الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » حديث العشق الأبدي

عدد الابيات : 58

طباعة

مَا هَاجَ قَلْبِي غَيْرُ سَارَةَ إِذْ مَضَتْ

تَنْسَابُ مِثْلَ النُّورِ فِي الْأَكْوَانِ

وَمَا غَنَّى قَلْبِي غَيْرُ سَارَةَ حِينَمَا

تَمْضِي كَطَيْفٍ فِي رُبَا الْأَزْمَانِ

يَا جُنَّةَ الْأَرْوَاحِ يَا سِرَّ الْمُنَى

يَا وَمْضَةً تَجْتَاحُ مِثْلَ دُخَانِ

كَأَنَّكِ فِي ظُلُمَاتِ رُوحِي كَوْكَبٌ

تَأْبَى الْغِيَابَ بِوَمْضِهِ الْيَمَانِ

وَأَنَّكِ فِي ظُلُمَاتِ قَلْبِي كَوْكَبٌ

تُضِيءُ اللَّيَالِيَ مِنْ سَنَا الْإِيمَانِ

فَيَا سَارَةُ، الْحُسْنُ الْبَدِيعُ بِعَيْنِكِ

تَفَجَّرَ فِي عَيْنَيْكِ مِثْلَ جِنَانِ

وَيَا سَارَةُ، الْعِطْرُ الْنَسِّيمُ بِأَمْرِهِ

يَفِيضُ بُحُورَ الشِّعْرِ فِي الْأَوْزَانِ

كَأَنَّكِ بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ مُؤَلِّقٌ

يُزَيِّنُ ظُلْمَةَ لَيْلِنَا بِالْأَحْزَّانِ

أُحِبُّكِ حُبَّ الْعُذْرِ فِي لَوْحِ الْهَوَى

حُبًّا تَخَطَّى طَوْقَ كُلَّ لِسَانِ

وَأُحِبُّكِ حُبَّ الشِّعْرِ حِينَ تَفَجَّرَتْ

قَوَافٍ تُغَنِّي فِي صَدَى الْأَلْحَانِ

وَأُحِبُّكِ حَتَّى صَارَ حُبُّكِ آيَتِي

كَأَنَّ جَمَالَكِ مُعْجِزَةُ الْحِنْيَانِ

وَأُحِبُّكِ حَتَّى لَا يُفَسَّرَ شَوْقُهُ

كَأَنَّ جَمَالَكِ عِلَّةُ الْإِدْمَانِ

لِأَنَّكِ فِي قَلْبِي الْقَصِيدَةُ وَحْدَهَا

وَيَا سَارَةُ، لَنْ تَبْلُغِيهَا الْبَنَانِي

تَحَدَّيْتُ لُبَيْدًا وَالْقَبَائِلَ كُلَّهَا

وَجِئْتُ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ بَيَانِ

فَيَا بَدِيعَةَ الْحُسْنِ، هَلْ فِي مَحَاسِنٍ

كَهَذِي الَّتِي تَأْبَى حُدُودَ مَكَانِ؟

أَمِنْ ذِكْرِكِ الْعَذْبِ ارْتَجَفْتُ مُهَيْمِنًا

وَتَهَامَسَتْ فِيَّ الْجِرَاحُ كَأَغْصَانِ

أَمَا تَعْلَمِينَ بِأَنَّ قَلْبِي طَائِرٌ

يُحَلِّقُ رَغْمَ الرِّيحِ بِالْمَيْدَانِ

وَأَنَّ الدُّمُوعَ فِي الْمَسَاءِ جُيُوشُهَا

غَزَتْنِي كَأَنِّي السَّيْفُ تَحْتَ طِعَانِ

أَيَا سَارَةَ الْحُبِّ الْعَظِيمِ مُنَايَ فِي

دُنْيَا احْتَوَتْ حُلُمًا عَلَى كَفِّ حَنَانِ

