عدد الابيات : 58
طباعةيَا سَارَةُ الْغَيْدَاءِ، يَا بَدْرَ الدُّجَى
فِي حُسْنِكِ الْآيَاتُ تُتْلَى وَتُرْصَفُ
فِي وَجْنَتَيْكِ النُّورُ يَسْكُنُ هَامِسًا
وَالْخَدُّ مِسْكٌ ضِفْتُهُ الْمُتَضَرِّفُ
وَلَهْفَ نَفْسِي حِينَ أَرْنُو طَامِعًا
أَنْ تَبْسِمِي، فَالشَّهْدُ يَتْبَعُهُ لَهَفُ
إِنْ كَانَ فِي الْغَيْبِ السَّمَاءُ مُلَفَّعًا
فَجَبِينُكِ الْمَشْرُوقُ نَجْمٌ مُؤَلَّفُ
أَحْسَنْتِ يَا شَمْسَ الْجَمَالِ تَبَسُّمًا
مَا الْبَدْرُ إِلَّا مِنْ ضِيَائِكِ يَسْتَطِفُ
سَحَرْتِنِي يَا غَيْدَ أَغْصَانِ الْهَوَى
وَدُلَالُكِ الْمُرْتَاحُ يَفْعَلُ مَا يَصِفُ
أَسْكَنْتِنِي بَيْنَ الْجُفُونِ مُعَذَّبًا
فَالْعَيْنُ مِنْكِ وَصْلٌ تَرْفُضُ وَتَعْرِفُ
يَا مَنْ جَمَعْتِ الْحُسْنَ فِي كُلِّ الْمُنَى
فِي وَصْفِكِ الْأَلْسُنُ الطِّوَالُ تَخْتَطِفُ
لَا فُضَّ فُوكِ وَلَا انْثَنَى عِقْدُ الْمُنَى
فَمُكِ اللُّآلِي وَالْمَعَانِي تُسْتَكْفُ
يَا سَارَةَ الْفِتْنَةِ الَّتِي مَا زَالَهَا
حُسْنٌ يُزَاحِمُهُ الْجَمَالُ وَيَعْتَطِفُ
مَا الشَّمْسُ إِنْ زَهَتِ الضُّحَى إِلَّا صَدَى
مِنْ وَجْهِكِ الْغَضِّ الْمُضِيءِ الْمُشْرِفُ
يَا غَادَةً، هَزَّتْ فُؤَادِي خِصْلَةٌ
مِنْ شَعْرِهَا، فَتَنَتْ عُقُولًا تُؤْتَفُ
قَسَمًا بِهَذَا الْحُسْنِ، لَوْ يَتَكَلَّمُتْ
أَعْطَافُكِ الْبَيْضَاءُ، لَاحْتَفَى الصَّرْفُ
لِلَّهِ جِيدُكِ كَيْفَ طَابَ لُؤْلُؤًا
تَحْتَ الْحِجَابِ، كَأَنَّهُ دُرٌّ يَذِفُّ
وَالطَّرْفُ إِنْ طَالَ السُّكُوتُ فَإِنَّهُ
لُغَةٌ، وَأَعْذَبُ مَا يُقَالُ وَيُرْهَفُ
مَا كَانَ إِلَّا مِنْ هَوَاكِ تَمَرُّدِي
وَتَضَرُّمِي، لَوْ تَشْهَدِينَ، وَتَعْتَرِفُ
سَلْتُ الْقَوَافِي، كَيْفَ تَحْوِي سِحْرَكُمْ؟
وَالشِّعْرُ إِنْ لَمْ يَحْكِ قُدْسَكِ مُسْتَضِفُ
يَا مَنْ بِذِكْرَاكِ الْفُؤَادُ مُحَلَّقٌ
فِي سَابِحٍ مِنْ نُورِ وَجْهِكِ يَسْتَطِفُ
أَحْنَيْتُ ظَهْرَ الشِّعْرِ حَتَّى أُبْدِعَتْ
فِيكِ الْقَوَافِي، وَالْبَيَانُ مُؤَلَّفُ
أَيَكُونُ حُسْنُكِ مُذْهِلًا حَتَّى غَدَا
