عدد الابيات : 34
مَا لِبَكَّايَ بَعْدَ عَهْدِ الدِّيَارِ
وَسُؤَالِي، وَهَلْ يَعُودُ سُؤَالِي
دِمَنٌ أَقْفَرَتْ، تُعَانِقُهَا الرِّيـ
ـحُ صَبًّا تَعُودُ بَعْدَ الشَّمَالِ
رُبَّ نَجْمٍ عَلَى الطُّلُولِ تَلَاشَى
وَهَوَى بَاكِيًا صَدًى لِلرِّحَالِ
يَا دِيَارِي وَقَدْ تَفَرَّقَ أَهْلِي
هَلْ يُنَادِي مَنِ ابْتَعَدْتُ مَآلِي
يَا سُرَى الْبَيْنِ، هَلْ لِقَلْبِيَ صَبْـ
ـرٌ إِذَا مَا جَرَتْ رِيَاحُ الْوِصَالِ
ذَكَرْتُ سَارَةَ إِذْ مَرَرْتُ بِدَارٍ
ظَلَّ فِيهَا الْهَوَى كَمِثْلِ الظِّلَالِ
عَانَقَتْنِي الدُّمُوعُ لَمَّا أَنَاخَتْ
رَكْبُ شَوْقِي عَلَى صَدَى التَّرْحَالِ
لَيْتَ شِعْرِي، أَتَسْمَعِينَ نِدَاءً
صُغْتُهُ مِنْ دُمُوعِ وَجْدِيَ الْغَالِي
آهِ يَا غُصْنَ بَانَةٍ قَدْ تَهَادَى
فَوْقَ مَاءِ الصَّفَا بِجِيدٍ مُحَالِ
هَيْفَاءُ مَمْشُوقَةُ الْقَوَامِ إِذَا مَا
أَقْبَلَتْ فَالْهَوَى شَقِيقُ الْهِلَالِ
ثَغْرُهَا كَالْعَقِيقِ صِيغَ شَذَاهُ
مِنْ نَدَى الْوَرْدِ فِي رُبَى الْكَمَالِ
سَاحِرُ الطَّرْفِ لَمْ يَزَلْ مُرْهَفَ
اللُّبِّ إِذَا مَا رَنَا بِغَيْرِ اكْتِمَالِ
لَا تَلُمْنِي إِذَا بَكَيْتُ فَقَدْ قَدْ
ذَابَ قَلْبِي كَمِثْلِ مَاءِ السِّحَالِ
رُبَّ لَيْلٍ مَعَ الْحَبِيبَةِ صَافٍ
كَبَرِيقِ النُّجُومِ فِيهِ فَوْقَ الرِّمَالِ
قَدْ سَقَتْنِي بِرَاحَتَيْنِ فَهِمْنَا
أَنَّ نَجْمَ الْهَوَى بِلَيَالِيَ الْمُهَالِ
وَإِذَا مَا ابْتَسَمَتْ قَالَتْ عُيُونِي
أَيُّ حُسْنٍ أَرَاهُ فَوْقَ الْخِلَالِ
يَا ابْنَةَ الْمَاءِ، يَا مَلَاكًا تَجَلَّى
فِي خِبَاءِ الضِّيَاءِ فَوْقَ الْتِلالِ
قَدْ أُحِبُّ الْجَمَالَ لَكِنْ جَمَالٌ
مِثْلُ حُسْنِكِ يَسْبِي حَتَّى الْخَيَالِ
كَيْفَ لَا أَعْشَقُ الْعُيُونَ وَفِيهَا
نُورُ دَجْلَةٍ فَاضَ فَوْقَ الْجِبَالِ
كُنْتُ أَهْوَى الْحَيَاةَ حَتَّى رَأَيْتُكِ
فَأُنْسِي صَارَ بَيْنَ جِيدٍ وَتَالِ
يَا سُرَى الْبُعْدِ، هَلْ أُلَامُ وَقَلْبِي
قَدْ رَمَى فِي هَوَاكِ كُلَّ حِبَالِي
سَارَةُ الْحُسْنِ، أَنْتِ شَمْسٌ
تُجَلِّي كُلَّ دَرْبٍ تُنِيرُهُ بِاللَّآلِي
يَا ابْنَةَ الْمَاءِ، قَدْ كَتَبْتُكِ سِحْرًا
صُحُفَ الْقَلْبِ بَيْنَ دَمْعِيَ الْغَالِي
فَإِذَا غِبْتِ عَنْ عُيُونِيَ غَابَتْ
كُلُّ أَنْوَارِهَا لِقَلْبِي، وَعَادَ مَآلِي
هَلْ لِعَيْنَيْكِ يَا حَبِيبَةُ وَعْدٌ
أَنْ تَرُدَّا لِقَلْبِيَ طِيبَ الْعَسَالِ
أَمْ تُرَى فِي الْغِيَابِ رَاحَ شَبَابِي؟
يُنَادِي الْغَرَامُ وَجْدًا وَاسْتَحَالَا
قَدْ تَرَكْتُ الْفُؤَادَ بَيْنَ يَدَيْكِ
فَارْحَمِي مَنْ غَدَا أَسِيرَ الْمُحَالِ
أَيُّهَا اللَّيْلُ، لَا تُطِلْ سُهَادِي
لِتَعُودَ السَّكِينَةُ فِي كُلِّ حَالِ
وَاحْمِنِي مِنْ جَحِيمِ شَوْقٍ، فَإِنِّي
قَدْ غَدَوْتُ الطَّرِيدَ، صَبْرِيَ بَالِي
إِنَّنِي يَا سُرَى الدُّجَى قَدْ تَسَلَّيْتُ
بِوَهْمٍ وَظِلِّ طَيْفٍ وَتَاجِ جَلَالِ
غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهَا رَغْمَ حُزْنِي
وَحَيَاتِي غَدَتْ يُنَادِي مِخْيَالِي
يَا سُرَى اللَّيْلِ، خَبِّرِينِي بِأَمَلٍ
هَلْ سَنَلْقَى الرَّدَى أَمِنْكِ الْمَآلِ
أَمْ تُرَانَا سَنَجْتَمِعْ ذَاتَ يَوْمٍ
فِي رِيَاضِ الْهَوَى، وَتَحْلُو الْآمَالِ
ذَاكَ حُلْمِي، فَإِنْ تَحَقَّقَ كُنْتُ
فِي جِنَانِ السَّعَادَةِ دُونَ زَوَالِ
1280
قصيدة