عدد الابيات : 30
بَدَأَ الْهَوَى كَالنَّجْمِ يُشْرِقُ فِي عَلَى
وَيَسْبِي قُلُوبَ الْعَاشِقِينَ بِلَا مَلَلِ
تَرَى الْقَمَرَ الْوَضَّاءَ يَرْسُمُ لَحْنَهُ
كَأَنَّ نَسِيمَ الشَّوْقِ يَعْبَثُ فِي وَصْلِ
وَتَسْرِي قُصَاصَاتُ الْحَدِيثِ بَيْنَنَا
كَسِرٍّ تُسَامِرُهُ الْمَشَاعِرُ فِي خَجَلِ
يُطِلُّ شُعَاعُ الشَّوْقِ فِي لَحْنِ الْوَفَا
كَأَنَّهُ بَرْقٌ يُشِيرُ إِلَى الْحُلَلِ
وَتَشْدُو جِرَاحِي كُلَّ لَيْلٍ مُنَادِيًا
بِصَوْتِ حَنِينٍ صَادِقٍ لِبَنِي الْمَثَلِ
وَتَرْسُمُ أَحْرُفُنَا عَلَى الْأُفْقِ بَسْمَةً
فَتَخْتَالُ أَشْوَاقِي كَأَنَّ الْهَوَى غَلَلِ
إِذَا غِبْتَ عَنِّي أَسْدَلَ الْحُزْنُ نَسْجَهُ
وَصَارَ الزَّمَانُ الْمُرُّ حَائِرَ كَالْجَمَلِ
وَتَهْجُرُنِي الْأَحْلَامُ حِينَ تَغِيبُ عَنْ
وَرِيدِي، وَيَبْكِي الْعُمْرُ يَشْكُو أَجَلِي
فَكَيْفَ لِيَ الْعَيْنُ الَّتِي كَانَ نُورُهَا
مَلَكًا يُنَاجِي اللَّيْلَ شَمْسَ بِكَحَلِ؟
إِذَا مَا الْفِرَاقُ جَاءَ يُهْدِي جِرَاحَهُ
تَرَاهُ يَزِيدُ الْوَجْدَ وَالْهَمَّ فِي عَجَلِ
تُدَاوِي الْقُلُوبُ ذَاتَ أَلَمٍ كَصَادِي
تَحُطُّ عَلَى أَرْضِ الشُّجُونِ وَفِي أَذَلِ
وَتَبْقَى الذِّكْرَيَاتُ كَالشَّمْسِ فِي دَمِي
تُغَذِّي جُرُوحَ الْعُمْرِ خَلْجَةَ الْجَبَلِ
إِذَا جَاءَ وَقْتُ الْحُبِّ فِي لَحْنِ أَلَمْ
رَأَيْتَ الْحُزْنَ كَسَوَادٍ عَلَى الطِّلَلِ
يُبَكِّي قَصَائِدَ الْعَاشِقِينَ لِذِكْرِهِمْ
وَيَكْتُبُ أَشْوَاقًا تُذَاعُ إِلَى الْأَهْلِ
وَيَتْرُكُنَا فِي اللَّيْلِ نَشْكُو شُجُونَنَا
كَالسَّمَاءِ تُصَاحِبُ النَّجْمَ فِي جُمَلِ
يُطِلُّ النَّدَامَى فِي صُدُورِ قُلُوبِنَا
وَيُوقِدُ نَارَ الْوَجْدِ فِي عَتَمِ السُّهُلِ
كَأَنَّ الزَّمَانَ يَرْسُمُ الْحُزْنَ لَحْنَهُ
وَيَحْكِي حِكَايَاتٍ تَزِيدُ مِنَ الْخَطَلِ
فَيَبْكِي الْفُؤَادُ فَوْقَ أَطْلَالِ لَوْعَةٍ
وَيَشْكُو لِمَا كَانَ فِي جِيدِهِ الْقُلَلِ
بَكَتْ نَاظِرَاتِي فِي مَقَامِكَ يَا هَوَى
وَكَانَتْ كَمَا الْعَيْنُ الَّتِي جَفَّتِ الْوَجَّلِ
تُذِيبُ الْقُلُوبَ دَمْعَةً بَعْدَ دَمْعَةٍ
وَتَبْقَى حِكَايَاتٌ تُقَارِبُ أَمْثَلِي
فَكَيْفَ لِيَ النَّوْمُ الَّذِي كَانَ بَاسِمًا
يُعَانِقُ عَطْفَ الْوَجْدِ فِي زُهَا الْجُمَلِ
تَقُومُ قُصُورُ الْحُبِّ مَطْوِيَّةَ الْمَدَى
كَطَيْفٍ يُنَادِي السَّائِلِينَ عَلَى الْخَلَلِ
فَإِذَا الْأَطْلَالُ تُصَافِحُ الْأَحْلَامَ فِي
مَقَامٍ تُغَنِّي الرُّوحَ عَنْ نَغَمِ مُحَتَّمَلِ
وَيَبْقَى صَدَى الذِّكْرَى عَلَى كُلِّ حَافَةٍ
كَأَنَّ الْهَوَى يُنْشِدُ الْوَصْفَ كَالْعَذَلِ
يُدَاعِبُ قَلْبِي فِي الْغَرَامِ خَيَالُهُ
وَأُرْسِلُ أَشْوَاقًا إِلَى نَجْمِهِ الْعَزَلِ
فَأُنَاجِي لَيْلِي بِالصَّبَابَةِ هَامِسًا
وَيَشْكُو الْفُؤَادُ لِلْقَمَرِ نَجْوَةَ الْعَذَلِ
كَأَنَّ صُدَاحَ الْعُشْبِ فِي الصُّبْحِ هَمْسَةٌ
يَرُدُّ لِمَنْ جَاءَ الْوِصَالَ بِلَا جَدَلِ
لَكِ الْوَصْفُ يَا مَنْ قَدْ سَكَنْتِ خَيَالَنَا
فَأَنْتِ كَبَسَمَاتِ الْوُرُودِ عَلَى الْسَهْلِ
رَأَيْتُكِ بَيْنَ النُّورِ وَالطُّهْرِ رَائِحَةً
كَأَنَّ الْهَوَى يَجْرِي كَمَوْجٍ بِلَا زَلَلِ
تَعَالَيْ إِلَى قَلْبِي فَإِنَّكِ مَوْطِنِي
وَبَيْنَكِ نَبْضَاتِي وَأَرْضِي عَلَى الْأَمَلِ
628
قصيدة