عدد الابيات : 39
سَلَامٌ عَلَى شِعْرٍ يُضِيءُ كَمِشْعَلِ
يُغَنِّي عَلَى شُرُفَاتِ حُسْنٍ مُوَكَّلِ
سَلَامٌ عَلَى مَنْ فِي الْحُرُوفِ تَأَلَّقَتْ
خُطَاهُ، وَأَمْسَى الْحَرْفُ طَيْفَ الْمُبَجَّلِ
أَتَيْنَا نُحَيِّي شَاعِرًا مِنْ جِنَانِهِ
تَفُوحُ رِيَاحُ الشَّوْقِ فِي الْمُتَكَمِّلِ
تَسَامَى عَلَى أَوْجِ الْجَمَالِ بِفِكْرِهِ
فَلَمْ يُشْبِهْ الْإِبْدَاعَ إِلَّا بِأَمْثَلِ
هُوَ الرَّحَّالُ، الْعَاشِقُ الْحُرُّ إِنَّهُ
يُقِيمُ عَلَى سِرِّ الْقَوَافِي الْمُوَصَّلِ
أَنَا الشَّاعِرُ الرَّحَّالُ فِي فَلَكِ الْعُلَا
أُسَافِرُ رُوحِي فِي ضَمِيرِ الْمُذْهَلِ
أُقِيمُ عَلَى نَجْمِ الْقَوَافِي مَجْدَهَا
وَأَهْوَى عِنَاقَ النُّورِ فِي الْمُتَرَسِّلِ
يُنَادِينِيَ الشِّعْرُ الْعَتِيقُ شَوْقًا كَأَنَّهُ
يُرِيدُ اشْتِعَالَ الْحُبِّ فِي الْمُتَمَهِّلِ
وَإِنِّي مُحِبٌّ لَأَصْبُو لِلْكَلَامِ كَأَنَّنِي
وُلِدْتُ عَلَى شَوْقٍ لِعَزْفِ الْمُنْغَّلِ
أُقَلِّبُ أَوْرَاقَ الْهَوَى فِي دَفَاتِرِي
فَأَنْسُجُ نَبْضِي فِي قَمِيصِ الْمُبَجَّلِ
وَمَا جِئْتُ أَسْتَجْدِي الْغَرَامَ وَإِنَّمَا
أُهِيمُ بِذِكْرَى الْحُسْنِ فِي الْمُتَأَمِّلِ
وَإِنِّي لَأَرْوِي مِنْ فُؤَادِي قَصَائِدِي
فَلَا الْحُزْنُ يُخْفِينِي وَلَا الْمُتَعَلِّلِ
إِذَا قُلْتُ بَيْتًا، هَزَّ قَلْبَ مُحِبِّهِ
كَأَنَّ جَنَاحَ الطَّيْرِ فِيهِ مُكَبَّلِ
وَأَبْحَرُ فِي مَعْنَى الْجَمَالِ كَأَنَّنِي
نَبِيٌّ أَتَاهُ الْوَحْيُ فِي الْمُتَفَصِّلِ
أَخُوضُ غِمَارَ الشِّعْرِ لَا عَنْ مُجَازِفٍ
وَلَكِنْ خُرُوجَ الْحُرِّ مِنْ مُتَزَلْزِلِ
أَنَا الْعَاشِقُ النَّشْوَانُ بِالْحَرْفِ إِنَّنِي
أَرَى فِيهِ صِدْقَ الْقَلْبِ دُونَ التَّمَثُّلِ
أَبِيتُ عَلَى لَهْفِ الْقَصِيدِ كَأَنَّهُ
وِسَادِيَ فِي حِلِّي وَفِي الْمُرْتَحَلِ
وَفِي طَلْعَةِ الْأَلْفَاظِ أَجْنِي صَبَابَتِي
وَأَسْكُبُ دَمْعَ الرُّوحِ فِي الْمُتَسَلْسِلِ
وَإِنِّي لَحُرٌّ لَا أَبِيعُ مَشَاعِرِي
وَلَا أَرْتَضِي دُنْيَا الْهَوَى الْمُتَسَفِّلِ
وَإِنِّي لَعَفٌّ عَنْ رَدًى فِي قَصَائِدِي
وَمُكْرِمُ حَرْفِي عَنْ هُزَالِ الْمُخَذِّلِ
وَمَا إِنْ كَتَبْتُ الشِّعْرَ إِلَّا لِأَزْرَعَ الْـ
جَمَالَ عَلَى أَبْوَابِ قَلْبٍ مُقَفَّلِ
وَأَسْكُبُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِي لَوَاعِجًا
يُقَاسِمُهَا صَبْرِي صَدَى الْمُتَجَمِّلِ
فَيَا سَائِلِي عَنِّي سَلِ الْحُسْنَ كُلَّهُ
فَفِي سِحْرِ حَرْفِي كُلُّ مَعْنًى مُكَمَّلِ
وَإِنِّي لَصَبٌّ بِالْحُرُوفِ مُهَلْهِلًا كَأَنَّنِي
وُشِمْتُ بِهَا شَوْقًا كَوَشْمِ الْمُعَطَّلِ
أُنَاجِي بِهَا رُوحَ الْغِيَابِ، فَإِنَّهَا
تُؤْنِسُنِي فِي اللَّيْلِ حِينَ تُسَائِلِي
وَكَمْ مِنْ حُرُوفٍ قَدْ سَكَبْتُ فِعَالَهَا
عَلَى خَافِقِي شِعْرًا كَنَصْلِ الْمُنَبَّلِ
وَمَا كُنْتُ إِلَّا عَاشِقًا فِي مَشَاعِرِي
أَخَافُ عَلَى قَلْبِي سِهَامَ الْمُبَتَّلِ
يُعَانِقُنِي لَحْنُ الْحَنِينِ دَمْعًا كَأَنَّهُ
خُلُودُ فُؤَادِي فِي جُفُونِ الْمُكَلَّلِ
وَإِنِّي لِحِرْفِي مُكْرِمٌ مَا حَيِيتُهُ
وَلَا أَسْتَكِينُ لِذُلٍّ وَلِمُعَانٍ مُثَقَّلِ
وَإِنِّي لَأَبْكِي فِي الْقَصِيدِ مَشَاعِرِي
وَتَضْحَكُ رُوحِي فِي مَقَامِ الْمُؤَمَّلِ
وَمَا صِغْتُ يَوْمًا بَيْتَ شِعْرٍ لِكِبْرَةٍ
وَلَكِنْ لِأُبْقِيَ شَوْقَ حُبِّي مُوَصَّلِ
أَنَا الشَّاعِرُ الرَّحَّالُ أَنْسُجُ دَهْشَتِي
مِنَ الرُّوحِ وَالْأَشْوَاقِ فِي الْمُتَقَابِلِ
فَدَعْنِي أُنَادِي فِي الْعُقُولِ قَصِيدَتِي
وَأَكْتُبَ مَا أَخْفَاهُ قَلْبِي الْمُؤَكَّلِ
وَإِنِّي لَحَسْبِي أَنْ أَكُونَ قَصِيدَةً
إِذَا مُتُّ... عَاشَتْ فِي الْقُلُوبِ الْمُعَوَّلِ
فَدَعْنِي أُسَافِرْ فِي الْقَصَائِدِ إِنَّهَا
مَرَايَا لِرُوحِي فِي الزَّمَانِ الْمُفَصَّلِ
وَإِنْ ضَاعَ صَوْتِي فِي دُرُوبِ تَأَمُّلِي
تُعِيدُهُ أَنْفَاسِي كَنَبْضِ الْمُجَلْجَلِ
فَهَذَا هُوَ الْعِشْقُ الَّذِي لَا يُقَيَّدُ
يُحَلِّقُ بِي فِي فَلَكِ الْحَرْفِ الْمُؤَصَّلِ
وَمَا كُنْتُ أَرْجُو مِنْ حُرُوفِيَ شُهْرَةً
وَلَكِنْ قَصِيدِي لِلْقُلُوبِ الْمُوَكَّلِ
فَإِنْ مُتُّ، فَاذْكُرْنِي بِبَيْتٍ نَبْضُهُ
حَيَاءُ اللَّيَالِي... وَشُعَاعُ الْمُتَأَمِّلِ
380
قصيدة