عدد الابيات : 48
سَارَةُ، اللَّيْلُ اسْتَحَالَ كَئِيبًا
وَالنَّجْمُ أَضْحَى بِالسَّمَاءِ غَرِيبًا
وَالرُّوحُ تَشْكُو لِلسَّمَاءِ هُمُومَهَا
وَالْعَيْنُ تَبْكِي وَالْقَضَاءُ قَرِيبًا
يَا سَارَةَ الْقَلْبِ الَّذِي وَدَّعْتِهِ
صَارَ الْوَدَاعُ عَلَى الْحَيَاةِ مُهِيبًا
لَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ مَاتَتْ مُهْجَتِي
فَالْحُزْنُ بَحْرٌ وَالطَّرِيقُ صَلِيبًا
أَذْكُرُ اللَّيَالِيَ حِينَ كُنْتِ بِقُرْبِي
وَالشَّوْقُ يَحْكِي لِلْعِنَاقِ نَحِيبًا
كُنْتِ الْجَمَالَ عَلَى الْمَدَى مُتَرَبِّعًا
وَكُنْتُ فِي عَيْنَيْكِ نَجْمًا خَطُوبًا
يَا وَرْدَةَ الْعِشْقِ الَّتِي مَا جَفَّتْ
ضُمَّتْ شَذَاهَا فِي الْفُؤَادِ حَبِيبًا
هَلْ تَذْكُرِينَ حَدِيثَنَا عِنْدَ الْمَدَى
أَوْ كَيْفَ صَارَ اللَّيْلُ فِينَا طَرُوبًا؟
سَارَةُ، إِنْ ضَاقَ الْفَضَاءُ بِنَبْضِنَا
فَالْمَوْتُ يَأْتِي لِلْحَبِيبِ طَبِيبًا
لَا تَخْذُلِينِي فِي الْفِرَاقِ وَإِنَّمَا
كُونِي سَلَامًا يَحْتَوِيهِ غَرِيبًا
إِنِّي أَرَاكِ مَعَ الْمَنَايَا وَاقِفَةً
كَالنُّورِ يَجْلُو الظُّلْمَةَ وَالْكُرُوبَا
وَإِذَا نَزَلْتُ إِلَى الثَّرَى وَحْدِي غَدًا
قُولِي بِأَنَّكَ كُنْتَ قَلْبًا مُنِيبًا
الْحُبُّ فِي رُوحِي كِتَابٌ خَالِدٌ
وَالْعَهْدُ فِي عُمْرِي تَسَامَى نَسِيبًا
سَارَةُ، لَا يَفْنَى الْهَوَى إِنْ فَارَقَتْ
رُوحِي الْجَسَدْ، بَلْ صَارَ نَهْرًا عَجِيبًا
كُلُّ الْمَحَبَّةِ فِي فُؤَادِي بَاقِيَةٌ
وَالْقَلْبُ يَبْقَى عَاشِقًا وَمُصِيبًا
حَتَّى وَإِنْ ضَاقَ التُّرَابُ بِأَضْلُعِي
يَبْقَى الْوَفَاءُ سَاطِعًا وَمُهِيبًا
إِنَّا سَنَلْقَى فِي الْجِنَانِ لِقَاءَنَا
وَالْمَوْتُ بَابٌ، وَاللِّقَاءُ قَرِيبًا
يَا زَهْرَةَ الرُّوحِ الَّتِي مَا ذَبَلَتْ
سَأَظَلُّ أَدْعُو لِلرَّجَاءِ نَصِيبًا
سَارَةُ، هَذَا الْوَعْدُ خُطَّ بِدَمْعَتِي
وَالْعَهْدُ عِنْدِي صَارَ حَبْلًا رَحِيبًا
لَا تُنْكِرِي شَوْقَ الْحَبِيبِ وَإِنَّمَا
قُولِي وَدَاعًا إِنْ جَفَتْنِي الدُّرُوبَا
لَا تَذْكُرِي وَجَعِي إِذَا فَارَقْتِنِي
بَلِ اذْكُرِي عَهْدَ الْمَوَدَّةِ طِيبًا
قُولِي لَهُمْ إِنَّ الْحَبِيبَ قَضَى عَلَى
دَرْبِ الْوَفَاءِ، وَكَانَ قَلْبًا نَجِيبًا
وَاحْمِلِي ذِكْرَى الْقَلْبِ نَحْوَ دِيَارِنَا
وَانْثُرِي فَوْقَ التُّرَابِ رَحِيبًا
فَأَنَا عَلَى وَعْدِ الْحَنِينِ مُعَاهِدٌ
مَهْمَا افْتَرَقْنَا كُنْتُ نَجْمًا قَرِيبًا
سَارَةُ، إِنَّ الصَّمْتَ صَارَ حِكَايَةً
