَةَ صَادِقًا لَمْ يَكْذِبِ
وَفَاءُ نَفْسِكَ كَالشِّعَاعِ مُضِيئَةٌ
تَرْوِي الْحَقَائِقَ كَالشُّهُودِ الْمُهْتَبِ
تَرْفُلْ بِعِزٍّ لَا يَكِلُّ وَسَامُهُ
وَالْعِزُّ مِقْدَامٌ بِفِعْلِكَ مُحْتَسَبِ
قَدْ زَانَ قَوْلُكَ بِالْحَقِيقَةِ رَائِعًا
لَا تَعْرِفُ الزُّورَ الَّذِي لَمْ يُعْجِبِ
أَبْقَيْتَ مِيرَاثًا مِنَ الْعِزِّ وَالْهُدَى
فَالنُّورُ يَسْرِي فِي الطَّرِيقِ الْأَرْحَبِ
يَا أَيُّهَا الْأَخُ الَّذِي طُبِعَتْ يَدَاهُ
بِالْجُودِ، تَفْنَى دُونَ مَدْحِكَ مَطْلَبِي
395
قصيدة