عدد الابيات : 31
إِذَا مَا بَدَا فِي النَّاسِ مَعْدِنُ نَفْسِهِمْ
تَبَيَّنَ فِيهِ الْأَصْلُ حَيْثُ الْمَشَافِعُ
فَمِنْهُمْ جَلِيلُ الطَّبْعِ يَسْمُو بِجُودِهِ
وَمِنْهُمْ خَسِيسٌ، لِلذَّلَائِلِ وَاقِعُ
إِذَا اخْتُبِرَ الْإِنْسَانُ فِي خَيْرِ فِعْلِهِ
تَبَيَّنَ مَنْ يَدْعُو، وَمَنْ فِيهِ طَامِعُ
وَيَا لَيْتَ فِي النَّاسِ الْكِرَامَ نُفُوسُهُمْ
تَفِيضُ كَمَا الْأَمْطَارُ يَهْمِي مَوَاقِعُ
وَفِي النَّاسِ مَنْ يَسْمُو لِصِدْقِ مَقَامِهِ
وَفِيهِمْ مَنْ فِي الطِّينِ أَسْفَرَ خَانِعُ
إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحَافِظُ عَهْدَهُ
فَذَاكَ الْكَرِيمُ الَّذِي بِالْمَجْدِ يُرَابِعُ
وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُضَيِّعُ قَوْلَهُ
فَلَا خَيْرَ فِي قَوْلٍ غَشُومٍ مُضَارِعُ
فَمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا وَفِيًّا بِجُهْدِهِ
تَرَاهُ عَلَى سَعْدِ السَّحَابِ مُدَافِعُ
وَيَا نَاسُ، لَا تَخْدَعْكُمُ زِينَةُ الْهَوَى
وَلَا الْمَالُ، إِنَّ الْمَالَ فِي الْعَيْشِ قَاطِعُ
فَفِي النَّاسِ مَنْ يَبْدُو بِبُخْلِ خَلِيقَةٍ
تَرَاهُ كَمَا الْأَرْضِ الْحَصَى غَيْرَ نَافِعِ
وَمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُغَنِّيهِ مَعْدِنٌ
فَفِي الْفِضَّةِ طُهْرٌ، وَفِي النَّارِ صَارِعُ
وَمَا النَّاسُ إِلَّا كَالْجِبَالِ تَرَاهُمْ
إِذَا كَشَفْتَ فِيهِمُ الْحُسْنَ مُتَدَاعِعُ
فَفِيهِمْ عَظِيمُ الْجُودِ يَمْشِي بِرِفْعَةٍ
وَفِيهِمْ قَلِيلُ الْعَقْلِ يَغْدُو مُرَاتِعُ
وَيَا لَيْتَ أَنْفَاسَ الْحَيَاةِ تَقَاسَمَتْ
نُفُوسًا كِرَامًا، وَالْمُرُوءَةُ شَافِعُ
فَمَنْ كَانَ لِلْأَخْلَاقِ أُفُقًا بِصِدْقِهِ
رَأَيْنَاهُ فِي دَرْبِ الْأَصِيلِ مَقَابِعُ
وَمَا كُلُّ مَنْ سَارَ الطَّرِيقَ مُكَرَّمًا
إِذَا لَمْ يُقِمْ فِي حِلْمِهِ الْعِزَّ رَافِعُ
وَفِي النَّاسِ مَنْ عَلَّمْتَهُ طِيبَ مَعْدِنٍ
فَيُمْسِي كَمَا الْمَزْنِ الْعَذِيبِ يُضَارِعُ
فَلَا خَيْرَ فِي مَنْ يَبْخَلُ الطَّبْعُ نَفْسَهُ
إِذَا كَانَ بِالْجُودِ الْخُلُودُ يُسَارِعُ
وَمَا زَادَ فِي الدُّنْيَا سِوَى مَنْ بَدَا لَهُ
كَرِيمُ الْفِعَالِ وَالْحَقِيقَةُ تَتَابَعُ
وَإِنَّ الَّذِي بِالْخَيْرِ تُسْقَى قُلُوبُهُ
هُوَ الصَّادِقُ الَّذِي لِلْمُرُوءَةِ صَانِعُ
فَمَنْ كَانَ فِي النَّاسِ أَصِيلًا بِفِعْلِهِ
فَذَاكَ الْكَرِيمُ عَلَى الْمَعَالِي يُرَابِعُ
إِذَا مَا فَتَّشْتَ النَّاسَ صِدْقًا وَأَصْلَهُمْ
تَجِدْ فِيهِمُ مَنْ بِالْعَطَاءِ يُشَاجِعُ
فَفِيهِمْ مَعْدِنٌ كَالذَّهَبِ يَعْلُو بِفَضْلِهِ
وَفِيهِمْ ذَمِيمٌ بِالْأَذَى مُتَضَارِعُ
وَيَا رَبِّ، زِدْ أَهْلَ الْكَرَامَةِ رِفْعَةً
وَأَكْرِمْ نُفُوسًا بِالْخُلُقِ تَتَشَافَعُ
إِذَا النَّاسُ فِي الدُّنْيَا بَدَتْ مَعَادِنُهَا
تَبَيَّنَ فِيهِمْ خَيْرُهَا وَالوَضَائِعُ
فَمِنْهُمْ كَرِيمُ الطَّبْعِ يَسْمُو بِفِعْلِهِ
وَمِنْهُمْ إِذَا مَا غَاضَ مَاءُ الْمَنَافِعِ
أَلَا إِنَّ مَنْ سَارَ عَلَى الْحَقِّ دَائِمًا
تَرَاهُ كَمَا الْأَمْطَارُ فِي الْخَيْرِ تُجَامِعُ
وَمَا كُلُّ مَنْ سَارَ سَيُرْفَعُ شَأْنُهُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصِّدْقِ مَجْدًا يُرَاعُ
فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَصْعَدُ عِلْمُهُ
وَيَعْلُو بِآدَابِ السَّمَاحَةِ يُرْفَعُ
فَفِي النَّاسِ مَعْدِنٌ ثَمِينٌ قَدْ عَلَتْ
بِهِ الرُّوحُ، وَالْأَخْلَاقُ بِالْفَضْلِ تُشْرَعُ
وَمَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ نَقِيًّا بِفِعْلِهِ
فَقَدْ فَازَ، وَالْعِزُّ بِالْمَجْدِ يَتْبَعُ
1280
قصيدة