أتذكّرُ ذاتَ صباحٍ
وأنا طفلٌ حينَ استيقظتُ
على صوتٍ حيّرني لم أفهم معناهُ
صوتٍ مازالَ إلى الآنَ صداهُ الغامضُ يُفـزعني..
حاولتُ مراراً أن أصطادَ لهُ تفسيراً ما
من بحرِ مُخيلتي لكني لم أصطَدْ
إلا لغزاً يتعقدُ في كل محاولةٍ ويزيدُ غُموضا..!
أذكرُ حين وقفتُ أمام المرآةِ
رأيتُ فمي ينزفُ
من جرحٍ ليس له أثرٌ في وجهي
كان دمي لزجاً يقطرُ فوقَ الأرضِ
في الليل يجفُّ دمي
أسمعُ صوتاً يجرحني بدلاً عنهُ
ويكدِّسُ في روحي أرقاً
تنمو أسئلةٌ في عينيهِ وتنكسرُ الأضواءْ..
زرتُ أطباءَ الدنيا
لم يعرفْ أحدٌ منهم أيَّ دواءْ..!
مرَّتْ أيامٌ وليالٍ..
مرّت أعوامٌ وهي تلمِّعُ أسئلتي
وتُناوِلُ أحلامي المجروحةَ للذكرى
وفمِي ما زالَ يسيلُ دماً لم يتوقفْ..
وأنا أتأبطُ أيامي المنذورةَ للحسرةِ
لم أعثر قطُّ على وجهٍ يشبهني أو إنسانْ..
مرّتْ سحُبُ الأيامِ.. كبِرتُ قليلاً
صرتُ فتىً أبحثُ عن معنى وجهِي
وأدفِّئُ ما أملكُ من أيامٍ بطموحٍ
ينمو فيَّ بلا كللٍ ويُقاسمني طُرُقي
الممتدةَ في النسيانْ..
ذاتَ صباحٍ وأنا أقرأُ وجهي كالعادةِ في المرآةِ
دُهشتُ بجرحي قد زالَ تماماً!
ذلك أنّي في الليلِ نطقتُ بما
سالَ كبرقٍ من شفتِيَّ على عمري، فتحوّل صمتُ البيتِ
إلى كلماتٍ تقفزُ حولي وتموءُ
وتلعقُ جُرحي حتى طبَّبَ بلسمُها
ما اقترفتهُ يدُ الأحزانْ..!
محمد الساق شاعر مغربي من مواليد نوفبمر 1993، له مشاركات في مهرجانات
وملتقيات وطنية وعربية منها: مهرجان الشارقة للشعر العربي (2018)، نهائيات جائزة
كتارا لشاعر الرسول (2019)، نُشرت له نصوص في مجلات ...