عدد الابيات : 31
نَفَخْتُ بِنَفْسِي مِنْ جُرُوحِي وَمَكْتَبِي
وَسَطَّرْتُ وَصْفَ الدَّهْرِ نَصًّا لِكُتُّبِ
فَخُذْهَا بُنَيَّ الْيَوْمَ دُرْبًا لِرُشْدِكُمْ
فَفِي كُلِّ نَفْسٍ مِنْ حُكايَا يَعَصِّبِ
أَأَجْزَعُ وَالْمَوْتُ ارْتِقَاءٌ لِمَطْلَبِ
وَكَيْفَ يَخَافُ الْحُرُّ ضَيْمَ التَّجَنُّبِ
لَقَدْ خِفْتُ غَدْرَ الدَّهْرِ حَتَّى كَأَنَّنِي
أُرَاقِبُهُ فِي كُلِّ نَفْسٍ وَأَحْسُبِ
وَفِي النَّاسِ أَشْتَاتٌ كَسَيْلٍ تَدَافَعُوا
فَصَاحِبُهُمْ لَيْثٌ، وَلَكِنْ بِثَعْلَبِ
يَكُونُ لَكَ الْقُرْبَى نَهَارًا مَحَبَّةً
وَيَخْدَعُكَ اللَّيْلُ الْبَهِيمُ بِأَقْنُبِ
وَمِنْ عَجَبِ الدُّنْيَا نُفُوسٌ كَذُوبَةٌ
وَحُرٌّ بَرِيءٌ فِي الدُّرُوبِ مُذَنَّبِ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا لَوْعَةٌ مُسْتَعِرَّةٌ
وَأَيُّ فُؤَادٍ ذُقْتَهُ لَمْ يُعَذَّبِ
فَيَا لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أُدْرِكُ مَا الْهَوَى
وَيَا لَيْتَ قَلْبِي مِثْلُ صَخْرٍ بِمَغْرِبِ
أُكَابِدُ وَجْدَ الْعَيْنِ مِنْ سُهْدِ لَيْلِهَا
وَتَسْكُنُ فِي الْآهَاتِ رُوحِي وَمُنْتَحِبِ
فَيَا قَلْبُ صَبْرًا، لَسْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ
وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا سَوْطُ دَهْرٍ مُخَضَّبِ
إِذَا رُمْتَ خَيْرًا مِنْ فُؤَادٍ وَحِيدِهِ
فَدَعْ كُلَّ ذِي غَدْرٍ وَقِفْ عِنْدَ طَيِّبِ
وَلَا تَمْنَحِ الْوُدَّ الَّذِي لَا يُقَدِّرُهُ
وَإِنْ رَاقَ فِي عَيْنِ الْأَنَامِ بِمَنْصِبِ
فَأَكْرِمْ نَفْسَكَ مِنْ دَنِيءٍ وَخَائِنٍ
فَمَا قِيمَةُ الدُّنْيَا لِحُرٍّ مُعَذَّبِ
فَإِنْ كَانَ مِنْ عَيْشٍ يَذِلُّ كَرِيمَهُ
فَمَوْتٌ لِحُرٍّ فِي الْعُلَا غَيْرُ مُرْهَبِ
إِذَا مَا انْحَنَى الظُّلْمُ اسْتَقِمْ كَاسِرًا لَهُ
وَلَا تَحْنِ جَبْهَتَكَ لِوَقْتٍ مُتَقَلِّبِ
وَلَا تَتَّكِلْ فِي الدَّهْرِ إِلَّا عَلَى التُّقَى
فَفِي اللهِ حِصْنٌ لِلْفُؤَادِ الْمُعَذَّبِ
وَحَافِظْ عَلَى حَقِّ الْيَتَامَى فَإِنَّهُ
يُرَبِّي بِرِفْقٍ مَا تَبَقَّى مِنَ النَّسَبِ
وَلَا تَحْقِرَنْ ضِيقَ الفَقِيرِ وَفَقْدَهُ
فَكَمْ نَامَ فَوْقَ الذُّلِّ نَفْسٌ بِمَذْهَبِ
وَإِيَّاكَ أَنْ تَخْدَعْكَ زِينَةُ بَاطِلٍ
فَكَمْ صُوِّرَ التِّبْنُ الخَدِيعَةَ كَالكَتِبِ
فَصَاحِبْ أُولِي الأَرْوَاحِ صِدْقًا وَرِقَّةً
وَدَعْ مَنْ يَبِيعُ الْوُدَّ فِي أَوَّلِ الْكَرْبِ
وَكُنْ نُورَ أَهْلِ الْبِرِّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ
وَمِسْكًا يُفِيقُ الْقَلْبُ مِنْهُ وَيَطْرِبِ
وَلاَ تَنْسَ أُمًّا قَدْ تَحَمَّلَ صَبْرَهَا
فَفِي وَجْهِهَا أَبْصَرْتَ أَوَّلَ مَطْلَبِ
وَأَحْسِنْ إِلَى الأَبِ كَالْمَلَاكِ بِرِفْقِهِ
فَذَاكَ الَّذِي كَانَ الْبُيُوتَةَ يَضْرِبِ
وَإِنْ ضَاقَ دَرْبُ الْعُمْرِ يَوْمًا بِقَدَرِهِ
فَفِي الصَّبْرِ أَجْرُ الرَّاضِي الْمُتَقَرِّبِ
وَلَا تُبْهِرَنْكَ النَّاسُ فِي كُلِّ صَيْحَةٍ
فَمَنْهُمْ سَقِيمٌ فِي ثِيَابِ الْمُهَذَّبِ
فَعِشْ نَفْسَكَ الْبَيْضَاءَ لَا تَحْكِ قِشْرَهُمْ
وَكُنْ لِلْوَرَى نَبْضًا نَقِيًّا وَأَجْنُبِ
فَكَمْ مِنْ فَتًى عَاشَ الزَّمَانَ مُدَاهِنًا
فَفَاتَتْهُ دُنْيَاهُ وَضَاعَ بِمَكْتَبِ
وَكَمْ مِنْ صَبُورٍ قَدْ سَقَاهُ جُنَاحُهُ
فَسَادَ الدُّنَا وَالْعَقْلُ فِيهِ مُرَتَّبِ
فَإِنِّي وَإِنْ أَفْنَتْنِي الْأَيَّامُ خَيبَةً
سَأَبْقَى لِكُمْ فِي كُلِّ دَرْبٍ مُرَحِّبِ
تُرَاتِيلُ قَلْبِي فِي الْوَصَايَا كَنُورِهِ
فَخُذْهَا وَكُنْ نَجْمَ السَّمَاءِ الْمُقَرَّبِ
663
قصيدة