عدد الابيات : 50
فَادْفِنْ بَقَايَا الصِّبَا إِذْ حَانَ مُنْقَلَبُ
وَازْهَدْ فَإِنَّ سَنِيَّ الْعُمْرِ تَحْتَسِبُ
وَاعْبُرْ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ لِلْخَلَاصِ فَمَا
يَشْفِي نَدَمًا سِوَى التَّقْوَى لِمَنْ يَتُبُ
وَابْكِ الذُّنُوبَ وَذَكِّرْ قَلْبَكَ النَّدَمَا
فَالْيَأْسُ مِنْ عَفْوِ رَبِّ الْعَرْشِ لَا يُطِبُ
فِي لَحْظَةِ الْحَتْفِ لَا يَنْفَعْكَ مُدَّخَرٌ
وَلَا يَنْفَعُ مَلَاذٌ وَلَا مَأْوًى وَلَا سَبَبُ
كُنْ كَامِنَ السِّرِّ وَاحْذَرْ مَا يُبَاحُ بِهِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَسَاهُ لَيْسَ يُجْتَنَبُ
وَاعْدِلْ بِكُلِّ مَوَازِينِ الْوَرَى وَاصْدُقِ
وَفِي الْأَمَانَاتِ مَنْ نَاجَاكَ يُخْتَبَبُ
وَأَحْسِنْ لِقَاءَ النَّاسِ إِنْ كَانُوا لَكَ صَحْب
فَالْعِلْمُ بَاقٍ، وَقَدْ يَزْهُو بِهِ الْأَدَبُ
وَاحْمِلْ قَرِينَك إِنْ ظَلَّتْ بِهِ سُبُلٌ
فَالصِّدْقُ يَرْفَعُ مَنْ تَاهَتْ بِهِ الرُّتَبُ
وَاحْذَرْ دُعَاءَ ظَلُومٍ إِنْ تَرَكْتَهُ يَسْرِي
فَالظُّلْمُ بَاقٍ وَقَدْ يُمْنَحْ بِهِ الْعَطَبُ
وَاسْعَ إِلَى الرِّزْقِ بِالْيَأْسِ الرَّفِيعِ فَمَا
يُرْجَى رِزَاقُ الْفَتَى إِنْ شَاءَ لَمْ يَهَبُ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْأَهْلِ الَّذِينَ عَلَوْا
وَاسْمَحْ إِذَا زَلَّتِ الدُّنْيَا بِمَنْ رَغِبُوا
وَادْعُ لِرَبِّكَ سِرًّا كُلَّمَا غَسَقَتْ
نُجُومُ لَيْلٍ وَفِي الْأَمْحَالِ مُنْتَسَبُ
وَادْعُ الْإِلَهَ بِقَلْبٍ صَادِقٍ أَبَدًا
فَالْحَظُّ يَنْحُو لِمَنْ نَاجَاهُ وَاقْتَرَبُوا
وَاصْدَعْ بِنُورِ التُّقَى، إِنْ ضَاقَتِ السُّبُلُ
وَكُنْ عَلَى مَنْهَجِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ الطَّلَبُ
وَاخْشَ الْمَنَايَا وَكُنْ وَاقِيًا لِلنَّفْسِ فِي
دَرْبِ الْحَيَاةِ، فَمَا بَاقٍ وَمَا عَطَبُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ مِنْ ذَمٍّ تُرَدِّدُهُ
فَالْحُرُّ بِالصَّمْتِ إِذْ يَسْتَرْفِدُ الطَّرَبُ
فَالصِّدْقُ نُورٌ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ
يَرْعَى الْكَرَامَةَ فِي الْأَعْلَى وَيَثْوَبُ
وَاحْذَرْ طُمُوحَ الْهَوَى، إِنْ شِئْتَ مَكْرُمَةً
وَكُنْ عَزِيزًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَا تَرِبُوا
وَاجْنِ الْقَنَاعَةَ فِي قَلْبٍ تُرَاعِي بِهِ
طَعْمَ الرِّضَا فَهْوَ زَادُ الْمَرْءِ إِنْ عَذُبُوا
وَاسْتَخْلِفِ الصَّبْرَ عِنْدَ الضُّرِّ فَاعْتَبِرَا
لِلرِّزْقِ بَابٌ، وَلِلْأَقْدَارِ مُنْقَلَبُ
وَاحْذَرْ نَوَائِبَ دَهْرٍ أَرْعَبَتْ أُمَمًا
تُرْجَى الْأَمَانِي وَفِي طَيَّاتِهَا تَهَبُ
وَاكْرَهْ طَرِيقَ الْهَوَى إِنْ شِئْتَ مَعْرِفَةً
تَفْنَى الشُّهُورُ وَمَا تَجْنِيهِ يَغْتَلِبُ
وَاخْتَرْ صَدِيقَكَ فِي الدُّنْيَا بِفِطْنَتِهِ
فَالرِّفْقُ فِي الْمَرْءِ، وَالْأَعْدَاءُ قَدْ كَذِبُوا
وَاحْذَرْ قَرِينَ السَّوَى إِنْ شِئْتَ مَغْنَمَةً
فَالسَّوْءَ يُعْدِي كَمَنْ تَشْكُوهُ قَدْ غَضِبُوا
وَدَارِ مَنْ رُمْتَ أَخْلَاقًا تُنَزِّلُهَا
مَا قَدْ عَلَتْ نَفْسُهُ إِلَّا بِمَا طَرِبُوا
وَابْدَأْ عَدُوَّكَ بِالتَّحِيَّاتِ مُبْتَسِمًا
وَاحْذَرْهُ إِنْ أَضْمَرَ الْأَحْقَادَ إِنْ غَلَبُوا
وَاتْرُكْ كَذُوبَ الْوِدَادِ، فَهُوَ مُنْقَلِبٌ
إِنَّ الْكَذُوبَ وَدَاعٌ وَالرُّدَى يَحْتَسِبُ
وَصِلْ كِرَامَ الْوِدَادِ فِي حِلْمٍ وَفِي كَرَمٍ
وَالْعَفْوُ عَنْهُمْ جَمِيلٌ يَرْتَجِي نَسَبُوا
فَالْعِزُّ فِي صَدْرِ مَنْ صَدَّتْ بِهِ رُتَبُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ عَنْ قَوْلٍ تُرَدِّدُهُ
فَالْحُرُّ بِالصَّمْتِ مَنْ نَاجَاهُ قَدْ جَذِبُوا
وَاكْتُمْ سَرَائِرَ نَفْسٍ قَدْ تُبَاحُ بِهِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْأَذَى إِذْ كَانَ قَدْ كَسَبُوا
وَلَا تَكُنْ حَرِيصًا فِي الدُّنَى إِذْ غَدَتْ
فَالْعَيْشُ فِي الرِّزْقِ إِنْ شَاءُوا قَدِ طَلَبُوا
وَاسْلُكْ طَرِيقَكَ إِنْ زَلَّتْ بِكَ السُّبُلُ
فَالْقَدَرُ الْحَتْمُ إِذْ مَاشَيْتَهُ انْقَلَبُوا
فَاخْتَرْ صَدِيقَكَ بِالتَّقْوَى وَبِالتُّقَى
مَنْ يَرْتَضِي بِالْعُلَا لَا تَأْتِهِ النِّقَبُ
وَاحْذَرْ جَرِيرَةَ مَنْ تَأْتِيهِ مُجْتَهِدًا
وَلَا تُكَرِّرْ خَطَايَا الْغَيْرِ إِنْ سُلِبُوا
وَابْقَ عَلَى الْعَهْدِ مَحْمِيًّا وَمُحْتَسِبًا
وَاحْفَظْ مَوَاقِعَ قَلْبٍ قَدْ كَانَ يَطْلُبُ
وَلَا تَكُونَنَّ حَرِيصًا فِي تَصَرُّفِ هَمَمْتَ بِهِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْهُدَى إِنْ شِئْتَ قَدْ غَرِبُوا
وَاتْرُكْ مَرَارَةَ دَهْرٍ قَدْ تَجَافَى بِهِ
فَالْعُذْرُ فِي الْمَرْءِ إِنْ كَانُوا قَدْ كَتَبُوا
وَاسْعَ لِلْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ بِهِ
وَكُنْ بِرَبِّكَ وَاقِفًا كَمَا أَحَبُّوا
وَاجْعَلْ مَقَاصِدَكَ الْأَخْلَاقَ مُتَّبِعًا
لِكُلِّ مَجْدٍ تَرَاهُ النَّاسُ قَدْ نَشَبُوا
وَاسْتَكْمِلِ الْخَيْرَ إِنْ شِئْتَ السُّرُورَ
فَلَا يَنْفَعُ قَلْبًا غَدَتْ أَحْلَامُهُ كَذَبُوا
وَازْهَدْ فِي زُخْرُفِ الدُّنْيَا فَتَصْبِرَ عَلَى
مَا قَدْ أَتَاكَ وَهُمْ فِي زُخْرُفٍ عَجِبُوا
وَاحْفَظْ دَمَاثَةَ أَخْلَاقٍ بِهَا رُتَبٌ
تَرْقَى، وَإِنْ شِئْتَ طُولَ الْمَجْدِ فِي الْعَرَبُ
وَاخْتَرْ رَفِيقًا يَرَى فِي الْحِلْمِ مَنْزِلَةً
تَعْلُو بِهَا الْأَرْضُ إِنْ شَاءُوا قَدِ اطَّرَبُوا
وَاتْبَعْ صَدِيقَكَ مَحْمِيًّا بِحُبِّهِ فَـ
الْأُنْسُ يَفْتَحُ أَبْوَابًا بِهَا سَكَبُوا
وَكُنْ كَمَنْ يَنْشُرُ الْإِحْسَانَ فِي بَشَرٍ
وَالنَّاسُ تَرْجُوهُ إِنْ طَابُوا وَقَدْ طَرِبُوا
وَاخْفِضْ لِكُلِّ مَسَارٍ زُفَّتِ النِّعَمُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْأَمَانِيَّ الَّتِي قَرَبُوا
وَاحْذَرْ مِنَ الدَّهْرِ إِنْ أَبْدَى خَفَايَاهُ
وَالْعَيْشُ فِي سُدَفٍ يَشْقَى بِهِ السَّرَبُ
وَاطْلُبْ مَفَاتِحَ بَابِ الصَّبْرِ إِنْ وَقَعَتْ
مُصِيبَةٌ فِي حَيَاةِ النَّاسِ تَنْقَلِبُ
628
قصيدة