عدد الابيات : 35
أَلَا هَلْ سَمِعْتُمْ فِي الْمَعَالِي مَقَالَتِي
فَإِنِّي سَمَاءُ الشِّعْرِ فِي النَّجْمِ أَزَّلِ
سَأَرْوِي لَكُمْ مَا أَبْدَعَ الْحُسْنُ نَظْمَهُ
وَمَا صَاغَهُ الْإِبْدَاعُ فِي نَثْرِ مُبَاهِلِ
فَيَا قَارِئًا حَرْفِي إِذَا مَا دَنَا الْهَوَى
فَصُنْ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْفُؤَادِ الْمُعَلَّلِ
فَهَذِي قَصَائِدُ الْعِزِّ وَالْمَجْدِ وَالْهَوَى
تَخَالُ اللُّغَى فِيهَا كَسَيْفٍ مُصَقَّلِ
أَيَا نَفْسُ صُونِي الْعِزَّ عَنْ كُلِّ مُزِلَّةٍ
وَلَا تَرْكَنِي لِسَعْيٍ غَيْرِ مُكْتَمِلِ
وَكُونِي كَمَا الْأَبْطَالُ عَزْمًا وَهِمَّةً
وَلَا تَرْكَنِي لِخَوْفٍ أَوْ لِعَجْزٍ يَقْتُلِ
فَإِنَّ الْمَعَالِي لِلْعَظِيمِ مَقَامُهَا
وَتُؤْخَذُ بِالسَّيْفِ الْحُسَامِ الْمُجَدَّلِ
فَيَا سَائِلِي خُذْ مَا تَشَاءُ بِرَغْبَةٍ
فَمَا الْمَالُ إِلَّا فِي السَّخَاءِ الْمُكَفَّلِ
وَإِنِّي لَأَغْدُو كَالْبِحَارِ بِهَيْبَتِي
وَأَمْلِكُ فِي الْأُفُقِ الْبَعِيدِ تَسَلُّلِي
وَمَا الْعِزُّ إِلَّا فِي نُفُوسٍ كَرِيمَةٍ
تَرَى الْمَجْدَ دَرْبًا كُلُّهُ مُتَأَهِّلِ
وَمَا الْخَيْرُ إِلَّا فِي عَطَاءٍ مُخْلِصٍ
يُدَاوِي بِهِ كُلَّ السُّقَامِ الْمُثَقَّلِ
أَيَا قَلْبُ هَلْ يَكْفِيكَ شَوْقِي وَوَجْدُهُ
أَمِ الْحُبُّ نَارٌ فِي الْفُؤَادِ تُؤَكِّلِ
وَمَا الْبُعْدُ إِلَّا خَنْجَرٌ يَطْعَنُ الْمُنَى
وَيَزْرَعُ فِي أَحْشَائِيَ الْوَجَعَ الْمُؤَصَّلِ
فَيَا لَيْلُ هَلْ لِلشَّوْقِ فَجْرٌ مُشَرِّقٌ؟
يَجُودُ بِوَصْلٍ أَوْ بِطَيْفٍ مُنَزَّلِ
أَرَاكِ بَعِيدًا وَالْقُلُوبُ تَطِيرُ لَكِ
وَتَهْوَى لِقُرْبٍ لَوْ دَنَا لَتَجَلَّلِ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا نُورُ نَجْمٍ مُهَلَّلٍ
يَهْدِي الْقُلُوبَ السَّائِرَاتِ لِمَوْصِلِ
وَمَا الْوَصْلُ إِلَّا بَلْسَمُ الرُّوحِ كُلَّمَا
تَهَاوَتْ بِهَا رِيَاحُ الشَّقَاءِ الْمُزَلْزِلِ
وَإِنِّي لَعَفٌّ عَنْ مَطَامِعَ دَنِيَّةٍ
وَأَحْمِلُ فِي كَفِّي لِكُلِّ سَائِلِ
وَمَا الْمَالُ إِلَّا عَارِيَةٌ زَمَانِنَا
يَفْنَى كَمَا الْأَوْهَامُ فِي لَيْلٍ مُقْبِلِ
وَمَا الْعَيْشُ إِلَّا فِي سَمَاحَةِ نَفْسِنَا
إِذَا أَقْبَلَ الْبَائِسُ فِي وَجْهٍ مُبَتِّلِ
وَمَا أَكْرَمَ الْأَرْضَ الَّتِي أَنْتَ سَاكِنٌ
بِهَا تَرْتَقِي الْأَخْلَاقُ فِي حُلَلِ الْمُقَلِ
فَكُنْ كَالْغُيُوثِ الْعَذْبَةِ الْمُسْتَسَاغَةِ
تَرْوِي بِهَا الْأَرْضَ الْجُدُوبَ بِمُنْهَلِ
أَلَا إِنَّ دَهْرَ الْعَيْشِ كَرٌّ وَفَرَّةٌ
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا صَائِدٌ كُلَّ مُبْتَلِ
وَمَا الْمُلْكُ إِلَّا زَيْفُ زَهْرٍ تَوَارَثَتْ
رُؤَاهُ عُيُونُ الْجَاهِلِينَ بِمَخْمَلِ
فَكُنْ حَذِرًا فِي مَسْعَيَاتِكَ كُلِّهَا
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا كَسَرَابٍ مُنَحَّلِ
وَمَا الْعِلْمُ إِلَّا نُورُ عَقْلٍ مُضِيءٍ
يُضِيءُ طَرِيقَ السَّائِرِينَ بِمُجْتَلِ
فَسِرْ بِالْهُدَى تَلْقَى الْكَرَامَةَ مَوْطِنًا
وَتَرْفَعُ فِي الْعَلْيَاءِ رَايَاتِ مُجْتَلِ
وَتُصْبِحُ فِي التَّارِيخِ ذِكْرًا مُخَلَّدًا
كَمَا تَخْلُدُ الْأَبْيَاتُ فِي نَجْمٍ مُسَلَّلِ
هُنَا كُنْتُ يَا مَنْ يَبْتَغِي نَجْمَ شِعْرِنَا
فَأَثْبَتُهَا بَيْنَ الْمَعَالِقِ الْأَوَّلِ
وَمَا كُنْتُ إِلَّا عَاشِقًا لِمَعَالِمِي
أَذُودُ عَنِ الْقِيَمِ الْعَظِيمَةِ بِالْأَمَلِ
فَسِرْتُ عَلَى دَرْبِ الْكِرَامِ بِهِمَّةٍ
وَصُغْتُ لِقَوْمِي كُلَّ مَجْدٍ مُكَمَّلِ
إِذَا سُئِلَ التَّارِيخُ عَنِّي فَقُلْتُهُ
أَنَا شَاعِرُ الْأَحْلَامِ وَالنَّجْمِ الْأَجَلِّ
فَخُذْ مِنِّي الذِّكْرَى إِذَا غِبْتُ عَنْكُمُ
وَدَعْنِي خُلُودًا فِي السَّمَاءِ الْمُنَزَّلِ
فَمَا الْحَرْفُ إِلَّا بَيْتُ عِزٍّ مُصَفَّحٍ
وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا نُورُ قَلْبٍ مُبَجَّلِ
1280
قصيدة