يَرْوِي الْعَذَابَ، وَيُغْرِقُ التَّرْحِيبَا
مَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَرَاكِ مُغَرِّبَةً
عَنِّي، وَأَنَّ الْعُمْرَ بَاتَ شُحُوبَا
إِنَّا كَتَبْنَا بِالْحَنِينِ رَسَائِلًا
وَالْحُبُّ صَارَ كَوْكَبًا لَا يَغِيبَا
وَالْآنَ تَبْكِي فِي الظَّلَامِ مَآذِنِي
وَالْقَلْبُ صَارَ فِي الضُّلُوعِ خَطُوبَا
سَارَةُ، إِنْ طَوَّقْتِنِي بِالْأُمْنِيَاتِ
صَارَ الْجَفَاءُ فِي الطَّرِيقِ غَرِيبَا
إِنَّ الْجِنَانَ تَنْتَظِرُنَا مَوْعِدًا
فَالْبُعْدُ بَيْنَ الْعَاشِقَيْنِ كَذُوبَا
أُقْسِمْتُ أَنَّ الْحُبَّ لَا يُطْفَى إِذَا
صَارَ الْخُلُودُ لِلْحَنِينِ نَصِيبَا
وَإِذَا افْتَرَقْنَا فِي التُّرَابِ لِحِينِنَا
فَالرُّوحُ تَبْقَى فِي الْغَرَامِ طَلُوبَا
يَا رَبَّ هَذَا الْحُبِّ جَمِّلْ وَصْلَهُ
وَاجْعَلْ لِقَلْبَيْنَا الطَّرِيقَ رَحِيبَا
وَاكْتُبْ لَنَا وَعْدَ اللِّقَاءِ بِظِلِّهِ
حَيْثُ الْخُلُودُ، وَلَا نَرَى تَخْوِيبَا
إِنِّي دَعَوْتُكَ فِي الظَّلَامِ بِدَمْعَتِي
كَيْ تُحْيِيَ الْأَحْلَامَ نُورًا قَرِيبَا
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ الَّذِي مَا فَارَقَتْ
أَحْلَامُهُ، صَارَ الدُّعَاءُ طَبِيبَا
الْمَوْتُ نَافِذَةٌ نَرَى مِنْهَا النَّدَى
إِنْ كَانَ فِي الْأَرْوَاحِ شَوْقٌ يُذِيبَا
يَا سَارَةَ الْعِشْقِ الَّذِي لَا يَنْثَنِي
إِنَّ الْجَمَالَ بِذِكْرِكِ مُسْتَجِيبَا
أَبْقَى أُرَدِّدُ فِي الْحَيَاةِ قَصِيدَتِي
مَا دَامَ قَلْبُكِ لِلْعَطَاءِ نَجِيبَا
وَإِذَا دَفَنْتُ الْيَوْمَ حُلْمِي فِي الثَّرَى
فَالْحُبُّ فَوْقَ الْقَبْرِ صَارَ غَرِيبَا
إِنَّ الْحَيَاةَ تُورِثُ الْحُبَّ الَّذِي
نَبْنِيهِ لِلْأَبْنَاءِ عَهْدًا قَرِيبًا
فَإِذَا رَأَيْتِ ابْنِي يُنَادِينِي غَدًا
قُولِي: هُنَا عَاشَ الْكَرِيمُ نَجِيبَا
لَا تُنْكِرِي حُبَّ الْحَبِيبِ لِأَهْلِهِ
قُولِي: أَتَى يَرْوِي الْفُؤَادَ شُعُوبَا
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ الَّذِي مَا جَفَّ مِنْ
شَوْقِ الْحَنِينِ، يُشْرِقُ الْمُسْتَجِيبَا
سَارَةُ، إِنِّي رَغْمَ مَوْتِي حَاضِرٌ
فِي كُلِّ قَلْبٍ عَاشَ عَهْدًا خَصِيبَا
فَاذْكُرِي حَدِيثَ اللَّيْلِ حِينَ نَجَوْتُهُ
وَالْحُبُّ صَارَ فَوْقَ ظَنِّي مُجِيبَا
كُلُّ الْحِكَايَاتِ انْتَهَتْ إِلَّا الْهَوَى
يَبْقَى عَظِيمًا رَغْمَ كَيْدِ الْخَطِيبَا
إِنِّي أُغَادِرُ وَالْحَيَاةُ عَلَى الْمَدَى
تَبْقَى تُنَادِي فِي الْغَرَامِ نَصِيبَا
628
قصيدة