الديوان » لبنان » عبد الحميد الرافعي » جر الدموع على عرض الميادين

عدد الابيات : 31

طباعة

جرّ الدموع على عرض الميادين

حرزناً لفقد رجال العلم والدين

واجعل دم القلب إن جفّت لها مددا

عساك تعرب عن أشجان محزون

جدّدت واللّه يا ناعي الحسين بنا

حزناً يزيد على مرّ الأحايين

مهلاً لقد رعت أحشاء الأنام فما

قلبٌ بجلدٍ ولا دمعٌ بمخزون

قد رنّ صوتك في الفيحا ومنتزحي

أقصى العراق فكاد الوجد يصميني

هيهات ما لفؤادي قطّ مصطبر

من بعد جوهرة الغرّ الميامين

شيخي ومرشدي العالي ومنتجعي

من كان فضلاً بكأس العلم يرويني

فردٌ به اجتمعت زُهر الخلال فوا

لهفي لفردٍ يُفدى بالملايين

دارت على الماء العالين سيرته

رُحىً يفوق شذاها مسك دارين

أضحت تآليفه كالرّوض تزهر في

كل الفنون غريبات الأفانين

فكم لعلياه في نصر الشريعة من

رسائل أخضعت هام الأساطين

من كلّ صادعةٍ بالحق مشرقة

كالشّمس تنشر أضواء البراهين

أفدي شمائله اللاتي عُرفت بها

لطف الصبا حملت عرف الرياحين

مُجسّمٌ من سَنا الإخلاص مدرّعٌ

بُردَ التقى مُعرِضٌ عن كلّ مفتون

وهكذا الزّهد في أهليه يقنعهم

عن مال كسرى وعن أموال قارون

لم يحو وفراً من الدنيا وهمته

على الخُصاصة إيثار المساكين

عزيز نفسٍ أبت إلا السلوك على

نهج الجدود أُباة الذلّ والهُون

فليس بدعاً إذا ما بِتُّ أندُبه

والحزن ينشرني طوراً ويطويني

أُساجل الشُهب في ذكرى مآثره

في العالمين فأبكيها وتبكيني

وليس مني ومنها من يكاد يفي

ثناء علياه في وصف وتأبين

أرثي معاليه والأقلام راجفةٌ

بين الأنامل أشكوها وتشكوني

كأنني قد نقثت الوجد مستعراً

في جوفها عند إملائي وتلقيني

فما استطعت ولا استطاعت تعبر عن

مقدار شجوى وقد حال البُكا دوني

ولو أطاقت لبثّت ما أبثّ لها

من حرّ قلبٍ لدى الأحزان مرهون

لذاك قصّرت فيما رمتُ من كلمٍ

تُوفي الرثا حقّه من غير توهين

إن يُدفن الجسم منه في الثرى لمدى

فإن فضل علاه غير مدفون

وإن يغب شخصه عنّا فسيرته

وِردٌ لكلّ نقيّ القلب ميمون

لم ينتصب قط ديوان لأهل تُقى

إلا وذكراه نبراس الدواوين

تطيب أسمار إخوان الصلاح به

ناهيك في سمرٍ بالأجر مقرون

لا زال صوب الرّضا دوماً يفيض على

مثواه فيض السحاب المُطبِق الجون

وجادَهُ في ربى عدنٍ بكلّ ندى

من أمرِ مَن أمره بين الكاف والنون

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحميد الرافعي

avatar

عبد الحميد الرافعي

لبنان

poet-Abdulhamid-Al-Rifai@

100

قصيدة

5

الاقتباسات

0

متابعين

عبد الحميد بن عبد الغني الرافعي الفاروقي (1851 - 1932) م. شاعرٌ وكاتبٌ وصحفيٌّ وسياسيٌّ لبناني، لُقِّب بـ"بلبل سورية"، وعُدّ من أعلام الأدب العربي في عصره. وُلد في مدينة طرابلس بلبنان يوم ...

المزيد عن عبد الحميد الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة