عدد الابيات : 20
يَا دَارَ حُبِّيَ وَالْهَوَى وَالتَّحَنِّي
أَيْنَ الَّذِي سَكَنُوا؟ وَأَيْنَ الْمُقْلِ؟
يَا مَنْزِلَ الذِّكْرَى وَمَسْكَنَ لَوْعَتِي
قَدْ غَابَ أَهْلُكِ فَاعْصِفِي وَأَسْدِلِي
أَمْشِي وَحِيدًا فِي الطُّرُوقِ كَأَنَّنِي
أَثَرٌ تَفَرَّدَ فِي الرِّيَاحِ وَأَجْمَلِي
سَارَةُ، يَا أَمَلَ الْحَيَاةِ وَنُورَهَا
وَيَا سُهَادَ اللَّيْلِ وَالْحُزْنَ الْجَلِي
هَلْ تَذْكُرِينَ اللَّيْلَ فِي خَلَجَاتِهِ
حِينَ الْتَقَيْنَا فِي السِّنِينَ الْمُجْذِلِ
هَلْ تَذْكُرِينَ وُرُودَنَا فِي رَوْضَةٍ
غَنَّتْ بِحُبِّكِ فِي الْغَدَاةِ وَبِالْأَطْلَلِ
أَيَّامُ وَصْلِكِ كَانَ فَجْرُهَا ضُحًى
وَاللَّيْلُ فِيهَا نُورُهُ مُتَطَاوِلِ
فَإِذَا الْمَنَايَا أَظْلَمَتْ أَيَّامَنَا
وَافْتَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَنِينِ وَمَسْرَجَلِ
فَإِذَا السَّبِيلُ إِلَى اللِّقَاءِ مُعَطَّلٌ
وَالرِّيحُ تَسْرِقُ مِنْ شِفَاهِيَ مَنَازِلِي
مَرِضَ الزَّمَانُ وَكُلُّ حُبٍّ مُفْتَدًى
بِالصَّبْرِ أَوْ بِالْوَجْدِ أَوْ بِالتَّفَضُّلِ
مَا كَانَ حُبُّكِ زَائِلًا فِي خَافِقِي
لَوْ جَاءَ فَجْرٌ بِالْفِرَاقِ وَبِالرَّاحِلِ
كَمْ طَالَ بُعْدُكِ وَالسِّنِينَ كَأَنَّهَا
قَفْرٌ تُعَاتِبُنِي بِحُزْنٍ مُسْتَطِيلِ
وَاللَّيْلُ يَنْدُبُ فِي الْغُيُومِ كَأَنَّهُ
وَجَعٌ يُدَاوِيهِ السَّمَاءُ بِوَابِلِ
يَا نَازِحَةَ الرُّوحِ الَّتِي هَامَ فِيهَا
حُبِّي وَأَوْدَى مِنْهُ كُلُّ سَبِيلِ
لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ كَمْ شَكْوَى هَائِمٍ
نَزَفَ الْحَنِينُ دِمَاءَهُ فِي السُّبُلِ
لَوْ كُنْتِ تَرْحَمِينَ وَجْدَ مُتَيَّمٍ
يَشْكُو السَّقَامَ وَقَدْ بَكَى فِي الْمَنْزِلِ
أَيَسُوغُ لَكِ هَجْرِي وَقَدْ ضَاعَ صَبْرِي
فَالسَّيْفُ مَا يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِلْعُزَّلِ
إِنْ كُنْتِ نَسَّايًا فَإِنِّي وَإِنْ نَأَتْ
دَارِي سَأَبْقَى فِي الْهَوَى مُتَوَلِّهِلِ
إِنْ مُتُّ مِنْ وَجْدٍ وَشَوْقٍ وَمَرَضٍ
فَلْتَعْلَمِي أَنَّ الْهَوَى أَفْنَى أَدْمُلِي
يَا دَارَ سَارَةَ، كَيْفَ يَفْنَى هَائِمٌ
وَالْحُبُّ بَيْنَ ضُلُوعِهِ لَمْ يَنَازَلِ
628
قصيدة