فِي الْعِشْقِ فَخْرًا لِلْهَوَى يَتَشَرَّفُ؟
لَا لَمْ يُفَاخِرْ فِي الْغَرَامِ مُتَيَّمٌ
إِلَّا وَذِكْرَاكِ الْقَصِيدَةُ وَالْأَلِفُ
إِنْ كَانَ فِي الْعُشَّاقِ شِعْرٌ مُلْهَمٌ
فَأَنَا الَّذِي بِهَوَاكِ أَسْطُرُ الْمُصْحَفُ
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ الَّذِي لَوْلَاكِ مَا
سَمَتْ قَصَائِدُنَا وَلَا طَابَ الْأُدُفُ
أَنْتِ الْمَلَائِكُ فِي جَمَالِكِ، أَخْجَلَتْ
حُورَ الْجِنَانِ فَكُنَّ مِنْكِ تَعَجَّفُ
يَا مَنْ بِرِقَّتِهَا الْجَلِيدُ تَفَتَّنَتْ
وَالشَّوْقُ مِنْ نَظَرَاتِهَا يَتَلَطَّفُ
وَالرِّيحُ لَوْ تَسْرِي بِطِيبِ عِطَافِهَا
سَكِرَتْ سَحَائِبُهُ وَمَالَ الْمُذْنِفُ
وَالْبَحْرُ لَوْ عَانَقْتِ مَوْجَ تَمَوُّجِه
لَبَكَى حَنِينًا، فَالْمُحِيطُ مُتَيَّفُ
يَا قَمَرًا، خَدُّ الصَّبَاحِ يُنَاجِزُه
فِي غَيْرَةٍ، وَالنُّورُ مِنْكِ يُسْتَلَفُ
لَوْ زَارَ قَلْبِي كُلَّ فِتْنَةِ عَاشِقٍ
مَا عَدَلَتْ فِتْنَاكِ، يَا مَنْ يُنْصَفُ؟
أَنَا الَّذِي أَزْرَيْتُ كُلَّ بَلَاغَةٍ
حُبًّا بِذِكْرِكِ، وَالْبَيَانُ يُسْتَرَفُ
قُدْسِيَّةُ الْأَحْرُفِ الَّتِي مِنْ عِشْقِنَا
حَفِظَتْ قَوَانِينَ الْغَرَامِ وَتَسْطَفُ
هَلْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ أُعَبِّرَ صَادِقًا؟
لَوْلَا الْمَحَبَّةُ مَا اسْتَقَامَ الْمُتْرَفُ
أُقْسِمْتُ لَا يُفْنَى هَوَاكِ بِخَافِقِي
مَا دَامَ فِيَّ النَّبْضُ يَصْعَدُ أَوْ يَخِفُّ
أَيَا سَارَةُ، يَا كُلَّ أَوْزَانِ الدُّنَا
فِيكِ الْبَلَاغَةُ وَالرَّصَانَةُ تُؤْتَفُ
يَا سَارَةَ، الْمَجْدُ الْمُفَصَّلُ حُسْنُهُ
وَالْبَدْرُ يُطْرَفُ حِينَ فَيْضُكِ يُكْشَفُ
يَا دُرَّةً سَجَدَتْ لِحُسْنِكِ أَعْيُنٌ
وَالرُّوحُ مِنْ سِحْرِ الْجَمَالِ تُخَطَّفُ
مَا الْعِشْقُ إِلَّا أَنْتِ يَا تَاجَ الدُّنَا
حُبٌّ يُعَظِّمُهُ الْغَرَامُ وَيُصْحَفُ
إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَدِيحٌ يُسْتَقَى
فَبِمِثْلِ حُسْنِكِ لَا يُحَاكِيهِ أَحْرُفُ
عَيْنَاكِ إِنْ سَحَبَا الْجِبَالَ رَحِيمَةً