أَيَا سَارَةُ، الْأَيَّامُ صَارَتْ خِنْجَرًا

يُقَطِّعُ آمَالِي كَنَسْجِ دُخَانِ

تَرَكْتِ فُؤَادِي فِي الطَّرِيقِ مُبَعْثَرًا

كَأَنِّي حُطَامُ الْبَحْرِ بَعْدَ الْعَنَانِ

وَأَعْبُرُ صَحْرَاءَ الْحَيَاةِ وَحِيدَهَا

بِخَطْوٍ ثَقِيلٍ كَالظِّلَالِ الْعُصْيَانِ

إِذَا غِبْتِ عَنِّي صَارَ قَلْبِي مَقْبَرَةً

تُسَاقُ إِلَيْهَا الذِّكْرَيَاتُ عِيَانِ

أَلَا تَعْتَبِينَ مِنَ اشْتِيَاقِي صَادِقًا

كَغَيْثٍ جَرَى فِي قَفْرَةِ الْوِدْيَانِ

أَمَا تَسْتَبِينِينَ اشْتِيَاقِي مُضَرَّجًا

كَنَهْرٍ جَرَى فِي سَهْلِ كُلِّ أَمَانِ

أَمَا تَسْمَعِينَ الْقَلْبَ يَنْبِضُ صَادِقًا

كَأَنَّهُ وَتَرٌ شَدَا لَحْنَ عُودٍ بَرَّانِ

أَلَا تَسْمَعِينَ النَّبْضَ يَشْدُو صَادِقًا

كَأَنِّي أُنَاجِي اللَّهَ فِي هَذَيَانِي

تَعَالِي فَقَدْ ضَاقَتْ بِقَلْبِي أَضْلُعٌ

وَحَاصَرَتِ الْآهَاتُ نَفْسَ لِفْتَانِ

فَيَا سَارَةُ، لَا تَتْرُكِينِي هَائِمًا

فَقَلْبُكِ بَيْتِي، وَالْحَنِينُ مَوَانِي

وَأَيْنَ ارْتِحَالُ الطَّيْفِ؟ أَيْنَ ظِلَالُهُ؟

وَأَيْنَ الْحَنَانُ الْحُلْوُ فِي كَفِّ حَانِ؟

أَمَا كَانَ بَيْنَ الْقَلْبِ عَهْدٌ وَاحِدٌ

بِأَنْ لَا نَفْتَرِقَ مَهْمَا جَرَى بِزَمَانِي؟

أَمَا تَذْكُرِينَ اللَّيْلَ لَمَّا زَرَعْتِهِ

بِأَنْجُمِ عَيْنَيْكِ السَّخِيَّةِ الْحَنَانِ؟

وَأَمَا تَرَيْنَ الْقَلْبَ فِي اللَّيْلِ صَامِتًا

يُنَادِيكِ هَمْسًا فِي صَدَى الْخَافِقَانِ؟

فَيَا نَسَمَةَ الْفَجْرِ الَّتِي فِي حُضُورِهَا

تَصِيرُ لِيَ الدُّنْيَا كَدَارِ طِمَانِ

أَيَا زَهْرَةً فَاحَتْ بِأَطْيَبِ عِطْرِهَا

تُدَاعِبُ شَوْقِي كَالنَّسِيمِ الْحَسَانِ

أَرَى صُورَتَكِ فِي النَّجْمِ حِينَ تَأَلَّقَتْ

كَأَنَّكِ فِي الْأَفْلَاكِ سِرُّ تَفَانِ

وَفِي كُلِّ زَهْرٍ أَسْتَظِلُّ بِعِطْرِهِ

تُلَوِّحِينَ لِي مِنْ بُعْدِ بُسْتَانِ

أَيَا طَيْفَ سَارَةَ، قَدْ غَدَوْتِ مَلَاذَنَا

وَبَيْتَ أَمَانِ الْقَلْبِ فِي كُلِّ آنِ

تَعَالِي فَقَدْ صَارَ الْفُؤَادُ مَدِينَةً

وَفِيهَا الْمُنَى، أَنْتِ السَّنَا وَالسُّكَّانِ

أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُقَاسُ بِجُمْلَةٍ

وَلَا يَنْتَهِي رَغْمَ السِّنِينَ الْمِدَانِ

أُحِبُّكِ حُبًّا جَاوَزَ الْكَوْنَ سُطُوعَهُ

كَأَنَّكِ ضَوْءُ الشَّمْسِ فِي جُمَانِ

أُحِبُّكِ حُبَّ الْمَاءِ يَجْرِي لِنَهْرِهِ

كَأَنِّي شِرَاعٌ يَطْلُبُ الْمَرْسَى الثَّانِي

أُحِبُّكِ حَتَّى صَارَ حُبُّكِ مَلَكَةً

تَحَكَّمَتِ الْأَرْوَاحَ رَغْمَ الْجِنَانِ

أُحِبُّكِ حَتَّى لَوْ دَنَا الْمَوْتُ سَاعَةً

فَأَنْتِ الْحَيَاةُ، وَأَنْتِ نُورُ الْأَمَانِي

أُحِبُّكِ حُبًّا لَيْسَ يُطْفِئُ جَذْوَتَهُ

رِيَاحُ الشِّتَاءِ أَوْ عَصِيرُ الْهَوَانِ

أُحِبُّكِ حُبَّ الْفَجْرِ يُشْرِقُ فِي الدُّجَى

وَيُشْعِلُ لَيْلَ الْكَوْنِ مِثْلَ الْأَمَانِ

أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ

كَأَنَّكِ رُوحِي، لَا بَلْ أَنْتِ بَيَانِي

فَلَا تَسْأَلِي عَنِّي إِذَا طَالَ صَمْتِي

فَصَمْتِي حِكَايَاتٌ تُرْوَى بِلِسَانِي

فَلَا شَيْءَ يُطْفِئُ نَارَ شَوْقِي مُطْلَقًا

وَلَا شَيْءَ يَمْحُو لَوْعَةَ الْهَيْمَانِ

تَعَالِي نُعِيدُ الْحُبَّ عَهْدًا مُقَدَّسًا

نُضِيءُ بِهِ الدُّنْيَا كَنَجْمٍ وَلَمَعَانِ

أَلَيْسَ الْهَوَى عَهْدًا كَرِيمًا خَالِدًا؟

فَكَيْفَ انْتَهَتْ بِالْعَهْدِ أَيْدِي الْإِنْسَانِ؟

فَهَلْ يَا تُرَى نَبْقَى كَمَا نَحْنُ دَائِمًا

عَلَى الْعَهْدِ، لَا نَخْشَى ظُلَامَ حَيَانِ؟

أَيَا سَارَةُ، لَا تَتْرُكِينِي وَحِيدًا

كَطَيْفٍ غَرِيبٍ فِي صَدَى الْأَحْزَانِ

تَعَالِي إِلَى صَدْرِي فَقَدْ ضَاقَ بِالْأَسَى

وَأَشْعَلَ فِينِي الْحُزْنَ مِثْلَ الْهَذَيَانِ

أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَوْقِي حَائِرٌ

كَبَحْرٍ عَلَى مَرْسَى الرِّيَاحِ الْحِزَانِ؟

تَعَالِي إِلَى رُوحِي فَأَنْتِ مُلَازِمِي

وَأَنْتِ حَبِيبُ الْعُمْرِ فِي كُلِّ آنِ

فَلَا تَتْرُكِينِي فِي الظَّلَامِ وَحِيدًا

كَطَيْفٍ يَئِنُّ بَيْنَ صَمْتِ الْمَكَانِ

فَلَا تَهْجُرِي قَلْبِي، وَلَا تَتْرُكِينهُ

كَأَرْضٍ أَصَابَ الْجَدْبُ مِنْهَا عَنَانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1049

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة