عدد الابيات : 32
فَجْأَةَ الْحُبِّ تَجَلَّى فِي ضَمِيرِنَا
فَتَوَقَّفَ الْقَلْبُ مِنْ خَوْفٍ وَتَمْلِيلَا
لَمَّا الْتَقَيْنَا تَبَسَّمَ الْوَجْدُ مُنْشِدًا
وَالدَّهْرُ أَمْسَى يُرَجِّيهِ تَرْجِيلَا
رُوحَانِ فِي مَلَأِ الْأَعْلَى تَعَانَقَتَا
وَالْحُبُّ أَلْقَى لِأَجْفَانِنَا ظَلِيلًا
يَا شَوْقُ، مَنْ سَكَنَ الْأَحْشَاءَ يَحْرُقُهَا
كَالرِّيحِ تَنْسُفُ أَوْرَاقًا وَتَطْمِيلَا
أَمْسَى الْفُؤَادُ يُنَاجِي اللَّيْلَ: هَلْ جِئْتُمَا؟
وَالنَّجْمُ يَسْقُطُ مِنْ طُولِ التَّهَاوِيلَا
وَالْوَجْدُ يَحْلُبُ أَحْلَامِي فَيَسْكُبُهَا
دُرًّا يُنَادِي: أَتَى وَعْدُ التَّنْزِيلَا
بُعْدُ الْحَبِيبِ كَلَيْلٍ لَا نِهَايَةَ لَهُ
يَسْرِي بِقَلْبٍ عَلَى أَطْرَافِهِ مِيلَا
أَسْأَلُ عَيْنَيْكَ: هَلْ تَبْكِي كَمَا بَكَيْتُ؟
أَمْ أَنْتِ تَلْفِظُ أَسْمَائِي تَطْفِيلَا؟
وَالنَّجْمُ يَرْقُبُ أَحْوَالِي فَيَنْدُبُنِي
وَالرِّيحُ تَحْمِلُ أَشْجَارًا وَتَبْكِيلَا
جُرْحُ الْفِرَاقِ عَلَى الْأَعْمَاقِ مُنْهَمِرٌ
مَا زَالَ يَسْقُطُ دَمْعًا بَعْدَ تَسْكِيلَا
حُلْمٌ تَهَادَى كَطَيْفِ الْخُلْدِ مُنْسَرِبًا
وَالرُّوحُ تَرْفُضُ أَنْ تَبْقَى تَأْبِيلَا
قُلْتُ السَّلَامَ عَلَى أَيَّامِنَا ذَهَبَتْ
وَالدَّمْعُ يَحْكِي عَلَى خَدِّي تَسْوِيلَا
وَجَعٌ يُنَزِّفُ أَحْيَائِي وَيُرْسِلُهَا
نَغَمًا يُرَثِّي لِقَلْبٍ طَارَ تَعْطِيلَا
ذِكْرَاكِ تَمْشِي عَلَى أَشْلَائِي مُنْهَمِرًا
وَالنَّارُ تَلْعَبُ فِي أَحْشَائِي تَلْهِيلَا
أَبْكِي عَلَى مَاضٍ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ
إِلَّا خُيُوطًا مِنَ الْأَشْجَانِ مَبْثُولَا
حَسَرَاتُ قَلْبٍ تَنَادَى: لَوْ أُعِيدَ لَنَا
لَحْظَاتُ وَصْلٍ تَرَاءَتْ بِهَا تَنْزِيلَا
لَوْعَتُهُ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ مُنْسَكِبٌ
يَحْرِقُ أَعْمَاقَنَا نَارًا وَتَسْوِيلَا
وَالدَّهْرُ يَخْذُلُنَا بَعْدَ الْوِدَادِ فَمَا
عَادَتْ سِوَى أَشْبَاحِ ذِكْرَى مَقْبُولَا
دَمْعِي عَلَى الْخَدِّ يَسْكُبُ نَغَمَ الْأَسَى
وَالْقَلْبُ يَصْفُو كَمَاءِ الْمُزْنِ تَهْمِيلَا
كَمْ سَطَّرَتْ عَيْنِيَ الْحُزْنَ الْمُبَرِّحَ بِهِ
سِفْرًا يُرَثِّي لِقَلْبٍ طَارَ تَبْدِيلَا
وَالدَّمْعُ يُبْحِرُ فِي خَدِّي مُعَبِّرًا
عَنْ كُلِّ لَفْظٍ تَنَاسَيْتُ التَّفْصِيلَا
وَقَفْتُ أَسْأَلُ عَنْ أَيَّامِنَا مَضَتْ
وَالرِّيحُ تَحْمِلُ أَصْوَاتًا وَتَهْلِيلَا
أَطْلَالُ دَارِكِ لَمْ تَبْقَ سِوَى دُمُوعٍ
تَرْوِي حِكَايَةَ قَلْبٍ بَاتَ تَفْضِيلَا
وَالنَّجْمُ يَسْقُطُ مِنْ فَرْطِ اشْتِيَاقِهِ
وَاللَّيْلُ يَبْكِي عَلَى أَيْدِينَا تَطْوِيلَا
يَا حُبَّ قَلْبِي هَلْ تَسْمَعُ أَنِينَنَا
أَمْ أَنْتَ تَغْفُلُ أَحْوَالَنَا تَغْفِيلَا؟
نَادَيْتُكُمْ لَيْلَةَ الْأَحْزَانِ مُنْهَمِرًا
وَالنَّجْمُ يَسْجُدُ مِنْ خَشْيَتِهِ تَضْلِيلَا
وَالْقَلْبُ يَرْوِي لِوَصْلِ الْحُبِّ قِصَّتَهُ
وَالدَّمْعُ يَكْتُبُهَا فِي الْخَدِّ تَرْتِيلَا
عَيْنَاكِ يَا غَايَةَ الْأَحْلَامِ تَسْطَعُ فِي
دُنْيَا تُرَصِّعُهَا أَنْوَارُهَا تَأْوِيلَا
وَالْوَجْهُ كَالْبَدْرِ فِي لَيْلَاتِهِ سَطَعَتْ
تَرْوِي حَدِيثَ جَمَالٍ صَارَ تَعْلِيلَا
يَا مَنْ بِهِ امْتَلَأَتْ أَحْلَامِيَ انْهَمَرَتْ
كَالْغَيْثِ يَسْقِي رُبَى الْأَشْوَاقِ تَنْضِيلَا
هَذِي فُصُولُ الْهَوَى قَدْ سُطِّرَتْ دِمَنًا
وَالْحُبُّ يَبْكِي عَلَى أَطْلَالِهِ تَطْوِيلَا
فَاقْرَأْهَا تَجِدِ الْوَجْدَ الَّذِي سَكَنَا
وَالدَّمْعَ يَسْكُبُ فِي أَحْشَائِنَا نِيْلَّا
628
قصيدة