الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » نفحات من عطر السماء

عدد الابيات : 69

طباعة

آذَنَتْنِي بِعِطْرِهَا الْحَوْرَاءُ

لَيْتَ شِعْرِي، أَكَانَ سِحْرًا أَمَاءُ

أَطْلَقَتْ فِي الْمَدَى نَسِيمًا رَقِيقًا

مِثْلَ بَوْحِ الْغَمَامِ حِينَ أَسَاءُوا

يَا عَبِيرًا كَأَنَّهُ حُلْمُ صُبْحٍ

نَشَرَ الْحُبَّ بَيْنَنَا وَاسْتَضَاءُوا

مِنْ شَذَاهَا تَهِيمُ أَرْوَاحُ قَلْبِي

حَيْثُ تَسْرِي، وَلَا يُضَاهَى الضِّيَاءُ

عِطْرُهَا، زَادُ عَاشِقٍ مُسْتَهَامٍ

قَدْ سَقَاهُ الْهَوَى فَفَاضَ الرَّوَاءُ

كُلَّمَا لَاحَ فِي الْأَثِيرِ نَسِيمٌ

ظَنَّ قَلْبِي أَنَّهَا، وَالرَّجَاءُ

هِيَ شَمْسٌ إِذَا تَنَفَّسَتْ تُضِيءُ

وَالْبَرَايَا إِذَا شَمَّتْهَا ثَنَاءُ

قِيلَ: هَذَا عِطْرُهَا، قُلْتُ: حَاشَا

أَنْ يُجَارِيَ الْجَمَالَ مَا قَدْ جَرَاءُ

يَسْرِقُ الْفَجْرُ مِنْهُ نُورَ بَرِيقٍ

فَإِذَا لَاحَ كَانَ فِيهِ الْعَطَاءُ

أَيُّ سِرٍّ ذَاكَ الَّذِي حَاكَهُ الْحُبُّ

لِيَعْلُوَ وَيُدْهِشَ الْعُقَلَاءُ

طِيبُهَا مِنْ سُلَالَةِ الْوَرْدِ لَكِنْ

فِيهِ سِحْرُ الْكَوَاكِبِ الْعَلْيَاءُ

قَدْ رَأَيْتُ الزَّمَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ

فَاسْتَحَالَتْ كَأَنَّهَا الْجَوْزَاءُ

يَا عَبِيرًا مَلَكْتَنِي بِلُطَافٍ

كَيْفَ لِلنَّفْسِ أَنْ تُقَاوِمَ دَاءُ

كُلُّ قَلْبٍ شَمَّ مِنْهَا شَذَاهَا

عَادَ يَرْوِي حَدِيثَهَا بِاسْتِفَاءُ

يَا حَبِيبَةَ الرُّوحِ، عِطْرُكِ آيَةٌ

يَصْطَفِيهَا الْفُؤَادُ حَيْثُ يَشَاءُ

مَنْ شَمِمْتُ الْعُطُورَ، مَا عَادَ قَلْبِي

يَبْتَغِي غَيْرَهَا، فَلَا اسْتِثْنَاءُ

نَسْمَةٌ مِنْ عَبِيرِهَا تَحْكِي الْعُمْرَ

فَتَصِيرُ الْحَيَاةُ فِيهَا هَنَاءُ

يَا مَلَاكَ الْجَمَالِ، عِطْرُكِ شِعْرٌ

كُلَّمَا لَاحَ كَانَ فِيهِ الْغِنَاءُ

قُلْتُ لِلْقَلْبِ: إِنْ شَذَاهَا غَرِيبٌ

قَالَ: هَذَا هَوَايَ، فِيهِ الْبَهَاءُ

فَابْتَدَأْتُ الْحِكَايَةَ حَيْثُ أَلْقَاهَا

عَبِيرًا يَفِيضُ مِنْهُ النَّقَاءُ

عِطْرُهَا، وَالرَّسَائِلُ الْحُبْلَى شَذًى

فِيهِ سِرُّ الْهَوَى، وَفِيهِ الْوَفَاءُ

إِنْ تَغِبْ، ظَلَّ عِطْرُهَا فِي رُبَانَا

مِثْلَ وَشْمٍ عَلَى الْقُلُوبِ يُضَاءُ

لَا تُحَدِّثْنِي عَنِ الْبُعَادِ، فَفِيهَا

عِطْرُهَا يُوقِدُ الْحَيَاةَ الْبَقَاءُ

حِينَ تَنْسَابُ فِي الْوُجُودِ رُسُومٌ

مِنْ شَذَاهَا، يَغِيبُ كُلُّ الشَّقَاءُ

هِيَ أَنْفَاسُهَا، شَذَاهَا نِدَاءٌ

يَسْتَفِيقُ الْفُؤَادُ فِيهِ ارْتِقَاءُ

يَا رَسُولَ الْهَوَى، نَسِيمُكِ يَشْدُو

مَا شَدَا الطَّيْرُ، وَاسْتَفَاقَ الْهَوَاءُ

إِنْ تُغِيبِي، فَالْعِطْرُ يَكْفِي لِقَلْبِي

أَنْ يُغَنِّيَ الْحَنِينَ حَيْثُ أَضَاءُوا

هُوَ ذِكْرَى، وَأَلْفُ عَهْدٍ يُغَذِّي

رُوحَ عِشْقِي، وَإِنْ تَجَافَى الْعَطَاءُ

مَنْ يُفَسِّرْ لُغْزَ الْعِطْرِ إِذَا مَا

ضَاعَ فِينَا كَأَنَّهُ الْإِخْفَاءُ

أَعْلَمُ الْآنَ كَيْفَ لِلْحُبِّ مَعْنًى

فِي عَبِيرٍ، وَفِي شَذَاهُ غِنَاءُ

عِطْرُهَا فِي الْمَدَى حَيَاةٌ تَنَاغَتْ

فِي رُبُوعِ الْفُؤَادِ حَيْثُ الْجَلَاءُ

كُلُّ رُوحٍ شَمَّتْ شَذَاهَا اسْتَنَارَتْ

وَاسْتَفَاقَتْ كَأَنَّهَا فِي صَفَاءُ

يَا عَبِيرًا يَفِيضُ فِي الْكَوْنِ حُلْمًا

قَدْ تَهَادَى بِهِ النُّجُومُ سَنَاءُ

هِيَ وَرْدٌ وَلَكِنَّ فِيهَا حَيَاةٌ

تُسْكِنُ الْقَلْبَ فِي حُبُورٍ، رَخَاءُ

كَمْ شَمَمْتُ الشَّذَى، فَصَارَ نَشِيدًا

كُلَّمَا مَرَّ، فِي الْحَنَايَا بَقَاءُ

لَيْسَ عِطْرًا، بَلْ هُوَ سِرُّ وُجُودٍ

كَيْفَ لِلرُّوحِ أَنْ تُطِيقَ الْجَفَاءُ

يَسْكُنُ الْأَنْفَاسَ، يَغْمُرُ صَدْرًا

بِالْهَنَاءِ الَّذِي بِهِ الْعَاشِقُ شَاءُ

فَاسْتَمِرَّ يَا عَبِيرَهَا، وَامْلَأِ الْعُمْرَ

بِنُورٍ قَدْ صَارَ فِيهِ الْعَطَاءُ

كُلَّمَا لَاحَ عِطْرُهَا فِي خَيَالِي

عَادَ عَهْدٌ مَضَى، وَشَدَّ النِّدَاءُ

يَا عَبِيرًا خُزِنْتُ فِيهِ زُهُورًا

مِنْ سِنِينَ بِهَا ارْتَوَيْنَا، أُضَاءُوا

كُنْتُ طِفْلًا، وَكَانَ عِطْرُكِ أُمًّا

يَمْلَأُ الدَّارَ حِينَ طَالَ الْمَسَاءُ

ثُمَّ صَارَ الْهَوَى قَصِيدًا تَغَنَّى

فِي شَذَاهَا، وَكَانَ فِيهِ رَجَاءُ

يَا عَبِيرًا أَرَاهُ فِي كُلِّ ذِكْرَى

كَوْكَبًا حَيْثُ لَا يَطُولُ الْخَفَاءُ

إِنْ شَمَمْتُ الشَّذَى، كَأَنَّ زَمَانًا

عَادَ يَمْضِي، وَحَلَّ فِيهِ الْبَهَاءُ

كَيْفَ لِي أَنْ أَنْسَى عَبِيرًا نَقَشْتُهُ

فِي شَرَايِينِ قَلْبِي حِينَ جَاءُوا

يَا زُهُورَ الْجَمَالِ، أَرْسَلْتِ عِطْرًا