لَانَتْ، وَفِيهَا الصَّخْرُ يَهْوِي وَيَرْتَجِفُ
وَالشَّمْسُ لَوْ تَسْرِي لِتَسْبِقَ وَجْهَكِ
عُذْرًا لَهَا، قَدْ ضَلَّ دَرْبًا يَسْتَكِفُّ
يَا رَوْعَةً تَسْبِي الْعُقُولَ تَمَنُّعًا
مَنْ ذَا يُحَاكِمُ فِي الْجَمَالِ وَيُنْصِفُ
أَنْتِ الرُّوَاءُ لِكُلِّ عَطْشَانِ الْهَوَى
فَمَتَى أَشَاءُ رِضَابَ فَيْضِكِ أَقْطِفُ
أُقْسِمْتُ لَا نَظَرَتْ عُيُونِي بَعْدَكِ
وَسِوَاكِ عِطْرُ الْعُمْرِ لَا يَتَكَلَّفُ
يَا مَنْ كَتَبْتُ بِحُسْنِهَا سِفْرَ الْهَوَى
حَتَّى غَدَا مِنْ نُورِ وَصْفِكِ يُسْتَخَفُّ
فَسُكُوتُنَا وَكَلَامُنَا وَعُيُونُنَا
كُلٌّ بِذِكْرِكِ فِي الْغَرَامِ مُصَنَّفُ
أَنْتِ الْمُعَلَّقَةُ الَّتِي إِنْ نَظَّمْتُهَا
بَلَغَتْ فَصَاحَتُهَا السَّمَاءَ وَتُعْرَفُ
يَا سَارَةَ الْفِتْنَةِ الَّتِي فِي حُسْنِهَا
تُصْغِي الْبَصَائِرُ وَالْقُلُوبُ وَتُخْطَفُ
مَا الشِّعْرُ إِلَّا مَا وَصَفْتُكِ رَائِعًا
فَإِذَا تَغَافَلَ عَنْ مَدِيحِكِ يَعْزُفُ
يَا بَهْجَةَ الْأَزْمَانِ، مَا طَابَتْ سِوَى
سَاعَاتِ عُمْرٍ فِي جِوَارِكِ تُقْطَفُ
يَا مَنْ جَمَالُكِ لَوْ تَخَطَّى حَدَّهُ
خَضَعَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَمَالَ الْمُخْتَلِفُ
عَيْنَاكِ سِحْرٌ، لَوْ تَأَمَّلَ رَوْعَهُ
سُكْرُ الْكُؤُوسِ لِمَنْ رَآكِ يُصَادَفُ
وَالْخَدُّ إِشْرَاقٌ يَفِيضُ بِنُورِهِ
وَسْطَ الظَّلَامِ، فَمَنْ يُنَاوِئُهُ يُحْصَفُ
أَنْتِ الْفَصَاحَةُ إِنْ تَكَلَّمَ شَاعِرٌ
وَإِذَا تَغَنَّى بِالْمَدِيحِ يُتَشَرَّفُ
يَا مَنْ تَسَابَقَتِ الْقَوَافِي لِذِكْرِهَا
فَغَدَتْ تُسَبِّحُ لِلْمَكَارِمِ تَغْرِفُ
يَا قِمَّةَ الْفِتْيَانِ حُسْنًا وَفِتْنَةً
عُذْرًا، فَكُلُّ الْعَاشِقِينَ تَكَلَّفُوا
قُسْمًا بِمَنْ جَعَلَ الْحَيَاةَ حَدِيثَكُمْ
مَا كَانَ عِشْقٌ قَبْلَ سِحْرِكِ يُؤْلَفُ
أَنْتِ الْمُعَلَّقَةُ الَّتِي لَوْ أَنْشَدَتْ
قَصَصَ الْغَرَامِ، تَمَلَّكَتْ مَا يُوَصَّفُ
هَلْ يَسْبِقُ الْبَدْرُ الْمُضِيءَ مُنَوِّرًا؟
أَمْ هَلْ يُضَاهِي الْوَصْفُ سِحْرَكِ شَغَفُ
1280
قصيدة