عدد الابيات : 30
قَطَّعْتُ أَوْتَارِي وَجِئْتُ لِأَرْتَجِي
صَوْتَ الضِّيَاءِ بِمَسْمَعٍ مُتَثَكِّلِ
مَا الْبَيْنُ إِلَّا سَيْفُ يَأْسٍ قَاتِلٌ
سَكَبَ الدِّمَاءَ بِرَاحَتَيْهِ وَمِغْوَلِي
مَا عَادَ يُسْعِفُنِي الصَّبَابُ بِمَوْئِلِ
وَالْحُبُّ أَنْحَلَنِي كَشَمْسِ الْمُحَصِّلِ
عُدْ بِي لِدَارٍ فِي الصِّبَا قَدْ شَيَّدَتْ
فِي الْقَلْبِ قَصْرًا مِنْ جَمَالٍ مُذْهِلِ
مَا الْحُبُّ إِلَّا فِي دِمَاءٍ سَالَتِ
مِنْ خَافِقٍ مَا زَالَ يَشْكُو لِمَقْتَلِ
سَافِرْ بِوَجْدِكَ كَيْفَ شِئْتَ، فَمَا تَرَى
كَالْقَلْبِ يَنْبِضُ بِالْحَنِينِ الْأَوَّلِ
ذُقْتُ الْفِرَاقَ وَمَا سَئِمْتُ مَرَارَهُ
لَكِنَّ نَفْسِي فِي الْغَرَامِ مُجَهَّلِ
ارْحَلْ فَإِنَّ الْأَرْضَ أَوْسَعُ لِلْهَوَى
لَكِنَّ قَلْبَكَ فِي الْهَوَى لَنْ يَتَرَحَّلِ
كَمْ مِنْ رُبًى طَافَتْ بِهَا أَرْوَاحُنَا
لَكِنَّنَا بِالشَّوْقِ نَعُودُ لِلْمَنَازِلِ
هَذِي الْمَحَارِبُ فِي الْغَرَامِ كَأَنَّهَا
فَيْضُ السَّمَاءِ بِطُهْرِ غَيْمٍ مُجْذِلِ
عَيْنَاكَ تُهْدِيكَ الرَّوَابِي لِعِشْقِهَا
لَكِنَّ غَرَامَكَ فِي الْحَبِيبِ الْأَوَّلِ
هَلْ يَدْرِي الْعُشَّاقُ نَغْمَةَ مُغْرَمٍ؟
أَمْ أَنَّهُمْ حَتَّى الْهَوَى لَمْ يَفْعَلِ؟
يَا نَجْمَ لَيْلِي، هَلْ سَمِعْتَ تَأَوُّهِي؟
أَوْ هَلْ تَرَى دَمْعِي يَهِيمُ بِمَنْجَلِ؟
نَامَتْ عُيُونُ الْعَاشِقِينَ، وَلَمْ يَزَلْ
جُرْحِي يُسَامِرُ وَحْشَتِي بِتَجَمُّلِ
يَا نَجْمَ لَيْلِي هَلْ عَلِمْتَ بِمُهْجَتِي
أَمْ أَنَّهُ مَوْتُ الْهَوَى لَمْ يَتَمَاثَلِ؟
سَأَظَلُّ أَنْقُشُ فِي الْمَرَابِعِ خُطْوَتِي
حَتَّى تَعُودَ يَدُ الْغَرَامِ لِتَصْطَلِي
إِنِّي وَإِنْ طَالَتْ يَدِي فِي بُعْدِهَا
مَا زِلْتُ أَحْلِفُ بِالْعُيُونِ الْأَجْمَلِ
مَا الْعُمْرُ إِلَّا قَطَرَاتٌ نَسِيَّتُهَا
فِي كَأْسِ مَنْ هَامَتْ جُفُونُ الْأَرْذَلِ
لَا تَسْأَلِ اللَّيْلَ الْكَئِيبَ عَنِ الْجَوَى
فَالْعِشْقُ يُدْرِكُهُ الضِّيَاءُ الْمُكَبَّلِ
مَا زِلْتُ أَحْمِلُ فِي يَدَيْكِ مَحَاجِرِي
فَكَأَنَّ عَيْنَيْكِ مَوْطِنٌ لِأَتَوَسَّلِ
إِنْ كَانَ فِي الْعُشَّاقِ عَهْدٌ صَادِقٌ
فَأَنَا الَّذِي خُلِقَ الْغَرَامُ الْأَمْثَلِ
هَذِي يَدَايَ عَلَى الرِّيَاحِ وَكُلُّهَا
ذِكْرَى تَمُرُّ بِمُهْجَةٍ لَمْ تَرْحَلِ
مَا زِلْتُ أَحْمِلُ فِي دِمَائِي لَوْعَتِي
وَأَذُوبُ فِي وَجْدٍ كَلِيلٍ مُظَلِّلِ
عُدْتُ الْقَدِيمَ وَفِي يَدَيَّ تَوَسُّلٌ
كَالْغُصْنِ يَنْشُدُ ضَوْءَهُ فِي الْمِغْزَلِ
لَا الْأُفُقُ يَحْمِلُنِي لِحُلْمٍ مُزْهِرٍ
وَلَا النَّسِيمُ يُعِيرُنِي رُوحَ الْمُجَدَّلِ
يَا سِحْرَ مَاضٍ لَمْ يَكُنْ إِلَّا دُجًى
وَتَنَاثَرَتْ ذِكْرَاهُ لِلْعُمْرِ الْمُقَلَّلِ
كُلُّ الدُّرُوبِ تَشَعَّبَتْ إِلَّا الصِّرَاطَ
إِلَى هَوَاكِ فَمَا لَهُ مِنْ مُتَبَدِّلِ
سَأَظَلُّ أَحْمِلُ فِي جُفُونِي صَبْرَهَا
حَتَّى تَعُودَ لِلْوِصَالِ وَتَسْأَلِي
لَا تَسْأَلِ الْمَوْجَ الْمُعَذَّبَ بِالْهَوَى
فَالْبَحْرُ يُدْرِكُ مَا يُعَانِي الْمُرْسِلُ
إِنْ كَانَ فِي الْعُشَّاقِ قَلْبٌ هَائِمٌ
فَأَنَا الَّذِي خُلِقَ الْغَرَامُ لِيَعْتَلِي
1280
قصيدة