الديوان » لبنان » عبد الحميد الرافعي » ألا كل نفس للمنون مصيرها

عدد الابيات : 35

طباعة

ألا كل نفس للمنون مصيرها

ولو شُيّدت بين النجوم قصورها

ولو تُفتدى نفسٌ بأخرى لفُديت

بأرواحنا نفسٌ عزيزٌ نظيرُها

فربَّ رجالٍ في الأنام بقاؤُها

حياةٌ لقومٍ بالفداء سرورُها

ولكن أمر الموت حتمٌ على الورى

تساوى به مأمورُها وأميرُها

وأجسامُنا تهوي المعادَ لأصلها

ومهما تزكّت فالترابُ طهورُها

خليلي هلّا تسعداني بعَبرةٍ

فقد نضبت عيني وجفَّ مطيرُها

تخيّلت قطراتِ الدموعِ من الأسى

جماراً تلظّى فوق خدي سعيرُها

خليل هل بعد الإمام أبي الهدى

يبيتُ سخينَ العين وهو قريرُها؟

مضت تلكم الآمالُ وانصرمَ الرجا

وصوّح من روض الأماني نضيرُها

مضى العلم المنشورُ للرشدِ وانطوت

سماواتُ فضلٍ غاب عنها منيرُها

مضى العيلمُ المقصودُ للري والندى

إذا اشتدّ بالهيمِ العطاشِ حرورُها

فيا لك خطباً يرزح الصبر تحته

تداعت له العلياءُ وانهدَّ سورُها

وقامت به في الخافقين مآتمٌ

أصمّ صماخَ الفرقدين نفيرُها

تسلسل عن بيت النبوة سيدٌ

به قُضيت للمكرمات نذورُها

إذا عُدّ أشياخُ الهدى فهو شمسُهم

وإن عُدّت الأشرافُ فهو غيورُها

تسامَت طريق ابن الرفاعي في الورى

به عزةٌ واختال فيه سريرُها

فوا أسفاً أن يُفقد الدينُ مثلُه

إذ الناسُ تغلي بالخلاف قدورُها

تمالأت الأيامُ حسبَ طباعِها

عليه وأحمى شفرةَ الغدر كيرُها

فأوسعها صبراً وما ازدادَ خبرةً

ولن يغلبَ الأيامَ إلا خبيرُها

هو العمرُ ما تصفو لياليه كلّها

إذا ما حلت يوماً تلاه مريرُها

ومن خُلق الدنيا امتحانُ كرامِها

ولكن بظلِّ الصبرِ يندى هجيرُها

على أن أبطال التوكّل مثلُه

سواءٌ لديهم سجعُها وزئيرُها

ولما تغالَت واستطارَ شرارُها

تولى وخلاها تفورُ شرورُها

وأعرض عن زورِ الأماني عندها

فلا كانت الدنيا ولا كان زورُها

وما حزنُ ثكلى أفقدَ الدهرُ فذَّها

فأوحش مغناها وأقفر دورُها

وراحت ومغداها الأسى ومراحُها

عشياتُها وَيلٌ وليلٌ بكورُها

بأعظمَ من حزني عليه وإنّما

يُظنُّ خليًّا في الرجال صبورُها

جديرٌ بقلبي أن يذوبَ لفقدِه

وحقٌّ لعيني أن تفيضَ بحورُها

وما يذكر المعروف إلا أخو وفا

ولا ينكر النعماء إلا كفورُها

ولعتْ زماني في مدائحه التي

تناغتْ بها بين الأنام صدورُها

وكنت أصوغ الدرّ فيه تهانيًا

يطيبُ بعرنينِ الكرام عبيرُها

فَوَيْحَ فُؤَادِي أَنْ يَكُونَ مَرَاثِياً

تُخَطُّ وَتُمْحَى بِالدُّمُوعِ سُطُورُهَا

كأنَّ بيوتَ الشعرِ شاطرْنني الأسى

فقد أوشكتْ تعصى عليّ شطورُها

سرى لجوار الله يرفل بالتقى

وفارق دنيا لم يملّه غرورُها

فيا ربّ روّحْ بالمراحمِ روحَه

وزده من الآلاء فهو جديرُها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحميد الرافعي

avatar

عبد الحميد الرافعي

لبنان

poet-Abdulhamid-Al-Rifai@

100

قصيدة

5

الاقتباسات

0

متابعين

عبد الحميد بن عبد الغني الرافعي الفاروقي (1851 - 1932) م. شاعرٌ وكاتبٌ وصحفيٌّ وسياسيٌّ لبناني، لُقِّب بـ"بلبل سورية"، وعُدّ من أعلام الأدب العربي في عصره. وُلد في مدينة طرابلس بلبنان يوم ...

المزيد عن عبد الحميد الرافعي

أضف شرح او معلومة