عدد الابيات : 19
أَلَا أَيُّهَا السَّاقِي إِلَى الْحُبِّ سَلِّمِ
فَإِنِّي عَلَى ذِكْرَاكَ أَبْحَرْتُ فِي الْيَمِّ
تَغَنَّيْتُ فِي وَصْفِ الْجَمَالِ كَأَنَّنِي
أَسِيرٌ يُنَاجِي النُّورَ فِي ظُلْمَةِ الْعَتْمِ
رَأَيْتُكِ فِي الْأَحْلَامِ شَمْسًا مَشَارِقُهَا
فَأَيْقَظْتِ فِي رُوحِي الْقَصَائِدَ مِنْ غَمِّ
بِعَيْنَيْكِ بَحْرٌ لَا يُحَدُّ مَدَاهُمَا
يُذِيبُ الْفُؤَادَ فِي مَوْجِهِ الْمُسْتَسْلِمِ
وَأَهْدَابُكِ الشَّقرَاءُ سَيْفٌ مُصَقَّلٌ
يُقَطِّعُ أَشْجَانَ الْغَرَامِ إِلَى قِسْمِ
وَفِي ضِحْكَتِكِ السِّحْرُ الَّذِي لَا يُقَاوَمُ
كَأَنَّ الرُّبَى تُزْهِرُ فِي كُلِّ مُبْتَسِمِ
أَمَا أَنْفَاسُكِ الْعِطْرُ، فَهِيَ عَبِيرُهَا
كَرِيحِ الْخُزَامَى فِي اللَّيَالِي بِلَا نَسَمِ
وَإِنْ مَشَيْتِ، الْأَرْضُ تَرْقُصُ تَحْتَهَا
كَأَنَّ خُطَاكِ فَوْقَهَا عَزْفٌ مُنْسَجِمِ
وَكَيْفَ بِكَفٍّ كَالنَّسِيمِ مَلَمَّسٌ
تُدَاعِبُ شَوْقَ الْقَلْبِ فِي طَيْفِ مُحْتَدِمِ
وَفِي صَوْتِكِ الْأَلْحَانُ تَهْطِلُ رِقَّةً
كَأَنَّكِ وَحْيٌ قَدْ أَتَى مِنْ فَمِ النِّعَمِ
أَمَا طَلَّةُ الْبَدْرِ الْمُضِيءِ فَإِنَّهَا
تُطَابِقُ نُورَ الْوَجْهِ فِي بُعْدِهِ الْأَشَمِّ
وَحِينَ ابْتَسَمْتِ، الْكَوْكَبُ اخْتَفَى خَجَلًا
كَأَنَّ جَمَالَ الْكَوْنِ مِنْ بَعْضِ مَا ابْتَسَمِ
وَقَدُّكِ غُصْنٌ فِي الْجَمَالِ مُنْتَصِبٌ
تَثَنَّى بِرَيَّا النُّورِ فِي عَبَقِ الْأَكَمِ
وَشَعْرُكِ لَيْلٌ أَسْدَلَ اللَّيْلَ سِتْرَهُ
وَفِيهِ النُّجُومُ اسْتَيْقَظَتْ فِي ذُرَى الظُّلَمِ
أَيَا قِبْلَةَ الْأَرْوَاحِ، يَا مَنْ بِذِكْرِكِ
يَطِيبُ الْغَرَامُ الْمُسْتَدِيمُ بِلَا أَلَمِ
حَبِيبَتِي، كُلُّ الْكَمَالِ مُجَمَّعٌ
بِعَيْنَيْكِ وَالْأَنْفَاسِ وَالْقَدِّ وَالْمَبْسِمِ
وَهَلْ كَانَ لِلشُّعَرَاءِ وَصْفٌ يُنَافِسُ
إِذَا مَا تَجَلَّى الْحُسْنُ فِيكِ لَا مُبْهَمِ
سَأَبْقَى أُغَنِّي فِيكِ عُمْرًا مَدِيدًا
وَأَزْرَعُ فِي الْكَوْنِ الْغَرَامَ بِلَا نَدَمِ
خِتَامًا، أَيَا قَلْبَ الْقَصِيدَةِ إِنَّنِي
أَسِيرٌ بِحُبٍّ قَدْ تَسَامَى إِلَى الْقِمَمِ
374
قصيدة