كَانَ فِي الْقَلْبِ حُبَّنَا وَالصَّفَاءُ

أَيُّ سِرٍّ فِي الْعِطْرِ، أَمْ هِيَ أَقْدَارٌ

جَاءَ فِيهَا الْهَوَى، وَكَانَ ابْتِلَاءُ

مَا تَرَكْتُ الشَّذَى، وَلَكِنَّهُ سِحْرٌ

يَسْكُنُ الْقَلْبَ حَيْثُ طَالَ الْبَقَاءُ

يَا عَبِيرًا قَضَيْتُ فِيهِ حَيَاتِي

رُبَّ قَلْبٍ أَتَى وَفِيهِ عَنَاءُ

كُلَّمَا حَلَّ بِي حَنِينٌ تَوَارَى

عَادَ عِطْرُ الْحَبِيبَةِ كَالدَّوَاءُ

أَيُّ قَلْبٍ يَفِرُّ مِنْ عِطْرِ عِشْقٍ

كَانَ فِيهِ الْحَنِينُ وَالِاصْطِفَاءُ

هُوَ قَدَرٌ بِأَنْ أَظَلَّ أُعَانِي

كُلَّمَا لَاحَ فِي الدُّنَا أَصْدِقَاءُ

فِي شَذَاهَا تَرَكْتُ رُوحِي طَلِيقَةً

بَيْنَ أَمْوَاجِهَا إِذَا مَا اسْتَوَاءُ

لَا أَفِرُّ مِنَ الْعَبِيرِ، فَإِنَّهُ

قَدَرِي الْعَذْبُ، فِيهِ كَانَ الْعَزَاءُ

أَيُّ مَعْنًى شَذَاكِ إِلَّا جَمَالٌ

خَالِدٌ فِي الْمَدَى، كَأَنَّ السَّمَاءُ

كَيْفَ لَا أَكْتُبُ الْقَصِيدَ إِذَا مَا

عِطْرُكِ الْفَاتِنُ الْمَدَى قَدْ عَلَاءُ

كُلَّمَا لَاحَ مِنْكِ نُورٌ، أَضَاءَتْ

مُهَجُ الْقَوْمِ، وَاسْتَفَاقَ الذَّكَاءُ

يَا جَلَالَ الْجَمَالِ، كَيْفَ شَذَاكِ

صَارَ فِينَا حَدِيثَ كُلِّ الْعُظَمَاءُ

أَنْتِ لِلْعِطْرِ مَا تَكُونُ النُّجُومُ

لِلسَّمَاءِ إِذَا تَنَاءَتْ ضِيَاءُ

يَا مَلَاكَ الْحَيَاةِ، كَيْفَ جَمَالٌ

صَارَ فِينَا أُغْنِيَةً وَدُعَاءُ

أَنْتِ لِلْعِشْقِ وَجْهُهُ، كُلَّمَا لَاحَ

شَذَاكِ ازْدَهَى بِنَا الِانْتِمَاءُ

أَيُّ مَعْنًى بِأَنَّ فِيكِ حَيَاةً

هِيَ عِشْقٌ، وَهِيَ حُبٌّ صَفَاءُ

يَا عَبِيرَ الْحَبِيبِ، يَا سِرَّ شَوْقِي

يَا سَنَايَ الَّذِي بِهِ اسْتَضَاءُوا

كَيْفَ لَا أُعْلِنُ الْخِتَامَ وَلَكِنْ

كُلَّمَا قُلْتُ يَنْتَهِي، مَا انْتِهَاءُ

أَنْتِ يَا عِطْرَهَا حَدِيثُ فُؤَادِي

فِيهِ حُبٌّ وَفِيهِ كُلُّ النَّقَاءُ

يَا إِلَهِي، اجْعَلِ الْعَبِيرَ كِتَابًا

مِنْ رُوحِ الْهَوَى، وَفِيهِ الْوَفَاءُ

وَاحْفَظِ الْقَلْبَ إِنْ شَذَاهَا تَوَلَّى

وَاكْفِنِي مِنْ شَذَاهُ كُلَّ الْبَلَاءُ

وَاكْتُبِ الْعُمْرَ أَنْ يَطُولَ عَبِيرًا

فِيهِ خَيْرٌ، وَفِيهِ طُولُ الْبَقَاءُ

وَصَلِّ يَا رَبِّ عَلَى خَيْرِ خَلْقٍ

مَنْ أَتَانَا، وَكَانَ فِيهِ الْهُدَاءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة