ضبابٌ
هدايتُهُ أن يَضِلَّا
تبنَّاهُ تِيهٌ
فيكبَرُ طفلَا
يحاولُ أن يتوقَّدَ شمعًا
فتُطفئُهُ عُقدةُ الريحِ حتى اضمحلَّا
خفيفٌ
كأنْ لا يُرى في النهارِ
كثيفٌ
إذا استيقظتْ ذاتُهُ فيهِ ليلَا
تَصَيَّدُهُ حُفَرُ الاِنتظارِ قُبَيلَ المواعيدِ
يرحلُ عنها
فتَنمي براعمُ فيها على بَلَلٍ من شجاهُ
وتذبُلُ في أملٍ أن تُبَلَّا
تَمَدَّدُ منتظِرًا حظَّ نَومتِهِ المُشتهاةِ
ولا عُشبةٌ حولَهُ
لا غيومٌ ولا جبلٌ…
يتعرى من الماءِ
كي يتلبَّسَ زرقةَ هذي السماءِ
ويحتضنَ البحرَ والأرضَ كلًّا بعينَيهِ
يبحثُ عن فكرةٍ دونَ مأوى
ليُسكِنَها في خيامٍ من الشِّعرِ تحتَ حِمَاهُ
صديقُ الشوارعِ
يمشي بلا (أينَ) فيها
كتابٌ بلا اسمٍ تَخُطُّ الحروفَ خُطاهُ
يتيهُ يتيه…
ويخضرُّ
يحمرُّ
يصفرُّ
يبيَضُّ
يزرقُّ…
مارًّا ببستانِ نخلٍ ووَردٍ
تميلُ بهِ
ويميلُ بها
وشذاها يوَقِّعُ وشمًا على صدرِهِ
ثم يمضي
وسربُ فراشٍ
على الأُفْقِ يرسمُ قلبَ الهوى بضِياهُ
وليس كأيِّ ضباب
لهُ وجهُ شمسٍ
ومُقلةُ غيمٍ
وقلبُ حمامٍ
وصدرُ محيطٍ
وكفُّ شَجَرْ
وحيدٌ
مع الشِّعرِ والليلِ
والطرُقاتُ بلا لَغَمٍ بَشَرِيِّ
يُغنِّي
فتدنو إليهِ السما نجمةً نجمةً
تتراقصُ في صوتِهِ القِرْمِزيِّ
تطيرُ بهِ لمَخادعِها
وتُرِيهِ من الحُلْمِ ما قد تبخَّرَ غيمًا
وغيمًا
وغيما…
فيدعو: إلٰهي...!
قريبًا ستهطِلُ في فرحٍ مطريِّ
تجولُ بهِ
وَهْيَ تحكي لهُ عن أماني العواشقِ والعاشقِينَ
فتطرَبُ من نبَضاتٍ فَلَتْنَ من القلبِ لحنًا
يُمسِّدُ أضواءَها
ثم نامتْ
وولَّى بقلبٍ نزيفِ ضِيًا قمريِّ
يدورُ يدورُ وكم دارَ في خَلَدِ الشِّعرِ
حتى تجلَّى قصيدةَ جُرحٍ نديٍّ عَصِيِّ
17
قصيدة