الديوان » لبنان » عبد الحميد الرافعي » يا ليل ما للصبح لم يطلع

عدد الابيات : 43

طباعة

يا ليل ما للصبح لم يطلُع

كأنما تاهّ عن المهيع

قطعت يا ليل طريق السرى

عليه أم أغرق في أدمعي

وكلما قلتُ تجلّى ضفت

عليه أزيالكَ كالبرقع

وأنت يا صبح لقد طالَ ما

أدعوكَ أدعوكَ ولم تُسْمع

أصبتُ بالأعين أم قصرتَ

بك الخطى ويك عن المطلع

أين ظباك البيض عهدي بها

تُغري أهاب الدجن كالمبضع

وخيلك الشهب التي نافست

خيلَ الرياحِ السبق الأربع

إن كنتُ أعييتَ فقم وارمه

بسهم نار من لظى أضلاعي

وإن يكن غير الذي خلته

فيك فقل واجهر بما تدعي

عساك من ذلة أقوامنا

غضبتَ يا صبح فلم تَسْطع

رحماك هل قلت نعم إنني

أُحس صوتاً رنّ في مسمعي

تقول: أين القوم أهل النخا

وأين أرباب القنا الشرع؟

بل أين أبطال بني يعرب

وأين أقيال بني تبع؟

أين الكُماة الحمس من طفلهم

يحبو إلى الحرب إذا ما دُعي؟

طوّتمهم الأرض، ولم يخلّفوا

فيما أرى اليوم سوى الهُلع

من طأطؤوا للظلم هاماتهم

واستلموا الذل عن الأذرع

يقضون بالضيم حياة الشقاء

من خاضع طوعاً ومستخضع

تحكمهم شرّ ذمةٍ لم تزد

عدتها عن عقد الأصبع

يتبعها منهم ومن غيرهم

توابع كالحمر الظُلّع

جارت عليهم فوق جور العدى

بكل شكل مؤلمٍ مفجع

قتلاً وبترًا ونهبًا، ولم

يخشِ من البغي أذى المرتع

وهم مقيمون على طوعها

كأنما هم غنمٌ ترتعي

أُهيبت الأرض بهم والسما

وهم غارقون في النوم بالمضجع

والإنس والجن تناديهم

وليس من يسمع أو من يعِ

وأمة منهم لقد لعلعت

أصواتها عند رُبى لعلع

غارت عليهم إذ درّت ما بهم

يُراد من محو ومن مصرع

فلم تجد منهم مجيبًا ولو

صوتًا يُحاكي نقة الضفدع

كأنهم ماتوا أو استمرنوا

على احتمال الذل في الأربعِ

قد أملوا نيل الأماني بلاّ

عزمٍ يهزّ الكون كالزعزع

فَضيّعُوا الوقت هباءً كمن

يقيس خيط الشمس بالأذرع

حتى غدت أعيانهم شردى

كل امرئٍ يُنَفى إلى بلقعِ

وأصبحت أوطانهم قفرة

شوهاء تحكي هامة الأقرع

لا يطرق الأسماع فيها سوى

صوت الغراب الناعـب الأبقع

هل يستحقون أن يُسطَع الصـ

ـبحُ عليهم؟ فأقض لي أو دَع

قد أركَسوا في ظلماتٍ من الظُلـ

ـم فَزدهم يا دجى واسفع

ويحك يا صبح! لقد زدتني

توجعًا في لومك الموجع

أأنت والدهر علينا لقد

بَلَغْت في العتب فلا تُفضع

قد كان ما قلت، ولكننا

لم نرتضِ الظلم ولم نجزع

سيرجع الحق لأربابه

والحكم يُرتَد إلى المرجع

والدهر لا يبقى على حالة

بل كل يومٍ هو في منزعِ

عسى لياليه التي أترعت

أقداحنا من سمها المنقع

تعود للصفو فتهدي لنا

كؤوسَ عز بالهناء مترع

واللَّه لا يغفل عن ظالمٍ

ومن يصدع خلقه يصدع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحميد الرافعي

avatar

عبد الحميد الرافعي

لبنان

poet-Abdulhamid-Al-Rifai@

100

قصيدة

5

الاقتباسات

0

متابعين

عبد الحميد بن عبد الغني الرافعي الفاروقي (1851 - 1932) م. شاعرٌ وكاتبٌ وصحفيٌّ وسياسيٌّ لبناني، لُقِّب بـ"بلبل سورية"، وعُدّ من أعلام الأدب العربي في عصره. وُلد في مدينة طرابلس بلبنان يوم ...

المزيد عن عبد الحميد الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة