الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » تراتيلُ الفؤادِ المهزومِ

عدد الابيات : 111

طباعة

أَطِعِ الْقَلْبَ إِنْ نَادَاكَ فِي اللَّيْلِ الْمُظَلِّمِ

وَدَعْ نَفْسَكَ الْوَسْنَى لِحُلْمٍ مُتَيَمِّمِ

فَفِي طَرْفِهِ الْمَسْحُورِ مَرْقَصُ نَشْوَتِي

وَفِي هَمْسِهِ الْمَخْمُورِ دَاءُ الْمُتَيِّمِ

وَفِي صَوْتِهِ التَّسْبِيحُ يَصْعَدُ رِقَّةً

كَمِئْذَنَةٍ تَبْكِي لِرُوحِ الْمُتَرَاحِّمِ

يَمُرُّ عَلَى أَحْلَامِ عُمْرِي زَائِرًا

كَنَجْمٍ سَرَى فِي الأُفْقِ نُورًا مُتَرَسِّمِ

فَيَبْكِي الْفُؤَادُ الْمُسْتَبِيحُ نُعَاسَهُ

وَيَرْتَعِدُ الْحَنِينُ بِسَهْمِهِ الْمُتَحَطِّمِ

فَيَا حَادِيَ الْأَشْوَاقِ مَهْلًا، إِنَّنِي

أُعَانِقُ فِي خَيَالِ الْوَجْدِ صَبْرًا مُتَكَلِّمِ

تَوَغَّلْتَ فِي طِينِ الرُّؤَى وَخَيَالِهَا

وَسَافَرْتَ فِي أَرْضِ الْبُكَاءِ الْمُتَرَحِّمِ

وَكَانَتْ يَدَاهُ الْيَاسِمِينُ إِذَا سَرَتْ

وَعَيْنَاهُ بَحْرٌ فِي اللُّقَاءِ الْمُتَبَسِّمِ

فَأَصْبَحْتُ مِنْ شَوْقِي أُقَبِّلُ ظِلَّهُ

كَمَنْ شَاهَدَ النُّورَ الْقَدِيمَ الْمُتَقَدِّمِ

أَمِنْ ذِكْرَى دِيَارِ الْمَجْدِ تَنْدُبُنَا

بِقَلْبٍ فِي غَوَارِبِ الزَّمَنِ الْأَصَمِّ

وَرَسْمٍ بِالْفَلَاةِ الْعَاتِيَةِ انْطَوَى

كَنَسْيِ الْوَحْيِ فِي أَحْجَارِ مُنْعَجِمِ

وَقَفْتُ بِعَرْصَةِ الْأَقْدَارِ أَسْأَلُهَا:

أَمِنْ عَدْلِكَ يَا دَهْرِي أَمِ الْحُكْمُ لِلْجَمِّ

تُجِيبُ الرِّيحُ مِنْ أَعْمَاقِهَا صَخَبًا:

سَرَابُ الْوُجُودِ مَخْتُومٌ بِغَيْرِ خَتْمِ

أَلَا يَا طَلَلَ الْآفَاقِ هَلْ مِنْ رَدًى

يُجَدِّدُ فِي ضُلُوعِ الْحَقِّ أَوْ يَتَرَمَّمِ

سَأَمْضِي فِي سَبِيلِ الْحَقِّ مُتَّقِدًا

وَلَوْ صَارَتْ سُيُوفُ الدَّهْرِ تَرْهَبُ عَزْمِي

أَرَى الْكَوْنَ كِتَابًا يَمْلَأُ أُفُقَهُ

رُمُوزٌ لِلْخَفَاءِ الْمُعَتَّلِّ بِالْأَلَمِ

وَمَنْ يَقْرَأْ جُمُوحَ اللَّيْلِ يُدْرِكْ أَنَّهُ

سَرَابٌ فَوْقَ سَرْبِ الْمَوْتِ لَا يَتَكَلَّمِ

أَتَانِي صَوْتُ أَسْلَافِي الْعِظَامِ: "مَضَيْنَا

فَدُونَكَ مِصْبَاحَ الْحِكْمَةِ فَاسْتَضِئْ بِهِمِ"

فَقُلْتُ: "أَنَا نَارٌ لَا تُطِيقُ خُمُودَهَا

وَبَحْرٌ لَا يُسَاكِرُهُ سِوَى الْمُتَلَطِّمِ"

أَلَمْ تَرَ أَنَّنِي أَمْضَى مِنَ الْحَدِّ وَالْقَنَا

وَأَنْفَذُ فِي عُيُونِ الْجَاحِدِينَ مِنَ السَّمِّ

سَأَرْفَعُ بُنْيَانَ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي

تَهَادَتْ وَالْجَبَابِرُ تَحْتَهَا تَتَرَدَّمِ

وَأَسْقِي أَرْضَ هَذَا الشَّرْقِ مِنْ دَمِ الْعُلَى

فَتُخْرِجُ أَفْئِدَةً كَالْجِمَالِ الْمُتَوَسِّمِ

أَرُومُ مَعَانِيَ الْأَسْمَاءِ فِي أُفُقِهَا

وَأَسْأَلُهَا: "أَيْنَ الْحَقُّ؟" فَتَسْكُتُ بِالْعَمِي

أَلَا يَا دَهْرُ، مَا أَبْقَيْتَ مِنْ صَرْحِ مُلْكِنَا

سِوَى أَشْبَاحِ مَجْدٍ فَوْقَ رَمْلٍ مُهْدَمِ

سَأَبْنِي بِالْكَلَامِ النَّارَ فِي أَعْطَافِكُمْ

فَتَحْيَا الْحُرُوبُ الْخَفِيَّةُ الْأَنْدُمِ

أَنَا الْجَمْرُ الَّذِي يَسْطُو بِغَيْرِ وَقُودِهِ

وَدَوَّامَةُ أَحْلَامٍ تَصُولُ بِلَا فَمِ

سَأَرْوِي حِكَايَةَ الْأَرْوَاحِ قَبْلَ انْتِحَارِهَا

وَأَكْشِفُ عَنْ رُؤًى فِي الْغَيْبِ لَمْ تَتَكَتَّمِ

أَخُوضُ الْغَيْبَ مِثْلَ السَّفِينَةِ جَازِفًا

وَأَرْفُضُ أَنْ أُسَاقَ الْحَقَّ فِي قَفَصِ الْحِكَمِ

سَأَصْعَقُ أُفُقَ هَذَا الْعَالَمِ الْمُنْهَمِرِ

بِرَعْدٍ مِنْ جِبَالِ الْفِكْرِ لَا يَتَرَمْلَمِ

تَنَادَتْ بِي ضَمَائِرُ كُلِّ مُبْتَهِرٍ

أَقِمْ فِي الْأَرْضِ صَرْحًا لِلْجَمَالِ مُعَظَّمِ

فَقُلْتُ: "الْجَمَالُ الْحَقُّ لَيْسَ بِمَرْأَى

وَلَكِنَّهُ سِرُّ الْغَرَامِ بِالْقَضَاءِ مُلْتَزِمِ"

أَرَى الْوُجُودَ كَالْمِرْآةِ تَكْشِفُ سِرَّهَا

لِمَنْ يَغْسِلُ أَقْدَارَ الْحَيَاةِ بِالْعَزَمِ

سَأُرَوِّضُ أَمْوَاجَ الْفَنَاءِ صَابِرَةً

وَأَرْفَعُ فَوْقَ أَكْتَافِ الْخُطُوبِ لَوَائِمِ

أَنَا الْغَائِبُ فِي أَحْلَامِ كُلِّ مُنَاجِدٍ

وَأَنَّى لِلْحَوَادِثِ أَنْ تُدَارِكَ بِالْقِمَمِ

أَصَاخَتْ أُذُنُ الدَّهْرِ الْجَمِيلِ لِنَبْضِهِ

فَرَاعَ الْخَفْقُ أَسْرَارَ الْوُجُودِ الْمُبْهَمِ

أَطَأْتُ سُهُولَ الْفَلْسَفَاتِ مُرْتَحِلًا

أُرَجِّعُ فِي فِجَاجِ الْغَيْبِ أَصْوَاتَ الْهِمَمِ

سَأَصْهَرُ أَجْسَادَ الْحُرُوبِ بِرُوحِنَا

فَتَعْبُدُ أُمَّتِي كُلَّ نَادٍ جَادَ بِالْكَرَمِ

وَأَسْكُبُ فِي رِوَاقِ الْعِزِّ نُورَ حَضَارَةٍ

تَرُفُّ عَلَى جِبَاهِ الْجُبَنَاءِ كَالْعَلَمِ

أَنَا الْبَاقِي إِذَا مَا الْمَوْتُ نَادَى جُيُوشَهُ

وَدَاسَتْ خُيُولُ الْفَنَاءِ كُلَّ مُعَلَّمِ

سَتُبْدِي الْأَرْضُ أَسْرَارَ الْخُلُودِ لِرَاكِبٍ

يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ غَيْرَ مُلْتَمِمِ

أَلَا يَا دَهْرُ! قَدْ سُقْتُ الْجِيَادَ إِلَى الْوَغَى

وَحَمَّلْتُ الزَّمَانَ الْجُرْحَ فِي كُلِّ مَأْتَمِ

سَأَمْحُو بِالسَّمَاحِ الْكَائِنَاتِ كَأَنَّنِي

سَحَابٌ فَوْقَ أَعْنَاقِ الْبَرِيَّةِ يَنْدَمِي

أَرُومُ مَعَابِدَ الْحُرِّ الَّتِي لَمْ تُبْنَ يَدٌ

سِوَى أَيْدِي الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ فِي تَأَلُّمِ

أَنَا الْفِكْرُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى جَمْرِ الْوَرَى

وَيَبْنِي فَوْقَ أَنْقَاضِ الْخُطُوبِ تَمَائِمِ

سَأَرْوِي كُلَّ صَحْرَاءٍ بِأَنْهَارِ الْهُدَى

وَأَغْمُرُ كُلَّ قَفْرٍ بِالْحَيَاةِ الْمُتَيَّمِ

أَنَا الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْثَنِي عَنْ طَرِيقِهِ

وَلَوْ صَارَتْ جِبَالُ الْأَرْضِ فَوْقَ مُعْصَمِي

سَأُعْلِنُ فِي وُجُوهِ الْجَاحِدِينَ حَقِيقَةً:

إِذَا مَاتَ الْإِلَهُ فَمَنْ يُجِيبُ مُنَادِمِ؟

أَصَاخَتْ أُذُنُ الْأَكْوَانِ لِلصَّوْتِ فَانْثَنَتْ:

إِلَيْكَ، فَقَدْ سَقَطْنَا فِي هَوَاهُ وَفِي دَمِي

سَأَبْقَى أُنْشُودَةَ الْأَبَدِ الْمُتَأَلِّقَةِ

وَرَمْزًا لِلصِّرَاعِ الْخَفِيِّ بِالْأُمَمِ

أَلَا يَا مَنْ يُنَادِي فِي دُجَى الْعُمْرِ: "أَقْبِلُوا!

أَتَرْضَى أَنْ تَكُونَ الظِّلَّ فِي كُلِّ مُظْلِمِ؟"

تَرَاكَضْ مَعَ الْأَشْبَاحِ فِي مَيْدَانِهَا

وَخُضْ غَمَرَاتِ أَحْلَامٍ تَهُزُّكَ بِالْأَسَمِ

سَتُدْرِكُ أَنَّنَا أَفْعَالُ رَبٍّ مُخَاطِبٍ

وَأَنَّ الْوُجُودَ سِرٌّ لِلْجَمَالِ مُقَدَّمِ

أَنَا الْكَائِنُ فِي كُلِّ الْجَمِيعِ مُفَرَّدًا

وَفِي كُلِّ انْتِحَارٍ لِلْحَيَاةِ مُتَكَلِّمِ

سَأَرْفَعُ أَلْوِيَةَ الْحُرِّيَّةِ الْمُضِيئَةِ

عَلَى أَعْنَاقِ هَذَا الْعَالَمِ الْمُتَنَاغِمِ

وَأَسْحَبُ أَغْلَالَ الْخَوْفِ مِنْ أَعْنَاقِنَا

لِنَمْشِيَ فَوْقَ جَمْرِ الْحَقِّ غَيْرَ مُلَثَّمِ

أَنَا الْمَوْجُ الَّذِي يَطْوِي شُطُونَ الْعُمْرِ كُلَّهَا

وَيَبْنِي فِي عُبَابِ الْمَوْتِ مَلْعَبَ مُحْرِمِ

سَأَصْرَعُ أَشْبَاحَ الْفَنَاءِ بِصَادِقٍ

وَأَمْحُو بِالْيَقِينِ الْوَهْنَ مِنْ كُلِّ مُعْلَمِ

أَرَى فِي كُلِّ ذَرَّةٍ جَحَافِلَ أَمْجَادِ أُمَّةٍ

تُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ غَيْرَ مُجَمْجِمِ

وَأَسْكُبُ فِي رِحَابِ الْكَوْنِ نَارَ حَنِينِنَا

فَتَعْلُو فَوْقَ أَكْبَادِ الْوُرُودِ مُتَضَرِّمِ

أُقَبِّلُ فِي دُجَى الأَيَّامِ صُورَتَهُ

وَأَبْكِي لِلْخَيَالِ السَّاكِنِ الْمُتَفَحِّمِ

وَأَسْقِي تُرْبَةَ الذِّكْرَى بِنَبْضَتِنَا

فَتَنْبُتُ فِي رُبَانِهَا زَهْرًا مُنَعَّمِ

أُطَارِدُ وَجْهَهُ فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ

كَأَنِّي فِي الْهَوَى نَجْمٌ وَفِي النَّارِ مُقَيَّمِ

يُرَاوِغُنِي الْمَسَاءُ بِهِ وَأَحْسِبُهُ

يُسَجِّلُ فِي فُؤَادِي مَوْعِدًا لَا يُتَرْجَمِ

أَمُرُّ عَلَى الطُّلُولِ فَتَنْتَشِي دَمَعَاتُهَا

وَيَسْكُنُ فِي ضُلُوعِ الصَّبْرِ صَوْتُ التَّنَدُّمِ

أُقَلِّبُ سِفْرَ وَجْهِهِ وَفِي دَمِي

أُرَتِّلُ صَوْتَ وَدِّهِ فِي الْغَيْبِ مُبْهَمِ

وَكَيْفَ أُنَامُ وَالذِّكْرَى تُنَادِينِي

كَنَايٍ فِي جَنَاحِ الرِّيحِ يَبْكِي الْمُنَغِّمِ

أَرَى فِي حُبِّهِ كَوْنًا تُرَتِّلُهُ

نُجُومُ اللَّيْلِ فِي وَجْدٍ وَصَمْتٍ مُهَيَّمِ

وَإِنْ غَابَتْ مَرَايَاهُ تَفَجَّرَتِ

شُرُوقَاتِي وَأَحْلَامِي بِصَوْتٍ مُتَرَحِّمِ

وَمَا أَنْسَى كَلِيمَاتٍ لَهُ حَلَمَتْ

بِهِنَّ دُمُوعُ عَيْنِي وَالْهَوَى الْمُتَقَدِّمِ

أَنَا الْعَاشِقُ الَّذِي لَمْ يَسْتَطِبْ سُبُلًا

سِوَى دَرْبِ الْوُصُولِ إِلَى الْهَوَى الْمُتَضَرِّمِ

وَلَوْ قِيلَ الْفَنَاءُ بِهَا مُرَافِقُهُ

لَقُلْتُ: “المَوْتُ فِي الْأَحْبَابِ لَذٌّ لِلْمُغَرِّمِ”

أُنَاجِي صَمْتَهُ الْمُتَجَهِّمَ الْأَفْقِ

وَأَرْقُبُ نُورَهُ الْمَخْفِيَّ فِي لَيْلٍ مُعَتِّمِ

يُغَالِبُنِي حَنِينِي كُلَّمَا سَكَنَتْ

رِيَاحُ الشَّوْقِ فِي صَدْرِي كَنَبْضٍ مُتَحَرِّمِ

وَيَنْهَضُ فِي دِمَائِي ضَوْءُ مُقْلَتِهِ

كَبَدْرٍ فِي سَمَاءِ الْوَجْدِ يَسْرِي فِي الْعَتَمِ

تَعَالَى فِي خَيَالِي كَوْكَبٌ طَرِبٌ

يُهَامِسُنِي بِأَسْرَارٍ وَوَعْدٍ مُتَكَتِّمِ

وَأَنْسُجُ مِنْ سَنَاهُ رُؤًى مُؤَلَّهَةً

وَأَرْفَعُهُ فَوْقَ نَجْمِ الْحُبِّ للْكَوْنِ مُعَظَّمِ

وَفِي أَحْلَامِهِ تَزْهُو أَشَاعِرُنَا كَمَاءِ

الرُّوحِ فِي وَقْتِ السَّحَابِ الْمُتَرَنِّمِ

وَإِنْ غَابَتْ صِفَاتُ الْوُدِّ فِي خَطَرِي

تُعِيدُ الذِّكْرَيَاتُ الْوَجْهَ لللَّحْنِ الْمُكَرَّمِ

فَكَيْفَ الْحُبُّ يُنْسَى؟! وَالْهَوَى قَدَرٌ

يَسِيرُ بِنَا كَصَوْتِ الرُّوحِ بِالْعَهْدِ الْمُقَدَّمِ

يَكُونُ الْبُعْدُ كَالنَّصْلِ الْمُسَنَّدِ فِي

ضُلُوعِ الْوَجْدِ فَيَّاضًا كَمَوْجٍ مُتَظَلِّمِ

وَأَذْكُرُهُ، فَيَبْكِي الْفَجْرُ مِنْ شَجَنٍ

وَتَصْفَعُنِي سُيُوفُ الْمَرْءِ للْحُلُمِ الْمُضَخَّمِ

وَكُلَّمَا مَضَى طَيْفٌ لَهُ بَقِيَتْ

مَجَالِسُهُ عَلَى الْأَرْوَاحِ نَبْرًا مُتَقَدِّمِ

فَيَا قَلْبِي، عَلَيْكَ الْوَعْدُ فَاصْبِرْ لَهْ

فَإِنَّ الْوُدَّ بَابٌ لِلْخُلُودِ الْمُتَمَّمِ

تَجَاوَزْتُ فِي حُبِّي مَدًى لَا يُدْرَكُ

وَخُضْتُ لَهِيبَ الْوَجْدِ وَالْجَمْرَ الْمُقَدَّمِ

وَأَوْقَفْتُ أَيَّامِي عَلَى حَافَّاتِهِ

كَمَنْ يَرْتَقِي حَلْمًا وَيَصْطَادُ الْمُبَرْعِمِ

وَكُلَّمَا غَفَا صَوْتِي عَلَى أَمَلٍ

يُرَجِّعُنِي لِوَجْهِ الْحُبِّ نَبْرًا مُتَقَسِّمِ

أَنَا الطِّفْلُ فِي حَضْنِ الْحَنِينِ إِذَا بَكَى

وَأَنَا الرَّجُلُ الْمَصْلُوبُ بِالْعَهْدِ الْمُعَوَّمِ

وَكَمْ كَانَ لِي فِي حِضْنِهِ مِنْ نَشْوَةٍ

تُجَدِّدُنِي كَالْعُودِ فِي لَحْنٍ مُحَكَّمِ

وَكَمْ خَابَ ظَنِّي فِي الزَّمَانِ وَنُطْقِهِ

فَأَحْسَسْتُ أَنَّ الْوَقْتَ صَبْرٌ مُتَكَلِّمِ

أُحِبُّهُ؟! نَعَمْ، وَالشَّوْقُ يَأْكُلُنِي كَمَا

تُغَافِلُنِي الْأَسْرَارُ فِي الْجِدْيَانِ وَالْغَنَمِ

وَأَعْبُرُ فِي صَوْتِ الْمَسَاءِ كَأَنَّنِي

غَمَامَةُ شَكٍّ فِي دُجًى مُتَرَجَّمِ

وَيَا مَنْ رَسَمْتَ النُّورَ فِي أَجْفَانِنَا

تَمَهَّلْ، فَقَلْبِي نَبْضُ صَبْرٍ مُتَلَحْلِمِ

أَتَسْكُنُنِي أَمْ أَسْكُنُ الذِّكْرَى مَعَكْ؟

فَكِلَا النُّزُولَيْنِ الْفُؤَادُ الْمُتَأَلِّمِ

وَكُنْتُ إِذَا نَادَتْ رِيَاحُكَ وَجْدَهَا

تَبِعْتُ صَدَاهَا فِي الْهَوَى الْمُتَكَدِّمِ

تُقِيمُ دُمُوعِي فِي عُيُونِكَ مَنْزِلًا

كَأَنَّكَ فِي سُوحِ الْحَنَانِ الْمُخَتَّمِ

وَأَرْتَادُ حَافَاتِ الْجُمَالِ مُهَابَةً

وَفِي نَبْضِهِ شَيْءٌ مِنَ الْوَجْدِ الْمُتَرَسِّمِ

أَرَاكَ كَمَا يَهْوَى الْقَدِيسُ مُصْحَفَهُ

وَيُشْعِلُ نُورًا فِي الْقَلِيلِ الْمُتَكَلِّمِ

وَأُومِنُ أَنَّ الْحُبَّ إِذْ يَسْكُنُنَا

يُحَوِّلُنَا نَحْوَ السَّمَاءِ الْمُتَرَحِّمِ

فَإِنْ غَابَ وَجْهُ الْوُدِّ عَنْ أَبْصَارِنَا

تَبَقَّى دُخُونُ الْوَصْلِ بِالرُّوحِ الْمُتَعَلِّمِ

فَكَيْفَ أَنَا؟! وَالذِّكْرَيَاتُ مُبْتَهِلَاتُهُ

تَدُقُّ دُمُوعِي فِي الزَّمَانِ الْمُتَأَلِّمِ

وَكَيْفَ أَنَا؟! وَالأَمْسُ فِي صَدْرِي لَهُ

أَنِينٌ يُشِعُّ كَنَايَةً فِي الْمُتَكَتِّمِ

سَأَمْضِي وَفِي عَيْنِي غُيُومٌ سَاهِرَهْ

تَذُوبُ عَلَى طَرْفِ الْمَسَاءِ الْمُتَكَلِّمِ

وَأَمْسَحُ دَمْعَ الْوَقْتِ فِي سِرْبِ الْمُنَى

كَمَنْ يَغْفِرُ التَّذْكِيرَ لِلْقَلْبِ الْمُتَرَحِّمِ

سَأُوصِي نُجُومَ الْوَجْدِ أَنْ لَا تَغْرُبَا

وَأُطْلِقُ بُرْقَ الْحُبِّ فِي اللَّيْلِ الْمُحْتَدِّمِ

فَإِنْ رُحْتُ فِي بَيْنِ الْغِيَابِ مُوَدِّعًا

فَلِي فِي هَوَاكَ السِّرُّ فِي الْحُبِّ الْمُقَدَّمِ

وَسَأَكْتُبُ فِي سِفْرِ الْأَسَى ذِكْرَاكُمُ

بِحَبْرِ الْحَنِينِ النَّازِفِ الْمُتَلَثِّمِ

فَلَا تَسْأَلُوا عَنِّي إِذَا مَا غِبْتُ، بَلْ

تَفَقَّدُوا نَبْضِي فِي الْهَوَى الْمُتَقَدِّمِ

فَفِي كُلِّ عَيْنٍ مِنْ هَوَاكَ تَأَمُّلٌ

يُفَتِّتُ صَمْتِي فِي النَّوَى الْمُعْتَزِّمِ

سَأَبْقَى كَمَا كُنْتُ… الْمُحِبَّ الْمُنْزَوِي

عَلَى بَابِ نَظْرٍ فِي الْبُعَادِ الْمُكَرَّمِ

أُقَبِّلُ طَيْفَ الْوُدِّ فِي سَكَنَاتِهِ

وَأَرْسُمُ لَحْنًا فِي الْفُؤَادِ الْمُدَغَّمِ

وَإِنْ طَالَ دَرْبُ الْبُعْدِ فَاصْبِرْ، إِنَّهُ

طَرِيقُ الْخُلُودِ الْحَالِمِ الْمُتَفَهِّمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

628

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة