الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » أَطْيَافُ الْمَمَالِكِ وَحِكْمَةُ الزَّمَانِ

عدد الابيات : 43

طباعة

يَا مَنْ تَجَبَّرَ فِي الدُّنْيَا وَسَادَ بِهَا

فَالْمَوْتُ آتٍ فَلَا تُغْرِي أَمَانِيهَا

هَلْ يَنْفَعُ الْمُلْكَ تِيجَانٌ مُكَلَّلَةٌ

أَمْ هَلْ يُطِيلُ بَقَاءَ الْمَرْءِ عَالِيهَا؟

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ رَأَيْنَاهَا مُمَزَّقَةً

أَرْوَاحُهُمْ بَيْنَ أَطْبَاقٍ تُوَارِيهَا

كَانُوا عُرُوشًا وَرُكْنَ الْمَجْدِ شَامِخَةً

حَتَّى رَمَتْهُمْ يَدُ الْأَقْدَارِ رَامِيهَا

صَارُوا تُرَابًا وَمَا أَغْنَتْ خَزَائِنُهُمْ

أَوْ كَفَّ عَنْهُمْ قَضَاءُ اللَّهِ قَاضِيهَا

أَيْنَ الَّذِينَ إِذَا نَادَيْتَهُمْ رَهِبُوا

فِي الْقَبْرِ بَاتَتْ جُيُوشٌ بِحَوَاشِيهَا

لَا تَهْوِ فِي الْأَرْضِ مُسْتَكْبِرًا بِعِزَّتِهَا

فَالْأَرْضُ تَفْنَى وَكُلُّ الْحَيِّ يُفْنِيهَا

هَلْ خَلَّدَتْ قَطُّ أَجْيَالًا سَطْوَتُهُمْ

أَمْ هَلْ تُعِيدُ الَّذِي وَلَّى لَيَالِيهَا؟

يَا غَافِلًا وَالْمَنَايَا فِي مُطَارِدِهِ

لَا بُدَّ يَوْمًا إِلَى الْأَكْفَانِ يُهْدِيهَا

قَدْ كَانَ فِي الْعَيْشِ آلَافٌ تُزَيِّنُهُ

فَالْيَوْمَ أَصْبَحَ لَا جَاهَ وَمَالٌ يُغَنِّيهَا

مَا بَالُ دُنْيَاكَ تُعْلِيكَ وَتَخْفِضُكَ

كَالسَّيْفِ تُخْفِي مَصَابِيحًا فَتُدْمِيهَا

خُذْهَا يَقِينًا، إِذَا هَانَتْ مَعَاقِلُهَا

لَا شَيْءَ يُبْقِي كَيَانًا مِنْ بَقَاوِيهَا

لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا

فَكَمْ تَخُونُ قُلُوبًا مِنْ أَهَالِيهَا

أَمْسَتْ مَمَالِكُ مَنْ كَانُوا أَعَزَّ بِهَا

قَبْرًا يَضُمُّ بَقَايَاهُمْ وَيَبْكِيهَا

لَا تَحْسَبِ الْمُلْكَ عِزًّا أَنْتَ تَبْلُغُهُ

إِنَّ التَّوَاضُعَ تَاجُ الْعِزِّ يُعْلِيهَا

مَنْ رَامَ مَجْدًا فَلَمْ يَلْبَسْ تَوَاضُعَهُ

فَالْمَجْدُ يَبْقَى سَرَابًا فِي نَوَادِيهَا

كَمْ سَابِقٍ ضَيَّعَ الْعَلْيَاءَ نَخْوَتُهُ

حَتَّى هَوَى بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تُسَامِيهَا

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ رَأَيْنَاهَا مُمَجَّدَةً

وَالْيَوْمَ لَا أَحَدٌ يُحْصِي مَآتِيهَا

لَا تَفْتَخِرْ بِثَرَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا

فَالْمَوْتُ يُفْنِي بُيُوتًا مِنْ بُوَانِيهَا

هَذِي الدِّيَارُ الَّتِي كُنْتُمْ تَسُرُّ بِهَا

قَدْ بَاتَ يَبْكِي الْأَطْلَالَ مَاضِيهَا

أَيْنَ الَّذِينَ سَمَتْ فِي الْأَرْضِ دَوْلَتُهُمْ

حَتَّى طَوَاهُمْ بِسَيْفِ الْمَوْتِ جَارِيهَا

كَمْ مِنْ قُصُورٍ تَرَاءَتْ فِي السَّمَاءِ وَقَدْ

أَضْحَتْ رُفَاتًا وَبَاتَ الرِّيحُ يُحْيِيهَا

مَا كَانَ أَمْسٌ سَنِيًّا فِي بَهَاءِ عُلَى

أَضْحَى خَرِيبًا وَمَحْرُومًا لِسَاكِيهَا

يَا مُبْصِرَ الْعَيْنِ خُذْ لِلنَّفْسِ عِبْرَتَهَا

وَانْظُرْ لِدَارٍ دُمُوعُ الْحُزْنِ تَرْوِيهَا

لَا تَأْمَنِ الدَّهْرَ إِنَّ الدَّهْرَ مُنْقَلِبٌ

يُبْلِي الْعِظَامَ وَيُفْنِي كُلَّ بَانِيهَا

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ غَدَتْ فِي الْعِزِّ سَامِيَةً

وَالْمَوْتُ يَسْطُو فَلَا عِزٌّ يُحَاكِيهَا

لَا تَرْكَنَنَّ لِدُنْيَا غُرُورٍ مُزَخْرَفَةٍ

فَالرِّيحُ تَذْرُوهَا وَالْمَوْتُ يُفْنِيهَا

كُلُّ الْجَمَالِ وَإِنْ زَانَتْ مَظَاهِرُهُ

يَفْنَى وَتَبْقَى بَقَايَا الدَّهْرِ تَرْثِيهَا

كَمْ مِنْ يَدٍ قَدْ بَنَتْ دَارًا لِتَسْكُنَهَا

فَأَضْحَتِ التُّرْبُ تَحْوِيهَا وَتُخْفِيهَا

هَذِي الْحَيَاةُ فَمَنْ يَبْغِي السَّعَادَةَ فَلْـ

ـيَعْمَلْ لِدَارٍ يُقِيمُ الْمَجْدُ بَانِيهَا

أَقْسَمْتُ لَا الْعِزُّ يَبْقَى فِي مَوَاضِعِهِ

وَلَا الثُّرَيَّا إِذَا دَارَتْ تُحَيِّيهَا

كُلُّ الْمَمَالِكِ تُبْنَى ثُمَّ يَهْدِمُهَا

مَرُّ الزَّمَانِ وَتَبْقَى الرِّيحُ تُرْثِيهَا

كَمْ قَاعِدٍ فَوْقَ عَرْشٍ مَا زَالَ يَحْسَبُهُ

يَدُ الزَّمَانِ تُرَجِّيهِ، تُعْلِيهِ وَتَحْمِيهَا

حَتَّى دَهَتْهُ صُرُوفُ الدَّهْرِ وَانْكَسَرَتْ

تِلْكَ السُّيُوفُ الَّتِي كَانَتْ تُوَالِيهَا

يَا مَنْ رَكَنْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا

هَذِي الْقُصُورُ الَّتِي كُنْتُمْ تُزَكِّيهَا

أَمْسَتْ رِمَادًا وَأَضْحَتْ بَعْدَ أُبَّهَتِهَا

نَسْرًا يُهَدْهِدُ هَامَاتِ الْأَعَالِيهَا

كَمْ مِنْ مُلُوكٍ تَجَبَّرْنَا بِسَيْفِهِمُ

مَاتُوا جَمِيعًا وَظَلَّ الْقَبْرُ يَطْوِيهَا

هَذِي التَّرَائِبُ كَانَتْ صَرْحَ مَمْلَكَةٍ

تَبْكِي عَلَيْهَا الرِّيَاحُ الْوَحْشُ يَرْعِيهَا

يَا حَامِلَ التَّاجِ دَعْ عَنْكَ الْغُرُورَ فَمَا

نَفْعُ التَّيَاهِ وَرُوحُ الْمَوْتِ تُدْنِيهَا؟

يَا صَاحِ إِنْ شِئْتَ تَحْيَا فِي رَحَابَتِهَا

فَانْظُرِ الْمَجْدَ وَاسْتَصْلِحْ مَغَانِيهَا

هَذِي الْحَيَاةُ إِذَا طَالَتْ سَنَابِلُهَا

لَا بُدَّ يَوْمًا سِهَامُ الدَّهْرِ تُفْنِيهَا

مَا الْعِزُّ إِلَّا جَنَاحُ الْعِلْمِ إِنْ عَلِمَتْ

كَيْفَ السُّبُلُ إِلَى الْأَمْجَادِ تَسْقِيهَا

فَاعْمَلْ لِدَارٍ تُبَارِيكَ الْجِنَانُ بِهَا

تِلْكَ الْحَيَاةُ وَمَا الدُّنْيَا بِشَافِيهَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

628

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة